البث المباشر

كلفة الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل؛ من دفع الثمن الأكبر؟

الإثنين 29 ديسمبر 2025 - 14:08 بتوقيت طهران
كلفة الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل؛ من دفع الثمن الأكبر؟

هزت سلسلة انفجارات طهران حوالي الساعة 3:15 صباحا من يوم 13 يونيو/حزيران 2025 بالتوقيت المحلي

كانت هذه الهجمات بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل عملية معقدة ضد البرنامج النووي والصاروخي الإيراني.

بدأ سلاح الجو الإسرائيلي، بالتعاون مع مخربين محليين مُجهّزين بطائرات مسيرة انتحارية وأسلحة مضادة للدبابات، بالهجوم على العاصمة عبر قمع جزء من شبكة الدفاع الإيرانية في المحافظات الشمالية الغربية، ثم في حوالي الساعة 6:30 صباحًا، شنّ هجمات على عشرات الأهداف في أنحاء إيران بأكثر من 200 طائرة مقاتلة في خمس موجات متتالية. واستمرت الغارات الجوية الإسرائيلية على مدى 12 يومًا، بواقع 1500 طلعة جوية.

تُذكر هذه الهجمات ضمن إطار خطة عملياتية واسعة النطاق تُعرف باسم "انتفاض الأسود". وردّت إيران على هذا التهديد بشنّ أكبر وأكثف هجمات باليستية. أدى إطلاق عشرات القذائف يوميًا، وما يزيد عن 500 صاروخ باليستي في هذه الفترة القصيرة، إلى تغيير التقديرات السابقة للجانب الصهيوني.

من وجهة نظر الكثيرين، كان الصدام المباشر بين إيران والكيان الصهيوني حتميًا، لا سيما بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، حين كان الطرفان على شفا مواجهة متكررة.

تجلى هذا التوجه في عمليتي إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة إيرانيتين، عُرفتا باسم "الوعد الصادق 1" (13 أبريل/نيسان 2024) و"الوعد الصادق 2" (1 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، إلا أن ذروة هذه المواجهة انتهت بحرب استمرت 12 يومًا.

                                                     الهجمات الصاروخية الإيرانية على الأراضي المحتلة

بدأت مقدمات هذه العملية عندما استهدف الكيان الصهيوني مكونات أربع بطاريات مدفعية من منظومة الدفاع الجوي الإيرانية إس-300 في أصفهان وطهران في مناسبتين. وقبل أشهر قليلة من بدء العملية، استُهدف موقعان راداريان للإنذار المبكر قرب الحدود العراقية بعد عملية "الوعد الصادق 2"، ما أدى إلى تقليص قدرة الرادار الإيراني على المراقبة بعيدة المدى.

خلال هذه الفترة، كثّف سلاح الجو الإسرائيلي تحركاته بشكل كبير، واتخذ نمطًا متوقعًا بشكل روتيني، ما قلّل من حساسية شبكة الإنذار المبكر الإيرانية. وبدأت العملية في الوقت الذي كان فيه حرس الثورة الإيرانية يُجري تدريبًا سنويًا لقوات الدفاع الجوي المشتركة بين الجيش وحرس الثورة، وذلك في إطار تعزيز قدراته الصاروخية.

صُممت هذه العملية المعقدة، القائمة على مبدأ الصدمة المنهجية، لتوجيه ضربة دقيقة ومفاجئة بهدف زعزعة استقرار التنظيم وتعطيل شبكة القيادة والسيطرة. وخُطط لعدة عمليات فرعية ضمن إطار "انتفاضة الأسود":

"اغتيال قادة بارزين في حرس الثورة الإيرانيى، بمن فيهم الشهداء حسين سلامي، محمد باقري، أمير حاجي زاده، وغلام علي رشيد، في عملية عُرفت باسم "العرس الدامي"، وفي عملية منفصلة أُطلق عليها اسم "نارنيا"، نُفذت هجمات على عدد من العلماء المرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني وعائلاتهم في طهران.

في هذه المعركة، سعى الكيان الصهيوني إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:

أولها، إضعاف الدفاعات الجوية الإيرانية بتدمير رادارات الإنذار المبكر، والقواعد الجوية، وأنظمة صواريخ أرض-جو، تمهيدًا للمراحل اللاحقة.

ثم تلاه توجيه ضربة قوية للبرنامج النووي الإيراني، بهجمات استهدفت، وبتدخل مباشر من الولايات المتحدة وفي إطار عملية "مطرقة منتصف الليل"، منشآت مثل فوردو، نطنز، مركز أصفهان للأبحاث النووية، ومفاعل خنداب غير المكتمل.

من جهة أخرى، كان إضعاف القدرات الصاروخية الإيرانية، عبر تدمير مراكز إنتاج وتخزين الصواريخ الباليستية، على رأس الأولويات. وقد أصبحت هذه المسألة أولوية قصوى للكيان الصهيوني بعد أن لمس ضعف إسرائيل أمام الهجمات الصاروخية خلال عملية "الوعد الحقيقي".

ومع ذلك، لم تتمكن حتى هذه الهجمات المكثفة من منع الهجوم الإيراني المضاد.

بعد أقل من ثلاث ساعات من الموجة الأولى للهجمات الإسرائيلية، شنّ سلاح الطائرات المسيّرة التابع لحرس الثورة الإيرانية موجته الأولى من الهجمات المضادة حوالي الساعة السادسة صباحًا. وانطلقت عشرات الطائرات الانتحارية المسيّرة بعيدة المدى نحو أهداف في الأراضي المحتلة.

ومع حلول مساء الثالث عشر من يونيو/حزيران، بالتزامن مع الخطاب الأول لقائد الثورة الإسلامية، وقع أول هجوم صاروخي إيراني حوالي الساعة التاسعة والنصف مساءً بالتوقيت المحلي. وكانت هذه مجرد بداية لـ 22 موجة من الهجمات الصاروخية واسعة النطاق خلال حرب الأيام الاثني عشر بين إيران والكيان الإسرائيلي.

وعلى عكس العمليات الإيرانية السابقة، غطت هذه الصواريخ نطاقًا أوسع من الأهداف. وفي عمليتيها الصاروخيتين السابقتين، ركزت إيران على استهداف أهداف عسكرية فقط، وتحديدًا قواعد القوات الجوية الإسرائيلية.

                                                              الهجمات الصاروخية الإيرانية على الأراضي المحتلة

مع ذلك، لم تقتصر هجمات الكيان الصهيوني على المراكز العسكرية فحسب، بل شملت أيضًا منشآت نووية، مبانٍ حكومية، مستشفيات، منازل سكنية، ومناطق حضرية، مما وسّع نطاق الصراع.

ومن بين المراكز الطبية التي تضررت بشدة خلال الهجمات كانت مستشفى مصطفى الخميني، مستشفى حكيم للأطفال، مستشفى الأطفال، مستشفى السيدة فاطمة للولادة وأمراض النساء (س)، مستشفى الشهيد مطهري للحروق، ومستشفى لبافي نجاد في العاصمة الإيرانية، بالإضافة إلى مستشفى الفارابي في كرمانشاه.

كما تضررت 9 سيارات إسعاف و6 قواعد طوارئ. ودُمّرت قاعدة هويزة للطوارئ ومركز كرمانشاه الصحي، الذي كان يُعنى برعاية الحوامل والمواليد الجدد، تدميرًا كاملًا. واستشهد في هذه الهجمات 6 أطباء و4 ممرضات و4 من عمال الهلال الأحمر.

لم تسفر الهجمات على أهداف مدنية، لا سيما الشقق والمباني السكنية، عن استشهاد القادة والعلماء وعائلاتهم فحسب، بل استهدفت أيضاً عدداً كبيراً من المدنيين. ووفقاً لإحصاءات وزارة الصحة الإيرانية، أسفرت هذه الهجمات عن مقتل نحو 700 مدني وإصابة أكثر من 5000 آخرين. وكان من بين الشهداء 49 امرأة على الأقل و13 طفلاً. وفي حادثة أخرى، حاول الكيان الصهيوني تفجير اجتماع سري لسياسيين إيرانيين في المجلس الأعلى للأمن القومي، بمن فيهم الرئيس ورئيس مجلس الشورى الإسلامي.

ودفع هذا إيران إلى مهاجمة أهداف حكومية وبنية تحتية إسرائيلية، تقع أحياناً في مناطق حضرية، بالإضافة إلى المراكز العسكرية والأمنية، ضمن خطتها الدفاعية. ورغم أن إيران لم تعلن العدد الدقيق للصواريخ، فقد أفادت مصادر عبرية بإطلاق أكثر من 500 صاروخ باليستي؛ أي ما بين 574 و631 صاروخاً، وهو ما يعادل معدلاً يتراوح بين 40 و52 عملية إطلاق يومياً.

مع بدء الهجمات الصاروخية الإيرانية، اتخذ جهاز الرقابة العسكرية التابع لجهاز المخابرات العسكرية (أمان) في الجيش الإسرائيلي إجراءات صارمة لفرض رقابة على الأخبار، التحكم في المعلومات، والحد من نشر الصور المتعلقة بالهجمات الصاروخية الإيرانية وتداعياتها في وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية.

ومع ذلك، تُظهر الصور والمعلومات المحدودة المنشورة أن أهداف إيران يمكن تحليلها من جوانب مختلفة. وسنتناول فيما يلي أهم هذه الجوانب بالتفصيل.

 

الجزء الأول: أهداف أمنية عسكرية
 

معسكر رابين - كيريا - تل أبيب

أشارت تقارير إخبارية عديدة حول الموجة الأولى من الهجمات الصاروخية الإيرانية إلى استهداف موقع في وسط تل أبيب. هذا الموقع هو معسكر رابين، المعروف سابقًا باسم معسكر متكال-128، ويتألف من خمسة أقسام رئيسية: برج الأركان العامة، وهو مقر قيادة الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع؛ وبرج مارغانيت، وهو المبنى الإداري لهيئة الأركان العامة ومركز الاتصالات؛ وأبراج الكناري، التي تضم مكاتب عسكرية من بينها مقر قيادة القوات الجوية؛ والمبنى رقم 22، المعروف باسم منزل شيمون بيريز، والذي تستخدمه وزارة الدفاع ومكتب رئيس الوزراء؛ وأخيرًا مركز القيادة العليا تحت الأرض، المعروف باسم الحفرة الصهيونية أو الحصن، والذي تستخدمه هيئة الأركان العامة في حالات الطوارئ. ووفقًا للصور التي نُشرت ليلة الهجوم، استُهدفت نقطة واحدة على الأقل في هذه المنطقة. كما أفاد تقرير إخباري نُشر وقت الهجوم باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية.

                                                                                     معسكر رابين كيريا في تل أبيب
 

قاعدة تل نوف الجوية - كريات عكرون - رخفوت 

تُعرف قاعدة تل نوف الجوية أيضًا باسم القاعدة الجوية رقم 8، وتضم الأسراب 106 و133 (مقاتلات إف-15 سي/دي)، والأسراب 114 و118 (مروحيات سي إتش-53 كيه/دي)، والسرب 210 (طائرات إيتان الاستطلاعية والقتالية بدون طيار)، والسرب 5601 (مركز اختبار الطيران)، والوحدة 555 (مركز الحرب الإلكترونية المحمولة جوًا)، والوحدة 669 (البحث والإنقاذ)، والوحدة 888 (القوات الخاصة).

ووفقًا لصور نشرها الجيش الإسرائيلي، شاركت الطائرات المقاتلة المتمركزة في هذه القاعدة في غارات جوية ضد إيران خلال عمليتي التوبة وملك الأسد. تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة من قاعدة تل نوف الجوية في 12 يوليو/تموز 2025 أن أربعة مبانٍ على الأقل في الجزء المركزي من القاعدة قد تضررت أو دُمرت خلال الهجمات الصاروخية الإيرانية في حرب الأيام الاثني عشر. كما يُشير فحص دقيق لهذه الصور إلى أن قسم الإسكان التنظيمي في القاعدة استُهدف أيضًا في الهجوم الصاروخي الإيراني "وعد الحقيقة 2"، حيث دُمرت ثمانية مبانٍ على الأقل في هذه المنطقة، ويجري حاليًا إعادة بنائها.

                                                                                      قاعدة تل نوف الجوية
تُظهر صورة القمر الصناعي أعلاه المناطق المستهدفة في قاعدة تل نوف الجوية. في هذه الصورة، المناطق الحمراء هي المناطق التي استُهدفت خلال حرب الأيام الاثني عشر، والمناطق البرتقالية هي المناطق التي استُهدفت خلال عملية "الوعد الصادق 2".

 

مخيم جليلوت - هرتسليا - شمال تل أبيب 

تضم مخيمات جليلوت في شمال تل أبيب، الواقعة عند تقاطع جليلوت في هرتسليا، والتي تبلغ مساحتها حوالي كيلومترين مربعين، القاعدة الرئيسية للوحدة 8200 التابعة لمديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان).

يضم المجمع معسكر هرتسوغ (مقر مدرسة الاستخبارات العسكرية)، ومعسكر دايان (مقر الكليات العسكرية)، ومركز تراث الاستخبارات ونصب تذكاري لشهداء الاستخبارات، ويقع شرق طريق أيالون السريع عند تقاطع جيلوت. وإلى الغرب من الطريق السريع، مقابل معسكرات جيلوت، يقع مبنى الموساد.

ووفقًا للصور التي نُشرت للهجمات الصاروخية الإيرانية على شمال تل أبيب في 17 يونيو/حزيران، أصاب صاروخ واحد على الأقل سقيفة في معسكرات جيلوت. ورغم محاولة النظام الإسرائيلي التعتيم على أنباء الحادث بفرض رقابة عسكرية، إلا أن الصور الأولية التي نُشرت لموقع الهجوم، والتي تُظهر لافتة تحمل شعار الاستخبارات العسكرية للنظام، أكدت أن المنطقة المستهدفة تابعة لعمّان.

                                                                           معسكر جيلوت هرتسليا في شمال تل أبيب
 

معهد وايزمان للعلوم - رخفوت - جنوب تل أبيب

يعمل معهد وايزمان، كمركز بحثي، في مجالات متنوعة، تشمل الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والكيمياء الحيوية. إلى جانب الأنشطة البحثية، يشارك المعهد أيضاً في بعض المشاريع العلمية المتعلقة بشركات التكنولوجيا العسكرية.

ومن بين هذه المشاريع مشاريع التقنيات المزدوجة (بما في ذلك إنتاج أجهزة الاستشعار، وأنظمة التصوير، والاستشعار عن بعد، وغيرها) ومشروع بناء القمر الصناعي "ألتراسات"، الذي يتم تطويره بشكل مشترك بين شركة "إلبيت" ومنظمة الفضاء الإسرائيلية ومعهد وايزمان.

وبعد يومين من الغارات الجوية الإسرائيلية على إيران، وردت أنباء تفيد بأن معهد وايزمان كان هدفاً لهجمات صاروخية إيرانية على مناطق وسطى من الأراضي المحتلة في 15 يونيو/حزيران.

                                                                                                معهد وايزمان للعلوم

أظهرت الصور والتقارير الإخبارية التي نُشرت صباح اليوم التالي تدمير مبنيين في حرم معهد وايزمان وتضرر مختبراته. وأظهرت صور الأقمار الصناعية لحرم معهد وايزمان للعلوم أن صاروخًا باليستيًا إيرانيًا أصاب مبنيين بشكل مباشر، أحدهما مبنى أولمان (المستخدم لعلم الأحياء) والآخر مبنى الكيمياء الجديد (الذي كان قيد الإنشاء منذ عام 2021).

                                                                  بقايا تدمير الصواريخ الإيرانية

كما لوحظت أضرار ناجمة عن الانفجار في أربعة مبانٍ أخرى على الأقل، من بينها مبنى إسحاق وولفسون، ومبنى وولفسون، ومنشأة لوكي، ومبنى موسكوفيتز. ويُرجّح أن تكون هذه المنشأة قد استُهدفت ردًا على هجمات النظام الإسرائيلي على منظمة البحث والابتكار الدفاعية الإيرانية (سابند).

ووفقًا للأخبار المنشورة، ألحق الهجوم الصاروخي الإيراني على معهد وايزمان أضرارًا بـ 112 مبنى تابعًا للمعهد، بالإضافة إلى تدمير مبنيين، من بينها 52 مبنى سكنيًا و60 مبنى مختبريًا. ومن بين المباني المتضررة، احتاج خمسة منها إلى إعادة بناء، بينما دُمّر 52 مختبرًا بحثيًا وستة مختبرات خدمات. وتسببت الأضرار التي لحقت بالمعهد في إغلاق ما بين خُمس وربع عملياته، وألحقت أضرارًا مادية تُقدّر قيمتها بما بين 450 و600 مليون دولار أمريكي.

                                                                                           معهد وايزمان للعلوم

في صورة القمر الصناعي أعلاه، يظهر باللون الأحمر مبنيان في حرم معهد وايزمان استُهدفا مباشرة بصاروخين باليستيين إيرانيين، كما تسببت موجة الانفجار الناتجة عن هذين الصاروخين في أضرار لمستويات مختلفة من المباني المجاورة، والتي تم تمييزها باللون البرتقالي.

في الصورة الملتقطة بالأقمار الصناعية أعلاه، يظهر باللون الأحمر مبنيان في حرم معهد وايزمان استُهدفا مباشرةً بصاروخين باليستيين إيرانيين، كما تسببت موجة الانفجار الناتجة عن هذين الصاروخين في أضرار لمبانٍ مجاورة على مستويات مختلفة، مُشار إليها باللون البرتقالي.


الجزء الثاني: الأهداف الاقتصادية والبنية التحتية
 

مصفاة حيفا النفطية

في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على مستودع النفط في شهران شمال طهران في 14 يونيو/حزيران، ردّت إيران على هذه الضربة الجوية بهجوم صاروخي على مصفاة حيفا النفطية في 16 يونيو/حزيران. وكانت المصفاة، التي كانت مملوكة سابقًا لمجموعة ICL، قد نُقلت ملكيتها إلى مجموعة بازان للبتروكيماويات في سبتمبر/أيلول 2022.

ووفقًا لبيانات عام 2024، تُزوّد ​​مجموعة بازان 65% من وقود الديزل اللازم لوسائل النقل الإسرائيلية، و59% من البنزين المستهلك، و52% من الكيروسين الذي يستخدمه أسطول طائرات النظام.

وبعد الهجوم الإيراني، استُهدفت ثلاثة مواقع على الأقل في مصفاة حيفا. ووفقًا للأخبار المنشورة، أسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة من موظفي المصفاة، وتأجل استئناف عملياتها حتى أكتوبر/تشرين الأول.

وذكرت مصادر عبرية أن الهجوم تسبب في أضرار تتراوح قيمتها بين 150 و200 مليون دولار، لم يُقدّم منها سوى 48 مليون دولار كدفعة مقدمة من صندوق التعويضات.

                                                                                                مصفاة حيفا النفطية

 

برجا رامات غان التوأمان - رامات غان - تل أبيب

يُعرف برجا رامات غان التوأمان بأنهما من بين العديد من المباني التجارية في منطقة بورصة الماس بتل أبيب، والتي يُقال إنها تُستخدم لأغراض تجارية. خلال الهجوم الصاروخي الإيراني في 19 يونيو، كانت منطقة بورصة الماس في رامات غان، وتحديدًا المنطقة المحيطة ببرجي رامات غان التوأمان، من بين المناطق التي استهدفتها الصواريخ الإيرانية. ووفقًا لتقارير إخبارية منشورة، فقد دُمّر مبنى واحد على الأقل في الهجوم، كما تضررت مبانٍ مجاورة، بما في ذلك برجا رامات غان التوأمان، جراء موجة الانفجار.

كان من أبرز سمات الحرب استخدام إيران مزيجًا غير متوقع من الصواريخ الباليستية. اعتمدت معظم عمليات الإطلاق على صواريخ تعمل بالوقود السائل، وتحديدًا من الجيل القديم، مثل صواريخ قادر وعماد. وتم الكشف عن نماذج أولية من عائلة صواريخ قادر، المبنية على نظام شهاب-3، برأس حربي بسيط قابل للفصل، في عام 2009، بينما كُشف النقاب عن صاروخ عماد برأس حربي موجه قابل للفصل في عام 2015.

كما أُطلقت نسخة محسّنة منه في عام 2024. تتميز هذه الأنظمة بحجمها الأكبر، ودقتها الأقل، وبطئها، وارتفاع معدل الخطأ فيها، وسهولة اعتراضها من قِبل العدو، مقارنةً بالأجيال الحديثة مثل صواريخ حاج قاسم وخيبر شكن.

برز هذا التحدي في وقت كانت فيه مخزونات الصواريخ الإيرانية الحديثة تتركز بشكل رئيسي في قواعد غربية وجنوبية غربية وشمالية غربية. واستنادًا إلى تجارب سابقة، استهدف الكيان الصهيوني مرارًا وتكرارًا قواعد الصواريخ في محافظات أذربيجان الغربية ولورستان وكرمانشاه وخوزستان الحدودية، والتي تضم أكثر من اثنتي عشرة قاعدة مزودة باحتياطيات حديثة.

مكّنت الدوريات الجوية المستمرة للكيان الصهيوني من تحديد مواقع إطلاق الصواريخ ومهاجمتها، ومحاولة إلحاق الضرر بمداخل الأنفاق وطرق الإمداد. ورغم أن الأجزاء تحت الأرض ظلت سليمة في معظمها، إلا أن المداخل المتضررة تسببت في بقاء هذه الأجزاء مغلقة.

عمليًا، تحوّل العبء الرئيسي للهجمات الصاروخية بعد اليوم الرابع إلى القواعد المركزية والشمالية في محافظات أصفهان وطهران وفارس وقزوين، والتي كانت مُجهزة في الغالب بصواريخ بعيدة المدى ولكنها قديمة. واستُخدم عدد محدود من الصواريخ الحديثة، مثل خيبر شكن 2 وحاج قاسم، بحذر شديد. وشملت هذه العملية إطلاقًا متزامنًا لصواريخ باليستية تعمل بالوقود السائل لإغراق الدفاعات، وإطلاقًا محدودًا لصواريخ متطورة تعمل بالوقود الصلب ضد أهداف محددة.

وبينما لم تُتح لإيران فرصة استغلال قدراتها بالكامل، فقد تعززت شبكة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية المضادة للصواريخ الباليستية إلى مستوى غير مسبوق. وخلال المعركة، أظهرت الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي تعاونًا واسع النطاق في مجالات الاستخبارات والقيادة والعمليات والدفاع الصاروخي المتكامل.

وفي الوقت نفسه، ومع انخفاض احتياطيات الصواريخ الاعتراضية الإسرائيلية في مواجهة الهجمات الإيرانية المكثفة، ازداد اعتماد تل أبيب على أنظمة الدفاع الأمريكية. وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة أطلقت أكثر من 230 صاروخًا اعتراضيًا مضادًا للصواريخ الباليستية للدفاع عن الإسرائيليين.

تضمنت منظومة الدفاع متعددة الطبقات للكيان الإسرائيلي خلال تلك الفترة صواريخ ستاندرد-3، وبيكان-3، وثاد أرض-جو الاعتراضية، بالإضافة إلى صواريخ بيكان-2 وستاندرد-6 الاعتراضية داخل الغلاف الجوي.

أشارت التكلفة الباهظة التي تكبدتها الولايات المتحدة مقابل احتياطياتها المحدودة من الصواريخ الباليستية الاعتراضية إلى أهمية دور منظومة الدفاع الصاروخي الأمريكية في دعم الكيان الإسرائيلي. ويُعدّ دعم منظومة الدفاع الصهيونية المتقدمة، وإن كانت محدودة، أحد العوامل الرئيسية في الحرب الإيرانية الإسرائيلية، إذ تضاعفت قدرة الكيان الصهيوني على الاعتراض تقريبًا في فترة وجيزة.

نشرت الولايات المتحدة أيضًا منظومتين من منظومة ثاد لدعم النظام الإسرائيلي: الأولى جنوب كريات جات قبل نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024، والثانية قرب قاعدة نيفاتيم الجوية في أبريل/نيسان 2025. تحتوي كل منظومة ثاد، بست منصات إطلاق، على 48 صاروخًا اعتراضيًا، ويمكن توسيعها لتشمل تسع منصات.

ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، أُطلق أكثر من 150 صاروخ ثاد ونحو 80 صاروخ ستاندرد-3 خلال معركة استمرت 12 يومًا، وهو ما يعادل استهلاك ثلاث منظومات ثاد كاملة.

يُزعم أنه من بين ما يقارب 574 صاروخًا باليستيًا أطلقتها إيران، تمكن الكيان الإسرائيلي من اعتراض 257 صاروخًا، منها 201 صاروخًا ناجحًا، و20 صاروخًا ناجحًا جزئيًا، و36 صاروخًا فاشلًا. وقد خضعت آثار الصواريخ الإيرانية التي تصيب الأراضي المحتلة لرقابة مشددة.

قد يوفر المستقبل القريب فرصًا كبيرة لإيران. يمكن تحديد هذه الفرص من خلال مراجعة التكتيكات العسكرية، وإعادة بناء البنية التحتية الصناعية المتعلقة بقدرات الصواريخ، وتحسين مرونة الأنظمة الحالية، وإدخال جيل جديد من الأسلحة في الخدمة العملياتية.

مع ذلك، لن تبلغ هذه القدرات أقصى كفاءتها إلا بإعادة بناء شبكة الدفاع وقواتها. في المقابل، ستكون إعادة بناء واستعادة قدرة إسرائيل المضادة للصواريخ الباليستية عملية مكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً، وقد تُغير ميزان الردع لصالح إيران على المدى المتوسط.

                                                                                              صاروخ فتح فرط صوتي

وفقًا لتصريحات رسمية لمسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، بمن فيهم اللواء البحري علي شمخاني، ممثل قائد الثورة والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي، ومحمد باقر قاليباف، القائد السابق لسلاح الجو التابع لحرس الثورة الإيرانية والرئيس الحالي لمجلس الشورى الإسلامي، لم تكن لإيران أي تجربة حرب مباشرة مع الكيان الصهيوني قبل أبريل/نيسان 2024.

ونتيجة لذلك، تُعتبر عملية "الوعد الصادق 1" أول تجربة عملياتية لإيران في مواجهة مباشرة مع أنظمة الدفاع الإسرائيلية. ففي هذه العملية، أُطلق أكثر من 150 طائرة مُسيّرة و100 صاروخ باليستي في وقت واحد على أهداف في عمق الأراضي المحتلة. إلا أن الاختلاف الكبير في مسارات طيران هذه الأنظمة (بما في ذلك مدة طيران تتراوح بين 9 و10 ساعات للطائرات المُسيّرة، وحوالي ساعتين ونصف للصواريخ الجوالة، و12 إلى 20 دقيقة فقط للصواريخ الباليستية) جعل التنسيق الزمني الدقيق بين موجات الهجوم أمرًا صعبًا.

وقد أُخذت هذه التجربة بعين الاعتبار مباشرةً في تصميم العمليات اللاحقة، وتحديدًا "الوعد الصادق 2" و"الوعد الصادق 3"، بحيث نجحت قيادة صواريخ الحرس الثورة الإيرانية في المراحل اللاحقة في زيادة معدل إصابة واختراق أنظمة الدفاع الإسرائيلية، وذلك بفضل استقلالية تكتيكية أكبر وتوقيت متسلسل لعمليات الإطلاق.

يبدو أن جزءًا كبيرًا من الصواريخ الاستراتيجية الإيرانية تُرك عمدًا دون استخدام. بقيت في الترسانة صواريخ باليستية بعيدة المدى مثل سجيل وخرمشهر-3 وخرمشهر-4، وطائرة شاهد-238 المسيّرة الشبيهة بطائرات كروز، بالإضافة إلى صواريخ كروز أرض-أرض مثل أبو مهدي وباوه.

ونظرًا لعدم وجود قيود على المدى في استهداف المناطق المحتلة، يعكس هذا القرار اعتبارات الردع والحفاظ على القدرات تحسبًا لمراحل لاحقة محتملة من النزاع. وتتميز عائلة صواريخ خرمشهر، التي تُعد من أحدث إنجازات إيران الباليستية، بأنظمة ملاحة فرعية حديثة، وأنظمة تحكم طيران متطورة، وتصميم مُحسَّن للتغلب على أنظمة الدفاع الصاروخي متعددة الطبقات. ويمكن اعتبار عدم استخدام هذه الصواريخ في حرب الأيام الاثني عشر الأخيرة مؤشرًا على وجود احتياطيات من القدرات الاستراتيجية للنزاعات المستقبلية.

خلال هذه الحرب، استهدفت غارات جوية إسرائيلية عدداً من المنشآت المتعلقة بإنتاج الوقود الصلب والمتفجرات، بالإضافة إلى أجزاء من البنية التحتية لبرنامج الصواريخ الإيراني.

والسؤال المحوري هو:

"هل نجحت هذه الهجمات في تعطيل سلسلة إنتاج الصواريخ الباليستية الإيرانية؟".

تُظهر أدلة مصورة نشرتها وسائل الإعلام ومصادر تحليلية مستقلة أن جزءاً من عملية إنتاج الصواريخ الإيرانية يُنفذ في منشآت تحت الأرض ومحصنة، بما في ذلك خط تجميع صواريخ دزفول الباليستية الذي ظهر في فبراير/شباط 2019.

وهذا يجعل من المستحيل عملياً تدمير سلسلة إنتاج الصواريخ الإيرانية بالكامل بالقدرات الحالية للنظام الإسرائيلي. ويبدو أن عملية نقل خطوط إنتاج الصواريخ إلى تحت الأرض ستستمر بوتيرة أسرع في المستقبل. ورغم أن عملية إنتاج الوقود والمتفجرات في منشآت تحت الأرض قد تكون بالغة الصعوبة، إلا أنها ستصب في مصلحة إيران على المدى المتوسط.

وفي حال تعطل الإنتاج، يُقدر أن المخزونات الإيرانية الحالية قادرة على دعم عدة جولات من الصراع. على وجه الخصوص، تُعتبر صواريخ خيبر شكن وفتح، التي تعمل بالوقود الصلب، والتي تفوق سرعتها سرعة الصوت أو تقترب منها، والتي يُحتمل أن يكون لها دور في تدمير مصفاة حيفا، بالغة الصعوبة من منظور الدفاع المضاد للصواريخ الباليستية.

وتشير التقديرات إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه المخزونات لا يزال سليمًا في قواعد غرب إيران، ويتم نشرها حاليًا في مواقع متفرقة في وسط إيران.

في المقابل، تُقدّر تكاليف الدفاع التي يتكبدها الكيان الإسرائيلي في صراع مماثل بأنها باهظة للغاية، بل تكاد تكون لا تُطاق. ورغم أن الإحصاءات الدقيقة لمخزونات الصواريخ الإسرائيلية سرية، فقد وصف مسؤولون أمريكيون وضعهم بأنه حرج.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2024، يواجه النظام الإسرائيلي خطرًا حقيقيًا يتمثل في نقص صواريخ الاعتراض.

ووفقًا لدانا سترول، نائب مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط، فإن مشكلة الذخيرة الإسرائيلية خطيرة للغاية.

كما أعلن الرئيس التنفيذي لشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) أن خطوط إنتاج صواريخ الاعتراض تعمل بثلاث ورديات وبأقصى طاقة إنتاجية، بحيث لا يمكن استبدال سوى جزء من المخزون المستهلك.

والوضع في الولايات المتحدة ليس مواتياً أيضاً. فبحلول عام 2025، لم تُنتج شركة لوكهيد مارتن سوى 900 صاروخ اعتراضي من طراز تالون، سُلّم منها 192 صاروخاً إلى الإمارات العربية المتحدة و50 صاروخاً إلى المملكة العربية السعودية.

ومن بين الـ 658 صاروخاً المتبقية في الولايات المتحدة، استُخدم حوالي 25 صاروخاً في التدريبات، وأُطلق ما يقرب من 150 صاروخاً في الحرب الأخيرة.

وهذا يعني أن المخزون العملياتي الأمريكي انخفض إلى أقل من 500 صاروخ، وأن ربع الأسلحة العملياتية الأمريكية البالغ عددها 8 صواريخ وُجّهت فعلياً إلى الأراضي المحتلة.

ولن تتسلم الولايات المتحدة سوى 12 صاروخاً اعتراضياً جديداً هذا العام، و37 صاروخاً آخر فقط في عام 2026. وحتى مع بلوغ الطاقة الإنتاجية السنوية الكاملة البالغة 100 صاروخ، فإن إعادة ملء المخزون ستستغرق أكثر من 18 شهراً، وقد تُعطّل عمليات تسليم الطلبات الخارجية، مثل طلب المملكة العربية السعودية البالغ 360 صاروخاً.

تجدر الإشارة إلى أن منظومة إيجيس التابعة للبحرية الأمريكية أطلقت أيضاً حوالي 80 صاروخاً من طراز ستاندرد-3 في هذه المعركة. في حين لم يتم تسليم سوى 398 صاروخًا تقريبًا من هذه الصواريخ إلى البحرية الأمريكية بحلول عام 2024، فقد استُخدم أكثر من 400 صاروخ خلال الفترة من 2023 إلى يناير 2025 لمواجهة طائرات أنصار الله اليمنية المسيّرة وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية، بما في ذلك 120 صاروخًا من طراز SM-2، ونحو 80 صاروخًا من طراز SM-6، و20 صاروخًا من طراز SM-3، وعدد من صواريخ ESSM. وبإضافة استخدام 12 صاروخًا في عملية "الوعد 2" و80 صاروخًا في عملية "الوعد 3"، يكون قد تم استخدام حوالي 23% من إجمالي مخزون صواريخ ستاندرد-3 حتى الآن.

وبمدى يتراوح بين 700 و900 كيلومتر، تُعد هذه الصواريخ من بين الأدوات الدفاعية الأمريكية القليلة في مواجهة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات ذات القدرة النووية.

وفي أي نزاع مستقبلي، إذا فشلت الولايات المتحدة في الحفاظ على مظلتها الدفاعية الفعّالة فوق الأراضي المحتلة، فإن الضرر الذي سيلحق بالكيان الصهيوني سيتضاعف وسيكون كارثيًا.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة