البث المباشر

شرح فقرة: "وتفضل على مشايخنا بالعرفان، ...".

السبت 27 يوليو 2019 - 11:39 بتوقيت طهران

  • حديثنا عن ادعية الامام المهدي (عليه السلام)، ومنها دعاؤه الجامع لمقاصد الدنيا والاخرة، حيث حدثناك عن فقرات متسلسلة منه، وانتهينا الى فقرة تتوسل بالله تعالى بأن يتفضل: (على مشايخنا بالعرفان والسكينة، وعلى النساء بالحياء والعفة، وعلى الاغنياء بالتواضع والسعة، وعلى الفقراء بالصبر والقناعة، …الخ) . هذه الفقرات هي امتداد لما سبقها من فقرات مزدوجة، اي تتضمن - من حيث الاسلوب- ظاهرتين متجانستين من السلوك، مثل توسله (عليه السلام) بالله تعالى بان يتفضل: على مشايخنا بالعرفان والسكينة ، فيما يتجانسان بينهما، وكذلك بالنسبة الى النساء من حيث الحياء والعفة ، حيث تتجانسان كما هو واضح والمهم هو: ان نحدثك عن الفقرات المتقدمة، ونبدأ بفقرة: (وعلى مشايخنا بالعرفان والسكينة) ، فماذا نستخلص منها؟ ان الامام (عليه السلام) توسل بالله تعالى بأن يتفضل على المشايخ في المجتمعات الاسلامية بالعرفان والسكينة . والسؤال جديداً ماذا تعني هاتان الكلمتان؟ العرفان ينسحب على جملة دلالات منها المصطلح العرفاني الخاص في ميدان ما يسمى بالسير والسلوك، ثم: العرفان بمعنى المعرفة، ولعل المقصود من ذلك هو الاخير واما السكينة فهي الوقار والمهابة والطمأنينة. ولا نحسب ان قارئ الدعاء سوف يتأمل طويلاً لمعرفة هذين المصطلحين: العرفان والسكينة مادمنا نعرف بان المشايخ يقترن موقفهم الاجتماعي بطابع يتناسب من جانب مع اعمارهم، ومن جانب آخر مع موقعهم العلمي حيث يضطلعون بتوصيل مبادئ الشريعة الى تلامذتهم، اذن المشايخ يقترن وجودهم بطابع (العرفان) بمعناه المعرفي بمبادئ الشريعة، وبطابع الوقار والمهابة والطمأنينة. ان هذه السمات الثلاث تتجانس مع طبيعة المشايخ حيث تتلاشى طوابع المرحلة الشابة المقترنة بالاندفاع والحدة والصخب ونحو ذلك وتجئ البدائل مضادة لها في المرحلة الشائخة، نظراً للتغيرات التي تطرأ على كبار السن. والمهم هو: ان الدعاء بأمثلته المتقدمة يجسد مادة تربوية تتناول البناء العقلي والنفسي للشخصية، بحسب موقعها وجنسها ووظيفتها. ولذلك نجد في الفقرة اللاحقة الخاصة بالنساء يتحدث الدعاء عن الحياء والعفة وهذا ما نبدأ الحديث عنه. الحياء والعفة صفتان متجانستان، ومع انهما يجسدان طوابع مشتركة بين الرجل والمرأة، الا ان المرأة هي اشد حياءً وعفة ما دمنا نعرف انها محرك جنسي حاد للرجل، مما يتعين على المرأة ان تتسم بهاتين السمتين حتى تحفظ كيانها من السوء. ولعل قارئ الدعاء يتساءل عن الفارق بين العفة و الحياء ، وهو امر يتعين علينا ان نجيب عنه الآن. فنقول الحياء هو: صدور الخجل عن ممارسة الانحراف اياً كان نمطه. اما العفة فهي: ان تكف الشخصية عن ممارسة الانحراف، حيث ان الحياء اذا قدر له ان يمنع الشخصية من الانحراف، فان عدم العفة من الممكن ان يسيطر على الشخصية فتنزلق الى الفساد: استجابة للغريزة الجنسية الملحة. من هنا تظل العفة من الاهمية بمكان حيت تجعل الشخصية على وعي بالانحراف والانصياع له تحت وطأة الشهوة. بعد ذلك نواجه فقرة: (وعلى الاغنياء بالتواضع والسعة)، ثم فقرة: (وعلى الفقراء بالصبر والقناعة) . والان بما ان هاتين الطبقتين: الغنية والفقيرة قد رسم الدعاء لهما مبادئ معينة تتناسب مع موقعها الاجتماعي وبما انهما طبقتان متضادتان احداهما مالكة لوسائل الاشباع والاخرى فاقدة لها، حينئذ فان الموضوع يحتاج الى تفصيل في الكلام (وهذا ما نؤجل الحديث عنه الى لقاء آخر لاحق ان شاء الله تعالى). ختاماً نساله تعالى ان يوفقنا الى الالتزام بمبادئ الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة