قال إمامنا علي بن موسى الرضا- عليه السلام: "سرك أن تلقى الله عزوجل ولا ذنب عليك فزر الحسين – عليه السلام-...إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي وآله- صلى الله عليه وآله- فالعن قتلة الحسين".
إخوتنا وأحبّتنا المؤمنين الأكارم...السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نخاطب آل الله محمّداً وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليه وعليهم ما اختلف الّليل والنهار، فنقول لهم- كما في الزيارة الجامعة الكبيرة- للإمام عليّ الهادي عليه السلام: "كلامكم نور، وأمركم رشد، ووصيّتكم التقوى، وفعلكم الخير..."،وقد جاء الأئمّة الأبرار بأدعيةٍ وزيارات، وأذكارٍ وصلوات، هي نورٌ إلهيّ، وأمروا بالعبادات ومنها زيارة الإمام الحسين عليه السلام. وقد انطوت زياراتهم سلام الله عليهم لجدّهم الحسين الشهيد على مضامين عقائديّةٍ حقّةٍ راسخة، وإرشاداتٍ أخلاقيةٍ رفيعةٍ عالية، وتأكيدات لتوثيق العهود وتجديدها مع الإمامة بعد النبوّة الخاتمة، وإثاراتٍ عاطفيّةٍ إنسانيّةٍ روحيّة تجاه وليّ الله المظلوم، أبي عبد الله الحسين سيّد شباب أهل الجنّة...كلّ ذلك في عباراتٍ شريفةٍ تحمل التقديس والتبجيل، وأدب الخطاب الرفيع...مع الله تبارك وتعالى، ومع رسوله صلّى الله عليه وآله، ومع الإمام المزور صلوات الله وسلامه عليه.
ولمّا كان عرض المتون الشريفة لأهل البيت في أحاديثهم وخطاباتهم حول الإمام الحسين سلام الله عليه أمراً وسيعاً يفتقر إلى مجالاتٍ واسعة، اثرنا- أيّها الإخوة الأعزّة- أن نقف متأملين عند بعض النصوص المباركة، فهي نور تسعد القلوب باستشفافها، وتبتهج الأرواح في ذكرها.
إخوتنا الأكارم...عن (أمالي الصدوق) و(عيون أخبار الرضا عليه السلام) للصدوق أيضاً، روى الريّان بن شبيب أنّ الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام قال له: "يا ابن شبيب، إن كنت باكياً لشيءٍ فابك للحسين بن عليٍّ عليهما السلام...يا ابن شبيب، إن بكيت على الحسين عليه السلام حتّى تصير دموعك على خدّيك، غفر الله لك كلّ ذنبٍ أذنبته، صغيراً كان أو كبيراً. يا ابن شبيب، إن سرّك أن تلقى الله عزّوجلّ ولا ذنب عليك، فزر الحسين عليه السلام. يا ابن شبيب، إن سرّك أن تسكن الغرف المبنيّة في الجنةّ مع النبيّ صلّى الله عليه وآله، فالعن قتلة الحسين. يا ابن شبيب، إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين، فقل متى ما ذكرته: يا ليتني كنت معهم، فأفوز فوزاً عظيما. يا ابن شبيب، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان، فاحزن لحزننا، وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا"…
ويبلغ الإمام الهادي من تعلّقه وتوسّله إلى الله تعالى بجدّه الحسين الشهيد صلوات الله عليه أن يبعث أحد أصحابه إلى كربلاء ليدعوا له وينوب عنه في زيارةٍ شريفة لجده الحسين – عليه السلام-.
أعزاءنا المستمعين...وقد روى السيد الجليل علي بن طاووس في كتابه (جمال الإسبوع) نصوص زيارات المعصومين الأربعة عشر مقسمة على أيام الأسبوع، وجاء في زيارة يوم الإثنين قوله مخاطباً جده الحسين- عليه السلام -: "أنا يا مولاي مولىً لك ولآل بيتك سلمٌ لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم....".
وقد ورد نظائر هذه العبارة في معظم الزيارات الحسينية فما هو المراد منها؟ هذا السؤال عرضناه على سماحه (الشيخ جعفر العساف الباحث الاسلامي من لبنان) فأجابنا قائلاً:
الشيخ جعفر العساف: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين وعظم الله اجوركم واجور المسلمين بهذه الايام التي لازلنا نعيش فيها ذكرى الحسين عليه السلام واهل بيته واصحابه الابراربالنسبة الى ماسأتموه حول ما ورد في عدة زيارات للحسين عليه السلام التي تؤكد الزيارة "انا سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم" ان هذا المقصود به والله العالم ان الانسان الموالي لأهل البيت عليهم السلام ينبغي والمطيع لهم ان يكون معهم في كل مايفكرون به ويعملون من اجله لذلك المقصود ان يكون الانسان مع اهل البيت عليهم السلام وسلم لمن سالموه وحرب لمن حاربوه في العبادة والطاعة والفكر الذي يحملونه وليس المقصود فقط ان يكون الانسان محارباً لمن حاربوه بالقتال العسكري، نعم يمكن ان يكون الانسان بعيداً عن زمانهم ولم يكن معهم في ايام حربهم التي حاربوا فيها او التي قاتلوا فيها ولكن عندما يكون الانسان متوجهاً بنفس التوجه الذي كان يتوجه اليه البيت عليهم السلام ويكون بنفس المسار الذي ساروا عليه فان هذا يعني ان الانسان يسالم من سالموه ويحارب من حاربوه وكذلك لما نتبنى افكار اهل البيت عليهم السلام في من ارادوه وفي من احبوه وفي من دعوا اليه ايضاً نكون مسالمين لهؤلاء ونكون معهم اذن المراد بالسلم والحرب ليس فقط ان يكون الانسان معهم في معاركهم وحروبهم وانما يكون الانسان على نهجهم وهديهم وعلى فكرهم الذي ارادوا لهذه الامة ان يكونوا عليه.
نشكرسماحة (الشيخ جعفر العساف الباحث الاسلامي من لبنان) على هذه التوضيحات ونواصل أعزاءنا من إذاعة صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقديم هذه الحلقة من برنامج (الحسين في كلام المعصومين عليهم السلام).
ونبقى – أيّها الإخوة الأفاضل- مع السيّد ابن طاووس في كتابه (جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع) لنقرأ روايته عن عبد الله بن محمّد العابد أنّه سأل الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام أن يملي عليه الصلوات على النبيّ وأوصيائه عليه وعليهم السلام، فقال له: أكتب، فأملى عليه صلواتٍ سميّت بالصلوات الكبيرة، كان منها قوله سلام الله عليه "اللهم صلّ على الحسين بن عليٍّ المظلوم الشهيد، قتيل الكفرة، وطريح الفجرة. السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن أميرالمؤمنين، أشهد موقناً أنّك أمين الله وابن أمينه، قتلت مظلوما، ومضيت شهيدا...وأشهد انّك وفيت بعهد الله، وجاهدت في سبيل الله، وعبدت الله مخلصاً حتّى أتاك اليقين. لعن الله أمّةً قتلتك، ولعن الله أمّةً خذلتك، ولعن الله أمّةً ألبت عليك، وأبرأ إلى الله تعالى ممّن أكذبك، واستخفّ بحقّك واستحلّ دمك. بأبي أنت وأمّي يا أبا عبد الله، لعن الله قاتلك، ولعن الله خاذلك، ولعن الله من سمع واعيتك فلم يجبك ولم ينصرك، ولعن الله من سبى نساءك. أنا إلى الله منهم بريء، وممّن والاهم ومالأهم، وأعانهم عليه". وقد روي عن الإمام العسكريّ عليه السلام (كما في: المزار الكبير للمشهديّ) أنّه قال: "علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين-أي أربعين الحسين عليه السلام-،والتختّم باليمين، وتعفير الجبين،والجهر ببسم الله الرّحمن الرحيم".
أمّا الإمام المهديّ المنتظر صلوات الله عليه، فقد كانت له مواقف وحالات، وأدعيةٌ وزيارات، منها في دعائه الشريف المعروف بـ دعاء الندبة وفيه يقول: "أين الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء، أين الطالب بدم المقتول بكربلاء؟!".
وأمّا زيارات الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف يوم عاشوراء لجدّه الحسين وآل الحسين، وكذا أصحاب الحسين، في عباراتٍ مفجعةٍ تتفجّر لها القلوب حزناً، والعيون دموعاً سخيّةً ساخنة، يتعذّر علينا ذكرها في كلّ وقت، فهي تتلى يوم العاشر من المحرّم الحرام، حيث تتضمّن المصارع والمقاتل الأليمة، والمشاهد الرهيبة، والمواقف العجيبة...درّت من بيت القداسة فهي أولى أن تقدّس، فلا تقرأ إلاّ بأحزانٍ عميقة، وحالاتٍ ولائيّة رقيقة.
مستمعينا الأكارم:
إنتهى الوقت المخصص لهذه الحلقة من برنامج (الحسين في كلام المعصومين عليهم السلام) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران نختمها تبركاً بقراءة حديث مطلعها وهو:
قال إمامنا علي بن موسى الرضا- عليه السلام:
"إن سرك أن تلقى الله عزوجل ولا ذنب عليك فزر الحسين – عليه السلام-...إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي وآله- صلى الله عليه وآله- فألعن قتلة الحسين".