البث المباشر

كتاب أسرار التوحيد لأبي سعيد أبي الخير - ۲

الأربعاء 26 يونيو 2019 - 12:38 بتوقيت طهران

ضيف البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم أيها الأخوة والأخوات سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات حيث يسرنا ان يجمعنا اللقاء بكم من جديد عند ذخيرة اخرى من ذخائر العبر راجين أن ترافقونا في حلقة هذا الأسبوع وأن تمضوا معنا أطيب الأوقات.
المحاورة: أعزائي الكرام بعد أن تحدث لنا ضيف البرنامج الدكتور سعد الشحمان في حلقة الأسبوع المنصرم عن شخصية مؤلف كتاب أسرار التوحيد الشيخ أبي سعيد أبي الخير هاهو يشرفنا ثانية بحضوره ليتحدث لنا في هذه المرة عن الكتاب نفسه وأهميته وموضوعاته ومكانته بين روائع التراث الأخرى. الدكتور سعد الشحمان أهلاً وسهلاً بك في الأستوديو
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سرنا ان ألتقيكم وألتقي المستمعين الكرام من جديد لكي أكمل حديثي حول الشيخ أبي سعيد أبي الخير وبالتحديد حول الكتاب الذي ألف عنه وهو أسرار التوحيد
المحاورة: نعم نستمع معاً
الشحمان: نعم، طبعاً تحدثنا في القسم السابق من حديثنا حول شخصية هذا العارف الكبير وفي هذا القسم نتحدث حول الكتاب الذي ألف عنه من قبل حفيده محمد بن المنوّر كتبه حول حياة وحالات جده أبي سعيد أبي الخير وهذا الكتاب يعتبر من أشهر الكتب العرفانية والصوفية من الناحيتين الموضوعية والمضمونية من جهة ومن ناحية الأسلوب والتعبير من جهة اخرى.
هذا الكتاب النفيس يعتبر مرجعاً مهماً من مراجع دراسة مذهب التصوف والعرفان في تلك الفترة التي عاش فيها الشيخ أبو سعيد أبو الخير وهي الفترة الوسيطة في الأدب الفارسي وكما نعرف أن مذهب التصوف والعرفان كان ذائعاً وشائعاً الى حد كبير في المجتمع الإسلامي وفي نفس الوقت نتعرف من خلال هذا الكتاب وبعبارات أدبية. وبالمناسبة هذا الكتاب يعتبر من الكتب الأدبية الرائعة في أسلوبها ويعتبر رائعة أدبية بالإضافة الى كونه مرجعاً مهماً في مجال التصوف والعرفان وفي مجال التعرف على أخبار وعادات هذه الطبقة من المجتمع الإسلامي في جلساتهم وفي إجتماعاتهم كما نتعرف على المفهوم الحقيقي لبعض من مصطلحات هذه الفرقة وكتاب أسرار التوحيد يتميز بأساس أخلاقي متين بحيث نرى أن الملاحظات والأخبار التي يوردها في هذا الكتاب أفرغت في قوالب تعبيرية للغاية في اللطافة والعذوبة والسلاسة حتى أن كل قارئ عادي عندما يقرأ هذا الكتاب يستطيع أن يفهمه بسهولة...
المحاورة: طيب أستاذ أنا فقط أسأل سؤال واحد وهو هل ترجم هذا الكتاب الى لغات أخرى؟
الشحمان: والله لم ألاحظ له ترجمة الى لغة أخرى فضلاً عن اللغة العربية، ربما لم يترجم لحد الآن وربما ترجم وأنا لاأعلم بذلك. نعم هذا الكتاب يضم حكايات ووصايا اخلاقية رائعة، بلغت الروعة من ناحية المضمون وبلغت الروعة من ناحية الأسلوب التعبيري فهو يعتبر من جملة روائع النثر الأدبي الفارسي التي لايمكننا ان ننكرها فقد بلغ القمة في سلاسة الإنشاء والإنسجام والتماسك وقوة الحبكة ومتانة العبارات والإلتزام التام من قبل مؤلفه بمقاييس الفصاحة والبلاغة ومعاييرهما فنحن نشهد في جزء وفصل من هذا الكتاب قصر الجمل وكمالها وفائدتها في ذات الوقت ونلاحظ إكثار المؤلف من إستخدام الكلمات والألفاظ والتعابير الفارسية الأصيلة الى درجة أن القصص والحكايات التي رويت على درجة بالغة من التمكن والمهارة بحيث أن هذه القصص نظراً الى سلاسة أسلوبها تجعل القارئ منشداً ومنجذباً اليها من بدايتها الى آخرها بجاذبيتها الخاصة وأفضل وصف يمكننا أن نطلقه على هذا الكتاب هو أن ماجاء به من قصص وحكايات ومواعظ ووصايا لايزال حتى الآن، حتى عصرنا هذا يحتفظ بنضراته وطراوته رغم مرور مايقرب من ثمانية قرون على تأليفه فهو شبيه بالنثر المفهوم والمتداول في عصرنا هذا وقريب منه الى حد كبير بحيث نستطيع أن نقول أن القارئ يقرأ كتاباً ألفه كاتب معاصر ولعل هذا هو السر الذي يكمن في روعة هذا الكتاب مضموناً وروعة.
المحاورة: ولحد الآن يعني
الشحمان: لحد الآن لذلك أعتبر هذا الكتاب من روائع الأدب الفارسي. وكلمة أخيرة نقولها إن هذا الكتاب يتضمن ثلاثة أبواب الباب الأول حول حياة الشيخ أبي سعيد أبي الخير والثاني يتناول المرحلة الوسيطة من حياته ويشتمل على ثلاثة فصول وهي أكثر تفصيلاً من البابين الآخرين وأما الباب الثالث فقد خصصه المؤلف لأستعراض وختام حالات الشيخ ويشتمل ايضاً على وصاياه ووفاته والكرامات التي ظهرت من بعد وفاته.
المحاورة: نعم نتقدم بالشكر الجزيل لضيف البرنامج الدكتور سعد الشحمان على هذه الإضاءات التي تفضل بها حول كتاب أسرار التوحيد
الشحمان: حياكم الله وأنا ايضاً أتقدم بالشكر الجزيل
المحاورة: شكراً لك الدكتور سعد. الآن مستمعينا الأفاضل نعود الى فقرات البرنامح الأخرى التي خصصنا للتجوال في ربوع الكتاب، تابعونا مشكورين
المحاورة: روي أن الشيخ عندما كان في نيسابور وكان الحسن بن المؤدد خادم الشيخ الخاص قد إقترض مالاً وأنفقه على الدراويش وأخذ يؤجل قضاءه والغرماء يطالبون به وفي ذات يوم حضر الجميع الى باب زاوية الشيخ فقال الشيخ لحسن: قل لهم ليدخلوا، فأدخلهم حسن وحياهم الشيخ ثم أن صبياً مر على باب الخانقاه وهو ينادي على ناطف وهو نوع من الحلوى فقال الشيخ: أحضر ذلك البائع فأحضره حسن، فقال له الشيخ: زن كل مالديك. فوزنه ووضعه أمام الدراويش فأكلوه وقال الصبي: أريد الثمن! فقال الشيخ: سوف يأتي، فمرت ساعة وطالب الصبي مرة أخرى فأجاب الشيخ: بنفس الجواب فقال الصبي: سيضربني أستاذي من أجله! قال هذا وأجهش بالبكاء وفي الحال دخل رجل من باب الخانقاه ووضع صرة من الذهب أمام الشيخ وقال له: لقد أرسلني فلان اليك وهو يرجو أن تذكره بدعاءك. فقال الشيخ لحسن: خذه وأعطي لكل ذي دين دينه، فأخذ حسن الذهب وأعطى الجميع نقودهم كما أعطى لذلك الغلام ثمن الناطف دون أن يبقى شيء وقال الشيخ: لقد جاء هذا المال من أجل دموع ذلك الغلام.
المحاورة: وكان الأمير مسعود من الأمراء والسلاطين الكبار ولم يكن من حكام الأطراف منه اعظم منه وفي ذات يوم إحتاج الشيخ الى قرض من المال للإنفاق على الدراويش فأرسل حسن بن المؤدد الى الأمير مسعود يقول له: إرع الدراويش بشيء من المال! ولما ذهب حسن اليه وأبلغه رسالة الشيخ لاطفه كثيراً وقال له: سوف أريح قلب هذا الشيخ من هذه الناحية. ولما ذهب اليه حسن مرة اخرى قال له: إنه سوف يدفع، وذهب اليه عدة مرات فكان يكرر الوعد حتى تجاوز الأمر الحد فكتب الشيخ هذا البيت على ورقة وناولها حسناً ليوصلها الى مسعود:

إذا لم تنفذ ماوعدتنا به فسوف

لن تنجو من يدنا ولو كنت أسداً

وسلم حسن الورقة الى مسعود فلما قرأها غضب وقال: ماهذا؟ وطرد حسناً من أمامه وأعاده خائباً وجاء حسن الى الشيخ وذكر له ماسمع وكان من عادة مسعود أن يقتني كلاباً غورية تمزق كل من تمسك به في الحال ولم يكن أحد يجرأ على الإقتراب الى الخيمة وحين رجع حسن الى الشيخ غاضباً وذكر له تلك الحكاية لم يقل الشيخ شيئاً وفي تلك الليلة خطر لمسعود أن يتجول حول خيام خدمه وحشمه جرياً على عادة الملوك ليرى ماذا يقولون وماذا يفعلون ونهض في منتصف الليل وإرتدى قميصاً وأسدل شعره حتى لايعرفه أحد وكان جميع خواصه وغلمانه وحراسه قد ناموا فخرج من الخيمة ولما سار عدة خطوات رأته الكلاب ولم تعرفه فجرت خلفه فصاح وتنبهت غلمانه وخرجوا من هنا وهناك ولما إقتربوا منه كانت الكلاب قد مزقته وقضت عليه.
المحاورة: أيها الأعزاء كلنا أمل في أن تكونوا قد قضيتم أطيب الأوقات واحلاها وهذا الأمل يحدونا في أن نجدد اللقاء معكم الأسبوع القادم بإذن الله وأيدينا ممتلئة بدروس وعبر اخرى فحتى ذلك الحين أستودعكم الرعاية الألهية، ارجو التواصل معنا لأستلام إقتراحاتكم وأفكاركم البناءة على بريد البرنامج الألكتروني أدب فن ADABFAN۹۱@yahoo.com شكراً لكم الى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة