خلال الاجتماع الأول لأعضاء الوفد الحكومي الرابع عشر مع قائد الثورة الإسلامية، أكد سماحته في جزء من تصريحاته على أهمية الذكاء الاصطناعي وإتقان الطبقات العميقة لهذه التقنية في المجالين العسكري والمدني، وهي كلمات أكدت بوضوح على ضرورة تجاوز مستوى الاستهلاك والتحرك نحو إتقان الطبقات العميقة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
ومع تأكيد قائد الثورة على ضرورة الإتقان الاستراتيجي لهذه التقنية، دخل تطوير الذكاء الاصطناعي وإتقان طبقاته العميقة في قطاع الدفاع في البلاد مرحلة جديدة. وهذه الاستراتيجية الوطنية، مع خلق رابط بين المؤسسات العسكرية والنظام البيئي القائم على المعرفة في البلاد، وضعت حرس الثورة الإسلامية والجيش ووزارة الدفاع والشركات القائمة على المعرفة على مسار تآزري.
أصبح الذكاء الاصطناعي أحد ركائز القوة الدفاعية لجمهورية إيران الإسلامية؛ وهي ظاهرة لا تُغير طبيعة الحروب والمنافسات العسكرية فحسب، بل تُغير أيضًا موازين القوى في المنطقة لصالح إيران. وبخلاف العديد من الدول التي لا تزال في مرحلة البحث والاختبار، وصلت الجمهورية الإسلامية، بالاعتماد على الاكتفاء الذاتي التكنولوجي والقدرات المحلية، إلى مرحلة تفعيل الذكاء الاصطناعي في مجموعة متنوعة من الأسلحة والطائرات المسيرة والصواريخ وأنظمة الدفاع، مُرسخةً بذلك شكلاً من أشكال القوة العسكرية الذكية.
يتحدث كبار القادة العسكريين عن تقدم ملموس
قال اللواء حسين سلامي، القائد العام لحرس الثورة الإسلامية، صراحةً:
"سنستفيد كثيرًا من الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، وسنحرص على مراعاة اعتباراتنا الأخلاقية في هذا الصدد".
قال اللواء سيد عبد الرحيم موسوي، القائد العام للجيش الإيراني، مشيرًا إلى الخبرة الطويلة في هذا المجال:
"بدأ استخدام الذكاء الاصطناعي قبل بضع سنوات في مختلف قطاعات الجيش، واستُخدم في مجالات متنوعة".
وأكد قائد القوات البرية للجيش، العميد كيومرث حيدري، قائلاً:
"اليوم، جزء كبير من معداتنا المضادة للطائرات وأسلحتنا وطائراتنا المسيرة مُجهّز بالذكاء الاصطناعي. وجميع أسلحتنا الدقيقة والذكية والمتصلة بالشبكة صُممت وأُنتجت على يد علماء محليين. وقد تمكنا من إدخال الذكاء الاصطناعي في أسلحة القوات البرية بالتعاون مع 102 شركة معرفية وجامعات رائدة في البلاد".
وفيما يخص المجال البحري، أعلن العميد علي رضا تنغسيري، قائد القوات البحرية لحرس الثورة الإيرانية، عن تجهيز صواريخ كروز بعيدة المدى بالذكاء الاصطناعي، وأضاف:
"أصبحت صواريخنا قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة، وتحديد الأهداف، وإجراء مناورات معقدة لتجاوز أنظمة العدو. وبل يمكنها تشكيل تشكيلات مع عدة أنظمة إطلاق، واختيار الهدف الذي تُصيبه أم لا".
وكما تابع قائلا:
"نعمل اليوم في القوات البحرية لحرس الثورة الإيرانية ووزارة الدفاع ودعم القوات المسلحة على تطوير صواريخ كروز بمدى يتجاوز ألف كيلومتر، بالاعتماد على قدرات الذكاء الاصطناعي التي تستهدف الأهداف على ارتفاعات مختلفة. وأن "حرس الثورة الإيرانية، عبر الاعتماد على نخبة من الشباب الملتزمين، جهز طائرات مهاجر-6 وأبابيل-5 المسيرة بصواريخ الذكاء الاصطناعي من طرازي "قائم" و"ألماس"".
صواريخ تتخذ قراراتها بنفسها
تجاوزت عبارة "صواريخ بأدمغة ذكية" مجرد شعار ترويجي، وأصبحت واقعًا تكنولوجيًا في الصناعات الدفاعية الإيرانية. وصواريخ مثل "خرمشهر-4" و"قدر-380" هي أمثلة واضحة على هذه القفزة الاستراتيجية.
يستخدم صاروخ "خرمشهر-4"، الذي يبلغ مداه 2000 كيلومتر، خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتصحيح مسار رحلته في الوقت الفعلي. ولم تزد هذه القدرة من الدقة فحسب، بل أتاحت أيضًا المناورة ضد دفاعات العدو. كما أن صاروخ "قدر-380"، باعتباره صاروخ كروز، قادر على إجراء عمليات مستقلة حتى في حالة فقدان الاتصال بمركز القيادة.
من المسيرات الموجهة إلى القيادة الذكية
يمكن للصواريخ المجهزة بالذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الواردة من أجهزة الاستشعار في جزء من الثانية واختيار أفضل مسار أو هدف. وتُعتبر هذه القدرة ميزة استراتيجية، خاصة ضد التهديدات الحديثة التي تتطلب استجابات فورية.
ومع ذلك، فإن أحد القطاعات التي شهدت أكبر قدر من التطور هو مجال الطائرات بدون طيار القتالية.
تتمتع هذه الطائرات الآن بالقدرة على تحديد الأهداف وتحديد أولوياتها واستهدافها بشكل مستقل دون تدخل بشري، باستخدام الذكاء الاصطناعي. وقد أدى هذا التطور إلى زيادة المدى التشغيلي والمرونة في اتخاذ القرار وتقليل وقت رد الفعل. عناصر حيوية في معارك المستقبل، حيث السرعة والدقة هما العاملان الرئيسيان لتحقيق النصر.
تطبيقات واسعة للذكاء الاصطناعي على المستوى العسكري
يؤكد القائد العام للجيش الإيراني أن الذكاء الاصطناعي لم يقتصر على الأسلحة فحسب، بل دخل أيضًا في مجالات التدريب ومحاكاة التمارين وتحليل المعلومات والتنبؤ بتحركات العدو. ويستخدم الجيش الإيراني هذه التقنية حاليا في تصميم أنظمة الدفاع والأسلحة المضادة للطائرات والأسلحة بعيدة المدى وأنظمة الاستطلاع.
التميز في الحرب الإلكترونية والدفاع الجوي
يُعدّ تحسين الدفاع الجوي باستخدام الذكاء الاصطناعي أحد أهم مظاهر القوة الدفاعية الإيرانية الحديثة. وأصبحت أنظمة الدفاع في البلاد قادرة الآن على تحديد أهداف متعددة وتحديد أولوياتها وتتبعها في آنٍ واحد وتدميرها تلقائيًا. ومن بين السمات التي تميز هذه الأنظمة استخدام تحليل البيانات البيئية والتكيف السريع مع ظروف القتال والتصدي للصواريخ عالية السرعة والطائرات المسيرة.
أسلحة فائقة السرية وردع جديد
أشار العميد كيومرث حيدري قائد القوات البرية للجيش في جزء من خطابه، إلى وجود أسلحة "متطورة، بل وسرية للغاية"، مصممة بتقنية الذكاء الاصطناعي.
وقد حسّنت هذه المعدات، التي جُرّبت في ظروف تشغيلية، قدرة إيران على بناء ردع فعال بشكل ملحوظ.
أصبح الجمع بين التكنولوجيا والقوة العسكرية درعًا نفسيًا للشعب الإيراني اليوم. ويدرك الأعداء أن الأسلحة الذكية الإيرانية ليست دقيقة وسريعة فحسب، بل لديها أيضًا القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة، وفي حالة نشوب صراع، يمكنها إظهار ردود فعل عنيفة دون الحاجة إلى تدخل بشري. وقد ارتقى هذا العامل بردع إيران إلى مستوى جديد.
ظهور القوة الذكية الإيرانية في ساحة المعركة
لقد بلغت جمهورية إيران الإسلامية، بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، إلى مستوى من القوة يمكن تسميته "القوة الذكية العسكرية". وذلك من صواريخ صنع القرار إلى الطائرات المسيرة ذاتية التشغيل، ومن الدفاعات متعددة الطبقات إلى الأسلحة شديدة السرية، فتشير جميعها إلى أن إيران دخلت مرحلة استراتيجية من الردع النشط والدفاع الذكي.
وإذا استمر هذا المسار بنفس القوة والتنسيق، قد يعيد تحديد مكانة الجمهورية الإسلامية الإيرانية على خريطة القوة العالمية.