السلام عليكم أيها الأحبة وطابت أوقاتكم بكل خير
إن إخراج الناس من الظلمات الى النور وتنويرهم هو الهدف السابع – حسب ترتيبنا في هذا البرنامج – من أهداف تفضل الله عزوجل بإنزال كتابه المجيد المهيمن على جميع كتبه.
عن معني هذا الهدف وكيفية تحقيقه يدور حديثنا في ثامنة حلقات برنامج من بركات القرآن، كونوا معنا مشكورين.

ترى ماالذي يقوله القرآن الكريم نفسه عن هذا الهدف من أهداف نزوله؟
قال أصدق القائلين: " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ{۱٥} يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{۱٦}" .المائدة ۱٥-۱٦
وقال جلت آلاؤه " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً" . النساء ۱۷٤
وقال تبارك وتعالى " فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" . الاعراف ۱٥۷
وقال سبحانه " كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ..." . ابراهيم ۱
وقال جل جلاله " فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا" . التغابن ۸
وقال عز من قائل " وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا" . الشورى ٥۲

مستمعينا الأكارم، ونقرأ في السنة المطهرة قول رسول الله – صلى الله عليه وآله – : " إن هذا القرآن هو النور المبين . . . من إستضاء به نوّره الله"
وقوله : " حملة القرآن هم المحفوضون برحمة الله الملبوسون نور الله عزوجل" .
وأوصى – صلى الله عليه وآله – إمته قائلاً : " نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن. . . فإن البيت إذا كثر فيه تلاوه القرآن كثر خيره وإتسع أهله وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا" .
وقال – صلى الله عليه وآله – في وصف كتاب الله: " فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة"
وعن الوصي المرتضى علي – عليه السلام – قال: " أنزل عليه – صلى الله عليه وآله – الكتاب نوراً لا تطفء مصابيحه وسراجا لا يخبو توقده . . . وشعاعاً لا يظلم ضؤوه" . " ولا تكشف الظلمات إلا به " .
وعن سيدة نساء العالمين الصديقة الزهراء – سلام الله عليها – قالت: " كتاب الله الناطق والقرآن الصادق والنور الساطع والضياء اللامع بينة بصائره منكشفة سرائره منجلية ظواهره . . . به تنال حجج الله المنورة" .
وفي وصية أوصى بها مولانا الإمام الصادق شيعته قال – عليه السلام –: " إن هذا القرآن فيه منار الهدى ومصابيح الدجي، فليجل جال بصره، ويفتح للضياء نظره، فإن التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور" .

أيها الأخوة والأخوات، وبعد أن تلونا عليكم هذه النصوص الشريفة، نلخص لكم دلالاتها فيما يرتبط بموضوع هذه الحلقة من برنامج من بركات القرآن ضمن النقاط التالية: -
أولاً: إن أحد أهداف إنزال القرآن الكريم وتيسيره للناس هوإخراج الناس
من الظلمات وتنويرهم بالنور الإلهي، أي جعلهم ينظرون بنور الله ويسيرون على الصراط المستقيم دونما تلكؤ .
ثانياً: إن الفلاح والفوز لا يتحقق للإنسان في الدنيا والآخرة إلا بالتنور بالنور الإلهي كما يصرح أمير الؤمنين عليه السلام في كلامه المتقدم .
ثالثاً: إن الإستضاءة بكتاب الله عزوجل متحققة حتماً لن يطلبها بصدق، لأن القرآن نور محض منزه عن كل شائبة ولذلك تنتقل أشعته – بالتفكر والتدبر فيه – الى الإنسان فتنوره وتجعل له نوراً يمشي بين الناس، فيكون منيراً للأخرين أيضا حتى أهل السماء وذلك بسلوكه وعمله وليس بقوله فقط.
رابعاً: إن القرآن الكريم حبل متصل بين الله وعباده عزوجل ولذلك فأن تنويره لحملته والمتدبرين بأخلاص وصدق فيه يكون مستمراً لا ينقطع مادام الإنسان ملتصقاً به لأنه مرتبط بالنور الإلهي الذي لا يخبو توقده .
خامساً: إن القرآن الكريم نزل لإخراج الناس من الظلمات بمختلف أشكالها
ومراتبها وانواعها العقائدية والأخلاقية والسلوكية، وهو يجعل للناس مراتب ودرجات تتناسب مع درجة إستضائتهم به.
ولذلك فلا يمكن للإنسان أن يستغني عن الإستضاءة بكتاب الله في أي من شأن من شؤونه وفي أي مرتبة كان من مراتب الإيمان .
وأخيراً، فأنّ الطريق للإستضاءة بالقرآن يكمن في التدبر فيه بالعقل والقلب والعمل بهدايته والتخلق بأخلاقه . . .
وفقنا الله وإياكم إخوتنا وأخواتنا للإستضاءة بنور كتابه المجيد ببركة التمسك بولاية عدله المعصوم محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
شكراً لكم أيها الأعزاء على جميل متابعتكم للحلقة الثامنة من برنامج من بركات القرآن  إستمعتم لها من إذاعة طهران ، دمتم بكل خير والسلام عليكم .