كنا في الحلقات الماضية من هذا البرنامج قد تحدثنا عن نتاجات مولانا جلال الدين المولوي الادبية والعرفانية، وجاء بعض التفصيل في حديثنا حول المثنوي المعنوي وحول كليات شمس بما تتضمنه هذه الكليات من غزليات ورباعيات.
لكن في سياق ذلك الكلام مرّت منا إشارات كذلك الى مؤلفات مولانا الادبية التي جاءت بصيغة النثر وهي كتاب فيه ما فيه، وكتاب المجالس السبعة والمكاتيب او الرسائل كما يسّميها بعض من أرّخ لجلال الدين وترجم حياته.
ومن اللازم علينا في هذا البرنامج تسليط الاضواء على مؤلفات الرومي النثرية، إذ في هذا إكمال للحديث عن آثار هذا الشاعر العارف، وسنبدأ الحديث بعد قليل حول (فيه ما فيه).
نعم كتاب "فيه ما فيه" هو مجموعة تقريرات مولانا التي بينّها في مجالسه، فحفظها ابنه بهاء الدين المعروف بسلطان ولد او واحد آخر من مريديه وأغلب فصول الكتاب إجابات عن أسئلة حول مطالب معيّنة، وقد بدى بها تبعاً لما يقتضيه الحال ولهذا ليس لها ارتباط بسابقاتها.
إنّ موضوع الكتاب بشكل عام، هو مسائل الاخلاق والطريقة، ونقاط في التصوّف والعرفان، وشرح لآيات القرآن والاحاديث النبوية، وكلمات المشايخ التي أوضحت بالطريقة الخاصة لمولانا نفسها أي ضرب الامثال ونقل الحكايات، وهي الطريقة المشهودة في المثنوي المعنوي على وجه الخصوص وتشابه حكايات (فيه ما فيه) وأمثاله ووجوه بيان مقاصده في نواحي كثيرة مع المثنوي. وأما الفرق بين المثنوي (وفيه ما فيه) فهو أنّ مطالب المثنوي غير مجرّدة من الكتابات والتعبيرات الدقيقة وفهمها أصعب بسبب أنّ الشاعر مفيد بالقوافي والاوزان وحدود الشعر والنظم.
أما كتاب (فيه ما فيه) فهو عار من هذه القيود ومتحرّر منها، خاصة وأنّ مولانا لا قصد له في تقريراته إلاّ إدراك المستمعين وحضار مجلسه.
وفي كتاب (فيه ما فيه) يذكر مولانا اسم أبيه سلطان العلماء. وقد طبع هذا الكتاب بعد مقابلة وتصحيح دقيقين نسبياً في سنة 1333 هجري في طهران وقد تمّت ترجمة كتاب (فيه ما فيه) الى اللغة العربية وصدرت الترجمة عن دار الفكر في دمشق في عام 2002 للميلاد.
وقد خرجت هذه المخطوطة الى عالم الطبع. كما تمّت ترجمة كتاب المجالس السبعة الى اللغة العربية عن طبعة باللغة الفارسية صدرت في طهران بتحقيق الدكتور توفيق سبحاني.
وصدرت الترجمة العربية للمجالس السبعة عن دار الفكّر في دمشق في عام 2004، ولنا وإياكم عودة الى جلال الدين محمد، شاعر العرفان.
*******