البث المباشر

شرح فقرة: "فانك ولي ومولاي، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 14:16 بتوقيت طهران

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها: دعاء الامام المهدي (عليه السلام) في تعقيبه لصلاة الفطر، حيث حدثناك عن مقاطع منه وانتهينا الى مقطع وردت فيه هذا التوجه الى الله تعالى: (فانك وليي ومولاي، ولا تبطل طمعي ورجائي، فقد توجهت اليك بمحمد وآل محمد، وقدمتهم اليك امام حاجتي وطلبتي وتضرعي ومسألتي، …).
ان هذه الفقرات من الدعاء تنطوي على جملة نكات يحسن بنا ان نتحدث عنها، ونبدأ ذلك بالحديث عن الفوارق اللغوية بين الكلمات المتجانسة في هذه الفقرات.
يقول النص: (فانك وليي ومولاي) ، هنا، قد يتساءل قارئ الدعاء عن الفارق بين هاتين الكلمتين من جانب، والنكات الكامنة خلف ذلك من جانب آخر، ان الفارق بين الولي والمولى يتبلور بوضوح اذا لاحظنا ان كلاً من الكلمتين تحملان اكثر من دلالة.
فالمولى مثلاً قد تعني: السيد وقد تعني عكس ذلك: العبد، واما الولي فهناك دلالات متنوعة تنتظم هذه الكلمة، كالاولى والناصر والمحب والذي يقوم على تولية الامر …الخ، واذا دققنا النظر في سياق الدعاء نجد ان عبارة (وليي) انما تعني: الذي يتولي امر قارئ الدعاء ومطلق الخلق، اي: المدبر لما في الوجود جميعاً.
واما كلمة (مولاي) فتعني: (سيدي)، مقابل العبد الذي هو قارئ الدعاء ومطلق الخلق، وفي ضوء هاتين الكلمتين: يكون التعبير بهما ممثلاً في ان الله تعالى هو المتولي والمدبر لامر عبده، هنا ايضاً قد يثور السؤال الآتي: لم تم التعبير بهاتين الكلمتين: مع امكان ان يقتصر على احدهما كالقول بأن القارئ للدعاء هو (عبد) لله تعالى او انه تعالى هو المدبر لشؤون عبده؟ واليك النكتة وراء ذلك.
مما لاشك فيه ان العبد يتلقى الاوامر من الله تعالى وأنه لايملك لنفسه استقلالاً وهذا ما يدفع قارئ الدعاء الى التوجه الى الله تعالى بأن يتفضل على عبده بانجاز حاجته مادامت الحاجة بيد السيد وليس العبد، واما انه تعالى (يلي امر العبد) فلأن الله تعالى هو القائم بانجاز حاجة العبد فيكون الانجاز أحد مصاديق الولاية من الله تعالى على العبد، لذلك تتضخم الحاجة ويتضخم السؤال بهذا النحو بحيث يتفضل تعالى على القارئ للدعاء بإيجاب مضاعف للحاجة.
بعد ذلك نواجه عبارتين آخريين تحملان بدورهما دلالة مشتركة ودلالة مستقلة وهما: (ولا تبطل طمعي ورجائي)، حيث يتعين علينا ان نلاحظ الفارق بين الكلمتين: (الطمع والرجاء) والنكات الكامنة وراء ذلك.
ان قارئ الدعاء قد يسأل قائلاً: ان صاحب الحاجة يتوسل بالله تعالى بأن ينجز حاجته ولنفترض انها (حسن العاقبة) فلماذا لايكتفي بعبارة (لا تبطل رجائي)، وهو حسن العاقبة؟ بينما اضيف الى الرجاء مصطلح الطمع، فما هو سر ذلك؟
مما لا ترديد فيه ان الطمع، هو: الحالة الشديدة من الحاجة كما انه الحاجة، الاكثر طموحاً، فالانسان يحتاج مثلاً الى ان يعفى من شدائد الاخرة، وهذا هو رجاؤه، لكن حينما يمزج ذلك بطمعه الى ان يقترن دخوله الى الجنة، برضوانه تعالى أو بالحصول على الاعلى من المنزلة هناك اي: الطمع هو: الحصول على ما هو اعلى والرجاء هو: الحصول على الحاجة بالاضافة الى انها رجاء اعلى من الحاجة وهي: الجنة والرضوان والمنزلة الاعلى، سائلين الله تعالى ان يجعلنا كذلك.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة