البث المباشر

شرح فقرة: "وحلول النقمة..." (۳)

الأحد 3 أكتوبر 2021 - 14:41 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: الحلقة 77

 

والْحَمْدُ لِلَّهِ الذي هدانا لمعرفة وموالاة معادن رحمته للعالمين سيدنا المصطفى محمد الأمين وآله الطاهرين صلوات الله عليهم في كل حين.

سلامٌ من الله عليكم اخوتنا المستمعين، بتوفيق الله نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج، نتابع فيها استنطاق النصوص الشريفة الهادية الى سبل النجاة من (حلول النقمة)، وهو - أعزاءنا- العامل التاسع عشر من العوامل السالبة لطيب الحياة في الدنيا والآخرة. حسبما ورد في دعاء الحجب الشريف وهو سيد الأدعية النبوية الجامعة حيث قال النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) في مقطعه الختامي: (اللهم ... أسألك بعزة ذلك الاسم ان تصلي على محمد وآل محمد، وأن تصرف عني وعن أهل حزانتي وجميع الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، جميع الآفات والعاهات، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، والشك والشرك، والشقاق والنفاق، والضلالة والجهل والمقت، والغضب والعسر، والضيق وفساد الضمير، وحلول النقمة، وشماتة الاعداء، وغلبة الرجال، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء لطيف لما تشاء ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).

أيها الافاضل، واضحٌ أن من أهم الوسائل العملية للنجاة من حلول النقمة اجتناب الاسباب المؤدية له: ولذلك اهتمت احاديث أهل بيت الرحمة (عليهم السلام)، بالتحذير من هذه الاسباب انطلاقاً من المنطوق القرآني، وأهم هذه الاسباب هي الذنوب كما ألمحنا في حلقة سابقة من هذا البرنامج، وقد صرحت كثير من النصوص الشريفة بخطورة دور الذنوب في حلول النقمة، نشير الى بعضها، ونبدأ بقوله - عزوجل- في الآية الثلاثين من سورة الشورى: «وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ».

وقد صرحت الأحاديث الشريفة بأن هذا القانون القرآني عام يشمل حتى المؤمن، فقد روي في تفسير كنز الدقائق عن الصادق الأمين محمد (صلى الله عليه وآله) قال: (ما اختلج عرق- أي بمرض- ولا عثرت قدمٌ إلا بما قدمت أيديكم وما يعفو الله عنه أكثر).

وروي عن سيد الوصيين علي المرتضى (عليه السلام) كما في تفسير نور الثقلين أنه قال: (قد يبتلي الله المؤمن بالبلية في بدنه أو ماله أو ولده أو أهله، ثم ثلا (عليه السلام) الآثة المتقدمة وضم يده ثلاث مرات هو يقول: «وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ»). مشيراً بذلك الى أن ما يعفو الله عنه أضعاف ما يؤاخذ به من الذنوب التي تستوجب (حلول النقمة).

أيها الأحبة، ويستفاد من النصوص الشريفة أن الذنوب تستتبع نزول أشكال النقمة والعذاب بما يتناسب مع أنواع الذنوب، جاء في تفسير البرهان عن مولانا الامام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: (أما انه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض الا بذنب وذلك قول الله عزوجل: «وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ»، ثم قال (عليه السلام): وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به).

وروي عن أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب (عليها السلام) قوله في إحدى وصاياه: (توقوا الذنوب، فما من بلية ولا نقص رزق الا بذنب، حتى الخدش والكبوة والمصيبة).

وقال الامام الباقر (عليه السلام):(ان العبد ليذنب الذنب فيزوي - أي يبعد- عنه الرزق).

مستمعينا الاكارم وتهدينا الاحاديث الشريفة الى حقيقة مهمة تمثل السبب الرئيس لحلول أشكال من النقم لم تكن معروفة من قبل، وهي أن ارتكاب الناس لذنوب لم تكن رائجة من قبل، بمعنى ارتكابهم لها بصور وأشكال لم تكن مألوفة، يستتبع اشكالاً جديدة من النقم لم يألفوها من قبل والى هذه الحقيقة يشير مولانا امام الرأفة علي بن موسى الرضا في الحديث المروي عنه كما في موسوعة (ميزان الحكمة) أنه قال: (كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون).

وهذه من الحقائق الوجدانية التي يشهد عالمنا المعاصر الكثير من مصاديقها اجارنا الله واياكم منها ببركة العمل بوصايا محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

أيها الاخوة والأخوات وقد هدتنا الاحاديث الشريفة الى طائفة من الذنوب التي تستتبع حلول اخطر اشكال النقم لكي نتجنبها بمزيد من الاحتياط وهذا ما ستناوله - بعون الله- في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة) تستمعون له دائماً من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران شكراً لكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة