البث المباشر

شرح فقرة: "اللهم انا نتوسل اليك بهذا الصديق الإمام،..."

الإثنين 29 يوليو 2019 - 13:15 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " اللهم انا نتوسل اليك بهذا الصديق الإمام " من أدعية الإمام المهدي عليه السلام.

 

السلام عليكم اخوة الإيمان، تحية طيبة مباركة نهديها لكم في مطلع لقاء اخر من سلسلة لقاءاتنا مع ادعية معلمي اداب الإرتباط بالله عزوجل اهل بيت النبوة (صلوات الله عليهم اجمعين).
ولا زلنا نستلهم دروس التوحيد الخالص من الدعاء الذي امرنا مولانا امام العصر (عجل الله فرجه) بتلاوته بعد زيارة جده الحسين )عليهم السلام( يوم عاشوراء وقد وصلنا الى مقطع يقول فيه الداعي: (اللهم انا نتوسل اليك بهذا الصديق الإمام ونسألك بالحق الذي جعلته له ولجده رسولك ولأبويه علي وفاطمة اهل بيت الرحمة، إدرار الرزق الذي به قوام حياتنا، ...).
ولنبدأ احباءنا بالفقرة الأولى منه، فنسأل اولاً ما معنى التوسل الى الله عزوجل بالإمام الحسين (عليه السلام)؟
الذي نستفيده من كتب اللغة ان التوسل يعني في الأصل ايجاد نوع من الإرتباط بطرفٍ ثانٍ بتوسط طرف ثالث هو (الْوَسِيلَةَ) وهذا المعنى يصدق على الشؤون المادية والمعنوية.
وبالنسبة لله، فإن التوسل اليه يعني في الأصل اقامة نوع من الإرتباط به للحصول على فيضه وعطائه بتوسل طرف ثالث هو الوسيلة، اي ان هذا الطرف الثالث يكون قادراً على تلقي الفيض والعطاء من الله عزوجل وإيصاله الى العبد الذي لا يقدر على تلقي ما يطلبه مباشرة من الله جل جلاله. ولذلك امر الله عزوجل عباده في كتابه المجيد بأن يبتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ لكي يحصلوا على فيضه وعطائه، وقد جاءت الأحاديث الشريفة لتبين للناس مصداق الوسيلة القادرة على القيام بمهمة تلقي الفيض الإلهي مباشرة ونقله الى العباد، فقد ورد في تفسير البرهان للعلامة البحراني وغيره من التفاسير الروائية عن اهل بيت النبوة (عليهم السلام) تصريحهم بأنهم هم الوسيلة الى الله التي امر عزوجل بابتغائها اليه في الآية الكريمة. كما جاءت الأحاديث الشريفة لتصرح بأن التوسل الى الله عزوجل بهذا المعنى هو سنة الهية ثابتة ولتقول ما مؤداه ان الله عزوجل ابى ان يجري الأمور الا بأسبابها وأنهم (عليهم السلام) هم الأسباب التي يجري الله الأمور بهم.
وقد عقد العلامة الطباطبائي بحثاً مفصلاً في اثبات المعنى المتقدم للتوسل، وذلك ضمن تفسيره لآية ابتغاء الوسيلة في تفسيره القيّم (الميزان).
وعلى ضوء ما تقدم يتضح ان الداعي في الفقرة الأولى من مقطع هذه الحلقة من الدعاء المهدوي المبارك، يستجيب لأمر الله عزوجل بابتغاء الوسيلة الصالحة والقادرة على تلقي الفيض وما يطلبه من الله عزوجل في الفقرات اللاحقة وإيصالها اليه. وهذه الوسيلة المباركة هو الأمام الحسين (سلام الله عليه) وهو من اهل بيت النبوة والرحمة المعصومين وهم (عليهم السلام) اقرب الخلق الى الله عزوجل، والآيات الكريمة تأمر بأختيار اقرب الوسائل الى الله جل جلاله، ونلاحظ ان النص الدعائي يصف هذه الوسيلة المباركة بوصف (الصديق الإمام)، فما هو السر في استخدام هذا الوصف؟ ولماذا قدمت صفة (الصديق) على صفة(الإمام)؟ 
في الإجابة عن السؤالين المتقدمين ينبغي ان نشير اولاً الى ان معنى (الصدِّيق) هو الذي صدقت افعاله اقواله بالكامل، وصدقت في جميع ما عاهد الله عزوجل عليه، ولذلك فهو مقربٌ ومكينٌ عند الله تبارك وتعالى. 
ولذلك فهو اهل لأن يكون وسيلة بين الله عزوجل وعباده، ولذلك امرتنا الآيات الكريمة بأن نكون مع الصادقين، وقد فسرت الأحاديث الشريفة مصداق (الصادقين) في الآية بأنهم اهل بيت النبوة (عليهم السلام) وهذا ما يؤيده البحث البحث التفسيريّ الصرف، لأن الله عزوجل لا يمكن ان يأمرنا ان نكون - بدون قيد او شرط - مَعَ الصَّادِقِينَ ما لم يكن هؤلاء منزهين عن جميع اشكال الإنحراف، وإلا لوجب ان يقول تعالى كونوا مع الصادقين ما داموا لم ينحرفوا. 
وعليه يتضح ان هذه الآية بحد ذاتها تشكل امرا للمؤمنين بأن يكون الصادقون بالكامل اي المعصومون (عليهم السلام) وسيلتهم الى الله جل جلاله. 
أما بالنسبة لسر تقديم النص الدعائي المعصوم لوصف الصديق على وصف الإمام فنعتقد انه قد اتضح ضمنيا مما تقدم، اذ ان وصف الصديق كما المحنا يتضمن الأمر بإتخاذ سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) وسيلة الى الله عزوجل، والنص هنا يرتبط بالتوسل الى الله عزوجل اولاً. ومن ثم جاء وصف الإمام لكي ينبه الداعي الى الإئتمام بهذا الصديق وهو وسيلته الى الله عزوجل لكي يتلقى بذلك وبواسطة هذه الوسيلة المقدسة ما يطلبه من الفيض الإلهي. 
و بهذا ننهي لقاء اليوم من برنامج (ينابيع الرحمة) استمعتم له ايها الأعزاء من اذاعة طهران صوت الجمهورية الأسلامية في ايران. شكراً لكم وفي امان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة