البث المباشر

اسرار التوحيد لأبي سعيد ابي الخير - ۱

الأربعاء 26 يونيو 2019 - 12:35 بتوقيت طهران

ضيف البرنامج: الدكتور الاستاذ سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم الرحيم، مستمعينا الكرام في كل مكان نحييكم اجمل تحية وها هو ذا لقاءنا يتجدد معكم لتتجدد معه فرحتنا بتجدده معكم عند ضفاف أنهار هادرة أخرى من انهار تراثنا الحافل بالدروس والعبر. ندعوكم ايها الاعزة للمتابعة.
المحاورة: مستمعينا الأفاضل، حلقتنا لهذا الاسبوع وحلقة الاسبوع المقبل سنخصصها، بمشيئة الله، للتطواف في ارجاء سفر اخر من اسفار التراث الاسلامي المكتوب باللغة الفارسية الا وهو كتاب أسرار التوحيد لمؤلفه محمد بن المنور الذي كتبه حول جده العارف والمتصوف الشهير أبي سعيد ابي الخير وقبل ان نبدأ بإستعراض ما حفل به هذا الكتاب من حكايات عبر حلقتين من البرنامج لنا وقفة مع ضيف البرنامج الاستاذ الدكتور (سعد الشحمان) ليحدثنا عن الشيخ ابي سعيد ومكانته بين المتصوفة الآخرين. اهلاً ومرحباً بك ضيفنا العزيز.
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحاورة: وعليكم السلام.
الشحمان: وأنا أيضاً بدوري أرحب بكم وبالمستمعين الاكارم في هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا معكم.
المحاورة: شكراً كلنا اذان صاغية للاستماع لحديثك حول شخصية هذا العارق والصوفي الكبير، تفضل.
الشحمان: لاشك ان الشيخ ابا سعيد ابا الخير يعتبر نت اعلام ومشاهير التصوف والعرفان في بلاد ايران وترك لنا الكثير من الاثار القيمة في مجال التصوف وهذا الكتاب الذي يحمل عنوان اسرار التوحيد في الحقيقة ليس من تأليف الشيخ ابي سعيد ابي الخير بشكل مباشر وانما ألف حول شخصية هذا الشيخ والحكايات والكرامات التي رويت عنه من قبل ابنه محمد بن المنور او حفيده بالاحرى، الفه حول جده. هذا الكتاب اسرار التوحيد الذي يستند الى الاصول والمبادئ التي طرحها الشيخ ابو سعيد ابو الخير حول التصوف وحول الحكايات والاحداث التي جرت لهذه الشخصية، يعتبر هذا الكتاب من اشهر الكتب العرفانية والصوفية من الناحيتين الموضوعية ومن الناحية المضمونية ايضاً ومن ناحية الاسلوب والتعبير يعني هذا الكتاب يحمل قيمة موضوعية وقيمة ادبية تتعلق بالاسلوب والتعبير والبيان في نفس الوقت، كما ذكرنا فأن هذا السفر النفيس والقيم يعتبر مرجعاً مهماً من مراجع مذهب التصوف والعرفان ليس في ايران فحسب انما في جميع البلدان الاسلامية التي يشيع فيها العرفان والتصوف. كما نعلم هذا المذهب مذهب التصوف والعرفان كان له انتشار واسع في العصر الذي عاش فيه ابو سعيد ابو الخير وكان المتصوفة والعارفون على قدر كبير من المهابة والاحترام ليس بين عامة الناس فحسب بل كان الحكام والسلاطين ايضاً يحسبون لهم الكثير من الحسابات فكانوا يعاملونهم على الاقل في الظاهر بكل احترام وبكل تكريم وخاصة زعماء الفرق الصوفية الذين كان لهم اتباع كثيرون بين الناس بمختلف طبقاتهم. في نفس الوقت الذي يحيط به القارئ من خلال هذا الكتاب علماً بحياة واخبار هذا العارف والمتصوف المعروف هذه الحكايات التي رويت عنه كتبت في الحقيقة بأسلوب قصصي ممتع وبعبارات ادبية عذبة يتعرف ايضاً القارئ من خلال هذا الكتاب ومن خلال شخصية الشيخ ابي سعيد على الكثير من احوال العرفاء والصوفيين يعني هذا الكتاب له قيمة تاريخية بالاضافة الى قيمته الادبية فيتعرف على هذه الفئة من الناس يتعرف على عاداتها وتقاليدها وعلى الجلسات والاجتماعات التي كانت تدور بينهم وعلى المفاهيم الحقيقية للبعض من المصطلحات التي كان يستخدمها العرفاء والمتصوفون من قبيل مصطلح الخلوة والرياضة والمراقبة والسماع والخرقة والزاوية والوجد والقبض والبسط وما الى ذلك من مصطلحات اكثر المتصوفون والعرفاء من استخدامها في اقوالهم واحاديثهم بالاضافة الى الاثار النثرية والشعرية التي تركوها لنا.
المحاورة: طيب نشكر الاستاذ الدكتور سعد الشحمان على هذه المعلومات القيمة، نشكركم استاذ زودتمونا نحن والمستمعين بمعلومات قيمة حول علم اخر من اعلام تراثنا، شكراً لكم نستودعكم الله الى حلقة أخرى.
الشحمان: طبعاً الحديث له صلة وان شاء الله سنكمل الحديث في الاسبوع القادم بأذن الله تعالى.
المحاورة: نعم ان شاء الله في الحلقة القادمة. والان نرجو من احبتنا المستمعين متابعتنا عبر الحكايات المعبرة التي حفل بها هذا الكتاب.
من بين الحكايات التي ينقلها مؤلف كتاب (أسرار التوحيد) محمد بن المنور حول كرامات جده الشيخ أبي سعيد أبي الخير حكاية طريفة ندعوكم إخوتنا المستمعين لمتابعتها على لسان احد الأشخاص المعاصرين للشيخ. حينما ذاع خبر قدوم الشيخ الى نيسابور من ميهنة واقامته لمجالس الوعظ والارشاد فيها، واخباره بسرائر عباد الله واسرارهم، دفعني حب الفضول الى ان أحضر مجلسه. وكنت قبل ذلك اعتبر المتصوفين والعرفاء اناس وضيعين، وأقول لنفسي ان التصوف ليس بعلم فكيف يقيم هذا الشيخ مجالس الارشاد ويدعي انه يحيط علماً بأسرار خلق الله تعالى وخفاياهم ولايعلم الغيب الا الله. فحضرت يوماً مجلس الشيخ لأتأكد من صدق مايشاع عنه ولأختبره، وجلست عند كرسيه وانا ارتدي الثياب الفاخرة وقد اعتمرت بعمة طبرية ولكنني كنت احمل بين ضلوعي قيداً يعج بالانكار والشكوك. وكان الشيخ منشغلاً بحديثه وعندما بلغ نهاية حديثه طلب من الحاضرين ثوباً لأحد الفقراء على عادة أهل التصوف فحدثت نفسي في أن أعطيه عمتي الا انني قلت في نفسي لقد قدمت لي هذه العمامة لي هدية من آمل وثمنها يبلغ عشرة دنانير نيسابورية، الأفضل اذن ان لااقدمها ثم ان الشيخ كرّر طلبه من الحاضرين مساعدة الرجل الفقير. فوضع في قلبي مرة أخرى أن أقدم عمتي ولكنني طردت هذه الفكرة من بالي وراودتني الفكرة الأولى نفسها. وكان في المجلس شيخ عجوز جالس الى جانبي فسأل الشيخ: ياشيخ هل يتكلم الحق سبحانه وتعالى مع العبد؟ فقال الشيخ: نعم يتكلم. وقد تكلم مرتين مع ذلك الرجل الجالس الى جانبك في العمة الطبرية، الا انه إمتنع عن تقديمها متذرعاً بأن قيمتها تبلغ عشرة دنانير وأنها قد جلبت له هدية من آمل! وما إن إنتهى هذا الكلام الى مسامعي حتى ارتعدت فرائصي، فمثلت امام الشيخ وقبّلت ما بين عينيه وأعطيت الفقير ثيابي كلها، وزال من نفسي كل ما كان يعتريها من شك وانكار، حتى شعرت بأنني قد اعتنقت الاسلام من جديد وبذلت كل ما امتلك من الاموال لخدمة الشيخ ومجالسه ومريديه وكرّست نفسي لخدمته حتى نهاية عمري.
مستمعينا الأحبة ومن الحكايات الطريفة الأخرى التي يوردها لنا محمد بن المنور عن جده الشيخ ابي سعيد ابي الخير الحكاية التالية التي ندعوكم للاستماع اليها.
كان الشيخ ابي الفضل الشامي رجلاً بالغ العظمة من مشاهير شيوخ المتصوفة وكان قد قضى شبابه في الأسفار وأمضى في اواخر عمره سنين طويلة مجاوراً في بيت المقدس. وفي ذات ليلة نام مع جماعة من الصوفية في (خانقاه) بيت المقدس. فرأى في منامه الشيخ ابي سعيد يدخل الخانقاه وبيده طبق مليء بالسكر، واخذ يسير بين الجمع ويعطي لكل واحد قدراً من ذلك السكر. وعندما وصل الى الشيخ أبي الفضل وضع في فمه كل ما كان قد تبقى من السكر حتى امتلأ فمه ونهض من نومه مسروراً لهذا السبب والفى فمه مملوءاً بالسكر. فنادى الخادم في الحال ليحضر سراجاً. فأستيقظ الجميع وجلسوا فقص عليهم الحلم واعطاهم شيئاً من ذلك السكر ثم نهض وتوضأ وصلى ركعتين وطلب حذاءه وقال لقد كانت هذه الصلاة من أجل زيارة قبر الشيخ ابي سعيد، فوافقه الجميع وجاء من بيت المقدس الى ميهنة، سيراً على الاقدام دون ان يستريح وكان عمره حينئذ ينيف على ثمانين عاماً. ولما بلغ ميهنة أقام بها عدة ايام وعند عودته دعا أبناء الشيخ جميعاً وقال لهم اوصيكم بالمحافظة على قداسة هذه البقعة وحق هذا القبر. ثم ودع الجميع وقفل راجعاً الى بيت المقدس.
المحاورة: أحبتنا المستمعين على أمل أن تكونوا قد قضيتم معنا دقائق مفعمة بالمتعة والفائدة، نستودعكم العلي القدير، وكونوا في انتظارنا في حلقة الأسبوع المقبل بإذن الله عند حكاية معبرة أخرى من حكاية هذا السفر النفيس. راجين التواصل معنا عبر البريد الالكتروني adabfan۹۱@yahoo.com، شكراً لكم والى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة