البث المباشر

تأكيدات مشددة بأنتماء الامام الحسين الي أهل بيت النبوة (عليهم السلام)

الأربعاء 29 مايو 2019 - 11:26 بتوقيت طهران

السّلامُ عليك يا ابنَ رسولِ الله، السّلامُ عليك يا ابنَ أميرالمؤمنين، السّلامُ عليك يا أبا عبدِ الله، السلام عليك يا سيّد شبابِ أهلِ الجنّة، ورحمةُ اللهِ وبركاتُه. السّلامُ عليك يا أمينَ الله، وحجّة الله، وبابَ الله، والدليلَ علي الله، والداعيَ إلي الله. أشهدُ أنّك قد حلَّلتَ حلالَ الله، وحرّمتَ حرامَ الله، وأقمتَ الصلاة، وآتيتَ الزكاة، وأمرتَ بالمعروف ونهيتَ عنِ المنكر، ودَعوتَ إلي سبيلِ ربّك بالحكمةِ والموعظة الحسنة.
السلامُ عليكم ورحمة اللهِ وبركاته، آجَرَكم اللهُ تعالي وآجرنا في مصابنا بشهادة المولي أبي عبد الله الحسين الذي خرج من موطنه في المدينة طلباً للإصلاح في أُمّةِ جدّه المصطفي (صليّ الله عليه وآله)، آمراً بالمعروفِ ناهياً عن المنكر، فاستنصَرَ الأُمّة، لا لينقذوه من القتل وهو الذي بشّر بشهادته، ونعي نفسَه لأهله وأصحابِه وخاصّته، بل ليُنقذوا أنفسَهم من المسؤولية التي سيُحاسبون عليها غداً، أو سيرونَ نتائجها عماّ قليل إذا خذلوا وليَّ الله، ولم يستجيبوا لداعي الله؛ ولهذا دُعيت الأجيالُ جميعاً فيما بعد إلي التلبية في زيارتها للإمام الحسين (عليه السلام)، فيقول الزائر بعد السلام عليه: (لبّيك داعيَ الله) ويكرّرها سبعاً.
ثمّ يقول: (إن كان لم يُجِبك بدني عندَ استغاثتِك، ولساني عندَ استنصارِك، فَقَد أجابَك قلبي وسمعي وبصري ورأيي وهَواي)، أجَلَ، فَلَئِن كان رسولُ الله (صليّ الله عليه وآله) الداعيَ الأوّل، دعا إلي الإسلام، فأهل البيت همُ الداعي التالي بعده، دَعَوا إلي الإيمان والاعتقادِ بالإمام الحقّ، فلابُدَّ من إجابتهم في زمانهم وبعد شهادتهم، إجابةَ القلب بالحبِّ والولاء، وإجابةَ السّمعِ بسماعِ أقوالِهم ومصائبهم، وإجابةَ البَصَر في النظر في سيرتهم والبكاءِ عليهم، وإجابةَ الرأي والهوي بحبِّ عَمَلِ من أجابَهم، والاستعدادِ لنُصرتهم بالأيدي والألسن والهمم الغيورة المدافعةِ عنهم، صلواتُ اللهِ عليهِم.

*******

المحاور: قد لاحظنا في الحلقات السابقة أن عدة من كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) بشأن ملحمته القدسية كان تشتمل علي تأكيدات مشددة بأنتمائِهِ الي أهل بيت النبوة (عليهم السلام) فما هو السر في ذلك؟
نستمع للاجابة عن هذا السؤال من سماحة السيد كامل الهاشمي الباحث الاسلامي من البحرين:
السيد كامل الهاشمي: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين.
تأكيد الامام الحسين (عليه السلام) او بالاحرى ابرازه وتذكيره للمسلمين بحقيقة انتماءه لأهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام وكونه خامس اصحاب الكساء وكونه حفيد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكونه السبط الثاني وكونه سيد شباب اهل الجنة مع اخيه الحسن عليهما افضل الصلاة والسلام، هذه التأكيدات والابرازات والتذكيرات انما استهدف منها الامام الحسين يعني مارس دور الرسول الذي يذكر الناس بنسيان الرسالة يعني نحن نعرف ان الرسالة كمضمون وكمحتوى هو شيء موجود في فطرة الانسان وفي داخله وكما بعث الله الانبياء كما يقول الامير عليه افضل الصلاة والسلام والد الحسين (عليهما السلام)، كما يقول:«انما بعث الله الانبياء ليثيروا دفائن العقول ويذكرونهم منسي نعمته» يعني نعمة الله عزوجل فكذلك الامام الحسين (عليه السلام) قبل خوضه المواجهة والصراع الذي فرض عليه وسيق اليه قسراً اراد ان لا يذهب الى الحرب من دون اجراء عملية تذكير لربما هناك بعض النفوس الغافلة او المتغافلة عن هذه الحقيقة الكبيرة والعظمى وهي كون الامام الحسين (عليه السلام) من البيت المطهر الذي طهره الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز حينما قال: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»وانه سبط الرسول وانه سيد شباب اهل الجنة، اراد ان يذكر بعض الناس الذين ربما العلاقات السياسية والاجتماعية الجديدة فرضت عليهم نمطاً من التفكير ينسون من خلاله الحقائق التي كانت ثابتة ومثبتة من قبل الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) فأراد الحسين ان لا يذهب في معركة ومواجهة مسلحة ومباشرة قبل ان يلقي الحجة على القوم ولذلك كان يشير بعدة اشارات الهدف منها في الواقع ليس الا التذكير والتنبيه وليس اثبات هذه الحقائق لأنها حقائق ثابتة ولا يمكن لمسلم لمجرد ان يعرف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يمكن لمسلم ان لايعرف رسول الله في نفس الوقت سيعرف من هي البنت الوحيدة لرسول الله، سيعرف احفاد الرسول واولاد الرسول، سيعرف وزج البتول من يكون، هذه الحقائق في المجتمع المسلم من بعد ارتحال الرسول ربما حاول البعض ان يجعلها في الذاكرة الخلفية، ان يعطيها شيء من الضبابية، الامام الحسين استهدف ان يعيد هذه الحقائق الى المقدمة والى الصدارة وان يذكر الناس بموقعه النسبي وبأرتباطه برسول الله كجسد وكنسب وان كان هذا ليس هو الشيء الوحيد وانما الامام الحسين (عليه السلام) ايضاً يرتبط برسول الله في كون الرسالة التي اداها والدور الذي قام به عليه افضل الصلاة والسلام هو تتميم وهو ايضاح لمنهج الرسول وفي هذا السياق نعي كلمة الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما قال: «حسين مني وانا من حسين» فالبدأ في هذه الكلمة بالحسين والختم بالحسين والرسول الاكرم هو الذي بدأ منه الحسين ولذلك من الطبيعي ان تنتهي ثورة الحسين الى ان تكون ثورة في خدمة الثورة الكبرى التي جاء بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وان تتواصل معها وان تكون مجرد انعكاس وتذكير بهذه الثورة الكبرى التي احيت النفوس والتي اخرجت الناس من ظلمات الجاهلية الى نور الاسلام.

*******

كتب الشيخ جعفر التُّستري (رضوان الله عليه): إنّ التلبيات السبعة (أي في زيارة سيّدالشهداء (عليه السلام)) هي إجاباتٌ سبعٌ لاستنصاراتٍ سبعةٍ وقعَت من الحسين (عليه السلام):
الاستنصارُ الأوّل: في مكة المعظمّة حينَ أراد الرحيل عنها، استنصر ثمّ قال: (من كان باذلاً مهجتَه فينا، وموطّناً علي لقاءِ اللهِ نفسَه، فليرحَل معنا، فإنّي راحلٌ مُصبحاً إن شاء الله).
الاستنصارُ الثاني: خارجَ مكة، استنصر العبادلةَ الأربعة: عبدَ اللهِ بنَ عباّس، وعبدَ اللهِ بنَ جعفر، وعبد الله بن الزبير، وعبدَ اللهِ بنَ عمر.
الاستنصارُ الثالث: في الطريق من مكةَ إلي كربلاء، كان (عليه السلام) يستنصر مَن يلقاه؛ لإتمام الحُجّة علي الناس، وكان استنصارُه تارةً بخطابه المباشر، وتارة عن طريق رُسُلِه، ولما علِم الناسُ قلّةَ متابعيه أخذوا بالاعتذارعن نُصرته. فكانت تلك الحالةُ من أعظم مصائبهِ (عليه السلام)، حتيّ أنّ المتردّدين كانوا يرَونه في طريقه إلي كربلاء فيتنكبون ويعدلون عنه جانباً.
الاستنصارُ الرابع: استنصارُه بإرسال كتابٍ إلي أعيانِ أهل البصرة.
الخامس: استنصارُه أشرافَ الكوفة، إلي سليمانَ ابنِ صُرَد الخُزاعيّ والمُسيّبِ بن نجبَة ورُفاعةَ بن شدّاد وعبد الله بنِ وال، وجماعةٍ من المؤمنين، وقد جاء في كتابه الشريف قولُه (عليه السلام): أماّ بعد، فَقدَ علِمتُم أنّ رسولَ الله (صليّ الله عليه وآله) قال في حياته: (من رأي سُلطاناً جائراً، مستحلّاً لحُرَم الله، ناكثاً لعهدِ الله، مخالفاً لسُنّةِ رسول الله، يعملُ في عبادِ اللهِ بالإثم والعدوان، ثمّ لم يُغيّربقولٍ ولا فعل، كان حقيقاً علي اللهِ أن يُدخلَه مُدخَلَه).
وقد علمتُم أنّ هؤلاءِ القومَ قد لَزموا طاعة الشيطان، وتولَّوا عن طاعة الرحمان، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرامَ اللهِ وحرّموا حلالَ الله، وإنّي أحقُّ بهذا الأمر؛ لقرابتي من رسول الله (صليّ الله عليه وآله)، وقد أتتني كتبُكم، وقَدِمَت عليّ رُسُلُكم ببيعتِكم أنّكم لا تُسلِموني، ولا تخذلوني، فإن وفيتُم ببيعتكم فقد أصبتُم حظّكم ورُشدَكم، ونفسي مع أنفسِكم، وأهلي ووُلدي مع أهاليكم وأولادكم، فلَكم بي أُسوة وإن لم تفعلوا ونقضتُم عهودَكم، وخَلَعتُم بيعتَكم، فَلَعَمري ما هيَ منكم بنُكر، لقد فعلتُموها بأبي وأخي وابنِ عمّي، والمغرورُ منِ اغترّبكم، فحظّكم أخطأتمُ، ونصيبَكم ضيّعتـُم، ومن نَكثَ فإنّما ينكثُ علي نفسِه، وسيُغني اللهُ عنكم، والسلام.
إنّ البيانَ الحسينيّ هو نداءُ الله تبارك وتعالي إلي هذه الأمّة عن طريق وليّه، وكانت غريبةً بيانات الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد نعي فيها نفسَه مراراً، واستنصر يدعو إلي القتال وليس في استنصاره أيُّ إشارةٍ إلي مُلك أو سلطان، بل كان يُشير إلي لقاءِ الله تعالي، طالباً من أبناء الأمّة أن ينتزعوا أنفسَهم من علائق الدنيا المُذلّة، ويوطّنوا أنفسَهم علي تحمّل المسؤولية التاريخيّة في ظرفٍ لا يتكرّر بعد اليوم أبداً، كما كان (سلامُ اللهِ عليه) يُحذّر من الغدر والخُذلان، وترك النُّصرة، فاستنصرالأمّةَ لنفسها وشرفها وكرامتها وآخرتها، وإلاّ فهو (سلامُ اللهِ عليه) راحلٌ إلي الله تعالي بدمائه، والشهداء الأبرار من أهل بيته وأصحابِه، لم يُرِد أن يصحبُه أهلُ الدنيا ولا أصحابُ القلوب المتردّدة، فالمسير سلوك إلي الله تعالي في أبلغ رحلةٍ يتقدّمها وليُّ الله، والركبُ مقدّس متّجهٌ إلي الله جلّ وعلا، والهدف فقط مرضاة الله سبحانه.
وأماّ الاستنصارالسادس: الذي ذكره الشيخ التُّستريّ رحمه الله في (الخصائص الحسينيّة)، فهو استنصار الحسين (عليه السلام) من جاؤوا لقتاله، فأتمّ عليهم الحجّة بالغة تقطع عليهم كلَّ عذر، وترفض منهم كلَّ اعتذار، ثمّ استنصاره السابع في كربلاء حين حوصِر فيها، فبلغ الخيلُ والرجال ثلاثين ألفاً حالوا بينه وبين الماء، وهكذا كانت منهم الغدرة، والوقعةُ المُنكرة.

نكثوا عهودَ ابنِ النبيّ، وأوثقوا

لابنِ الدَّعيّ عُهودَ من لا ينكثُ

بعثوا إليه بكتبِـهِم، فأتاهُـمُ

فَتناكروه، كأنّهم لـم يبعثـُوا

كم جرّعوه بكربلاء مصائبـاً

شنعاء، كلُّ فمٍ بهـنّ يُحدّثُ

أجل .. وكانت بعد الوقعة، فجعة.. فجعةٌ

عظمي علي يد أهل الغدر والخيانة!

سدَّ المسامـعَ من أنبائِهِم خَبـَرُ

لا ينقضي حُزنُه أو ينقضي العُمُر

ما حلّ بالآل في يومِ الطّفوفِ وما

في كربلاءَ جري من معشرٍ غدروا

قد بايعوا السّبط طوعاً منهُم ورضيً

وسيّروا صُحُفاً بالنصرِ تبتدرُ

أقبِل فإناّ جميعاً شيعةٌ تَبَـعٌ

وكلُّنا ناصـرٌ .. والكلُّ منتصرُ

لا رأي للناسِ إلاّ فيك، فأتِ ولا

تخشَ اختلافاً، ففيك الأمرُ منحصرُ

وأثـّموه إذا لم يأتهِم، فأتـي

قوماً لبيعتـهم بالنَّكثِ قد خفروا

فعادَ نصرُهُم خذلاً، وخذلُهُم

قتلاً له بسيوفٍ للعِدي ادّخَروا

يا ويلَهُم من رسولِ الله .. كم ذبحوا

وُلداً له، وكريماتٍ له أسروا!

ما ظنُّهم برسولِ اللهِ لو نَظَرت

عيناهُ ما صَنعوا لو أنّهم نظروا!

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة