بالرغم من اعتبار الكيان الصهيوني القاتل للأطفال عضوًا في الأمم المتحدة وزعمه الالتزام بالمنظمات والاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان، إلا أنه يرتكب أفظع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وقد ثبت عدم التزامه بأي من الاتفاقيات والقوانين الصادرة في اللجان الدولية لحقوق الإنسان.
مرحبًا.
هذه هي الحلقة الرابعة من بودكاست "الطفولة المسلوبة "، وسنتناول فيه القوانين والحقوق الدولية، لا سيما تلك المتعلقة باعتقال الأطفال. كما سنناقش البنود الرئيسية لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك وضع الأطفال الفلسطينيين الأسرى. وسنتحدث أيضًا عن الانتهاكات المتكررة والنظرة غير المسؤولة للكيان الإسرائيلي في هذا الصدد.
أرجو أن ترافقوني في هذه الحلقة من بودكاست "الطفولة المسلوبة".
إن القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان الدولية هما نظامان قانونيان متميزان وفي الوقت نفسه متكاملان. يهتم كلا النظامين بحماية حياة الأفراد وصحتهم وكرامتهم ؛ فحقوق الإنسان هي حقوق متأصلة لجميع الناس في العالم ، وهذا يعني أنها تنتمي بشكل طبيعي وجوهري إلى جميع البشر في جميع أنحاء الكون وتنطبق على الجميع بغض النظر عن الاختلافات في العرق أو الجنس أو الهوية أو الدين أو العرق أو الأصل وما إلى ذلك.
"القانون الدولي الإنساني" أو " قانون حقوق الإنسان الدولية " يتعامل على وجه التحديد مع الحرب والصراع المسلح والاحتلال. يهدف هذا القانون إلى السيطرة على النزاعات المسلحة، والتقليل من آثارها، وحماية غير المشاركين في هذه النزاعات أو المنسحبين من الأعمال العدائية والحروب.
ينطبق القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان في أوقات النزاع المسلح. الفرق الرئيسي في التطبيق هو أن القانون الدولي الإنساني لا يمكن تعليقه، ولكن قانون حقوق الإنسان الدولية يسمح للدول بتعليق عدد من حقوق الإنسان إذا واجهت حالات طارئة. ومع ذلك، لا تستطيع الحكومات تعليق بعض الحقوق الأساسية التي يجب احترامها في حالات الطوارئ وفي جميع الظروف. تشمل هذه الحقوق الحق في الحياة، وحظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية، وحظر الرق والعمل القسري، ومبدأ الشرعية وعدم رجعية القانون، والحق في حرية الفكر والمعتقد والدين.
تم تصميم هاتين المؤسستين القانونيتين لتكملة بعضهما البعض. وقد ورد ذكر العديد من المواد المقبولة دوليا، مثل حظر التعذيب، في كل من القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني.
يحظى الأطفال الفلسطينيون في هذين القانونين الدوليين، باعتبار خاص كونهم أشخاصاً محميين، فضلاً عن كونهم أطفالا. على سبيل المثال، المادة الأكثر أهمية في القانون الدولي الإنساني هي اتفاقية جنيف.
تتضمن اتفاقية جنيف أحكامًا تتعلق بزمن الحرب لحماية الأشخاص ودعم الذين لم يعودوا في حالة حرب. في عام 1989، اعترفت هذه الاتفاقية بالأطفال باعتبارهم الفئة الأكثر عرضة لانتهاكات القوانين في المجتمع. الأداة الرئيسة للقانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بالسجناء السياسيين الأطفال الفلسطينيين هي اتفاقية لاهاي لعام 1907 والتي حددت قوانين بشأن أنظمة الحرب البرية، وبروتوكولاتها عن اللائحة المتعلقة بقوانين وأنظمة الحرب البرية، أي لوائح لاهاي.
تعتبر لوائح لاهاي بمثابة قانون دولي عرفي، وكما هو الحال مع معظم أحكام اتفاقيات جنيف، فهي ملزمة لجميع البلدان. المادة 6 من هذا الاتفاقية تتعلق بالمناطق المحتلة من قبل القوات العسكرية للدولة الأخرى، وتنص على:
"وجوب احترام حقوق الأسرة، والحياة الفردية، والممتلكات الشخصية، وكذلك المعتقدات والعادات الدينية. وتشمل هذه الحماية الواسعة كلا من البالغين والأطفال."
كما تهدف اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية على وجه التحديد إلى توفير الحماية للأشخاص الضعفاء في أوقات النزاع المسلح والاحتلال. ويؤكد ما يقرب من 25 من هذه البروتوكولات على الحماية الخاصة للأطفال.
على سبيل المثال، تنص أحد البنود على:
"وجوب احترام الأطفال وحمايتهم من أي اعتداء" حيث يقول:
"يجب على كلا طرفي الصراع توفير الرعاية والمساعدة التي يحتاجها الأطفال، سواء بسبب أعمارهم أو لأي سبب آخر"."
تعد اتفاقية لاهاي واتفاقية جنيف من بين الإعلانات الرسمية الأولى لقوانين الحرب وجرائمها في إطار القانون الدولي، والتي تم تصميمها خصيصًا لتوفير الحماية للأفراد الضعفاء أثناء النزاعات المسلحة وظروف الاحتلال، وتشمل الأطفال والبالغين على حد سواء.
وبموجب اتفاقية جنيف الرابعة، يتمتع الأشخاص المحميون الذين تحتجزهم القوة المحتلة بالحق في عدم تعريضهم للتعذيب، والمتابعة الفورية للتهم الموجهة إليهم، والاتصال بمحاميهم وتقديم المشورة القانونية وحضور المترجم أثناء الاستجوابات والمحاكمات ، واحتجازهم في نفس المنطقة المحتلة وعدم نقلهم إلى أراض أخرى، وتوفير الغذاء المناسب وظروف النظافة اللازمة للحفاظ على صحة المعتقل، والمساعدة المعنوية، وزيارة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
تنص الفقرة 76 على وجه التحديد على أنه "يجب إيلاء الاهتمام المطلوب للتعامل مع الأطفال" وتنص الفقرة 31 على أنه "لا يجوز ممارسة أي ضغط بدني أو عقلي على الأشخاص المحميين بهدف الحصول على معلومات منهم أو من أطراف ثالثة".
لقد اعتمد المجتمع الدولي اتفاقية حقوق الطفل في عام 1989 بعد إدراكه ضرورة إعطاء حقوق الأطفال ومعالجتها بشكل منفصل عن حقوق البالغين. في واقع الأمر، كان هذا أول جهد دولي يتناول قضية اعتقال الأطفال على وجه التحديد. وقد أحدثت هذه الاتفاقية ثلاثة تغييرات أساسية في النظرة الدولية للأطفال:
فوفقاً لهذه التغييرات، "يتمتع جميع الأشخاص المحميين بحقوق مثل احترام شخصيتهم وكرامتهم وحقوقهم الأسرية ومعتقداتهم وممارساتهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم التي يجب احترامها. فيجب معاملتهم دائمًا بإنسانية، كما يجب حمايتهم بشكل خاص ضد أعمال العنف أو التهديد به، وضد الإهانات وانتهاكات خصوصيتهم."
لقد مثلت اتفاقية حقوق الطفل الملزمة في عام 1989 تغييراً في وضع الأطفال، سواء من حيث حقيقة أن الأطفال، كمجموعة بشرية متميزة، لديهم حقوق محددة وأن الأطفال لديهم احتياجات خاصة، وبسبب ضعفهم يستحقون حماية أكبر.
كان الإجماع الذي تم التوصل إليه بشأن اتفاقية حقوق الطفل في الأمم المتحدة أعظم من كل المعاهدات السابقة. ولم ترفض الاتفاق سوى دولتين هما الولايات المتحدة والصومال، وقد تم قبول مبادئه بالإجماع تقريبا من قبل المجتمع الدولي، مما جعله وثيقة حقوق الإنسان الأكثر قبولا على نطاق واسع في التاريخ.
بطبيعة الحال، تتوفر إلى جانب اتفاقية حقوق الطفل، العديد من آليات دعم حقوق الإنسان الأخرى و التي تدعم مباشرة حقوق الأطفال المحتجزين، بما في ذلك: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقرار الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب والمعاملة اللاإنسانية.
من خلال هذه الأدوات، نشأت مبادئ تقدم الحماية الكاملة للأطفال. وقد تم تضمين العديد منها أيضًا في القانون الدولي الإنساني. وهي تحتوي على المبادئ والحقوق الأساسية للقانون الدولي الإنساني التي تنطبق على الأطفال الفلسطينيين المحتجزين في مراكز الاحتجاز كسجناء سياسيين.
هناك مبدأ أساسي تحتويه هذه الحقوق بخصوص الأشخاص المحرومين من حريتهم، وهو أن الإجراءات الجنائية ينبغي أن تكون بهدف إعادة تأهيل الأفراد وتربيتهم. ويجب أن يتمتع هؤلاء السجناء بإمكانية الوصول إلى سلسلة من الدعم الأساسي، ومنها: مبدأ البراءة حتى تثبت الإدانة، والاستشارة القانونية، وتوضيح التهم، والمحاكمة العادلة، والحفاظ على الاتصال مع العالم الخارجي، وخاصة أفراد الأسرة أثناء الاحتجاز.
متى ما جرى الكلام حول سجناء الأطفال الفلسطينيين، تظهر مبدءآن رئيسيان وهامان:
الأول هو مبدأ "المصلحة الفضلى" المذكور في بنود اتفاقية حقوق الطفل، الذي يقول بوجوب اعتبار أفضل مصلحة للأطفال وهي الأهم في جميع الإجراءات المتعلقة بالأطفال، سواء كانت من قبل المنظمات الاجتماعية الخاصة أو الحكومية، أو المحاكم القانونية، أو السلطات الحكومية، أو المنظمات التشريعية.
والثاني هو مبدأ "الحل الأخير " وهو أحد بنود اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على أن اعتقال أو سجن طفل يعد كحل أخير ، ويجب أن يكون الوقت الذي يقضيه في ذلك أقصر ما يمكن. من جهة أخرى، تمنع المعايير الدولية بشدة أي إجراءات تأديبية قد تعرض صحة الطفل الجسدية أو النفسية للخطر؛ مثل الاحتجاز في زنزانة مظلمة تمامًا أو السجن الانفرادي.
هناك نقطة هامة في القوانين الدولية لحماية الأطفال وهي عدم تحديد مصاديق التعذيب بدقة. بموجب القانون، يختلف التعذيب عن العقوبات والسلوكيات المُهينة وغير الإنسانية أو القاسية، لأن القانون الدولي لا يقدم تعريفًا شاملاً للتعذيب. السؤال هنا هو:
"أين الخط الفاصل بين العقوبة والسلوك غير الإنساني أو المُهين من جهة، والتعذيب من جهة أخرى؟".
على الرغم من أن الفقرة الأولى من اتفاقية منع التعذيب للأمم المتحدة تعرف التعذيب، إلا أن تعريف "منع التعذيب" لا يزال غامضًا؛ ويستطيع الأفراد تفسيره وفقًا لوجهات نظرهم ومصالحهم. على سبيل المثال، ما هو الألم والمعاناة الشديدة؟ كيف يمكن إثبات أن الأمر تم عن عمد؟.
علاوة على ذلك، فإن اتفاقية منع التعذيب يميز بين الألم والمعاناة الناتجة عن أشكال مختلفة من العقوبات القانونية وبين التعذيب، مما يفتح المجال أمام تصرفات الدول. على أي حال هناك سؤال آخر يطرح نفسه وهو من يحق له أن يعلن أن الإجراءات المتخذة تعتبر تعذيبًا وفقًا للتعريف المقبول أم لا؟من منظور حقوق الطفل تكون الإجابة على هذه الأسئلة مهمة جدًا.
فعند تقييم معايير التعذيب، يجب أخذ مسائل أخرى بعين الاعتبار، منها مثلا العمر، الحالة الجسدية، مستوى نضج الطفل، بالإضافة إلى الإساءة، وتأثيراته النفسية، وسياقه التنفيذي ومدته.
لقد كان للمساعي الدولية لتحديد تعريف التعذيب دورٌ مهم في توضيح وتحديد مصاديق التعذيب حتى الآن. خاصة في مسار إنشاء أقصى حماية ممكنة للأشخاص الذين يمكن أن يصبحوا ضحايا التعذيب أكثر من غيرهم. بالطبع، يقوم مرتكبو الجرائم ومنهم الكيان الإسرائيلي المحتل بتلاعب في التعريفات المتعلقة بالتعذيب وفقًا لأهوائه من أجل التغطية على إجراءاته التعذيبية بحق السجناء .
لقد تحدثنا حتى الآن عن القوانين الدولية المتعلقة بالسجناء وخصوصًا الأطفال منهم. لننتقل الان إلى سلوك إسرائيل تجاه الأطفال الفلسطينيين ومدى بعده عن المعايير الدولية.
إضافة إلى تصرفات إسرائيل الوحشية وغير الإنسانية فإن الأكثر إيلاما هو عدم وجود رادع يعيق الكيان عن فعلته وهذا عمق المأساة . لفهم عمق هذه المأساة، من الجيد أن نتعرف على كيفية اعتقال عدد من أطفال فلسطينيين وكيفية نقلهم إلى مركز الاعتقال وسجنهم. إن قصة كل من هؤلاء الأطفال هي سبب واضح يدل على وحشية إسرائيل.
أحد هؤلاء الأطفال هو محمد الجابري، البالغ من العمر سبعة عشر عامًا. يعتبر محمد في الواقع، واحدا من مئات الأطفال الفلسطينيين الذين يتم اعتقالهم سنويًا بحجة انتهاك قانون الأمن من قبل القوات العسكرية الإسرائيلية. عندما تم اعتقال محمد للمرة الأولى في ديسمبر 2000 بتهمة رمي الحجارة، حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن لمدة ثمانية أشهر ونصف.
تُتَّهَمُ الأغلبية العظمى من الأطفال الفلسطينيين المعتقلين، مثل محمد، برمي الحجارة نحو قوات الجيش الإسرائيلي أو المباني العسكرية أو المستوطنين اليهود. وهناك اتهامات أكثر جدية؛ مثل إيذاء الجنود أو المستوطنين الإسرائيليين بواسطة سكين، أو محاولة رمي قنابل مولوتوف، أو الانخراط في مجموعات سياسية.
حتى عام 2000، نادرًا ما كان يتعرض الأطفال الفلسطينيون لاتهامات بجرائم خطيرة مثل التخطيط لعمليات عنيفة ضد اليهود المقيمين في إسرائيل. ولكن منذ ذلك الحين، إزدادت هذه الاتهامات. وتمت معظم عمليات الاعتقال من قبل الجيش الإسرائيلي بحق الأطفال.
ينص القرار العسكري رقم 898، بجواز قيام المستوطنين الإسرائيليين أيضًا باعتقال الفلسطينيين دون امتلاكهم لأي تصريح رسمي. وعليه تتم اعتقالات الأطفال الفلسطينيين في عدة مواقع: في منازلهم، في الشوارع، وفي نقاط التفتيش، وفي مواقع الجرائم سواء كانت حقيقية أو وهمية. و هكذا ومنذ عام 2000، تم اعتقال مئات الأطفال الفلسطينيين زورا ودون أي اتهام موجه إليهم من قبل إسرائيل.
يصف محمد الجابري طريقة اعتقاله قائلاً:
" في أغسطس من عام 2001 هاجم حوالي ثلاثين جندياً منزلنا في الساعة الثانية ليلاً فقاموا بتفتيش المنزل، والعبث بممتلكاتنا وكسر النوافذ ومصادرة دفتر الهاتف الخاص بنا. ثم قاموا باعتقالي وأخذي إلى سطح المنزل واستمروا في طرح الأسئلة علي لمدة ساعتين حول بعض الأشخاص. ثم أخذوني إلى الشارع وأغمضوا عيني وقيدوا يديَّ من الخلف. بعد ذلك، أجبروني على السير لمسافة تتجاوز كيلومترًا.
في الطريق، وإذا ما تباطأت في المشي كانوا يدفعونني نحو الأمام. عندما وصلنا إلى نقطة التفتيش، تم دفعي داخل السيارة بحيث اصطدم رأسي بسقفها. كان أخي عابد أيضًا داخل السيارة. أجبرونا على الجلوس على أرضية السيارة... كان هناك أربعة جنود في مؤخرة السيارة معنا، وقاموا بضربنا طوال المسافة إلى أن وصلنا إلى المعتقل. كانوا يضربوننا، ويشتموننا، ويهددوننا بالاعتداء الجنسي. ثم وصلنا إلى القاعدة العسكرية وهناك نُقلنا إلى العيادة. وبقينا محبوسين في فناء القاعدة من الليل حتى الصباح دون أي طعام أو ماء".
بالرغم من الكيان الصهيوني المحتل القاتل للأطفال الأبرياء يعتبر نفسه عضوا من أعضاء منظمة الأمم المتحدة وملتزما بالاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان إلا أنه يمارس أكثر الجرائم وحشية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل وقد أكد أكثر من مرة أنه غير ملتزم عمليا بأي منظمة دولية أو اتفاقية.
إن أكثر ما يكشف عن الوجه الحقيقي للوحشية الصهيونية هو تعامل الكيان مع الأطفال الفلسطينيين تعاملا يتفتقد لأدنى معايير حقوق الإنسان المقبولة دوليا عند اعتقالهم و استجوابهم.
وهناك ثلاث أذرع رئيسية تعمل في استجواب الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل نشير إليها تباعا:
الذراع الأولى هي الشاباك أي (جهاز الأمن الإسرائيلي) منظمة شبه مستقلة داخل الحكومة ، تقدم تقاريرها مباشرة إلى رئيس الوزراء. تشرف "الشاباك" عادة على التحقيقات التي تجريها أجهزة إسرائيلية أخرى، ولكن في حالة الجرائم الأكثر خطورة والناشطين السياسيين، فإنها تجري تحقيقاتها بنفسها. تستخدم "الشاباك" التعذيب بشكل مستمر، سواء التعذيب النفسي أو التعذيب الجسدي المؤلم. عندما يعترف الأطفال بارتكاب جريمة، تحيلهم الشاباك إلى الشرطة لتكرار اعترافاتهم هناك، ولكن إذا رفض الطفل القيام بذلك، يتم إعادته إلى الشاباك لمزيد من الاستجواب.
الذراع الأخرى هي الشرطة أو شرطة إسرائيل، التي تخضع لإدارة وزارة الأمن الداخلي، مع عدد كبير من المعتقلين الأطفال الذين يواجهون تهماً بسيطة. وعلى الرغم من أن ضباط الشرطة هم الذين يجرون الاستجوابات، إلا أن عملاء الشاباك يشرفون على مجرياتها . ويعتبر التعذيب شائعًا جدًا في هذه الظروف.
وإلى الذراع الثالثة وهي الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، التي تخضع لإدارة وزارة الأمن والدفاع، وهي معروفة باستخدام أساليب تعذيب بدنية قاسية للغاية، مثل الضرب المبرح، والحرق بأعقاب السجائر، وغيرها من أشكال التعذيب الجسدي المؤلم. وفي هذه العمليات تتدخل قوات "الشاباك" مجدداً.
فإذا ما تمكنوا من الحصول على اعتراف من طفل، يرسلونه إلى الشرطة لتكرار ادعائه. وهذا يخلق غطاء قانونيا للاستجوابات، حيث إن المحكمة لن تقبل إلا الاعترافات الموقعة بحضور ضباط الشرطة. وإذا رفض الطفل تكرار اعترافه أمام ضباط الشرطة، يتم إعادته إلى الاستخبارات العسكرية لمزيد من الاستجواب.
إن نظام التحقيق والتعذيب الذي يتبعه الكيان الإسرائيلي مع الأطفال الفلسطينيين هو نظام قاس وحشي للغاية بحيث يمكننا القول إنه لا يرضاه أي حيوان بحق حيوان مثله. وقد تعرض جميع الأطفال الفلسطينيين تقريبا مرة أو أكثر لحالات التعذيب الموثقة بدقة.
في الحلقات القادمة، وبناءً على شهادات موثقة كثيرة، سندرس معا المرحلة الأولى في اعتقال الأطفال الفلسطينيين، والتي تشمل الاعتقال والنقل إلى مراكز الاعتقال.