بسم الله الرحمن الرحيم، مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله، نرحب بكم اعزاءنا في رحاب سنن النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) سنن الهداية والفلاح، ونحن نتطرق إلى شيء من معاشرته (صلى الله عليه وآله وسلم) للناس، فكونوا معنا.
*******
جاء في حديث ان الامام الحسين (عليه السَّلام) وبهذا المضمون: قال: سألت ابي (عليه السَّلام) كيف كانت معاشرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للناس، ماذا كان يصنع عند خروجه لهم: أي عن معاشرته للناس خارج منزلة، فقال (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخزن لسانه إلاّ عمّا كان يعنيه، ويؤلفهم ولا ينفّرهم، ويكرم كريم كلّ قوم ويولّيه عليهم، ويحذّر الناس، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عمّا في الناس، ويحسّن الحسن ويقوّيه، ويقبّح القبيح ويوهنه. معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا ويميلوا، ولا يقصّر عن الحقّ ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمّهم نصيحة للمسلمين، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مؤاساة ومؤازرة.
قال : فسألته (عليه السَّلام) عن مجلسه، فقال: كان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك. ويعطي كلّ جلسائه نصيبه، ولا يحسب أحدٌ من جلسائه أنّ أحداً أكرم عليه منه، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الخلق سواءً، مجلسه مجلس حلم وحياء، وصدق وأمانة. ولا ترفع فيه الأصوات، متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب، فقلت: كيف كان سيرته في جلسائه؟ فقال (عليه السَّلام): كان دائم البشر سهل الخلق، ليّن الجانب ليس بفظّ ولا غليظ، ولا صخّاب، ولا فحّاش، ولا عيّاب ولا مدّاح، يتغافل عمّا لا يشتهي، فلا يؤيس منه، ولا يخيب فيه مؤملّيه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه. وترك الناس من ثلاث: كان لا يذمّ أحداً، ولا يعيّره، ولا يطلب عثراته ولا عورته. ولا يتكلّم إلاّ فيما رجا ثوابه، إذا تكلّم أطرق جلساؤه ، كأنّ على رؤوسهم الطّير. فإذا سكت تكلموا، يضحك ممّا يضحكون منه، ويتعجّب ممّا يتعجّبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه، ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه. ولا يقبل الثناء إلاّ من مكافىء، ولا يقطع على أحد كلامه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام، قال: فسألته (عليه السلام) عن سكوت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال (عليه السَّلام) كان سكوته على أربع: على الحلم ، والحذر، والتقدير، والتفكير. فأمّا التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس. وأمّا تفكّره ففيما يبقى ويفنى. وجمع له الحلم والصبر، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزّه، وجمع له الحذر في أربع: أخذه بالحسن ليقتدي به، وتركه القبيح ينتهى عنه، واجتهاده الرأي في صلاح أمته والقيام فيما جمع له خير الدنيا والآخره.
وبهذا تأتي الى ختام هذه الحلقة من سنن النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) والسلام عليكم.
*******