لا نزال نحدثكم عن الادعية المباركة ومنها دعاء الغيبة غيبة الامام المهدي(ع) حيث يتلى بعد العصر في يوم الجمعة، وقد حدثناك عن مقاطعه متسلسلة ووصلنا الى الفقرات المتوسلة بالله تعالى بان يسلك بنا على يد الامام(ع) منهاج الهدى والمحجة العظمى والطريقة الوسطى ... ان هذه المصطلحات التي تتحدث عن منهاج الهدى والمحجة العظمى سبق ان حدثناك عن دلالاتها اما الان فنحدثك عن مصطلح جديد هو عبارة الطريقة الوسطى حيث توسل الدعاء بالله تعالى بان يسلك بنا على يد الامام المهدي(ع) الطريقة الوسطى فماذا تعني هذه العبارة؟
لا نحسب ان احداً منا لم يطرق سمعه ما ورد في القرآن الكريم من الاشارة الى ان الله تعالى جعلنا امة وسطاً والوسط هو الاعتدال كما هو واضح وهذا يعني ان الدعاء يستهدف الاشارة الى الطريقة المعتدلة النائية عن الافراط وعن التفريط، وهو امر يقتادنا الى ملاحظة ان المبادئ غير الاسلامية او الاسلامية التي انحرف اي من ابتعد عن التمسك باحد الثقلين وكتاب الله وعترة النبي(ص)، هذه المبادئ المنعزلة عن الله تعالى يلاحظ ما يخترقها من الانحرافات عن الوسط فيما لا حاجة الى الاستشهاد بامثلتها مما نخلص من الاشارة اليها الى ان الدعاء الذي نحن بصدده يتوسل بالله تعالى بان نسلك بنا على يد الامام المهدي(ع) الطريقة الوسطى غير المنحرفة عن خط الاسلام الاصيل، متمثلاً في المبادئ التي رسمها الله تعالى لنبيه(ص) ورسمها(ص) لعترته (عليه السلام)، متزجة بالامام المهدي(ع) حيث سيجسدها في حركته الاصلاحية القريبة ان شاء الله تعالى ...
ان الطريقة الوسطى التي يسلكها الامام المهدي(ع) في حركته الاصلاحية، لا يزال الدعاء يتوسل بالله تعالى بان يوفقنا من خلال الامام المهدي(ع) بان نسلكها حيث اكد الدعاء ضرورة ان نتابع ذلك قائلاً: (وقوِّنا على طاعته، وثبتنا على متابعته ...).
والسؤال الآن هو ماذا نستخلص من التوسل بالله تعالى بان يقوينا على طاعة الامام(ع) ويثبتنا على متابعته؟
هل ان المقصود هو: بما ان الامام المهدي(ع) هو امام العصر، حينئذ فان الطاعة له او تقوية طاعتنا له(ع) تتمثل في الالتزام بالمبادئ الاسلامية التي يجسدها اهل البيت (عليهم السلام) وضرورة ان نتمثل ذلك؟
ام ان المقصود هو: ان نوفق الى الاسهام مع حركته الاصلاحية وحينئذ نتوسل بالله تعالى بان يقوينا على طاعة الامام(ع) ويثبتنا على ذلك؟
من الواضح ان الاجابة الثانية هي المتعينة وان كانت الاطاعة من جانب آخر لا تنفصل عن الموضوع أي بصفة امام العصر الذي تجب طاعته ومعرفته حيث ان من لا يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية.
المهم اذا قدر لنا ان نتمثل الموقف المرتبط بظهور الامام(ع) فان الطاعة له والثبات على ذلك تفرض ضرورتها ... كيف ذلك؟
من الواضح ان الادعية التي تتحدث عن الامام المهدي(ع) ومنها دعاء العهد طالما تشير الى توسلاتنا بالله تعالى بان يوفقنا الى ادراك زمن الظهور والا فتوسلاتنا بالله تعالى بان يخرجنا من قبورنا مؤتزرين اكفاننا شاهرين اسلحتنا ... الخ.
وفي ضوء ذلك فان الطاعة للامام(ع) وهو يمارس حركته الاصلاحية تفرض ضرورتها ولكن ليس هذا فحسب بل يجب ان نثبت على متابعة طاعته أي نبقى مستمرين الى آخر الشوط، وهو ما عبرت عنه فقرة (وثبتنا على متابعته)...
اذن امكننا ان نتبين جانباً من النكات المرتبطة بتوسلاتنا الى الله تعالى بان يقوي طاعتنا لامام العصر(ع) ويثبتنا على ذلك، ومن ثم لابد لنا من ممارسة وظيفتنا العبادية بنحو مطلق والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******