البث المباشر

القرية الخشبية في نيشابور.. إبداع في الفن والعمارة

الأربعاء 11 سبتمبر 2024 - 19:12 بتوقيت طهران
القرية الخشبية في نيشابور.. إبداع في الفن والعمارة

قرية صغيرة منشآتها وأبنيتها كلها مصنوعة من الخشب، تحظى بنظام بيئي وشكل لافت هي قرية الملا محمد آقازاده الخشبية.

قرية تشوبين أو قرية "ملا حمد آغازادة" هي إحدى الأماكن السياحية في محافظة خراسان الرضوية وتقع في مدينة نيشابور.

وتبعد هذه القرية عن مركز مدينة نيشابور 16.9 كم (24 دقيقة). وتبلغ المسافة بين قرية تشوبين نيشابور ومشهد وطهران 114 كم (90 دقيقة) و787 كم (9 ساعات وخمس دقائق) على التوالي.

كما تقع هذه القرية على بعد 112 كم (90 دقيقة) من مطار مشهد الدولي، و122 كم (100 دقيقة) من محطة قطار مشهد و117 كم (94 دقيقة) من محطة حافلات مشهد. والمسافة بين قرية نيشابور الخشبية ومحطة قطار نيشابور 16 كم (21 دقيقة).

وتعتبر أجمل مكان في نيشابور لقضاء أوقات مفرحة وعطلة ملؤها الراحة.

وقد أنشأت هذه القرية الخشبية على يد المهندس حميد مجتهدي، وهو من أحفاد محمد كاظم خراسان، وتحتوي على مختلف المرافق بما فيها مسجد، مطعم، متحف ومكتبة، وهذه المنشآت لم تستحدث فقط لاستقطاب السائحين وإنما أيضا لتجري فيها روح الحياة ولتكون ذات فائدة لعموم الناس.

يذكر أن الشخص المسؤول عن متابعة أمور القرية حتى العام 2013م كان المهندس مجتهدي نفسه، وبعد أن وافاه الأجل تولت زوجته المهندسة السيدة حشت، خريجة فرع الفن (الرسم) ادارة القرية.

تجدر الإشارة إلى أن الملا محمد آقازاده خراسان، الذي كانت القرية في وقت سابق تسمى باسمه، كان من الأشخاص الخيرين، وأحد أبناء مرجع التقليد آخوند خراساني، وقد كان لتعليمات وتوصيات هذا الأب أثرها العميق في الابن الذي بدرت منه أعمال كثيرة تنم عن تعاطفه ومدى إنسانيته ونبله.

فعلاوة على نيله العلوم والمعارف الإسلامية، تابع الملا محمد القضايا السياسية والاجتماعية والرفاهية للمنطقة وأهاليها. فمثلا، لأجل توفير عناصر الأمن والراحة لزائري الإمام الرضا (ع)، قام ببناء مقرات إقامة في مدينتي سبزوار ونيشابور، والتي اشتهرت باسمه.

ومن بين هذه المقرات القرية الخشبية ذاتها. كما أسس ايضا لزائري الحرم الرضوي العديد من خانات المسافرين ومسجد وقناة وحمام ومرافق رفاه اخرى. وهذه المنشآت اتخذت لنفسها شيئا فشيئاً شكل قرية واشتهرت باسم قرية الملا محمد آقازادة. 

وبعد مدة عاد المهندس حميد مجتهدي، حفيد الملا محمد، من أمريكا إلى إيران وسكن في القرية، وكان قد تخرج حاملا شهادة الهندسة المدنية وتعلم طرق إنشاء الأبنية المقاومة للزلازل، وأخذ يبذل الجهود الحثيثة لتعمير وإحياء القرية، مستفيدا من تركة جده التي شملت 200 هكتار أراض زراعية، و3 آبار ماء وقناة، والتي أضحت جميعها، إلى جانب المسجد الآيل للانهيار والدور الخالية من السكان، بفكره الهندسي الخلاق قرية مبنية من الخشب، وحينما كانت عائلة مجتهدي تسكن القرية، لم تكن هناك سوى 12 شجرة، في حين أن المهندس حميد وبما له من استشراف ونظر بعيد، باشر بزراعة أشجار تفيد لصناعة الخشب، والتي وفرت 90 في المائة من هذه المادة لبناء القرية.

علما أن إنشاء هذه القرية لم يكن بالأمر الهين، فقد استغرق العمل 20 عاماً من النشاط الزراعي، والسكن في غرفتين لا أكثر، مع توافر القليل من الإمكانيات في السنوات الأولى للثورة، علاوة على الرياح الشديدة والاثربة المتصاعدة من الصحراء والقفار المحيطة، كلها شكلت حياة صعبة للغاية للمهندس.

وتحيط بالقرية الخشبية حالياً مختلف أنواع الزهور والاشجار والمساحات الخضراء، مانحة إياها منظراً خلابا مفرحاً مفعماً بالحياة. أما في القرية نفسها، فإن الكثير من المساحات مزروعة والتي لا تحتاج لكثير من مياه الري، علاوة على فائدته بعد جنيه كعلف حيواني.

وعلاوة على البساتين الصغيرة والمساحات الخضراء، توجد في القرية بركتا ماء ومسبح، تزيد جمالاً إلى جمال المكان، وتحصل البركتان على مياههما من بئرين عميقين وتستعملان لتربية السمك البني وإلى جانبهما أشجار باسقة يستظل بها المارة والأهالي.

 

مسجد القرية الخشبي

هذا المسجد الخشبي البديع، وهو أشهر مبنى في القرية، هو أول مسجد خشبي في ايران، وفي العالم حسب ما يقال. وهذا المسجد بني ليقاوم زلزال بقوة 8 درجات على مقياس ريختر، كما بني أيضا كما بقية المنشآت بحيث لا تؤثر عليه دودة الأرضة التي تكثر في هذه المنطقة، إذ أن المهندس مجتهدي قام بنفسه بصنع مواد عازلة ومقاومة لهذا الغرض.

ويحتوي المسجد على 3 أبواب دخول و5 شبابيك، وهو ملجأ للعبادة وفخر لأهالي القرية، وبني على أرض مساحتها 200 مترمربع وفيه منارتان ترتفعان 13 مترا عن سطح الأرض، وتزن كل منهما 4 أطنان. واستغرق بناؤه سنتين، واستعمل في بنائه أخشاب مجموع أوزانها 40 طنا، وهندسته جعلته مقاوماً لعدة قرون.

وهناك في أعلى المنارتين، حيث تتصلان بالسقف، توجد فتحة تفيد لتهوية المسجد في فصل الصيف، وهي مثال آخر على ذكاء المهندس صيد مجتهدي الذي حول المسجد من منشأة عادية إلى عمل هندسي رائع. علماً أن كل ما يحتويه المسجد، من جدران وخزانات وحتى صواني المطبخ، هي خشبية.

 

قبر حميد مجتهدي في القسم الشمالي للمسجد

قبل أن يُبنى المسجد الخشبي في موقعه الحالي، كان يوجد بنفس المكان مسجد متهدم، وبدأ السيد مجتهدي قبل كل شيء بطلب كافة العمال والأهالي أن يجلبوا ترابا جديدا لتكون كافة مواد بناء المسجد نظيفة وطاهرة، ثم قام بعد ذلك ببناء مزار له وأنشأ بجانبه هذا المسجد البهي الذي تم افتتاحه في العام 2008م.

 

المكتبة والمتحف

بناية المكتبة في القرية، مثلها مثل المسجد، جدرانها مزدوجة وسطحها جملوني، ولهذه المكتبة باب الدخول وآخر للخروج، ودرجان يصعدان إلى الطابقين العلويين، أولهما متحف مغطاة جدرانه بالخشب والمرايا بأشكال فنية. أما الطابق الثاني فيحتوي على مكتبة فيها مختلف الكتب، حتى الكتب السياحية.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة