البث المباشر

شرح فقرة: "وان تعافيني في بدني وجسدي، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 14:09 بتوقيت طهران

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء الامام المهدي (عليه السلام) في تعقيبه لصلاة الفطر، حيث تحدثنا عن مقاطع منه وانتهينا الى مقطع يتوسل بالله تعالى بأن يتفضل على قارئ الدعاء: بطول العمر، واعزازه، واغنائه … الخ، الى ان يقول: (تعافيني في بدني وجسدي وروحي وولدي وأهلي واهل مودتي واخواني، …).
هذا النص يتضمن جملة من الحاجات المرتبطة بقارئ الدعاء حيث يستهلها بعبارة: (تعافيني في بدني وجسدي)، هنا يتعين علينا ان نوضح الفارق بين البدن والجسد: مع ان بعض اللغويين يعتبران ذلك ترادفاً، ولكن - كما كررنا - المعصوم (عليه السلام) معصوم من الخطأ، ولذلك لا يمكن ان يقدم الامام (عليه السلام) كلاماً فيه العبث اذ ما معنى ان نقول: (جسدي وبدني) اذا كانا مترادفين؟
اذن لنتأمل النص ونوضح الفارق بين المصطلحين (الجسد والبدن)، فماذا نلحظ؟
يقرر اللغويون ان (الجسد) يطلق على الانسان والملائكة والجن، اما غير العاقل فلايستخدم مصطلح (الجسد) حياله، وهناك وجهة نظر اخرى تقول: ان (البدن) هو الجسد ما سوى الرأس، اي: الجسد يشمل جميع الاجزاء … وفي تصورنا ان الرأي الاخير اقرب الى الحقيقة وذلك لامكانية ان نشطر التركيبة العضوية للانسان الى رأس يميزه عن غيره، والى سائر ما يشترك مع غيره من الاجزاء. يضاف الى ذلك ان الرأس يتمثل في جهازه العقلي الذي يعتمد الانسان عليه، واما غير الرأس، فان (القلب) مثلاً يظل هو العضو البارز فيه حيث يحتل بدوره اهمية كبيرة بصفته مورد (التصديق) او (القناعة الوجدانية) بما يقرره (العقل) في الرأس. من هنا يمكننا ان ندرك السر الكامن وراء التوسل بالله تعالي بان يعافينا في البدن والجسد اي: في ما يرتبط بالامور العقلية والوجدانية من جانب، ومطلق الاجزاء العضوية.
بعد ذلك نواجه عبارة (وروحي)، فماذا تعني: الروح؟
في تصورنا ان (الروح) تستخدم هنا بمعنى الجوهر العبادي من السلوك، فالعقل وهو المميز لما هو الخطأ والصواب، والقلب وهو المضطلع بتصديق ما يقرره العقل يجسدان جهازاً عاماً للبشرية، ولكن الروح هي التي تفرز الظاهرة العبادية او الشرعية أو الالهية اذا صح التعبير وبهذا يكون الدعاء قد توسل بالله تعالى بأن يعافيه في عقله وقلبه وعقيدته … والافأن العقل والقلب بمعزل عن الروح العبادية لا قيمة لهما.
بعد ذلك نواجه عبارة: (وولدي واهلي)، ترى: ما هو المقصود منهما؟
اما الولد فواضح الدلالة، واما الاهل فينسحب على الزوجة كما يشمل الاوسع من ذلك، والنكتة الدلالية هنا هي: ان (الولد) وهو جمع الولد، تحتل اهمية كبيرة من حيث كونها (النسل) الذي تتكاثر به البشرية، وهذا حائز كبير دون ادنى شك، مضافاً الى ان الزوجة (الاهل) هي مصدر الولد.
بعد ذلك نواجه عبارة: (واهل مودتي واخواني) هذان الصنفان - كسابقيهما- يتجانسان و يتفاوتان، وهذا هو احد الابعاد الجمالية للنص حيث يجمع بين وحدتين او نمطين من الظواهر: كالبدن والجسد، والولد والاهل. اما هنا فصنفان ايضاً وهما: اهل المودةوالاخوان، فما هو الفارق بين هذين الصنفين؟
مما لاشك فيه ان المودة هي اقرب الى العلاقة العميقة بين طرفي الود، لانها ترتبط برباط روحي عميق الجذور، بينما العلاقة، وهي مصالح آنية وعابرة بعكس الصلة الودية كما هو واضح.
اذن امكننا ان نتبين جملة من الدلالات التي حفل مقطع الدعاء، سائلين الله تعالى ان يوفقنا الي ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة