أعزّتنا المستمعين الأكارم في كلّ مكان !
سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته ، وكلّ المراحب بكم في هذه الجولة الجديدة التي يسرّنا أن نصطحبكم من خلالها بين أرجاء صرح آخر من الصروح العلميّة في إيران الإسلام ،حيث سنتعرّف في هذه الحلقة من البرنامج علي جامعة جيلان التي تعدّ أحد أكبر مراكز التعليم العالي في شمال البلاد .
مستمعينا الأحبّة !
وارنا هو الاسم الذي جاء في كتاب الأفيستا أو الأبستاق للتعبير عن مدينة جيلان وهي المركز التاريخي لقوميّات مختلفة أشهرها القوميتان الجيليّة والديلميّة . كما أطلق اليونانيّن الاسم كادوسيان علي هذه المنطقة . ويعتبر بعض الباحثين كادوسيان من السكّان المحليين في إيران والذين قدموا إلي إيران قبل دخول الإيرانيين . واستناداً إلي ما صرّح به دياكويوف الروسي ، فإن مناطق كاسبيان وجيلان المغطّاة بالغابات كانت تقع في شمال بلاد ماد لما يقرب من ثلاثة آلاف سنة مضت . ويعود تاريخ جيلان استناداً إلي التنقيبات الأثريّة إلي العصر الذي سبق آخر عصر جليدي ( بين ٥۰ إلي ۱٥۰ ألف سنة مضت ) . وبعد هجرة الآرييين والشعوب الأخري إلي هذه المنطقة ، ظهرت من الامتزاج بين المهاجرين والسكّان الأصليين في المنطقة ، قوميّات جديدة شكّلت القوميّتان الجيليّة والديلميّة الأغلبيّةَ منها .
ونحن نشهد مظاهر العراقة التي استعرضناها في المناطق السياحيّة التاريخيّة والثقافيّة والطبيعيّة العديدة التي تحفل بها محافظة جيلان . ومن بينها ، مرقد الدكتور محمّد معين في مدينة آستانه ، و جسر لوشان التاريخي ، ومنطقة مارليك الأثريّة الواقعة في مدينة رودبار ، و بيت منجّم باشي في مدينة لنجرود ، و مرقد الشيخ زاهد الجيلاني ، و مرقد السيّد جلال الدين أشرف الواقع في جيلان ، ومسجد أكبريه في لاهيجان ، و ومسجد صافي في مدينة رشت ، ومستنقع أنزلي في مدينة بندر أنزلي ، و بحر الخزر في جيلان ، و غابات جيلان الخضراء ، ونهر سفيد رود في جيلان .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
تقع جامعة جيلان عند الكيلومتر الخامس من طريق مدينة رشت مركز محافظة جيلان . وقد بدأت هذه الجامعة نشاطها التعليمي عام ۱۹٦۷ باسم المدرسة العالية للتجارة وفي العام ۱۹۷٥ صادق عليها مجلس تطوير التعليم العالي . وفي سنة ۱۹۷٦ تأسست جامعة جيلان في إطار اتفاقيّة بين الحكومتين الإيرانية والألمانيّة الغربيّة ، وبدأت منذ العام ۱۹۷۷ نشاطاتها التعليميّة بقبول ۱٥٥ طالباً في تسعة فروع دراسيّة . وفي سنة ۱۹۷۷ ، تمّ دمج معهد الإدارة ومعهد التجارة واللذين كانا المركزين الوحيدين للتعليم العالي في محافظة جيلان مع جامعة جيلان واستمرّت نشاطاتها التعليميّة حتي نهاية العام ۱۹۷۹ بـ ٦۰٥ طلّاب في ۱٤ فرعاً دراسياً .
وبعد انتصار الثورة الإسلاميّة ، استأنفت جامعة جيلان نشاطاتها الدراسيّة بشكل مستقل ومن دون التبعيّة لألمانيا ، في ثمانية فروع دراسيّة وبحوالي ٥۰۰ طالب وتأسست فيها بعد تطوّر واتساع التعليم العالي في إيران ، كلٌّ من كلية العلوم الأساسيّة ، وعلوم الزراعة ، والعلوم الإنسانيّة والطب كما تأسست بعد ذلك كلية التربية الرياضية وعلوم الرياضة ، وكلية الموارد الطبيعيّة وكلية العمارة والفن .
وتضم جامعة جيلان حالياً تسع كليات ، وفرعاً دولياً و معهدين للبحوث في مجال حوض بحر الخزر و الدراسات الخاصة بمحافظة جيلان ، وهي تضم الآن ٥٦۰ عضواً في الهيئة التدريسية وأكثر من ۱۷۰۰۰ طالب وتعدّ واحداً من أكبر مراكز لتعليم العالي في منطقة شمال البلاد ، وتستقبل سنوياً أكثر من ٦۰۰۰ آلاف طالب في ۳۱۰ فروع وتخصّصات في مرحلة البكالوريوس ( بواقع ۱۱۲ فرعاً وتخصصاً ) ، والماجستير ( ۱٤۸ فرعاً وتخصّصاً ) ، والدكتوراه ( ٥۰ فرعاً وتخصصاً ) للدورات الصباحية والمسائية ، وفرع دولي و فرع عن بُعد علي الانترنت . وتستأثر كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة بالعدد الأكبر من الطلّاب .
مستمعينا الأفاضل !
تتميّز جامعة جيلان بمفاخر علميّة علي مستوي المنطقة والعالم خلال السنوات القليلة الماضية بحيث صنّفت هذه الجامعة عام ۲۰۱٥ ضمن جامعات العالم المتميّزة والبالغة نسبتها ۱% وماتزال من بين الجامعات العشر الأوائل في العالم بين الجامعات الشاملة . كما أن ثلاثة أعضاء من هيئتها التدريسيّة يعتبرون في عداد العلماء المتفوّقين علي مستوي العالم والبالغة نسبتهم ۱% .
واستناداً إلي آخر التصنيفات للجامعات والمراكز البحثيّة والتي تتمّ سنوياً من قبل قاعدة بيانات اقتباس العلوم في العالم الإسلامي(ISC) ، فقد احتلّت جامعة جيلان عام ۲۰۱٥مكانتها في المستوي الثامن بين الجامعات الإيرانيّة بعد ارتفاع مستوي امتياز معايير التقييم . وتُظهر نتائج تقييمات قاعدة الاستناد والاقتباس لجامعات العالم الإسلامي أن كلاً من جامعة طهران ، وجامعة إعداد المدرّسين ، وجامعة شيراز ، وفردوسي في مشهد ، وجامعة تبريز ، وجامعة الشهيد بهشتي ، وأصفهان ، وجيلان ، وبيام نور والشهيد باهنر في كرمان حازت المراتب من الأولي وحتي العاشرة حسب التسلسل .
ويتم تصنيف الجامعات والمراكز البحثيّة في إيران في خمس مجاميع هي الجامعات الشاملة ، و جامعات علوم الطب ، والجامعات الصناعيّة ، والجامعات الفنيّة والمراكز البحثيّة حيث تصنَّف الجامعات والمؤسسات البحثيّة الإيرانيّة بشكل رسمي علي أساس ۲۳ معياراً في قالب خمسة معايير عامة للبحث والتعليم و المكانة الدوليّة والتسهيلات والأنشطة الاجتماعية – الاقتصاديّة .
مستمعينا الأكارم !
وعلي حدّ قول السيّد دهقاني ، مدير قاعدة اقتباس العلوم في العالم الإسلامي (ISC) ، فإن النخبة البالغة نسبتها ۱% في العالم تمثّل الأشخاص الذين ينتجون ۱٤% من مجموع العلم في العالم وهذه المجموعة تستلم ۲٤% من كل الاقتباسات والاستنادات في العالم . كما يصرّح رئيس المركز الإقليمي للإعلام في مجال العلوم والتقنيّات ، استناداً إلي الإحصائيّات ، بأن توزيع العلماء في الفروع المختلفة ليس علي حدّ سواء ، بحيث إن ٥۰،۸ % من هؤلاء العلماء ينتمون إلي مجال العلوم الأساسيّة . وتأتي علوم الطب في الدرجة الثانية بعد العلوم الأساسيّة من حيث عدد العلماء حيث تشمل ۲۱،٤ % منهم . ويحتل علماء العلوم التقنيّة والهندسيّة في المرتبة الثالثة من ناحية النسبة المتحصّلة من النخبة و تنتمي نسبة ۲۱% من العلماء المؤثّرين في البلاد إلي هذا المجال . وتضم علوم الزراعة نسبة ٦،٤ % من النخب العالميّة في إيران فيما لا تبلغ نسبة هؤلاء النخبة المتعلّقين بنطاق العلوم الاجتماعية والإنسانيّة سوي ۰،٦% .
وقد أدّت الأهميّة والدرجة العلميّة المرموقة لجامعة جيلان إلي اجتذاب الطلبة غير الإيرانيين للدراسة فيها بحيث تضم في الوقت الحالي ما مجموعه خمسون طالباً غير إيراني في كليات جامعة جيلان . ومعظم هؤلاء الطلّاب من العراق وطاجيكستان وروسيا وسوريا واليمن . ويضم كلّ من فرع هندسة الحاسوب والهندسة المعمارية والهندسة الكيمياوية والهندسة الكهربائيّة العدد الأكبر من الطلّاب . و تعمل جامعة جيلان الآن علي أن تهيّء الأرضيّة لقبول عدد أكبر من الطلّاب الأجانب من خلال توفير المزيد من الإمكانيّات والتجهيزات المناسبة .
في ختام حلقتنا لهذا الأسبوع من برنامج صروح علميّة لا يسعنا - مستمعينا الأحبّة - إلّا أن نعبّر لكم عن امتناننا وشكرنا لحضراتكم علي كرم المتابعة ، راجين أن تكونوا بانتظارنا في جولتنا القادمة عند صرح علمي آخر ، في أمان الله ....