عادة يَختلِفُ مستوى الأفرادِ الذينَ يَتحدَّثونَ إليك، وغالباً ما يَكون ُهذا الاختلافُ مُرتبطاً بالمعرفةِ والتحليلِ، أو بطريقةِ التعبيرِ.
ولكنْ هناكَ شريحةٌ من المجتمعِ يَمتلكُ مُعظمُ أفرادِها القُدرةَ على التحدُّثِ الجيدِ لأَنَّهم يَعرفونَ جمهورَهم جيداً.
بِرأيكَ، منْ هي هذه الشريحة؟
دَعني أُساعدُكَ قليلاً.
عادةً ما تَتَعاملُ مع شرائحَ مختلفةٍ من المجتمع بحسبِ احتياجاتِكَ اليوميةِ. رُبَّما تَتَعاملُ مع الأطباءِ، وبالطبعِ أَتمَنّى ألّا تَضطرَ إلى ذلك إلّا نادراً، رُبّما مرةً أو مرتينِ في السنة. ومعَ الخياطينَ قد يكونُ التَعاملُ أكثرَ بقليل.
ولكنْ المجموعةُ التي أَقصِدُها هي تلكَ التي قَضَيْتَ معها أفضلَ أيامِ حياتِكَ تقريباً – رُبَّما كلَ يوم – ودائماً ما تَظَلُ مُمْتَنّاً لهم لكلِ ما تَعلَّمْتَه منهُم.
نعم، صحيح ما خَطرَ بِبالكَ! إنَّها شريحة المعلمين.
المُعلِّمُ بفَضلِ عِلمِه ومَعرفتِه، والأهمُ من ذلك صبرِه وحسنِ خُلْقِه، يُمكنُ أنْ يَكونَ أفضلَ رَفيقٍ لكَ في الحصولِ على إجاباتٍ لأَسئلَتِكَ واحتياجاتِكَ.
إنَّ طريقةَ التعبيرِ واختيارِ الكلماتِ فنٌ يُتقِنُه المُعلّمُ، وبفضلِ خِبرتِه، يُمكنُه إيصالُكَ إلى هدفِك المنشودِ، وهو العلمُ والمعرفةُ، في وقتٍ أقلَ وبِطريقةٍ أفضلَ.
هناكَ حديثٌ جميلٌ يُشيرُ إلى أنَّ الناسَ يَنقَسِمونَ إلى مجموعتينِ: معلِّمٌ أو مُتَعلِّمٌ. وهذا الحديثُ وحدُه يوَضِّحُ مدى أهميةِ المُعلِّمِ.
إذا كُنتَ موافِقاً، أَوَدُّ أنْ أتَحدَّثَ معكَ عن شخصٍ يَنتَمي إلى هذه الشريحةِ بالذات. لقد كانَتْ له مكانةٌ مرموقةٌ لدرجةِ أنَّ يوماً من أيامِ التقويمِ الإيراني سُمي بـ"يوم المعلم" تخليداً لِذكراه. إنَّه الشهيد "مرتضى مطهري".
عندما أدرَكَ السَطحيونَ والمُنافِقونَ عُمقَ تأثيرِ خُطَبِه وكلماتِه، قرَّروا التَخلُصَ منه. الكُلُّ يَعرفُ الإمام الخميني (قدس سره)، الذي قالَ عن الشهيدِ مطهري: "جميعُ آثارِه وخُطبِه قابلةٌ للاستفادةِ ".
كما قالَ العلامةُ الطباطبائي، صاحبُ كتابِ تَفسيرِ "الميزان"، بعدَ استشهادِه:
"عندما كانَ يأتي إليَّ، كانتْ تُساوِرُني منْ شِدَّةِ الفرحِ حالةٌ تُشبِه النَّشوةَ والبَهجةَ".
كانَ الشهيدُ مطهري، يَعرِضُ الموضوعاتِ الإسلاميةَ للشبابِ بأسلوبِ المُعلِّمِ وبِطريقةٍ مَفهومةٍ قابلةٍ للنشرِ. كانَ يواكِبُ احتياجاتِ العصرِ والظروفَ الاجتماعيةَ الجديدةَ، ويَصقُلُ ويُصنِّفُ أسئلةَ الشبابِ حولَ المعارف الإسلامية، ويَتَعَمَّقُ في القضايا المطروحةِ في الأسئلةِ، ثمَّ يُقَدِّمُ الإجاباتِ الجذريةَ عن تلك الأسئلةِ.
كانتْ مَقاعدُ وقاعاتُ محاضراتِ الطلابِ في الجامعاتِ والمساجدِ دائماً ما تَمتَلئُ بالمُتعطشينَ للمعارفِ الإسلاميةِ، ليَرويهِمُ أستاذٌ ذو بصيرةٍ ووعي بجُرُعاتٍ هاديةٍ من معارفِ الإسلام.
وبعدَ فترةٍ قصيرةٍ من الثورة الإسلامية وبفعْلٍ جبانٍ قامَ به العدوُ باغتيالِ الأستاذِ مطهري ووَّجه ضربةً مؤثرةً للثورةِ الإسلاميةِ الإيرانيةِ، لكنَّ مؤلفاتِه لا تَزالُ نوراً يَهدي إلى النورِ والحريةِ.
في الفترةِ الأخيرةِ، تَمكَّنتْ مجموعةٌ من الباحثينَ وأساتذةِ الجامعاتِ من اختيارِ أهمِ القضايا التي تَناولَها الشهيدُ مطهري في حياتِه المباركةِ، وقاموا بِجمعِها في سلسلةٍ فاخرةٍ من أربعينَ مجلداً.
الخصائصُ الفريدةُ لهذه المجموعةِ في الشكلِ والمحتوى، يمكن ان تساعد القراءُ من معرفةِ القضايا الإسلامية وتَطبيقِها على القضايا المعاصرةِ.
سأَذكُرُ هذه الخصائصَ في هذا الجزءِ: أولاً، الشكل:
* المجموعةُ تَتكوَّنُ من أربعينَ مجلداً بحجمِ مُتقارِبٍ تقريباً؛ كلُ مجلدٍ حوالَي مئةِ صفحةٍ، وتصميمُ الغلافِ بسيطٌ ومُعبِّرٌ جداً.
* حجمُ الكتابِ صغير يُساعدُ على حملِ كلِّ مجلدٍ بسهولة باليد وقراءتِه في فتراتِ الاستراحةِ من الأعمالِ اليوميةِ أو أوقاتِ الفراغ. ثانيًا، المحتوى:
* يَتناولُ كلُّ كتابٍ من كتبِ الشهيد مطهري موضوعاً مُستقلاً بذاتِه
* للاختصارِ في المحتوى، تَمَّ التركيزُ على الانتقاءِ والتلخيص.
* وللحفاظِ على الأمانةِ العلميةِ، فإنَّ تَدخُّلَ الكاتبِ اقتصرَ على الاقتباسِ والتلخيصِ والتوفيقِ.
* كلُّ كتابٍ له بناءٌ موحَدٌ إلى جانبِ تقسيمٍ جديدٍ وجذابٍ لفصولِ الكتابِ.
* تَستَندُ جميعُ الموادِ إلى الأعمالِ المكتوبةِ للشهيد مطهري بدقةٍ.
* توجَدُ إحالاتٌ مفيدةٌ لمزيدٍ من المعلوماتِ حسبَ الحاجةِ.
* تمَّ تقديمُ توضيحاتِ الكاتبِ بشكلٍ منفصلٍ عن النصِ، سواءٌ في المقدمةِ أو في الخاتمةِ.
* يوجدُ لكلِّ كتابٍ تقريباً باحثٌ مستقلٌ؛ وهؤلاءُ الباحثونَ هم أساتذةٌ جامعيونَ أو علماءُ في الحوزةِ العلميةِ.
* تمَّ تجميعُ المحتوى بحيث يؤدي إلى فهمٍ شاملٍ وسريعٍ ومُبَوَّبٍ.
* بفضلِ الإدارةِ المُوحَّدةِ في التجميعِ والتأليفِ، تمَّ مراعاةُ الرقابةِ الدقيقةِ والذوقِ الأدبي المتناسقِ للترجمةِ أيضاً.
ترجمةُ أفكارِ الشهيد مطهري تَتطلبُ اكتشافَ مرادِفاتٍ دقيقةِ للمفرداتِ والعباراتِ الاصطلاحيةِ؛ وعلى الرُّغمِ من التَّحدي الذي واجَهَه المترجمونَ في أعمالٍ مشابهةٍ، إلّا أنَّ هذه المجموعةَ تتَمَيَّزُ بالدقةِ والجودةِ في الترجمةِ.
* والنقطةُ الأخيرةُ هي أنَّ الناشرَ العربيَ لهذه السلسلةِ العلميةِ والثقافيةِ إكتسبَ المرجعيةَ في تقديمِ أعمالِ الشهيد مطهري، التي تُفيدُ القارئَ والناشرَ معاً من حيثُ الحجمُ والسعرُ وكثرةُ الموضوعات.
تمَّ تأليفُ وتدوينُ هذه المجموعةِ المُكونةِ من أربعينَ مجلدًا في معهدِ بحوثِ الثقافةِ والفكرِ الإسلامي، وقامتْ دار الحضارة الإسلامية في لبنان بتَرجمتِها وطباعتِها. تَرجمتْ هذه المجموعةَ السيدةُ "فاطمة صفي الدين"، وقد اختارتْ اسمَ "مصابيحُ الحكمة" لهذه المجموعةِ القَيِّمةِ.
على سبيلِ المثال، أُشيرُ إلى أحدِ الكُتبِ بعنوان "التربيةُ في الإسلام".
في هذا الكتابِ، تمَّ بيانُ أهميةِ التربية الإسلامية وتنميةِ المواهبِ بناءً على الفطرة الإنسانية، وتَناولَ العواملَ المؤثرةَ في نموِ الأفرادِ والتحكُّمِ بهم في الأسرة والمجتمع.
يَتضمَّنُ الكتابُ ثلاثةً وثمانينَ موضوعاً مهماً ورئيساً، بمقدِمةٍ بسيطةٍ وموجزةٍ لقراءةٍ مفيدةٍ.
نقدم لكم هنا أبرز الكتب الإيرانية التي تكون متاحة "بين يديك" للشراء والقراءة
يمكنكم شراء سلسلةُ كتاب " مصابيحُ الحكمةِ " عبر:
https://arabicbook.ir/product/2557319
+
https://dar-alhadarah.com/book/178/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85