ضيف البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتنا المستمعين أينما كنتم، سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات، ونرحب بكم أجمل ترحيب في حلقة جديدة ستجمعنا بكم مع ذخيرة أخري من ذخائر التراث الأدبي والفكري الفارسي الحافل بالدروس والعبر، ندعوكم إلي متابعتنا، راجين أن تقضوا معنا أجمل الأوقات...
مستمعينا الكرام!
نرحب بكم من جديد ويسرنا أن نلتقي من جديد ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان.. نرجو أن تحدثنا في القسم الأول من اللقاء الذي أجريناه معه، عن بعض الجوانب واللمحات من حياة الأديب والشاعر سعدي الشيرازي وشخصيته الأدبية، تفضلوا أستاذنا الكريم مشكورين...
المحاورة: مستمعينا الكرام نرحب بكم من جديد ويسرنا ان نلتقي ضيف البرنامج الاستاذ الدكتور سعد الشحمان مرة اخرى، اهلاً بكم استاذ
الشحمان: اهلاً ومرحباً بكم وبالمستمعين الكرام في هذا اللقاء الجديد
المحاورة: نعم شكراً لكم استاذ نرجو ان تحدثنا في القسم الاول من اللقاء عن بعض الجوانب واللمحات عن حياة الاديب والشاعر سعدي الشيرازي وشخصيته الادبية، تفضلوا
الشحمان: سعدي الشيرازي صاحب الروائع المعروفة والشهيرة صاحب البوستان وصاحب الكلستان او روضة الورد شاعر غني عن التعريف سوف نتحدث عن بعض الجوانب التي لم يتم التطرق اليها كثيراً في حياة هذا الشاعر وهذا الكاتب الكبير كما يدل عليه لقبه الشيرازي ولد في شيراز، كان والده يعمل في ديوان الاتابك سعد بن زنكي ولذلك لقب بسعدي هو لقب نفسه بسعدي وتخلص بهذا الاسم في اشعاره نسبة الى هذا الاتابك الذي كان يكن محبة عظيمة الى هذا الشاعر، توفي والد الشاعر وهو وهولايزال طفلاً صغيراً وبدأ تحصيله للعلم اعتباراً من مقتبل شبابه وابدى رغبة كبيرة في البحث في مجال الدين والعلم وكان العصر الذي يعيش فيه شاعرنا سعدي عصراً تميز بالاضطراب والفتن، كان يعاصر السلطان محمد خوارزم شاه وخاصة على اثر هجوم السلطان غياث الدين على شيراز في سنة ٦۲۷ للهجرة فهذه الظروف الصعبة والمتأزمة اضطرت شاعرنا الى الهجرة ليتغرب في الافاق وايضاً عاصر فترة سقوط الخلافة العباسية وله اشعار جميلة في رثاء مدينة بغداد عاصمة الخلافة العباسية نظمها باللغة العربية يقول فيها:
حبست بجفني المدامع لاتجري
فلما طغى الماء استطال على السكر
نسيم صبا بغداد بعد خرابها
تمنيت لو كانت تمر على قبري
لأن هلاك النفس عند اولي النهى
احب لهم من عيش منقبض الصدر
زجرت طبيباً جس نبضي مداوياً
اليك فما شكواي من مرض يبري
لزمت اصطباراً حيث كنت مفارقاً
وهذا فراق لايعالج بالصبر
تسائلني عما جرى يوم حصرهم
وذلك مما لايدخل في الحصر
اديرت كؤوس الموت حتى كأنه
رؤوس الاسارى ترجحن من السكر
بكت جدر المستنصرية ندبة
على العلماء الراسخين ذوي الحجر
نوائب دهر ليتني مت قبلها
ولم ار عدوان السفيه على الحبر
محابر تبكي بعدهم بسوادها
وبعض قلوب الناس احلك من الحبر
المحاورة: جميل
الشحمان: نعم هذه قصيدة جميلة ورائعة تدل على تمكن هذا الشاعر من النظم بلغتين، لغته الام الفارسية بالاضافة الى اللغة العربية
المحاورة: طيب شكراً على هذه الاجابة استاذ نرجو منكم ان تسمحوا لنا ان نأخذ فاصلاً قصيراً نستعرض فيه بعضاً من حكايات البوستان التي صاغها سعدي شعراً ثم نعود الى حضراتكم
بطاعة الله تخضع لك الموجودات
روي عن أئمة الدين العارفين بالحقيقة والبالغين عين اليقين أن أحد الصوفيين العرفاء رؤي في المنام ممتطياً صهوة نمر وقد أمسك ثعباناً بيده، فقال له رجل متعجباً: يا أيها العبد الصالح السائر في طريق الله، دلّني علي هذا الطريق الذي سلكته، تري ما الذي فعلته كي يطيعك هذا الحيوان المفترس الضاري، وكيف أضحي إكسير السعادة من نصيبك؟! فأجاب الرجل العارف قائلاً: لاتعجب إن رأيت هذا النمر وذلك الثعبان ذليلين عاجزين، وإن أردت أن تكون مثلي فلاتتمرد علي حكم القاضي الأكبر ولاتعصه كي يطيعك ويذعن لك كل ما في هذا الوجود، هنا هو الطريق، فلا تعرض عن الطريقة والسلوك وسر فيهما كي تحقق أمانيك، فمن أطاع الله، ذلّ له كل شيء...))
أخي المستمع، أختي المستمعة!
نعود الآن إلي ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، ليكمل حديثه ولكن عن رائعة سعدي الشيرازي (البوستان) أهميتها، ومكانتها، والمضامين التي اشتملت عليها، تفضلوا حضرة الدكتور...
المحاورة: اخي المستمع اختي المستمعة نعود الان الى الاستاذ الدكتور سعد الشحمان ليكمل حديثه ولكن عن رائعة سعدي الشيرازي البوستان اهميتها ومكانتها والمضامين التس اشتملت عليها، تفضلوا استاذ
الشحمان: نعم في الحقيقة حكايات سعدي سواء في كتابه كلستان او في البستان مشحونة بشكل عام بالمواعظ والنصائح والحكم وبعض الملاطفات والمطايبات. كان يعتبر في اثاره الايمان اساس صبر الانسان وكان يعتبر المحبة طريق التئام جروح البشر، بالنسبة الى كتاب البستان يعتبر اول اثار سعدي بعد كلستان ويختلف عن كلستان بأنه نظمه شعراً ونظمه على اسلوب الشاهنامة من حيث القالب يعني القالب الحماسي وبأسلوب المثنويات ولكن مواضيعه ليست حماسية وملحمية وانما كما قلنا هي مواضيع تدور حول الحكم والمواعظ والنصائح في مجال الاخلاق وفي مجال الحياة الاجتماعية. انتهى من نظم هذا الكتاب في سنة ٦٥٥ للهجرة ونظمه خلال اسفاره التي زار من خلالها الكثير من اقطار العالم الاسلامي في ذلك الوقت، عرض هذا الديوان على اصدقاءه عند عودته الى شيراز وكما قلنا هو من النوع الحماسي من حيث القالب والوزن رغم انه تناول الموضوعات الاخلاقية والتربوية والسياسية والاجتماعية من حيث المضمون. من خصوصيات هذا الاثر كما نلاحظ في الاثار الاخرى السلاسة والبساطة الى جانب طرح المفاهيم الاخلاقية والحكمية العميقة. يتألف هذا الكتاب من ديباجة مقدمة ومن عشرة ابواب في مواضيع مختلفة ويضم حوالي اربعة الاف بيت وكتبت الكثير من الشروح على هذا الكتاب. نرجو ان نكون قد وفينا حق هذا الكتاب في الحديث.
المحاورة: شكراً شكراً، استاذ نشكرك على هذا الحضور في برنامج ذخائر العبر ونشكر مستمعينا الكرام ايضاً، مستمعينا الكرام نعود ووردتين من بستان سعدي الشيرازي
الرماد أفضل من النار
سمعت أن الشيخ بايزيد خرج ذات يوم من الحمّام في وقت سحر ليلة العيد وإذا بأحد الأشخاص يلقي من أعلي بيته الرماد ليسقط هذا الرماد علي رأس الشيخ وتتلوث عمامته وعباءته، وإذا بأصحاب الشيخ تعقد السنتهم الدهشة عندما رأوه يمسح بيديه علي وجهه وهو يتمتم بشكر الله وحمده ويخاطب نفسه قائلاً:
يا نفس حريّ بك أن تفرحي وتبتهجي، فقد كنت تستحقين النار، و إذا برمادها هو الذي يصبّ عليك!.
حكاية حول إبليس
قرأت في بعض الكتب أن رجلاً رأي إبليس في منامه وقد تربع جالساً في وسط شجرة صنوبر وبدا جميلاً كأنه الحور، مشعّاً مضيئاً كالشمس، فقال الرجل: أهذا أنت حقاً؟! إن الملاك لايكون بهذا الحسن، إن وجهك يبدو وكأنه فلقة القمر، فلماذا يصّورونك قبيحاً دميماً مرعباً في الدنيا؟! فلما تناهي هذا الكلام إلي سمع إبليس الشقي، أجاب الرجل قائلاً: يا أيها الرجل السعيد الحسن الطالع! إن ما تراه ليس شكلي، ولكن رغباتك وشهواتك، وأهواءك هي التي تصوّرني بهذا الشكل الحسن، فأنا قادرة علي خدع الإنسان وإضلاله حتي في منامه!
مستمعينا الأفاضل! وهكذا نأتي علي ختام حلقتنا لهذا الأسبوع والتي خصصناها للتعريف بكتاب(( البوستان)) لأديب شيراز وشاعرها البليغ العذب اللسان((سعدي)) آملين أن تكونوا قد قضيتم معنا أوقاتاً عامرة بالدروس والعبر، وأن نلتقيكم في حلقة الأسبوع المقبل مع سفر نفيس آخر من أسفار التراث، نستودعكم الله، وإلي الملتقي.