البث المباشر

اهم المصاديق لأستجابة دعوات الامام الحسين عليه السلام لطلب النصرة في يوم عاشوراء

الأربعاء 29 مايو 2019 - 12:10 بتوقيت طهران

"بأبي أنت وأمي ونفسي يا أبا عبد الله، صلي الله عليك عدد ما في علم الله، لبيك داعي الله، إنكان لم يجبك بدني عند استغاثتك، ولساني عند استنصارك، فقد اجابك قلبي وسمعي وبصري، أشهد أنك أمرت بالقسط والعدل ودعوت اليهما، وأنك صادق صديق، صدقت فيما دعوت إليه، وأشهد أنك بلغت عن الله، وعن جدك رسول الله، وعن أبيك أمير المؤمنين، وعن أخيك الحسن، ونصحت وجاهدت في سبيل ربك، وعبدت الله مخلصاً حتي أتاك اليقين، فجزاك الله خير جزاء السابقين، وصلي الله عليك وسلم تسليماً".
رجل حكيم، بل من سادة الحكماء الالهيين، كالحسين (عليه السلام)، لابد ان تكون له بياناته الشريفة أهداف مقدسة، ولعل في مقدمتها أن يدعو صلوات الله عليه القلوب والضمائر، والابدان والنفوس، والاراء والاهواء جميعاً. يدعوها الي التسليم لأمر الله جل وعلا إذا قضي الله أمراً، في أي زمان، وأي مكان، مهما اشتد الحال وصعب الامكان. وقد حانت التجربة الممتحنة في عهد سبط المصطفي أبي عبد الله الحسين، فأين أهل الصدق والايمان الحق؟! ومن سيتقدم ليثبت انه علي نهج القرآن الكريم، وعهد رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وقد خاطب الله تعالي حبيبه المصطفي قائلا له: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا». (النساء، ۱٦٥)
وجاء عن النبي (صلي الله عليه وآله) قوله: "يا عباد الله، أنتم كالمرضي، ورب العالمين كالطبيب، فصلاح المرضي فيما يعلمه الطبيب وتدبيره به، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه، ألا فسلموا لله أمره تكونوا من الفائزين".
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) روي قوله: "الدين شجرة، أصلها التسليم والرضي".
وقوله: "الاسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الاقرار، والاقرار هو الاداء، والاداء هو العمل".
وسئل الامام الصادق (عليه السلام): بأي شيء علم المؤمن أنه مؤمن؟
فقال: "بالتسليم لله، والرضي بما ورد عليه من سرور وسخط".
أجل، ليصبح الناس صادقين إذا دعوا قائلين: "اللهم نشهدك أنا ندين بما دان به محمد وآل محمد صلي الله عليه وعليهم، وقولنا ما قالوا، وديننا مادانوا به، ما قالوا به قلنا، وما دانوا به دنا، وما أنكروا أنكرنا، ومن والوا والينا، ومن عادوا عادينا، ومن لعنوا لعنّا، ومن تبرؤا منه تبرأنا منه، ومن ترحّموا عليه ترحّمنا عليه، آمنا وسلّمنا ورضينا، واتّبَعنا موالينا، صلوات الله عليهم".
نعم، أين ابناء الامة من هذا كله وقد تسلّط عليهم يزيد الذي توافدت في روايات المسلمين ذمّهُ على لسان النبي وتعريفه انه قاتل الحسين (عليه السلام)، وطالما تأوه منه وحذر (صلى الله عليه وآله وسلم) من اسرته وما سيكون على يديها من جرائم عظمى في حق اهل البيت (عليه السلام). ثم أين ابناء الأمة بعد ذلك من نهضة سبط المصطفى سيد شباب اهل الجنة الحسين بن علي، وقد توافرت مئات الاحاديث النبوية الشريفة في فضائله ومناقبه ومنازله الرفيعة، ودوّنتها كتب المسلمين على اختلاف المشارب، وتعدد المذاهب؟! أين هم، وأين تلبيتهم، وقد سمعوا البيانات الحسينية في الخطب والحوارات، وفي المناظرات والاحتجاجات، تحمل الدعوة النبوية، مقرونه بالدلائل الشرعيه! وماذا كانت اجوبتهم قبال الاستنصارات الحسينية المتكررة، تدعوهم الى نصرة الحق وقمع الباطل، وانقاذ المعروف وكشف المنكر والدفاع عن حرمات الاسلام، ودحض الجاهلية الجديدة؟!

