البث المباشر

جلال الدين محمد -۲۳

الإثنين 17 يونيو 2019 - 14:42 بتوقيت طهران
جلال الدين محمد -۲۳

حضرات الكرام، مرة اخري ناخذكم عبر سفينة التاريخ الادبي لنمخر عباب بحرالزمان سيرا وراء امواج السنين والايام لنصل الي شاطيء تربعت عليه محطات من حياة الشاعر الايراني جلال الدين المولوي الذي فقد شمسا ومن بعده صلاح الدين زركوب، فكان مونسه في وحدته بعد ان سلك للعرفان طريقاً حسام الدين الجلبي الذي اشارعليه بكتابة المثنوي المعنوي، وهو من المتون الادبية الرائعة في الادب الفارسي في عصور مضت، واذا كانت العصور مضت والايام خلت واذا كان مولانا قد اخترمه الموت كسائر الناس و هو سنة الله في خلقه فان مثنوية ما يزال باقياً حياً كانه ابي إلا البقاء في دينا لا يبدو فيها فناء في الظاهر دنيا الادب والمكتوبات الادبية التي ستبقي مع سائر العلوم والمعارف البشرية حتي يرث الله الارض ومن عليها والعاقبة والأمر كله له وحده جلت قدرته، اجل حضرات الكرام لنا عودة الي مولانا والمثنوي.
ايها الاكارم العمل الرئيس لمولانا جلال الدين الرومي ديوان شعري ضخم يضم نحوا من 45 الف بيت مقسمة علي ستة اجزاء يعرف بالمثنوي. وقد جاء اسمه من الوزن العروضي الخاص المستخدم في نظمه.
ويتالف من ابيات مفردة مقسمة علي شطرين مقفيين ينطوي كل منهما علي عشرة مقاطع، حكايات و احاديث نبوية و اساطير و موضوعات من التراث الشعبي، و مقتبسات من القرآن الكريم يتلو بعضها بعضاً مؤلفة ملحمة صوفية كما يري البعض نهر مهيب هادئ و عميق يشق طريقه بين مشهد متنوع ثري الي المحيط الذي لا يسبر غوره و من بعد هذا لا بد ان نذكر ان بعض الكتاب يرون ان ابيات المثنوي تقرب في الحقيقة من سته و عشرين الف بيت.
اما الشاعر جلال الدين الرومي فيقول في مقدمة المثنوي علي ما رأيناه في الترجمة العربية التي انجزها الدكتور ابراهيم الدسوقي شتا اجتهدت في تطويل المنظوم المثنوي المشتمل علي الغرائب والنوادر وغرر المقالات و درر الدلالات و طريقة الزهاد و حديقة العباد قصيرة المباني، كثيرة المعاني لإستدعاء سيدي و سندي و معتمدي ومكان الروح من جسدي و ذخيرة يومي لغدي الي آخر ما وصف و يريد مولانا بهذا الشخص الذي اطري عليه ايما اطراء حسام الدين الجلبي حسن بن محمد حسن المعروف بابن اخي ترك.

كل من يبقي بعيدا عن اصوله

لايزال يروم ايام وصاله

نائحا صرت علي كل شهود

وقرينا للشقي والسعيد

ظن كل امرئ ان صار رفيقي

لكنه لم يبحث من داخلي عن اسراري

حضرات الكرام، مرت من هذا البرنامج علي مسامعكم العديد من الحلقات، واتضح لكم ان جلال الدين البلخي الرومي المولوي هو شاعر العرفان و منهم من وصفه بالصوفي. ونود هنا توضيح بعض الحقائق حول العرفان والتصوف حتي تستجلي الصورة امامكم، فالعرفان، ونقول هنا من باب الاختصار ودون و لوج التفاصيل، هو المعرفة و معرفة الله خاصة و هو في المعارف الالهية وحدة علمية وثقافية ذات قسمين هما العرفان النظري والعرفان العملي والعرفان النظري هو البحث في معرفة الله والعالم والانسان. اما العرفان العملي فهو البحث في كيفية العلاقة بين الانسان وربه وخالقه ومجتمعه ونفسه، و واجبه تجاههم.
واذا كان هذا هو العرفان فان التصوف هو اتجاه معين يتخذه المتصوف طريقة للتعبد لله تعالي او قل هو استرسال النفس مع الله تعالي علي ما يريد
و ينبغي ان نشير هنا الي ان الفكر الاسلامي قد عرف افرادا او جماعات من اهل الزهد والعرفان حازوا تلك المقامات العرفانية با علي صورها دون ان يكونوا من اتباع السلاسل الصوفية، وهكذا يتضح ان العرفان شيء والتصوف شيء آخر ولأننا لا نريد الاسهاب و دالا طالة في هذا المجال اكتفينا بهذا القدر الوجيز من التعريف والمقارنة كي لا نخرج عن اطار البرنامج الذي سنتوقف في محطة اخري منه فكونوا معنا بعد قليل.
نعم رأت المكتبة الادبية في العالم في اواسط عقد السبعينات من القرن الماضي كتابا يحمل عنوان جلال الدين الرومي والتصوف اعدته المستشرقة الفرنسية ايفا ديفتراي- ميرو فيتش، وهذا الكتاب وضع باللغة الفرنسية في عام 1977 ميلادي ثم ترجم الي الانكليزية في الولايات المتحدة في عام 1987 للميلاد.
وشاء القدر ان ياخذ هذا الكتاب طريقه الي المكتبة العربية بعد ان قام بتعربيه عن نسخته الانكليزية الدكتور عيس علي العاكوب.
والذي يلفت النظر هنا ما جاء في اهداء المترجم مخاطباً استاذه حيث جاء الاهداء الي استاذي الغالي الدكتور محمد حمويه صاحب الفضل بعد المولي سبحانه في توجيهي نحو التصوف الاسلامي في الجملة والعرفان الفارسي ممثلا في اعلامه كسنائي والعطار و الرومي وسعدي و حافظ.
علي اي حال فان المستشرقة الفرنسية ميرو فيتش تري في كتابها ان المولوي كان صوفيا وان طريقته في التصوف تعرف بالطريقة المولوية منسوبة اليه.
وعلي حال كذلك فإننا سنتابع الحديث عن حياة و نتاجات هذا الشاعر بتسميته اياه شاعر العرفان دون استقصاء المزيد من وجهات النظر حول كون الرومي صوفيا او عارفا. لان المهم في هذا البرنامج في الدرجة الاولي هو الجانب الادبي في حياة المولوي و نتاجاته الفكرية و قد ألمحنا الي هذا في ماضي حلقات هذا البرنامج.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة