البث المباشر

جلال الدين محمد -۱۷

الإثنين 17 يونيو 2019 - 14:15 بتوقيت طهران
جلال الدين محمد -۱۷

محطة مهمة في حياة الشاعر المولوي جلال الدين الرومي البلخي هي لقائه العارف شمس الدين مالك داد التبريزي الذي تعرفه الكتابات الادبية بشمس او شمس تبريز.
هذا العارف دخل في حياة الشاعر المولوي لفترة لم تدم طويلا، وكان من بعد مدة ان حصل الفراق بين مولانا وشمس، انه فراق الجسد عن الجسد، لكن لا نخال انه فراق الروح مع الروح، فحتي بعد ان قتل شمس بقي مولانا متاثرا بهذه الشخصية التي اعتبرتها بعض الكتابات في قوة تاثيرها كشخصية سقراط في بلاد الاغريق وما كان له من قوة تاثيرعلي تلاميذه ومريديه ولنا متابعة لهذا الحديث.
كعادته وما عرف عنه بشمس الطائر غادر شمس مدينة قونية في بلاد الروم الي مكان غير معلوم، وما ان وصل خبر سفر شمس الي تلاميذ المولوي حتي شعروا بالاغتباط ذلك انهم راوا ان كابوسا قد ازيح عنهم، كابوس كان يعذبهم لمدة 14 شهرا وحال بينهم وبين مرشدهم ومحبوب قلوبهم.
وحيث قد غادر شمس مدينتهم وترك شيخهم فان الأمل هو في العودة الي الماضي، العودة الي دروس الوعظ والتفسير والقرآن.
لكن خلافا لما كان يتصوره تلاميذ الرومي وقع خبرغيبة شمس علي مولانا وقع الصاعقة علي الجسم، حيث كانت مغادرة شمس لقونية كارثة عظيمة ألمت بجلال الدين.
لقد شعر مولانا انه اضاع الشمس في رابعة النهار، وكأنه وفي لحظة فقد الأمل في حياته والهدوء الذي كان ينساب الي قلبه. لم يكن مولانا ليحتمل فراق شمس، ذلك ان شمسا كان كل شيء بالنسبة له، كان عشقة وحياته وكل آماله.
واول رد فعل ابداه مولانا ازاء هذا الحدث كان السكوت، أجل لقد لزم مولانا السكوت. إلا إنه سكوت مفعم بالمرارة والإنزعاج، علي ان فجائية الحدث ومغادره شمس لمرح حياة مولانا من دون سابق إطلاع قد هزت حياته واثرت علي سلوكه. ما كان جلال الدين من بعد ذلك الحدث ليكلم احدا، انه كان يعلم ان اصحابه قد ضاقوا ذرعا بشمس فكان ان ترك قونية لهم وغادرها. اما جلال الدين فقد كان متألما بشدة، واذا لم يطلق بلسانه ما كان يخالج قلبه فان مكنونه كان ينبئ عن استياء من اصحابه وتلامذته ومريديه.
في كتابه من بلخ الي قونية الذي يتناول سيرة حياة جلال الدين الرومي والذي نقله الي العربية الدكتور عيسي علي العاكوب كتب بديع الزمان فروز انفر يقول:
استاد شمس الدين من الاقوال والافعال التي كانت تصدر من اهل قونية المتعصبين واصحاب مولانا الذين كانوا يسمونه ساحرا وتلا شمس قوله تعالي «قال هذا فراق بيني وبينك».
ولم توتر في شمس غزليات مولانا الحارة المليئة بالاشواق ولا اصراره وعشقة له وهكذا اخذ الرجل طريقه ومضي...
وقد جد مولانا في طلب شمس، وظل يبحث عنه قريبا من شهر، لكن لم يظهر له اثر وجاءه من بعد ذلك خبر يقول ان مطلع شمس هو دمشق الشام، وهكذا ارسل مولانا الرسالة اثر الرسالة، وبعث الرسول تلو الرسول، هذا وذكرت الكتب الأدبية اربع رسائل بعثها مولانا الي شمس وهي في الحقيقة اربعة غزليات كانت الأولى هي:

ايها النور في الفؤاد تعال

غاية الوجد والمراد تعال

انت تدري حياتنا بيديك

لا تضيق علي العباد تعال

يا سليمان، دار هدهد لك

فتفضل بالافتقاد تعال

استر العيب وابذل المعروف

هكذا عادة الجواد تعال

يا من باطني يقول لك تعالي

ويا من، من وجودك جاء الوجود تعال

انت كالشمس اذ دنت ونأت

يا قريبا علي العباد تعال

هذا ولنا معكم لقاء آخر وسيرة حياة جلال الدين محمد شاعرالعرفان.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة