مولد الزهراء للإيمان عيد

كل من والي بذاكراه سعيد

ذكريات الفجر في مطلعه

تتجلي ولنا فيه عهود

مولد الزهراء في موكبه

يتهادي وبه الماضي يعود

إستطالت قمم المجد بها

فهي أمٌ للكرامات ولودٌ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسعد الله أيامكم بهذا اليوم الخالد ذكري مولد مولاتنا الصديقة الطاهرة فاطمة الزكية (عليها السلام) يسرنا أن نلتقيكم أحباءنا بهذه المناسبة السعيد وهذه الحلقة الخاصة من برنامج أيام خالدة ضمن الفقرات التالية:
- روائية عن يوم المولد الفاطمي عنوانها: وسجد النبي شكراً لله
- وفقرة روائية أخري عنوانها: الشمائل الفاطمية
- ثم فقرة عن معاني أسمائها وألقابها (عليها السلام)
- تليه قصة الولادة الفاطمية طبق ما روته صحاح الروايات الشريفة
- وتتخلل البرنامج اشعار في مدح أم الاصفياء الزهراء (عليها السلام)

*******

نبدأ أحباءنا بأولي فقرات البرنامج وعنوانها هو:

وسجد النبي شكراً لله

روي عن إمامينا الباقر والصادق (عليهما السلام) بأسانيد معتبرة قالا: ولدت فاطمة (عليها السلام) في جمادي الآخرة اليوم العشرين منه سنة خمسين وأربعين من مولد النبي (صلي الله عليه وآله) فأقامت بمكة ثمان سنين وبالمدينة عشر سنين وبعد وفاة أبيها خمساً وتسعين يوماً وقبضت في جمادي الآخرة يوم الثلاثاء لثلاثٍ خلون منه سنة إحدي عشرة من الهجرة.
فهذا اليوم هو من أيام الله الخالدة المباركة التي يعد تعظيمها والإحتفاء بها من تعظيم شعائر الله وحسن التقرب اليه جل جلاله.
قال الشيخ المفيد في كتاب حدائق الرياض عن هذا اليوم: وهو يوم شريف يتجدد فيه سرور المؤمنين ويستحب صيامه والتطوع فيه بالخيرات والصدقة علي اهل الأيمان. يعني شكراً لله علي نعمة وجود صفية الله الزهراء (سلام الله عليها) وقال السيد ابن طاووس في كتاب الإقبال: ويستحب زيارتها (عليها السلام) في هذا اليوم.
ولا غرو ان يكون يوم مولد الزهراء (عليها السلام) يوم شكر لله عزوجل ففي ذلك عمل بالسنة المحمدية الطاهرة كما نص علي ذلك مؤرخو الفريقين وقد نقله الكاتب المصري محمد بيومي في كتابه فاطمة الزهراء قال: (وما أن عرف رسول الله بولادتها حتي سجد لله تعالي شكراً وقد ألهم بأنه سيكون منها سلالته وعترته فكانت أحب ولده إليه وأقرهم لعينه).
ويضيف محمد بيومي قائلاً: وقد كان النبي قد بشر بمولدها قبل أن تولد، فقد روي أنه (صلي الله عليه وآله) قال لزوجه خديجة: يا خديجة هذا جبرئيل يبشرني أنها أنثي، وإنها النسمة الطاهرة الميمونة وأن الله سيجعل نسلي منها، وسيجعل من نسلها أئمة من الأمة ويجعلهم خلفاء في أرضه.

صلي الاله علي البتول وآلها

من تخضع الأملاك عند جلالها

الطهر فاطمة سليلة أحمد

من يشرق الاعجاز في أقوالها

ما قورنت شمس الضحي بسنائها

الا تسامت رفعة بكمالها

هي شعلة من أحمدٍ وضاءة

والشمس تمنح ضوءها لهلالها

*******

ماذا أحدث عنك يا أبنة أحمد

ومثيل فضلك في الوري لم يشهد

أم الأئمة والمصابيح التي

شع الزمان بنورها المتوقد

ماذا أحدث عن أبيك وقد أتي

لما ولدت بلهفة المتوجد

حباً لوجهك لاثماً متشوقاً

حباً ترعرع من قديم سرمدي

و تماثل النوران نوراً واحداً

من كوكبٍ متفردٍ متجرد

فكأن صورة أحمدٍ في فاطمٍ

وكأن صورة فاطمٍ في أحمد

وبهذه الأبيات لشاعر الولاء الإستاذ علي حمدان الرياحي.

*******

والفقرة التالية يشير الي موضوعها البيت الأخير من الأبيات المتقدمة وهو:

فكأن صورة أحمدٍ في فاطمٍ

وكأن صورة فاطمٍ في أحمد

الشمائل الفاطمية

أجمعت روايات مصادر المسلمين كافة أن الصديقة الزهراء (عليها السلام) هي أشبه الخلق خلقاً وخلقاً بسيد الخلائق أجمعين محمد (صلي الله عليه وآله).
ففي كتابي البخاري ومسلم واللفظ للثاني مسنداً عن عائشة زوجة النبي (صلي الله عليه وآله) قالت: كن أزواج النبي عنده لم يغادر منهن واحده، فأقبلت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله شيئاً، فلما رآها رحب بها فقال مرحباً بأبنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو شماله.
وعنها أيضاً في سنن الترمذي قالت: ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ولا هدياً برسول الله في قيامها وقعودها من فاطمة وكانت إذا دخلت علي رسول الله قام اليها فقبلها وأجلها في مجلسه وكان النبي اذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها.
واخرج ابن سعد في كتاب الطبقات عن أم سلمة قالت: كانت فاطمة أشبه الناس وجهاً برسول الله (صلي الله عليه وآله).
وفي حديث آخر قالت أم سلمة: تزوجني رسول الله وفوض أمر إبنته فاطمة إليّ فكنت أؤدبها وأدلها فكانت والله أدب مني وأعرف بالأشياء كلها.
والأحاديث والروايات الشريفة بهذه المعاني كثيرة وهي تفسر شدة حب رسول الله (صلي الله عليه وآله) لبضعته الزهراء، فهو لا شك الذي لا يحب ولا يكره ولا ينطق عن الهوي، ولذلك فإن حبه الشديد للصديقة الكبري ناشئ عما كان يراه فيها من الفضائل والكمالات وصدق الإيمان والعبودية.
إن شبه فاطمة برسول الله (صلي الله عليه وآله) أكبر وأوسع من الشبه المادي والظاهري، فقد شابهته في عبادتها وفي صدقها وفي رأفتها بالمؤمنين وحرصها علي صالح العباد وفي منطقها وجميع شؤونها.
ولذلك كانت (سلام الله عليها) مثلاً أعلي للشخصية الإلهية الكاملة. قال الكاتب المعروف عباس محمود العقاد.
في كل دينٍ صورة للأنوثة الكاملة المقدسة، يتخشع بتقديسها المؤمنون، كأنما هي آية فيما خلق الله من ذكر وأنثي.
وإذا تقدست في المسيحية صورة مريم العذراء، ففي الإسلام - ولا جرم - تتقدس صورة فاطمة البتول.

نسب المسيح بني لمريم سيرة

بقيت علي طول المدي ذكراها

والنجم يشرق من ثلاث مطالع

في مهد فاطمةٍ فما أعلاها

هي بنت من، هي زوج من، هي أم من

من ذا يداني في الفخار أباها

هي ومضة من نور عين المصطفي

هادي الشعوب اذا تروم هداها

هو رحمة للعالمين وكعبة الآمال

في الدنيا وفي آخراها

من أيقظ الفطر النيام بروحه

وكأنه بعد البلي أحياها

ولزوج فاطمة بسورة هل أتي

تاجٌ يفوق الشمس عند ضحاها

وبهذه الأبيات في مدح الزهراء (عليها السلام) وهي من إنشاء الشاعر الفيلسوف محمد إقبال اللاهوري.

*******

كونوا معنا والفقرة التالية وعنوانها هو:

أسماءٌ من الله

من خصائص مولاتنا فاطمة (سلام الله عليها) تعدد أسمائها وألقابها التي سمّاها بها الله عزوجل بياناً لفضلها وسمو منزلتها: قال مولانا الإمام الصادق (عليه السلام):
لفاطمة (عليها السلام) تسعة أسماء عند الله عزوجل: فاطمة والصديقة والمباركة والطاهرة والزكية والحورية والرضية والمحدثةوالزهراء.
كما رويت في كثير من المصادر المعتبرة عدة أحاديث شريفة عن النبي وائمة عترته (عليهم السلام) تفسر معاني هذه الأسماء، فذكرت أن الله سماها فاطمة لأنها فطمت عن الشر، ولأن الله فطم بمحبتها شيعتها من النار، وهذا هو المروي من طرف الفريقين عن رسول الله (صلي الله عليه وآله). وهو الصادق الأمين.
أما عن إسم الزهراء فهو من الزهرة أي البياض المنير المشرق وهو أحسن الألوان، وسميت فاطمة (عليها السلام) بالزهراء لبياض وجهها وإشراق لونها وكمال حسنها وبهجتها فقد كانت أشبه الخلق بأبيها (صلي الله عليه وآله).
هذا في الجانب المادي الظاهر أما في الجانب الملكوتي فإن لها (عليها السلام) زهرة وإشراقاً من مرتبة إسمي، فقد نقل علماء السنة والشيعة عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأئمة عترته (عليهم السلام) قالوا: إنها (عليها السلام) كانت إذا قامت في محرابها يزهو نورها لأهل السماء كما يزهو نور الكواكب لأهل الأرض، وروي أنها (عليها السلام) سميت الزهراء لأن الله عزوجل خلقها من نور عظمته، وأنه قد حدث نورٌ زاهر في السماء عند ولادتها لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم وبذلك لقبت الزهراء، كما نقل ذلك الكاتب المصري محمد بيومي.
أما لقب الصديقة فهي يشير الي شدة تصديقها بالله ورسوله (صلي الله عليه وآله) وبالتالي عظمة إيمانها وعبادتها، كما أن فيه إشارة الي شمولية صدقها القولي والعملي.
ونجد في روايات المصادر المعتبرة عند جميع فرق المسلمين تفسيراً واضحاً للقب المحدثة من الألقاب الفاطمية، فقد روي أن الملائكة كانت تهبط من السماء وتناديها كما كنت مريم (عليها السلام) ويحدثها روح القدس.
كما لقبت (عليها السلام) البتول لإنقطاعها الي الله عزوجل من جهة ولانقطاعها أي تمايزها عن نساء العالمين فضلاً وديناً.
وقد فسر رسول الله الصادق الأمين (صلي الله عليه وآله) لقب الحورية أو الحوراء الإنسية في أحاديث كثيرة روتها مصادر الفريقين قال فيها: فاطمة حوراء إنسية خلقها الله من نوره إنها ليست كأحدٍ منكن إنها تحفة رب العالمين وتحيته.
ومن ألقابها الأخري (سلام الله عليها) الحانية أي المشفقة علي زوجها وأولادها وشيعتها ولذلك كانت تدعو عامة ليلها للمؤمنين والمؤمنين ولا تدعو لنفسها، إضافة الي لقبها المشهور الذي لقبه به أبوها الصادق الأمين (صلي الله عليه وآله) وهو لقب: سيدة نساء العالمين.
أما عن كناها (سلام الله عليها) فأشهرها الكنية المعبرة عن شدة محبتها ورعايتها لأبيها المصطفي (صلي الله عليه وآله) وهي كنية (أم أبيها).
كما عرفت بكني أخري مثل: أم الأئمة، وأم الحسن وكان نقش خاتمها هو: أمن المتوكلون.
وكل هذه الأسماء والألقاب والكني آياتٌ ناطقة بسمو منزلة سيدة نساء العالمين الصديقة الشهيدة فاطمة صلي الله عليها وعلي أبيها وبعلها وبنيها.

سادت نساء العالمين بفضلها

وبطهرها وفخارها ومقالها

هي شعلة للحق ناطقة به

يزهو الهدي بيمينها وشمالها

الكوثر العذب الطهور بنطقها

نبع الهدي ينساب من سلسالها

شبه الرسول شمائلاً وخلائقاً

ما مريم في الفضل من أمثالها

*******

وإني الذي والي النبي وآله

همو قدوتي دنياً همو عدتي أخري

رجالهم خير الرجال مكانة

كفاني بهم عزاً كفاني بهم فخراً

وإن عدّ غيري في المفاخر نسوة

كفاني إذا ما قلت فاطمة الزهرا

لئن سادت العذراء نسوة عصرها

فقد سادت الزهراء في قدرها العصرا

فحدّث عن الزهراء بضعة أحمد

ومن كانت الآيات في حقها تترا

ألم تك أماً للنبي وكوثراً

وكان رسول الله يوصي بها خيرا

وبهذه الأبيات للأديب بدر.

*******

تمهيد إلهي للولادة المباركة

رويت في كثير من المصادر المعتبرة عند جميع فرق المسلمين روايات عدة تعرفنا بكريم منزلة الصديقة الطاهرة فاطمة الزكية (سلام الله عليها) من خلال ذكر الدور الإلهي الخاص في ولادتها وأن وجودها المادي تشكل من ثمار الجنة وبكيفية خاصة.
فقد روي علماء أهل السنة - كما في كتاب إحقاق الحق - أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) كان يكثر تقبيل بضعته الطاهرة (عليها السلام) فسألته إحدي زوجاته عن ذلك فقال: إن جبرئيل ليلة أسري بي أدخلني الجنة فأطعمني من جميع ثمارها، فصار ماءً في صلبي فحملت خديجة بفاطمة، فإذا إشتقت لتلك الثمار قبلت فاطمة فأصبت من رائحتها جميع تلك الثمار.
وتصرح الروايات الشريفة المروية في مصادر الفريقين أيضاً أن التمهيد لولادة صفية الله الزهراء (سلام الله عليها) جاء بأمر إلهي للنبي الأكرم (صلي الله عليه وآله) أن يعتزل مولاتنا أم المؤمنين خديجة (سلام الله عليها) أربعين يوماً يتفرغ فيها للصوم والصلاة والتهجد، فإلتزم بذلك في بيت عمه أبي طالب (عليه السلام)، وكان كل طعامه خلالها من رزق إلهي خاص وقد تمت هذه الدورة التعبدية الخاصة ليلة الثالث والعشرين رمضان أي ليلة القدر الكبري، عاد بعدها الي منزلة وزوجته أم المؤمنين خديجة، فكان مبدأ حملها بالصديقة الكبري ليلة الجمعة ليلة الرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك.
وقد صحت الروايات من طرق الفريقين بأنها (عليها السلام) كانت تحدث وهي جنينٌ وتؤنسها وتصبرها علي الأذي الذي كانت تتحمله من نساء قريش. وقد دخل عليها رسول الله (صلي الله عليه وآله) فسمع خديجة تحدثها فسألها: يا خديجة من تحدثين؟
فقالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني.
فقال: يا خديجة هذا جبرئيل يبشرني أنها أنثي وأنها النسلة الطاهرة الميمونة وأن الله تبارك وتعالي سيجعل نسلي منها، وسيجعل من نسلها أئمة ويجعلهم خلفاءه في أرضه بعد إنقضاء وحيه.
وكانت ولادتها (عليها السلام) في دار مولاتنا خديجة التي كانت بالقرب من المسجد الحرام قبل أن تطالها أيدي التخريب مؤخراً. وقد عرفت هذه الدار فيما بعد (بمولد فاطمة) تعبيراً عن كرامة هذه الوليدة الطاهرة قال صاحب السيرة الحلبية: دار خديجة التي يقال لها مولد فاطمة رضي الله عنها هي الآن مسجد يصلي فيه وهي أفضل موضع بمكة بعد المسجد الحرام وإشتهر بمولد فاطمة لشرفها (عليها السلام).

حبيبة خير الرسل ما بين أهله

يقبلها شوقاً ويوسعها بشراً

ومهما لريح الجنة إشتاق شمها

فينشق منها ذلك العطر والبشرا

إذا هي في المحراب قامت فنورها

بزهرته يحكي لاهل السما الزهرا

وإنسية حوراء فالحور كلها

وصائفها يعددن خدمتها فخرا

لقد خصصها الباري بغر مناقب

تجلت وجلت أن نطيق لها حصرا

وقد فرض الرحمان في الذكر ودها

وللمصطفي كانت مودتها أجرا

وزوجها فوق السما من أمينه

عليٌ فزادت فوق مفخرها فخرا

وكان شهود العقد سكان عرشه

وكان جنان الخلد منه لها مهرا

فلم ترض الا أن يشفعها بمن

تحب فأعطاها الشفاعة في الآخري

*******