السلام عليكم مستمعينا الأعزاء
إن من البركات المشهودة للفرقان العظيم أن الله جلت قدرته جعله عوناً لعباده في مختلف أحوالهم وشفاء لهم من جميع أمراضهم ووسيلة إلهية للتوسل إليه عزوجل والإستشفاع به لقضاء الحاجات المادية والمعنوية والدنيوية والأخروية.
وقد قال أمير المؤمنين علي – عليه السلام – في خطبة له عن فضل القرآن: " وإستعينوا به للأوائكم " واللأواء هي الشدائد والصعوبات، فالإمام – عليه السلام – يأمر بالإستعانة بكتاب الله للتغلب على الشدائد والصعوبات التي يمر بها.
وقد وردت في الأحاديث الشريفة تنبيهات كثيرة لخواص السوروالآيات القرآنية الكريمة واثار تلاوتها في قضاء انواع من الحاجات على نحو التخصيص أو لقضاء الحاجات عموماً.
فينبغي للمؤمنين الذي يطلبون الإنتفاع من بركات الذكر الحكيم إختيار ما يناسب إحتياجاتهم المختلفة وقراءاتها باخلاص والتعبد لله بذلك توسلاً إليه لتلبية ما يطلبون.
وقد ألف العلماء والفقهاء عدة مصنفات في أبواب خواص الآيات والسور القرآنية طبق ماورد في الأحاديث الشريفة، وقد جمع المحدث الجليل الحر العاملي كثيراً منها في الباب الحادي والخمسين من أبواب قراءة القرآن من كتاب الصلاة من موسوعته وسائل الشيعة، فيمكن للمؤمن الرجوع اليه لمعرفة ما يحتاجه منها.
أعزاءنا المستمعين وأوصت أحاديث أهل بيت النبوة – عليهم السلام – المؤمنين بالرجوع الى كتاب الله عزوجل للإستشفاء من مختلف أنواع الأمراض الروحية والنفسية والبدنية.
ويشتمل العمل بهذه الوصايا على بركات جمة إذ يقوي روح التوكل على الله عزوجل في قلب المؤمن ويقوي إرتباطه وإنفتاحه على عوالم الغيب.
وقد وردت أحاديث كثيرة بهذا الخصوص، نقرأ لكم بعض نماذجها العامة؛ فمنها قول الإمام الصادق – عليه السلام – : "كان رسول الله – صلى الله عليه وآله – إذا كسل وأصابته عين أو صداع، بسط يديه فقرأ فاتحة الكتاب والمعوذتين، ثم يمسح بهما وجهه ، فيذهب ما كان يجده " . وروي عن الإمام الباقر – سلام الله عليه – قال : " من لم تبرئه الحمد [ يعني سورة الفاتحة] لم يبرئه شيء ". وقال إمامنا الصادق – عليه السلام – : " من نالته علته فليقرأ الحمد (سورة الفاتحة ) سبع مرات، فإن ذهبت العلة وإلا فليقرأها سبعين مرة وأنا الضامن له العافية ". وجاء في حديث آخر، قال – عليه السلام – : " ما قرأت الحمد على وجع سبعين مرة إلا سكن بأذن الله، وإن شئتم فجربوا ولا تشكوا " . وقد روى الفريقان عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه قال: عن سورة الفاتحة " هي شفاء من كل داء إلا السام " ، والسام هو الموت وحلول الأجل.
مستمعينا الأفاضل، نقلنا لكم الأحاديث المتقدمة كنموذج لأحاديث كثيرة فيها كثير من ذوات الأسانيد الصحيحة، وهي بمجموعها تشير الى من أن أسرار الغيب القراني التأثير التكويني للآيات الكريمة في شفاء الأمراض البدنية فضلاً عن الروحية والنفسية.
بل وتلاحظون في الإحاديث الشريفة إشارات الى أن هذه الوصفات القرانية تشفي من الأمراض ما تعجز العلاجات المادية والطبية عن شفائها.
وهذا الأمر تؤيده كثير من التجارب العلمية للمؤمنين وقد دونت المصادر المعتبرة حكايات موثقة كثيرة تثبت ذلك، كما أن تجاربنا العملية تثبت أن هذه الوصفات القرآنية تساعد وتعجل في تحقيق العلاجات الطبية المادية لتأثيراتها.
وروي عن الإمام الصادق – عليه السلام – وقد سأله ابن سنان عن حكم العوذات والأحراز فأجاب – عليه السلام – قائلاً : - " يا بن سنان، لا بأس بالرقية والعوذة والنشرة إذا كانت من القرآن، ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، وهل شيء أبلغ في هذه الأشياء من القرآن؟" أليس الله يقول " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين "، أليس يقول الله جلّ ثناؤه " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله ".
ثم قال – عليه السلام – : " سلونا نعلمكم ونوقفكم على قوارع القرآن لكل داء "، وقال الإمام الباقر عليه السلام - : " إن قوارع القرآن تنفع فأستعملوها " .
والمقصود بالقوارع الآيات الكريمة التي تقرع الداء فتدفعه وعليه نجد أهل بيت النبوة – عليهم السلام – يأمروننا بأستعمال هذه الوصفات القرآنية شريطة نفي الشك عن القلوب والتعبد لله في استخدامها كوسيلة لطلب الشفاء منه عزوجل، كما يأمروننا بالرجوع الى أئمة الهدى – عليهم السلام – لمعرفة قوارع القرآن وما ينفع منها لكل داء، فهذا من العلم الذي خصّ الله به أوليائه – عليهم السلام – .
ولا مجال للشك في ادنى ذلك لمن آمن بالله وقدرته وإستجابته للدعاء الذي يرفع القضاء المبرم، وأنه تبارك وتعالى هو مسبب الأسباب وبيده كل الأسباب.
إنتهى أحباءنا مستمعي إذاعة طهران هذا اللقاء من برنامج من بركات القرآن دمتم بكل خير والسلام عليكم.