قال مولانا الامام باب الحوائج موسى بن جعفر عليه السلام:"من أتى قبر الحسين بن علي عليهما السلام بعرفة قلبه الله تعالى ثلج الصدر أبلج الوجه".
سلامٌ من الله عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمةٌ منه وبركات...أهلاً بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج.
في هذه الحلقة وهي الحادية والعشرون لنا وقفة تأملية في الحديث الشريف الذي تلوناه على أسماعكم آنفاً. ونقدم لها بالإشارة الى أن مصادرنا الروائية المعتبرة قد إشتملت على مئات الأحاديث الشريفة التي تحث المؤمنين على الإهتمام بأصل زيارة الإمام الحسين- عليه السلام- في كل زمان ومن قريب أو بعيد، كما إشتملت على عددٍ كبيرٍ من أحاديث أهل بيت النبوة التي تحث المؤمنين على الإهتمام أكثر بزيارته – صلوات الله عليه – في مناسبات معينة، أهمها ليلة عاشوراء ويومها ويوم الأربعين الذي عدت زيارة الحسين فيه من علامات المؤمنين كما ورد في حديث الإمام العسكري- عليه السلام-.
ومن هذه المناسبات مستمعينا الأفاضل يوم عرفة، فقد وردت بشأن زيارة الإمام الحسين – عليه السلام- فيه كثيرٌ من الأحاديث الشريفة، منها حديث إمامنا موسى الكاظم – صلوات الله عليه – والذي إفتتحنا به هذا اللقاء.
في هذا الحديث الشريف، يبين لنا الإمام الكاظم- عليه السلام- أثراً مهماً لزيارة الحسين – صلوات الله عليه – في يوم عرفة، وهو أثرها في تنوير قلب الزائر وإزالة الشكوك وتحصينه من الوساوس.
وهذا ما يظهر لنا من خلال التدبر في عبارات هذا الحديث الشريف.
يقول مولانا الإمام الكاظم – سلام الله عليه-: "من أتى قبر الحسين بن علي – عليهما السلام- بعرفة"، أي من زار المشهد الحسيني في يوم عرفة وهو التاسع من شهر ذي الحجة الحرام، (قلبه الله تعالى) أي أرجعه من هذه الزيارة (أثلج الصدر) أي بقلبٍ منعم بالطمأنينة والسكينة، و(أبلج الوجه) أي مبيض الوجه في إشارة الى نورانيته.
هذه الآثار المباركة هي المظهر العملي أوأحد المظاهر العملية لنظر الله عزوجل لزوار وليه سيد الشهداء – عليه السلام- في يوم عرفة كما صرحت بذلك أحاديث شريفة أخرى روتها المصادر المعتبرة عن أئمة العترة المحمدية- عليهم السلام-.
وقبل أن نشيرالى المستفاد من حديث مولانا الإمام الكاظم – عليه السلام-، نستمع الى ما يقوله ضيفنا الكريم سماحة (الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الاسلامي من السعودية) في تفسير ما ورد في الأحاديث الشريفة من أن الله عزوجل ينظر الى زوار أبي عبد الله الحسين – عليه السلام- يوم عرفة قبل نظره الى ضيوفه من حجاج بيته الحرام وهم يجتمعون في صحراء عرفات. نستمع معاً:
الشيخ ابراهيم الحجاب: هذا الحديث المبارك المروي عن رسول الله صلى الله عليه واله ربما المروي عن المعصومين صلوات الله عليهم اجمعين، هناك احاديث تتابعت كثيرة في مفهوم هذا الجانب كالحديث المأثور عن المعصومين مضمونه "من لم يستطع ان يعرف في عرفة فليعرف عند الحسين" نلاحظ يوم عرفة يوم عظيم وصعيد عرفة، لاحظوا "الحج عرفة" وصعيد عرفة صعيد مبارك ومنطقة عرفة منطقة مباركة، الله عزوجل يشفع لمن كان في ذلك اليوم بل اكثر من ذلك تحت منه الذنوب، يغفر الله له ما تقدم من ذنبه وماتأخر، وماتأخر الا كبعض الذنوب كما نص وورد عن الائمة المعصومين. في هذا اليوم يوم غفران الذنوب الله عزوجل له محبة خاصة وبالطبع من كان في عرفة يختلف عمن كان في بيته ومن كان مثلاً في بلده يختلف عمن كان عند الحسين سلام الله عليه لأن الله عزوجل اعطى لزوار الحسين، لعشاق الحسين خصوصية كما ذكرتم وجاء في هذا الحديث المبارك، لماذا هذه الخصوصية؟ لأن الحسين سلام الله عليه هذا الذي وهب نفسه ووهب كل مايملك لأعلاء كلمة الله عزوجل "ان كان دين محمد لايستقم الا بقتلي فياسيوف خذيني" اخذته السيوف وبقيت تلك الدماء الزكية رمزاً للسمو ورمزاً للرفعة ورمزاً للتقرب الى الله عزوجل وكل من يهوى الحسين لابد ان تكون له مكانة خاصة "حسين مني وانا من حسين" "احب الله من احب حسيناً" فبما ان الله عزوجل احب من احب الحسين فلابد ان يميزه بأمتيازات ولابد ان يعيطه امتيازات خاصة من جملة هذه الامتيازات هي ان الله ينظر له قبل ان ينظر الى العباد، لماذا؟ لأن النظرة الى عباد الله، جاءوا يتضرعون لله وهم يمتلكون حباً لله بلاشك ولاريب، يلتمسون الرحمة من الله عزوجل ولكن زوار الحسين جاءوا وهم يمتلكون حباً لله وهذا الحب تعمق في اعماقهم ووصل الى العشق وتفجر الى عشق الحسين "احب الله من احب حسيناً" لأن الحسين هو الطريق الذي يسلكه الانسان من خلال حبه لله عزوجل فهكذا اعطى الله عزوجل زوار الحسين مرتبة خاصة ومنزلة خاصة ومكانة خاصة لأنهم بدأوا في طريق العشق الالهي عزوجل، في طريق السمو في هذا العشق العظيم وهو عشق الله الذي منه يصلون الى تلك الباب الذي هو باب الله فهم وصلوا من باب الله عزوجل عن طريق عشقهم للحسين سلام الله عليه الذي يمثل رمز الحب لله عزوجل.
نشكر سماحة (الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الاسلامي من السعودية) على هذه التوضيحات، ونتابع أعزاءنا من إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقديم حلقة اليوم من برنامج (الحسين في كلام المعصومين عليهم السلام).
ونعود أحباءنا الى حديث مولانا باب الحوائج موسى الكاظم – عليه السلام- وهو يبين المحور العام لبركات وآثار زيارة الإمام الحسين – عليه السلام- في يوم عرفة… وقد شرحنا إجمالا عبارات هذا الحديث الشريف فنعمد الآن الى بعض التفصيل لها ضمن النقاط التالية:
أولاً: قال الإمام الكاظم – عليه السلام-: (من أتى قبر الحسين)، وفي ذلك إشارة الى أهمية زيارة الإمام الحسين – عليه السلام – في مشهده المبارك وأن ما ورد من فضل زيارته من بعيد هو لمن لم يقدر على الذهاب لمشهده لعلة أو أخرى... ثانيا: جاء في الحديث الكاظمي الشريف (قلبه الله تعالى)، وفي ذلك إشارة الى تولي الله عزوجل لأمور الزائر وتكفله له وهو عزوجل نعم المولى ونعم النصير.
وعليه يكون هذا التولي الإلهي هو الفوز الأكبروالأصل الذي تأتي البركات الأخرى كفرعٍ له.
ثالثاً: وقال مولانا الكاظم – عليه السلام- (قلبه الله تعالى أثلج الصدر).
وهذه إشارة الى الإرتياح الروحي الذي يحصل للزائر ببركة سيد الشهداء – عليه السلام- في هذا اليوم.
وهذا الإرتياح ناتج لثقته بقضاء الله حوائجه وقبول زيارته، أولزوال الشكوك والوساوس من قلبه والإنفتاح على مراتب المعرفة الإلهية النقية.
رابعاً: أما بالنسبة لقول مولانا الكاظم – عليه السلام- (أبلج الوجه) ففيه إشارة الى آثار هذه النظرة الإلهية الكريمة لزائر الحسين – عليه السلام- والتي تتجلى في النورانية الإيمانية في الدنيا والآخرة. رزقنا الله وإياكم زيارة الحسين وشفاعته – عليه السلام- في الدنيا والآخرة.
وها نحن نصل بعون الله أعزاءنا الى ختام الحلقة الحادية والعشرين من برنامج (الحسين في كلام المعصومين عليهم السلام) استمعتم لها من صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، نودعكم بتلاوة حديث هذه الحلقة وهو: "من أتى قبر الحسين بن علي عليهما السلام بعرفة قلبه الله تعالى ثلج الصدر أبلج الوجه".