يا بن النبي المصطفي ووصيه
وابن الهداة السادة الأمناء
أناؤوك بغياً عن مرابع طيبة
وقلوبهم ملأي من الشحناء
كم حاولوا إنقاص قدرك فأعتلي
رغماً لأعلي قمة العلياء
فقضيت بينهم غريباً نائياً
بأبي فديتك من غريبٍ نائي
قاسيت ما قاسيت فيهم صابراً
لعظيم داهية وطول بلاء
فلأ بكينك ما تطاول بي المدي
ولأمزجنَّ مدامعي بدمائي
بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين علي عظيم المصاب والصلاة والسلام علي محمدٍ وآله الأطياب، السلام عليك أيها السيد الزكي الراشد والنور الثاقب والنجم اللائح السلام عليك يا أمين الله ويا صفوة الله والهادي بأمر الله السلام عليك يا مولاي يا أبا الحسن علي بن محمد يوم ولدت طاهراً مباركاً ويوم أستشهد مسموماً مظلوماً ويوم تُبعث شافعاً مشفعاً.
السلام عليكم وعظم الله أجورنا وأجوركم بذكري إستشهاد عاشر ائمة العترة المحمدية مولانا الإمام علي الهادي (سلام الله عليه) وبهذه المناسبة نلتقيكم في هذه الحلقة الخاصة بالمناسبة من برنامج أيام خالدة ضمن فقرات عدة هي:
- تليه فقرة قرآنية عن علم الإمام (عليه السلام) بكتاب الله عنوانها: عدل القرآن الكريم
- ثم فقرة عقائدية عنوانها: الهادي بأمر الله الي الله
- ثم فقرة أخلاقية روائية تحت عنوان: كرم وإنتصار للمظلوم
- تليها فقرة روائية أخري عنوانها: هيبة أولياء الله
- نقدم لكم بعدها مشهداً تأريخياً عن آثار الإحسان النقوي في القلوب تحت عنوان: ضجة في طيبة النبي
- تتخلل ذلك أشعار ومراثي لشعراء الولاء ومساهماتكم الصوتية المعظمة لشعائر الله بتجديد مشاعر الحزن لمظلومية أولياء الله (عليهم السلام)
*******
عدل القرآن الكريم
للإمام الهادي (سلام الله عليه) استفادات من القرآن الكريم لا تتأتي الاممن جعلهم الله عدلاً لكتابه المجيد وجعل التمسك بهم مظهر التمسك بالقرآن الكريم وبالتالي السبيل الوحيد للفوز بالهداية والنجاة من الضلالة ومما يدل علي هذه الحقيقة مارواه العياشي في تفسيره عن يوسف بن السخت، أنه اشتكي المتوكل فنذر إن شفاه الله أن يتصدق بمال كثير، فكتب الي الهادي (عليه السلام) يسأله فكتب (عليه السلام): يتصدق ثمانين درهما، وكتب قال الله لرسوله (صلي الله عليه وآله وسلم): لقد نصركم الله في مواطن كثيرة، والمواطن التي نصر الله رسوله (صلي الله عليه وآله) فيها ثمانون درهما من حله مال كثير.
ومن الجدير أن نتدبر في قوله (عليه السلام) (فثمانون درهماً من حله كثير) ففيها التفاتة تربوية مهمة واشارة الي ان مال الخليفة العباسي هو من الحرام الذي لا قيمة له وفي شرح شافية أبي فراس، قال مؤلف الكتاب: ومما نقل أن قيصر ملك الروم كتب الي خليفة من خلفاء بني العباس كتاباً يذكر فيه: إنا وجدنا في الانجيل أنه من قرأ سورة خالية من سبعة أحرف حرم الله تعالي جسده علي النار وهي: الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والظاء والفاء، فإنا طلبنا هذه السورة في التوراة فلم نجدها، وطلبناها في الزبور فلم نجدها، فهل تجدونها في كتبكم؟
فجمع الخليفة العباسي العلماء وسألهم في ذلك، فلم يجب منهم أحد عن ذلك الا النقي علي ابن محمد بن الرضا (عليه السلام)، فقال: انها سورة الحمد، فإنها خالية من هذه السبعة أحرف والحكمة في ذلك أن الثاء في الثبور، والجيم من الجحيم، والخاء من الخيبة، والزاي من الزقوم، والشين من الشقاوة، والظاء من الظلمة والفاء من الفرقة، أو من الآفة. فلما وصل كتاب الخليفة الجوابي الي قيصر الروم وقرأه فرح بذلك فرحاً شديداً، وأسلم لوقته، ومات علي الاسلام.
ولهت الي رؤياكم وله الصادي
يذاد عن الورد الروي بذواد
أجوب بها بيد الفلا وتجوب بي
اليك ومالي غير ذكرك من زاد
اذا ما بلغت الصادقين بني الرضا
فحسبك من هاد ٍيشير الي هادي
ينابيع علم الله أطواد دينه
فهل من نفاد ان علمت لأطواد
نجوم متي نجم خبا مثله بدا
فصلي علي الخابي المهيمن والبادي
عباد لمولاهم موالي عباده
شهود عليهم يوم حشر واشهاد
هم حجج الله اثنتا عشرة متي
عدوت فثاني عشرهم خلف الهادي
بميلاده الأنباء جاءت شهيرة
فأعظم بمولود وأكرم بميلاد
*******
أصدق التعازي نرفعها أصالة عن أنفسنا ونيابة عنكم الي امام العصر المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) بمناسبة ذكري استشهاد جده الامام النقي علي الهادي (سلام الله عليه) ونتابع تقديم برنامج (أيام خالدة) بالفقرة التالية ونماذج من سيرته (عليه السلام) في الهداية الي التوحيد الخالص عنوانه:
الهادي بأمرالله الي الله
اهتم الامام الهادي (عليه السلام) بأرشاد الضالين والمنحرفين عن جادة الحق وسعي سعياً حثيثاً الي هدايتهم الي سَوَاء السَّبِيلِ، وكان من بين من أرشدهم الامام وهداهم (جعفر بن القاسم الهاشمي البصري)، الذي كان يقول بالوقف أي يقف عند امامة الامام الكاظم ولا يؤمن بألأئمة من بعده، فقد التقي به الامام الهادي (عليه السلام) في بعض الطرق فقال له: الي كم هذه النومة؟ أما آن لك أن تنتبه منها؟
فأثرت هذه الكلمة في نفسه فرجع الي الحق.
ومن مظاهر ارشاده (عليه السلام) الضالين والمنحرفين الي طريق الله وصراطه المستقيم ما رواه المسعودي باسناده عن الفتح بن يزيد الجرجاني لما ضمه مع الامام (عليه السلام) الطريق حين قدموا به من المدينة قال: تلطفت في الوصول اليه فسلمت عليه، فرد السلام، فقلت: يا بن رسول الله، تأذن لي في كلمة اختلجت في صدري ليلتي الماضية؟
فقال (عليه السلام): سل واصغ إلي جوابها سمعك، فإن العالم والمتعلم شريكان في الرشد مأموران بالنصيحة، فأما الذي اختلج في صدرك، فإن يشاء العالم [أي معصوم] أنبأك أن الله (لم يظهر علي غيبه أحداً إلا من ارتضي من رسول)، وكل ما عند الرسول فهو عند العالم، وكل ما أطلع الرسول عليه فقد أطلع أوصياءه عليه. يا فتح، عسي الشيطان أراد اللبس عليك، فأوهمك في بعض ما أوردتُ عليك، وشكك في بعض ما أنبأتك حتي أراد إزالتك عن طريق الله وصراطه المستقيم، فقال لك: متي أيقنت أنهم هكذا، فهم أرباب؛ معاذ الله إنهم مخلوقون مربوبون مطيعون، داخرون راغمون، فإذا جاءك الشيطان بمثل ما جاءك به، فاقمعه بمثل ما نبأتك به. قال فتح:
فقلت له: جعلني الله فداك، فرجت عني وكشفت ما لبس الملعون علي، فقد كان أوقع في خلدي أنكم أرباب!
قال: فسجد (عليه السلام) فسمعته يقول في سجوده: راغماً لك يا خالقي، داخراً خاضعاً، ثم قال: يا فتح، كدت أن تهلك، وما ضر عيسي أن هلك من هلك، إذا شئت رحمك الله.
قال: فخرجت وأنا مسرور بما كشف الله عني من اللبس، فلما كان في المنزل الآخر دخلت عليه، وهو متكئ، وبين يديه حنطة مقلوة، وقد كان أوقع الشيطان لعنه الله في خلدي أنه لا ينبغي أن يأكلوا ولا يشربوا.
فقال: اجلس يا فتح، فإن لنا بالرسل أسوة، كانوا يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق، وكل جسم متغذي إلا خالق الأجسام الواحد الأحد منشيء الأشياء ومجسم الأجسام، وهو السميع العليم، تبارك الله عما يقول الظالمون وعلا علواً كبيراً، ثم قال: إذا شئت رحمك الله.
وكان (عليه السلام) دقيقاً في تتبع أصحابه حريصاًَ علي إرشادهم إلي الصواب، قال الحسن بن مسعود: دخلت علي أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) الهادي وقد نُكبت بإصبعي، وتلقاني راكب وصدم كتفي، ودخلت في زحمة فخرقوا علي بعض ثيابي فقلت: كفاني الله شرك من يوم، فما أشأمك.
فقال (عليه السلام) لي: يا حسن، هذا وأنت تغشانا! ترمي بذنبك من لا ذنب له!
قال الحسن: فأثاب إلي عقلي، وتبينت خطأي.
فقلت: يا مولاي، أستغفر الله.
فقال: يا حسن، ما ذنب الأيام حتي صرتم تتشأمون بها إذا جوزيتم بأعمالكم فيها.
قال الحسن: أنا أستغفر الله أبداً، وهي توبتي يا بن رسول الله.
قال (عليه السلام): أما علمت يا حسن أن الله هو المثيب والمعاقب والمجازي بالأعمال عاجلا وآجلا؟
قلت: بلي يا مولاي.
قال (عليه السلام): لا تعد، ولا تجعل للأيام صنعا في حكم الله.
عج علي سر من رأي تلق فيها
علماً تهتدي به ومنارا
يا أبا العسكري حقق رجائي
وأقلني يا بن الجواد العثارا
كن شفيعي عند الاله إذا ما
جئت في الحشر أحمل الأوزارا
لذت فيكم إذ ليس يخش من الأهوال
من لاذ فيكم وإستجار
*******
هذا اللقاء الخاص بيوم الثالث من شهر رجب ذكري إستشهاد عاشر انوار الهداية المحمدية وأعلام الهداية الإلهية مولانا الإمام النقي علي الهادي (عليه السلام) نتابع البرنامج بفقرة روائية عنوانها:
كرم وإنتصار للمظلوم
من المظاهر البارزة في سيرة الإمام الهادي (عليه السلام) الكرم والسخاء والعطاء، فقد كان (عليه السلام) من أندي الناس كفا وأسمحهم يدا، وروي المؤرخون بوادر كثيرة تدل علي بره وإحسانه إلي البائسين والمحرومين، قلما تجد لها نظيراً إلا عند عترة المصطفي الميامين (سلام الله عليهم)، وفيما يلي نورد نموذجاً لها فيه عبرةٌ مؤثرة تجمع الكرم بأستخلاص أموال المظلومين من الظالمين، فقد روي عن كمال الدين بن طلحة الشافعي، قال: إن أبا الحسن (عليه السلام) كان يوماً قد خرج من سر من رأي إلي قرية لمهم عرض له، فجاء رجل من الأعراب يطلبه، فقيل له: قد ذهب إلي الموضع الفلاني، فقصده، فلما وصل إليه قال له: ما حاجتك؟
فقال: أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسكين بولاء جدك علي بن أبي طالب، وقد ركبني دين فادح أثقلني حمله، ولم أر من أقصده لقضائه سواك.
فقال له أبو الحسن (عليه السلام): طب نفساً وقر عيناً، ثم أنزله عنده، فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبو الحسن (عليه السلام): أريد منك حاجة، الله الله أن تخالفني فيها.
فقال الأعرابي: لا أخالفك، فكتب أبو الحسن (عليه السلام) ورقة بخطه معترفا فيها أن عليه للأعرابي مالا عينه فيها يزيد علي دينه، وقال: خذ هذا الخط، فإذا وصلت إلي سر من رأي احضر إلي وعندي جماعة فطالبني به، وأغلظ القول علي في ترك إيفائك إياه، الله الله في مخالفتي!
فقال: أفعل، وأخذ الخط.
فلما وصل أبو الحسن الهادي إلي سر من رأي وحضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة وغيرهم، حضر ذلك الرجل وأخرج الخط وطالبه، وقال كما أوصاه، فألان أبو الحسن (عليه السلام) له القول ورققه، ووعده بوفائه وطيب نفسه؛ فنقل ذلك إلي الخليفة المتوكل، فأمر أن يحمل إلي أبي الحسن ثلاثون ألف درهم، فلما حملت إليه تركها إلي أن جاء الرجل، فقال: خذ هذا المال فاقض منه دينك، وأنفق الباقي علي عيالك وأهلك، واعذرنا.
فقال له الأعرابي: يا بن رسول الله، والله إن أملي كان يقصر عن ثلث هذا، ولكن اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ.
وروي عن أحمد بن عيسي قال: رأيت النبي (صلي الله عليه وآله) في النوم فأعطاني كف تمر فعددته خمسة وعشرين تمرة، فلما قدم الهادي (عليه السلام) دخلت عليه فأعطاني كف تمر وقال: لو زادك رسول الله لزدتك، فعددته، فإذا هو خمسة وعشرون.
يا راكب الشدنية الوجناء
عرّج علي قبر بسامراء
قبر تضمنّ بضعةً من أحمد
وحشاشةٍ للبضعة الزهراء
قبرٍ تضمن من سلالة حيدرٍ
بدراً يشق حنادس الظلماء
قبر سما شرفاً علي هام السها
وعلا بساكنه علي الجوزاء
بعليٍ الهادي الي نهج الهدي
والدين عاد مؤرق الأرجاء
عظم الله إجورنا وإجوركم إخوة الإيمان بذكري إستشهاد عاشر أئمة العترة المحمدية الإمام الهادي (سلام الله عليه).
*******
نتابع تقديم لقاؤنا الخاص بهذه المناسبة الأليمة ضمن برنامج أيام خالدة، وفقرة روائية عنوانها:
هيبة أولياء الله
لقد ورث الإمام الهادي (عليه السلام) من آبائه الكرام (عليهم السلام) العلم ومكارم الأخلاق والهيبة في قلوب الناس، ولقد كانت هيبته تملأ القلوب إكباراً وتعظيماً، وذلك ناشيء من طاعته لله تعالي وزهده في الدنيا وتحرجه في الدين، وقد بلغ من عظيم هيبته أن جميع السادة العلويين والطالبيين وغيرهم المعاصرين له، قد أجمعوا علي تعظيمه والاعتراف له بالزعامة والفضل مع كونهم من المشايخ الكبار والسادة المقدمين أمثال عم أبيه زيد بن الإمام موسي بن جعفر (عليه السلام).
روي ابن جمهور عن سعيد بن عيسي، قال: رفع زيد بن موسي إلي عمر ابن الفرج مراراً يسأله أن يقدمه علي ابن أخيه، ويقول: إنه حدث وأنا عم أبيه، فقال عمر ذلك لأبي الحسن (عليه السلام) فقال: إفعل واحدة، أقعدني غدا قبله، ثم انظر، فلما كان من الغد أحضر عمر أبا الحسن (عليه السلام) فجلس في صدر المجلس، ثم أذن لزيد بن موسي فدخل فجلس بين يدي أبي الحسن (عليه السلام)، فلما كان يوم الخميس أذن لزيد بن موسي قبله فجلس في صدر المجلس، ثم أذن لأبي الحسن (عليه السلام) فدخل، فلما رآه زيد قام من مجلسه وأقعده في مجلسه وجلس بين يديه.
وعن محمد بن الحسن الأشتر، قال: كنت مع أبي علي باب المتوكل، وأنا صبي، في جمع من الناس في ما بين طالبي إلي عباسي إلي جعفري إلي غير ذلك، إذ جاء أبو الحسن علي بن محمد (عليه السلام) فترجل الناس كلهم، حتي دخل فقال بعضهم لبعض: لم نترجل لهذا الغلام؟ فما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا سنا ولا بأعلمنا!
فقالوا: والله لا ترجلنا له.
فقال أبو هاشم الجعفري: والله لتترجلن له [علي] صغره إذا رأيتموه، فما هو إلا أن طلع وبصروا به حتي ترجل له الناس كلهم، فقال لهم أبو هاشم: ألستم زعمتم أنكم لا تترجلون له؟
فقالوا: ما ملكنا أنفسنا حتي ترجلنا.
وبلغ من عظيم هيبة الناس له (عليه السلام) أنه كان إذا دخل علي المتوكل لا يبقي أحد في القصر إلا قام بخدماته، وكانوا يتسابقون إلي رفع الستائر وفتح الأبواب ولا يكلفونه بشيء من ذلك. ومن مظاهر تعظيم الإمام (عليه السلام) أنه لما أقيمت الصلاة عليه بعد استشهاده (عليه السلام) اكثر الناس واجتمعوا وكثر بكاؤهم وضجتهم، فرد النعش إلي داره، فدفن فيها.
*******
أما آخر فقرات برنامج (أيام خالدة) في حلقته الخاصة بيوم الثالث من شهر رجب ذكري إستشهاد مولانا الإمام الهادي (عليه السلام) فعنوانها هو:
ضجةٌ في طيبة النبي
من جميل ما يدل علي عظمة إحسان وعطف مولانا الإمام الهادي (عليه السلام) علي الناس وطيب تعاملهم معهم، موقف أهل المدينة عندما جاء إليها يحيي بن هرثمة من قواد بني العباس لكي ينقل الإمام الي سامراء كما أمر طواغيت بني العباس.
لاحظوا الرواية التالية التي نقلها العالم الحنفي سبط بن الجوزي في تذكرته عن يحيي بن هرثمة هذا قال:
ذهبت الي المدينة، فلما دخلتها ضجّ أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله خوفاً علي علي (عليه السلام) وقامت الدنيا علي ساق لأنه كان محسناً لهم ملازماً للمسجد ولم يكن عنده ميلٌ الي الدنيا.
قال يحيي: فجعلت أسكتهم وأحلف لهم أني لم أؤمر فيه بمكروه.
ثم فتشت منزله فلم أجد فيه إلا مصاحف وأدعية وكتب العلم، فعظم في عيني وتوليت خدمته بنفسي وأحسنت عشرته.
فلما قدمت به الي بغداد بدأت بأسحاق بن ابراهيم الطاهري وكان والياً عليها فقال لي: يا يحيي إن هذا الرجل قد ولده رسول الله والمتوكل من تعلم فإن حرضته عليه قتله وكان رسول الله خصمك يوم القيامة فقلت له: والله ما وقعت منه إلا علي كل أمر جميل، ثم صرت به الي من رأي فبدأت بوصيف التركي فأخبرته بوصوله [يعني الهادي (عليه السلام)] فقال وصيف: والله لئن سقطت منه شعرة لا يطالب بها سواك!
قال يحيي بن هرثمة: فعجبت كيف وافق قوله قول إسحاق، فلما دخلت علي المتوكل سألني عنه، فأخبرته بحسن سيرته وسلامة طريقته وورعه وزهادته وإني فتشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف وكتب العلم وإن اهل المدينة خافوا عليه. فأكرمه المتوكل وأنزله معه سر من رأي.
ونختم لقاؤنا التأبيني الخاص بذكري إستشهاد عاشر أئمة الهدي الإمام النقي علي الهادي (عليه السلام) بهذه الصلوات عليه المروية عن ولده الإمام العسكري (عليهما السلام) فنتوجه الي الله قائلين:
الصلاة علي علي بن محمد أبي الحسن العسكري (عليهما السلام): اللهم صل علي علي بن محمد وصي الأوصياء وامام الأتقياء وخلف أئمة الدين والحجة علي الخلائق أجمعين، اللهم كما جعلته نوراً يستضئ به المؤمنون، فبشر بالجزيل من ثوابك وانذر بالأليم من عقابك وحذر بأسك وذكر بآياتك، وأحل حلالك وحرم حرامك، وبين شرائعك وفرائضك وحض علي عبادتك، وامر بطاعتك ونهي عن معصيتك فصل عليه أفضل ما صليت علي أحد من أوليائك وذرية أنبيائك يا اله العالمين.
*******