*******

المحاور: ونلاحظ في كلام الامام الحسين (عليه السلام) طوال حركته المقدسه تكرر دعواته لنصرته (عليه السلام) وقد عرفنا في الحلقة السابقه من برنامجكم هذا (البيان الحسيني) ان هذه الدعوات موجهه للمسلمين بمختلف اجيالهم وعصورهم. فما هي اهم المصاديق لأستجابة هذه الدعوات؟ عن هذا السؤال يجيبنا سماحة الشيخ حسن التريكي مدير مركز الثقلين والباحث الاسلامي من لندن:
الشيخ حسن التريكي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين عظم الله اجورنا واجوركم بمصابنا سيدنا ومولانا الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه والصفوة الطاهرة من اهل بيته الطاهرين واصحابه الاكرمين.
اطلق الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه دعوة في ذلك اليوم في يوم عاشوراء لنصرته، اطلق تلك الدعوة «هل من ناصر ينصرنا» هذه الدعوة قد يفهم منها من يقرأ التاريخ انها دعوة آنية تقترن بلحظة اطلاق تلك الدعوة ولكن هذا الفهم ليس كاملاً وهو قاصر لأن معركة كربلاء، من يقرأ هذه المعركة ببصيرة واعية يدرك ان هذه المعركة لم تكن معركة آنية حدثت في لحظة في ساعة في يوم معين هو العاشر من المحرم في عام ٦۱ للهجرة، هذه المعركة كانت مفتوحة منذ اليوم الاول الذي وجد فيه الانسان على وجه هذه الارض ونزل آدم (عليه السلام) الى هذه الارض وفتح باب الصراع بين الحق والباطل وبين الخير والشر ابتدأت كربلاء ومرت كربلاء عبر ادوار عبر تاريخ الانبياء (عليهم السلام) جميعاً حيث كان كل نبي من الانبياء يعيش معركة كربلاء ضد الطاغوت وضد الظلم وضد الشر الذي كان يتجسد بالظالمين في كل زمان ومكان ولكن قمة هذه المعركة واعلى درجات هذا الصراع تجسد في تلك اللحظة التي حدثت يوم عاشوراء بحيث برز الايمان المتجسد بالامام الحسين (عليه السلام) وبرز الخير المتجسد بالامام الحسين (عليه السلام) واصحابه القلة المؤمنة وبرز الحق المتجسد بالامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه والثلة المؤمنة من اصحابه ضد الباطل الذي تجسد وتركز في يزيد واصحاب يزيد بحيث ان هؤلاء يدعون الى الله سبحانه وتعالى ويدافعون عن دين الله سبحانه وتعالى واولئك يدعون الى الطاغوت ويدعون الى الظلم والى الشر ولهذا كانت هذه المعركة هي مرحلة حاسمة في هذا الصراع الطويل الذي ابتدأ مع الانبياء واستمر ولهذا عندما اطلق الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه تلك الدعوة هذه الدعوة ايضاً كانت مفتوحة كما كانت كربلاء ايضاً معركة مفتوحة، اطلق هذه الدعوة لتنطلق عبر التاريخ وتنطلق الى اللحظة التي كان فيها والى المستقبل الذي استشرفه الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه بأن الصراع سيستمر وان كانت هذه المرحلة وهذه المعركة معركة حاسمة ولكن الصراع صراع الحسين مع يزيد سيستمر لأنه في كل زمان سيكون هناك حسيناً وفي كل زمان سيكون هناك يزيداً، في كل زمان سيكون من يدافع عن الحق ويدافع عن الخير ويدافع عن الحرية وهناك من يتبنى الباطل ويدافع عن الشر ومن يدافع عن الاستبداد ولهذا هذه الدعوة «هل من ناصر ينصرنا» هي دعوة مفتوحة لكل انسان مؤمن ليس فقط مسلم انما كل انسان مؤمن يؤمن بضميره ويؤمن بفكره ويؤمن بحريته المجال مفتوح امامه ان ينصر الحق وينصر الخير وينصر الحرية في كل زمان ومكان لهذا الدعوة كما كانت مفتوحة لمن عاصر الامام الحسين هي مفتوحة لنا اليوم ان نكون مع الحق الذي من اجله استشهد الامام الحسين ونكون مع الخير الذي من اجله ضحى الامام الحسين ونكون مع الحرية التي من اجلها قدم الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه واصحابه ارواحهم فداء لتلك المبادئ والقيم السامية ولهذا رأينا الكثير من الاحرار في العالم ليس فقط من المسلمين تعلموا من درس الامام الحسين وثاروا على نهج الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه وحققوا الانتصار كما نسمع ونقرأ هذا القول المنسوب الى محرر الهند المهاتما غاندي عندما يقول: «تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوماً فأنتصر» لأنه فهم دعوة الامام الحسين ودرس نهج الامام الحسين (عليه السلام) فأستفاد من هذا الدرس وحقق الانتصار وجاء بالحرية الى شعبه في الهند وهكذا كل حر في العالم اليوم يستطيع ان يكون من انصار الامام الحسين ومن باب اولى ان نقول نحن ايضاً من انصار الامام الحسين لأننا نستطيع ان ننصر الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه على مستوانا النفسي الذاتي، نستطيع ان ننتصر للحسين في داخلنا، لنكون حسينيين من الداخل، نستطيع ان ننتصر وننصر الامام الحسين في اسرنا وفي بيوتنا، في اولادنا، في اخواننا، في اخواتنا، ان نكون حسينيين وان نكون على نهج الحسين ونستطيع ان ننتصر وننصر الامام الحسين في مجتمعاتنا ونستطيع ان ننتصر وننصر الامام الحسين على المستوى العالمي عندما ندافع عن قيم الحق وقيم الخير وقيم الحرية اينما وجدت. نسأل الله سبحانه وتعالى ان يثبتنا على نهج الامام الحسين وان يجعلنا من انصاره في الدنيا وان يجعلنا ممن تشملهم شفاعة الحسين في الاخرة وان يثبت لنا قدم صدق مع الحسين واصحاب الحسين والحمد لله رب العالمين.

*******

أن الامام الحسين (عليه السلام) لم يكن في دعوته الناس الى الالتحاق بركبه الشريف، ان يصنع منهم جيشاً جراراً لينتصر به، ابداً وهو العارف الذي كان يرى التاريخ من وراء الغيب، وينبأ انه المقتول في ارض الطف: «كأني باوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا».
ولكن كان الامام الحسين (عليه السلام) وهو الملبّي لدعوة الحق اهداف الهية، منها انتشال الدين من مخالب المحرفين، وقد انتبه لذلك المفكر الالماني (ماربين) فكتب في مؤلفه (السياسة الاسلامية) يقول: «ان حركة الحسين في خروجه على يزيد، انما كانت عزمة قلب كبير، عز عليه الاذعان، وعز عليه النصر العاجل، فخرج بأهله وذويه ذلك الخروج الذي يبلغ به النصر الآجل بعد موته، ويحيي به قضية مخذولة ليس لها بغير ذلك حياة».
وكأن هذا الكاتب قد فهم ما روي من قول الامام الحسين في دعوته الشريفة: «من لحق بي استشهد، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح»ولكن ايُّ فتح ذاك وقد تقدم الامام ببشارته ان من يلحق به يستشهد! لابد ان نتوقع ان الامر كان يؤول الى الفتح الرضواني، وفيه مرضاة الله تعالى وهو القائل عز من قائل: «وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ». (التوبة، ۷۲)
اذاً فهناك الى جنب الفتح الرضواني، فتح جناني، فيه النعيم الدائم، وكذا هنالك فتح رحماني، فيها رحمات ربانيه تترى، وشرف يناله الملبون لدعوة الحسين واستنصاره، والمتجاوبون مع بياناته وخطاباته وقد اتم على الناس الحجة البالغة، حتى لبى عدد من النصارى فانضمّوا الى ركبه، وتشرّفوا بصحبته ونصرته وطاعته والشهادة بين يديه، فوقف على جثمانهم يؤبنهم ويقدمهم الى الله تعالى قرابين حق، ليُدفنوا الى جنبه، ويزاروا على مدة السنين والقرون بزيارات الائمة المعصومين صلوات الله عليهم اجمعين ولم تكن في بيانات سيد الشهداء (عليه السلام) دعوة الى قتل وقتال وحرب ونزال، انما كانت دعوة الى بيان الحقائق، وامتثالاً لامر الله جل وعلا، واحياءً للدين واصلاحاً لحال الأمة وامراً بالمعروف ونهياً عن المنكر وتثبيتاً للحجة ورفضا للظلم مهما استشرى بشجاعةٍ باصرة وعزةٍ نبويةٍ فاخرة.
فنادى (عليه السلام) صادعاً: "اني لا ارى الموت الا سعادة، والحياة مع الظالمين الّا برما".
اي الا سأماً وضجراً، اما الموت فهو السعادة اذا كان في طاعة الله عزوجل، وكان على الحق والعزة والكرامة وبعد جهادٍ ناصرٍ للدين ومدافعٍ غيور عن حرماته، حينذاك يكون الموت شهادة، والشهادة حياة فاضلة سعيدة، واشرف اسمى لا يلقـّاه الا خاصة اولياء الله ومن كان صابراً وذا حظ عظيم. وكان الحسين (سلام الله عليه) يعطي ولا يزال ببياناته ومواقفه اجلّ دروس الاباء، في مقطع زماني حساس من حياة الامة التي تهاوت يومها على ابواب الطواغيت ساجدةً بجبهات المهانة والمسكنة، فقدّم الامام الحسين (سلام الله عليه) مثالاً اعلى يتأسى به في الشجاعة الحكيمة الغيورة المضحية، المقدمة بلا تردد، والماضية الى مرضاة الله وعلى حب الله، لا تصبر على عيشٍ ذليل، وقد روي عنه (عليه السلام) قوله:

أذُل ّالحياة وذل الممات

وكلاًّ اراه طعاما وبيلا

فأن كان لابد احداهما

فسيري الى الموت سيراً جميلاً

كما روي عنه انه قال منشئاً:

فان تكن الدنيا تُعَدُّ نفيسةً

فأن ثوابَ اللهِ اعلى وانبلُ

وان تكن الابدانُ للموتِ اُنشأِتْ

فقتلُ امريءٍ بالسيف في الله افضلُ

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة