مستمعينا الأحبّة في كلّ مكان !
مرحباً بكم في هذه اللقاء الجديد الذي يجمعنا بكم عبر محطّة أخري من محطّات برنامجكم الأسبوعي صروح حضاريّة حيث نطوف معاً بين أرجاء صروح العلم والحضارة في إيران الإسلام والمتمثّلة في الجامعات والمراكز والمؤسسات العلميّة ، ندعوكم للمتابعـــة ....
مستمعينا الأفاضل !
تعتبر جامعة الشهيد شمران في مدينة أهواز من جامعات جنوب غرب إيران في محافظة خوزستان التي تضم قسماً من سلسلة جبال زاغرس و مناطق سهلية واسعة . واستناداً إلي الوثائق التاريخية ، فقد كانت خوزستان مهداً لحضارات قديمة اعتباراً من حوالي ثمانية آلاف عام قبل الميلاد . ويمكننا إثبات تواجد الدول العيلاميّة والأخمينية و الأشكانيّة من خلال الآثار المتبقيّة في كل من مدينة إيذج ومسجد سليمان وشوش وهفت تبه وبهبهان وأهواز . ويعدّ معبد چُغازَنْبيل قرب هفت تبه وقصر آبادانا وقبر النبي دانيال (ع) في شوش و نقش كول فره في إيذج من أكثر الآثار جذباً للسُيّاح في خوزستان .
وتعتبر محافظة خوزستان في الوقت الحاضر من أقطاب الصناعة في إيران بفضل وجود المعامل والمراكز الصناعية المهمة فيها ومن جملتها صناعات الفولاذ و مصانع بندر إمام للبتروكيمياويات و مصفي آبادان و غيرها ، كما تعدّ أغني محافظات إيران من حيث المواردُ المائيّة بوجود خمسة أنهر مهمّة فيها وهي : الكارون و الكرخة ودز وجرّاحي وزهرة . وما وجود الموارد الرئيسة لإيران في قطاع النفط والغاز و الاتصال بالمياه الدوليّة وإنتاج القسم الرئيس من الطاقة الكهربائيّة في إيران في محطّتي دز والشهيد عبّاس بور المائيتين و محطّة رامين وزرگان الحراريّة إلّا جزء من الخصوصيّات البارزة التي تتميّز بها محافظة خوزستان .
وتقع مدينة أهواز في مركز محافظة خوزستان وهي أكبر مدن هذه المحافظة من حيث المساحة . كما تقع جامعة الشهيد شمران في هذه المدينة . ويبدو أن العيلاميين هم الذين بادروا إلي تأسيس مدينة الأهواز ؛ ذلك لأن مدينة تدعي أُكسين بنيت في ذلك العصر بالقرب من مدينة أهواز الحاليّة ، حيث يقع الكثير من المراكز الاقتصادية والصناعيّة والزراعيّة المذكورة في محافظة خوزستان ، في هذه المدينة أو أطرافها .
أعزّتنا المستمعين !
وكما ذكرنا في الحلقات السابقة من البرنامج بشأن عراقة المراكز العلميّة في إيران ، فقد كانت توجد جامعة كبيرة في مدينة جندي سابور وكانت تدرّس فيها علوم مختلفة مثل الطب و الفلسفة والإلهيّات والموسيقي وإدارة البلاد والزراعة . واستناداً إلي الروايات التاريخيّة ، فإن معهد جندي سابور يذكر باعتباره من أقدم المراكز الطبّية في العالم حيث حمل لقرونٍ مشعلَ علم الطب في إيران . وكان يدرّس في هذه الجامعة ويمارس العلاج في هذا المستشفي علماءُ وأطبّاء من اليونان والهند إلي جانب الأساتذة الإيرانيين .
وقد كانت جامعة جندي سابور لأكثر من أربعمائة عام مركزاً لتدريس العلوم المختلفة ومنها الرياضيات والفلسفة و علم الفلك والطب الإيراني والهندي واليوناني وكانت توظَّف فيها تجارب الشعوب المختلفة ومن جملتها الطب الإيراني والهندي واليوناني والإسكندراني والعلماء السريان بالأسلوب العلمي ، بحيث كان علم الطب الإيراني قد فاق نظيره اليوناني في التطوّر والكمال علي ما ذكر بعض مؤرّخي العصر الإسلامي .
وفضلاً عن ذلك ، فقد كانت خوزستان ومدينتها المهمّة ، جندي سابور ، من المناطق العامرة والمراكز الاقتصاديّة الكبيرة في عصرها ومن جملتها صناعات نسيج الحرير وإنتاج السكّر . و معامل جندي سابور وشوش وشوشتر معروفة في منتجاتها . كما كانت جندي سابور من مراكز إنتاج السجّاد النفيس و المقتنيات الذهبيّة والفضية ومن المراكز المهمة للواردات والصادرات في إيران . و تدل بقايا قنوات الري علي أن الزراعة كانت مزدهرة في مدن خوزستان . ولاشك في أن تكامل أدوات الإنتاج والنمو الاقتصادي في هذه المنطقة لم يكن من دون رقي العلم والمعرفة . ولذلك ، فقد كانت المكانة العلميّة لـ جندي سابور مرتبطة بالتطوّرات الاقتصادية والاجتماعية في جميع أرجاء خوزستان . ومع استقرار الدولة العبّاسيّة كان الخلفاء العبّاسيون يستقدمون دوماً العلماء من جندي سابور إلي مركز الخلافة في بغداد . ولذلك ، فقد انحسرت تدريجيّاً الأهميّة و المكانة السابقة لمدرسة جندي سابور .
مستمعينا الأفاضل !
وبعد مرور عدّة قرون من الصمت ونسيان اسم جامعة جندي سابور ، توفّرت في العام ۱۹٥٥م مقدّماتُ افتتاح جامعة جديدة بنفس الاسم في مدينة أهواز وبدأت أولي كلّياتها نشاطَها باسم كلية الزراعة بعد قبول أربعين طالباً فيها . وبعد سنة ، تمّ افتتاح كلية الطب وبدأت بعد ذلك الكليات الأخري نشاطها شيئاً فشيئاً .
وبعد انتصار الثورة الإسلاميّة وبدء الحرب المفروضة ، كانت هذه الجامعة تعتبر من القواعد الرئيسة للمقاتلين في جبهات الدفاع المقدّس وكانت مقرّ قيادة معارك حرب العصابات بقيادة الشهيد الدكتور مصطفي شمران حيث تغيّر اسم هذه الجامعة من جندي سابور إلي جامعة الشهيد شمران بعد استشهاده وبهدف تخليد ذكراه .
وتعتبر مجموعة أبنية جامعة الشهيد شمران اليوم قسماً من الكنوز النفيسة والتذكارات المنقطعة النظير لهذه الجامعة . ولاشك في أن كليّة الآداب تعدّ من بين تلك الأبنية وببنائها المثلّث من النماذج البارزة للتقليد والتجديد في الطراز المعماري المعاصر .
وفي العام ۱۹٦۹م تولّي كامران طباطبائي الذي كان قد درس في فرع العمارة وعلم الاجتماع ، تصميمَ أبنية الجبهة الغربية من الجامعة و استطاع أن يصمّم الواجهة الخارجيّة للجامعة من خلال إبداع أبنية جميلة يمتزج فيها الطراز المعماري الكلاسيكي مع نظيره المعاصر ، مثل المبني المركزي و شؤون الطلبة وكلية التربية البدنية والمسجد و مساكن الأساتذة .
مستمعينا الأحبّة !
جولتنا بين أرجاء جامعة الشهيد شمران في مدينة أهواز بمحافظة خوزستان ستتواصل بإذن الله في الحلقة القادمة من برنامجكمصروح حضـــاريّة ، حتي ذلك الحين ، كونوا في انتظارنا ، وتقبّلوا منّا كلّ الشكر والتقدير علي حسن المتابعة ، وإلي الملتقي .