مستمعينا الأفاضل في كلّ مكان !
سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات ...
يسرّنا أن نعاود اللقاء بحضراتكم عند محطّة أخري من برنامجكم صروح حضاريّة والتي سنتعرّف من خلالها علي جامعة الفن التي تعتبر أكثر الجامعات الفنّية في إيران شموليّةً واستيعاباً للفروع الفنّية المختلفة ، كونوا برفقتنا ....
أحبّتنا المستمعين !
يعدّ الفن مظهراً من الخصوصيّات الثقافية لكلّ بلد و ازدهار حضارة أي أمة إنّما ينعكس ويتجسّد من خلال فنونها ، وخاصة الفن الذي لاينفصل عن الحياة اليوميّة لتلك الأمّة .
والتراث الفني لإيران يشكّل أكبر الثروات المعنويّة لشعب هذا البلد في جميع العصور التاريخيّة حيث عاد بشهرة واسعة للإيرانيين و خلَقَ المفاخر في كل مكان لهذا البلد . وما مِن بلد متحضّر اليوم في العالم إلّا ويفتخر بامتلاكه لمجموعة من آثار إيران الفنية في متاحفه ؛ هذه الآثار التي تثبت للباحثين المتخصّصين في تاريخ الفن و المحبّين الحقيقيين للفن والمفكّرين في هذا المجال أن الفن الإيراني يستحق دوماً التكريم والإشادة به .
والفن الإيراني يمثّل أحد أغني التراث الفنّي في تاريخ العالم و يضمّ الكثير من الفروع ومنها العمارة والرسم والحياكة و الصناعات الفخاريّة والموسيقي والخط و الأعمال المعدنيّة . وانتقال هذه الفنون الإيرانية والعالمية الأصيلة ممكن عن طريق التعليم من قبل المراكز والمؤسسات التعليميّة والجامعات . وقد ظهر في هذا المجال العديد من الجامعات الفنية في إيران والتي واصلت مهمّة تعليم الفن الإيراني الغني والعالمي أيضاً .
وتعدّ جامعة الفن في طهران أكبر مراكز التعليم العالي في إيران . وقد تمّت المرحلة الأولي من تأسيس هذه الجامعة وظهورها عام ۱۹۷۹ ، بحيث وضعت وزارة التعليم العالي بعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران في أولويّاتها تأسيسَ مركز للتعليم العالي في مجال الفن من أجل تحقيق الأهداف الثقافية والفنية للمجتمع المسلم و تطوير الفنون المختلفة وخاصة الفنون الإسلاميّة . ولتحقيق هذا الهدف فقد تحوّلت خمس مؤسسات فنية كانت ناشطة قبل الثورة وكانت تشمل جامعة الفارابي وكلية الفنون التزيينيّة وكلية الفنون الدراميّة و المعهد الفني للموسيقي و المركز الفني للموسيقي الوطنيّة ، إلي مجمّع جامعي للفن عام ۱۹۷۹ بعد مصادقة المجلس الأعلي للثورة الثقافيّة علي ذلك ، وتمّت إعادة افتتاح هذا المجمّع عام ۱۹۸۳ وبدأ نشاطه بشكل رسمي .
مستمعينا الأكارم !
وعلي أثر اتساع جامعة الفن واستحداث العديد من الفروع في مرحلتي البكالوريوس والماجستير ، وكذلك ارتفاع عدد الطلّاب ، بادرت هذه الجامعة إلي تطوير النشاطات التعليميّة والبحثيّة من الناحيتين الكمية والنوعيّة و تغيّر اسمها إلي جامعة الفن اعتباراً من عام ۱۹۹۱ استناداً إلي قرار مجلس تطوير التعليم العالي ، وواصلت نشاطها بأربع كليات هي كلية الفنون التطبيقيّة ، وكلية الفنون التشكيلية ، و كلية السينما والمسرح ، وفرع أصفهان .
وفي خلال العامين ۱۹۹٤ و ۲۰۰۱ أضيفت إلي جامعة الفن كليةُ الموسيقي وكلية العمارة وبناء المدن . وبعد توسيع هذه الجامعة في مجال الدراسات العليا ، أقدمت هذه الجامعة ولأول مرّة في إيران علي إقامة دورة للدكتوراه في البحوث الفنيّة .
وقد تمّ تشييد مبني جامعة الفن في المبني المعروف باسم قزاقخانه الذي يعتبر أقدم الأبنية الإداريّة في طهران وفي تاريخ تطوّر مدينة طهران . ويتكوّن هذا البناء من قسمين هما القاجاري والبهلوي . وقد شهد هذا المبني عدّة مراحل من التغيير والتوسّع وتتمثّل آخر مراحله في مبناه الحالي الذي تمّ تشييده عام ۱۸۹۲ . وتعتبر بناية قزاقخانه القاجاريّة بناء يجمع بين الطرازين القديم والحديث و توليفاً بين الطرازين المعماريين الإيراني والأوروبي .
ويطل المبني من الجهتين الشمالية والجنوبية علي ساحة واسعة كانت تقام فيها الاستعراضات العسكرية . وقد اجتاز هذا المبني ثلاث مراحل من التطوير والتوسيع ؛ ففي المرحلة الأولي كان مبني قزاقخانه القاجاري عبارة عن معسكر ، وفي المرحلة الثانية أي في العهد البهلوي تحوّل مبني قزاقخانه إلي وزارة للدفاع ، وفي المرحلة الثالثة استملكت جامعة الفن هذا المبني العسكري و في ۲۰۰۱ تغيّر استخدام هذه المجموعة التاريخيّة إلي استخدام للأغراض التعليمية والثقافية .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
تضم جامعة الفن في الوقت الحاضر سبع كليات و ۱٦ مركزاً للبحوث و فرعاً دولياً باسم الفارابي و معهداً للبحوث . وبلغ عدد الطلاب الدارسين في كليات جامعة الفن وفرعها الدولي ، أربعة آلاف طالب وذلك في العام ۲۰۱٥ حيث يضمّ فرعا السينما والعمارة العددَ الأكبر منهم .
ومن أقدم كليات جامعة الفن ، كلية السينما والمسرح والتي اجتذبت العدد الأكبر من الطلّاب . وقد تمّ افتتاح هذه الكلية سنة ۱۹۸٤ من خلال تأسيس أربعة فروع هي الإخراج و التصوير و كتابة السيناريو والتدوين . وفي العام ۱۰۰۳ تمّ أيضاً افتتاح مرحلة الماجستير في هذه الكلية . كما بدأ فرع التمثيل نشاطه عام ۱۹۸۷ من خلال قبول الطلّاب في خمسة اختصاصات هي : الأدب التمثيلي ، و التمثيل ، و الديكور وإعداد المشاهد ، و عروض الدمي . ويضم هذا الفرع مجموعة تشمل ورشة لصناعة الديكورات ، و قاعات للتمرين والتطبيق ، وغرفة للمكياج و ورشة للدمي .
وفي العام ۲۰۱۱ ، تمّ رفع الاختصاصات المذكورة إلي مستوي فروع بهدف تخصيص تعليم المسرح ودمج تخصّصي التمثيل والإخراج في بعضهما البعض ليتحوّلا إلي فرع التمثيل والإخراج . وفي سنة ۱۹۹٤ ، افتُتِحت مرحلة الماجستير في الأدب التمثيلي ، وفي ۲۰۱۲ تمّ افتتاح مرحلة الماجستير في الإخراج ، وفي ۲۰۱۲ جري افتتاح مرحلة الماجستير في التمثيل في كلية السينما والمسرح .
ومن خرّيجي هذه الكلية : المخرج المرحوم علي حاتمي ، والمخرج إبراهيم حاتمي كيا ، والممثّلة رويا تيموريان ، والممثّل مسعود رايگان ، والممثل والكاتب محمد صالح أعلي ، والمخرج جمال شورجه ، ومقدّمة برامج الأطفال التلفزيونية گيتي خامنه ، و الممثّل جمشيد مشايخي .
وقد أدّت أهميّة جامعة الفن ودرجتها العلمية إلي اجتذاب الطلبة غير الإيرانيين للدراسة فيها ، حيث بلغ عددهم في العام ۲۰۱٥ أربعين طالباً في كليات جامعة الفن وخاصة في فرعي السنما والمسرح . ومعظم هؤلاء الطلّاب من البلدان المجاورة ومن البلدان الآسيوية والأوروبية ، حيث قدموا من البوسنة والصين ولبنان و طاجيكستان واليمن وكازاخستان وباكستان والعراق وفلسطين وأفغانستان .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
نودّعكم علي أمل تجديد اللقاء بكم عند صرح حضاري آخر عبر برنامجكم صروح حضاريّة ، نشكر لكم طيب متابعتكم ، وكونوا في انتظارنا .