قال رسول الله – صلى الله عليه وآله -: "أيها الناس، هذا الحسين بن علي، فاعرفوه وفضلوه كما فضله الله ".
بسم الله الرحمن الرحيم… الحمد لله غاية الحمد، وأشرف صلواته على الرسول المؤيد، المصطفى محمد، وعلى آله أولي العلى والسؤدد.
إخوتنا المؤمنين الأفاضل، حياكم الله وطابت أوقاتكم.
روى الخزاز القمي الرازي في كتابه (كفاية الأثر)، والحر العاملي في كتابه (إثبات الهداة)، ونقل ذلك العلامة المجلسي في موسوعته الحديثية (بحار الأنوار) أن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل على ابنته الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام، فناولته ابنها الحسين عليه السلام، فأخذه ولفه في خرقة بيضاء ثم قال لها: "خذيه يا فاطمة، فإنه الإمام وأبو الأئمة، تسعة من صلبه أئمة أبرار، والتاسع قائمهم".
وروى الخطيب الحنفي الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السلام بإسناده عن سلمان المحمدي، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وإذا بالحسين على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ويقول له: "إنك سيد ابن سيد أبو سادة، إمام ابن إمام أبو أئمة، إنك حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم".
مستمعينا الأفاضل.. في حديث الكساء المبارك المروي عن مولاتنا الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء – عليها السلام – نقرأ أن رسول الله – صلى الله عليه وآله – يخاطب سبطه الشهيد بقوله: (يا شافع أمتي) وهنا نسأل ما هي خصوصية شفاعة الإمام الحسين – عليه السلام – بحيث يصفه جده المصطفى – صلى الله عليه وآله – بأنه شافع أمته؟ الإجابة عن هذا السؤال نستمع لها من سماحة (الشيخ علي حسن غلوم الباحث الاسلامي من الكويت) كونوا معنا:
غلوم: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم عظم الله اجورنا واجوركم في هذه الذكرى العظيمة على قلوبنا، ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام وانصاره من اهل بيته واصحابه.
بداية لابد من التنويه الى وجود فارق حساس بين ان نقول ان الامام الحسين عليه السلام انما استشهد من اجل ان ينال مقام الشفاعة الكبرى وبالتالي لينقذ شيعته ومحبيه في الاخرة وبين ان نقول ان للامام الحسين مقام الشفاعة، يعني احدهم كتب ان الامام الحسين قد ارتضى الحسين عليه السلام مصير الشهادة من اجل نيل منصب الشفاعة الكبرى التي من خلالها يخلص جميع الموالين والمحبين وهذه درجة لاينالها الا بأستشهاده لأن معاصي الامة والشفاعة لها متوقف على مسيل الدم وبروز الالم، اقول هذه المقولة غير دقيقة ولافرق بينها وبين مايطرحه المسيحيون من ان السيد المسيح عليه السلام رضي بأن يصلب ويتحمل العذابات التي الحقت به حال الصلب من اجل ان يفتدي به المؤمنون في الاخرة وهو مايعرف بعقيدة فداء المسيح، نحن كمسلمين ننكر على المسيحيين هذا الكلام فكيف نقع في نفس الخطأ من جديد؟ من هنا اقول مع التأكيد على الايمان بأصل الشفاعة في الاخرة وان الحسين عليه السلام من اهم الشفعاء الا ان هذا شيء وكون ان الامام الحسين قد استشهد من اجل ان ينال مقام الشفاعة هذا شيء اخر.
الحقيقة ما نبه اليه السيد ابو القاسم الكاشاني الفقيه المجاهد رحمة الله عليه الذي ثار في وجه شاه ايران في منتصف القرن العشرين ذكر هذه القضية في سنة ۱۹٤۷ ميلادية، مواكب حسينية توجهت الى منزله وكانت الاوضاع في حالة ثورة على النظام القائم آنذاك بما يعرف بثورة مصدق والخ، في ذلك الظرف الزمني تحدث السيد الكاشاني قال: ياايها السادة، يامن تجمهر من اجل العزاء، هل تعلمون لماذا استشهد الحسين بن علي عليهما السلام؟ ان مايقال في حصر تلك الغاية بالشفاعة للامة عار عن الصحة، انه عليه السلام عدو لمن ينحرف عن هدفه المقدس ولايتورع عن هتك حرم الاسلام فهل لهذه المنابر اثر للحد من فواحش المدينة، لقد اراد الحسين القضاء على الظلم المستفحل في المجتمع وتعليم الجميع درس الشهادة، الشهامة والتضحية، كان ينهى الناس عن الانصياع للظلم والجور والتواني في احقاق الحق طرفة عين ابداً، لقد اختار الشهادة للحد من اوضاع مشابهه لما نحن فيه هذه الايام ولو كنا عملنا بمفهوم التضحية الحسيني لما عشنا هذه الظروف القاسية ابداً.
اذن نقول ان القرآن الكريم اكد على اصل الشفاعة بعد ان نفاها عمن لايرتضيهم ممن كان الجاهليون يدعون لهم ذلك مثل الاصنام التي كانوا يعبدونها فجاءت الايات القرآنية من اجل ان تصحح الامر من جهتين، من اجل التأكيد ان الشفاعة له سبحانه يضعها حيث يشاء وفق معايير معينة وحين تتوفر صفات وشروط محددة في الشفيع. قال سبحانه في سورة طه "يومئذ لاتنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قوله" من جهة اخرى ان المشفع فيهم لابد ان يبلغوا مرتبة ينالون من خلالها رضى الله سبحانه ثم يؤذن الله بأن يشفع فيهم لمحو بعض الذنوب او لرفع المقام في الجنة لذا قال الله سبحانه وتعالى في سورة الانبياء"ولايشفعون الا لمن ارتضى" وجاء عن الصادق عليه السلام "ان شفاعتهم لاتنال مستخفاً بصلاته" على سبيل المثال. ولو قلب الدنيا الانسان لما وجد شفعاء افضل من محمد وال محمد عليهم السلام تقوى وزهداً وورعاً وعلماً وتضحية وذوباناً في ذات الله عزوجل، اهل البيت عليهم السلام هم بحق افضل الشفعاء لذا يتوجه المؤمنون بقلوب خاشعة وبنيات صادقة الى الله تعالى ليأذن للامام الذي احبوه وهو الامام الحسين عليه السلام، الذي احبوه لوجه الله، للامام الذي تعلقت قلوبهم بنهضته المباركة، للامام الذي طالما ذرفوا الدموع الصادقة لأستشهاده كي يكون الشفيع لهم في يوم تزل فيه الاقدام، يفر المرء فيه من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه، في ذلك اليوم تتعلق قلوب المؤمنين بأمل شفاعة سيد الشهداء الذي لن ينكر لمحبيه المتمسكين بدين الله والسائرين على نهجه في الايمان والتقوى والعمل الصالح والتضحية من اجل الاسلام، لن ينسى لهم حبهم النقي ودموعهم الحارة وآهاتهم الوالهه. اللهم ارزقنا شفاعة الحسين عليه السلام يوم الورود وثبت لنا قدم صدق عندك مع الحسين واصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام والسلام عليكم.
كانت هذه توضيحات سماحة (الشيخ علي حسن غلوم الباحث الاسلامي من الكويت) لوصف النبي الأكرم لسيد الشهداء بأنه – عليه السلام – شافع أمته – صلى الله عليه وآله – فشكرا له وشكرا لكم أيها الأحبة على طيب متابعتكم لهذه الحلقة من برنامج (الحسين في كلام المعصومين عليهم السلام) تستمعون له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.
وهنا - إخوتنا الأحبة الأعزة – يلفتنا الحديث النبوي الشريف إلى موضوع السيادة التي اختصها الله جل وعلا بأشرف بيت نبوي طاهر زاك، هو بيت الوحي والرسالة، حيث نزل فيه أقدس كتاب سماوي، بأكمل دين رباني، على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، وقد ضم ذلك البيت النير عليا سيد الوصيين، والصديقة الطاهرة الزهراء سيدة نساء العالمين، من الأولين والآخرين، وكذا ضم السبطين الطاهرين سيدي شباب أهل الجنة أجمعين، صلوات الله وسلامه عليهم من الآن إلى قيام يوم الدين.
وقد روى الترمذي في صحيحه وابن حنبل في مسنده، وابن ماجة في سننه، والحاكم في مستدركه، وأبو نعيم في (حلية الأولياء)، والخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد)، والعسقلاني الشافعي في (الإصابة)، والمتقي الهندي في (كنز العمال).. وغيرهم، عن الصحابي المعروف أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة". وكم كان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يؤكد خصائص وريثه أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه وأفضلياته، وما يترتب بذلك من تكاليف تقع على عاتق المسلمين كل زمان، وفي كل مكان، وهي غدا من محاور حساب يوم القيامة، ومن أسباب دخول الجنان، أو الورود على النيران… روى البغدادي في (تاريخ بغداد) عن ابن عباس قول رسول الله صلى الله عليه وآله: "لما عرج بي إلى السماء... رأيت على باب الجنة مكتوبا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي حب الله، والحسن والحسين صفوة الله، فاطمة خيرة الله، على مبغضهم لعنة الله".
وها نحن نصل أعزائنا مستمعي صوت الجمهورية الإسلامية في إيران إلى ختام حلقة أخرى من برنامج (الحسين في كلام المعصومين عليهم السلام) ومسك ختامه الذي نودعكم به هو الكلام المحمدي الذي بدأنا به اللقاء وهو: قال سيد المرسلين – صلى الله عليه وآله –: "هذا الحسين بن علي فأعرفوه وفضلوه كما فضله الله".