رغم اننا لسنا هنا في وارد الرد على هذه الاصوات النشاز، فهي حقا نشاز، لانها لا تمثل الشارعين العربي والاسلامي، اللذان باتا اليوم اكثر التصاقا، لاسيما بعد معركة "طوفان الاقصى"، بمحور المقاومة الذي تقوده ايران، المحور الوحيد الذي وقف الى جانب الشعب الفلسطيني الاعزل، بينما باقي الانظمة العربية والاسلامية، اما مُطبّعة مع العدو الاسرائيلي، وأما متفرجة، والادهى والامر، ان هناك من بين هذه الانظمة، من يقوم بدور الوسيط بين الجلاد والضحية، بين العدو الاسرائيلي والمقاومة في غزة، وهناك من دعم وساند العدو الاسرائيلي بالمال والسلاح والاقتصاد والاعلام، ليواصل جريمة الابادة الجماعية التي ينفذها ضد اهالي غزة.
هذه الاصوات، يحركها عاملان، الاول طائفي، وهو مرض عضال لا يمكن انقاذ اصحابه منه، فهو ينخر فيهم ماداموا احياء، حتى قال احدهم ساخرا، انه لولا الفضيحة، لما ردد الطائفيون، عبارة "لا اله الا الله"، لمجرد ان الايرانيين يقولونها، فهل يمكن لعاقل ان ينتظر من هؤلاء الطائفيين ان يقفوا الى جانب القضية الفلسطينية، التي اعتبرتها ايران بوصلتها، وتم التأكيد عليها في دستورها، وقدمت الغالي والنفيس من اجلها، انطلاقا من العقيدة الاسلامية، ولا يشوب هذا الموقف اي شائبة مصلحة او منفعة مادية او حتى سياسية، بل على العكس تماما، وبسبب هذا الموقف المبدئي الايراني من القضية الفلسطينة، فُرضت عليها حصارا خانقا طال حتى الدواء، منذ اكثر من اربعة عقود، ولا يمر يوم دون ان تواجه ايران مؤامرة او مخطط او فتنة، يقف وراءها الثناني الامريكي الاسرائيلي، هذا بالاضافة الى تقديمها الالاف من خيرة ابنائها على طريق القدس وعلى راسهم القائد الشهيد قاسم سليماني، واخرهم القائد الشهيد زاهدي.
اما العامل الذي يحرك تلك الاصوات النشاز، هو العمالة والخيانة والارتزاق، فهذه الاصوات باتت معروفة للشارعين العربي والاسلامي، فهي تعلن جهارا نهارا، دون ادنى حياء، عدائها لايران ومحور المقاومة، وتعلن وبصراحة وقحة ان القضية الفلسطينية ليست قضيتهم، وان المقاومة في فلسطين ليس سوى ارهاب، وان حماس ارهابية، ويطالبون العدو الاسرائيلي بالاسراع بإتمام "المهمة"، والمهمة هي القضاء على المقاومة، وان لا حق للشعب الفلسطيني بفلسطين، وان فلسطين هي للصهاينة، وان المسجد الاقصى ليس سوى اكذوبة، و..
المحرك الرئيسي لهذين العاملين هو محرك واحد، هو امريكا و"اسرائيل"، فهذا الثنائي، يتحكم بالطائفيين بشكل غير مباشر، وبالعملاء والخونة والمرتزقين، بشكل مباشر، فالجميع في النهاية يخدم "اسرائيل"، خدمة تعجز عنها امريكا نفسها، فهؤلاء الطائفيون والعملاء، يعيشون بين العرب والمسلمين، ويعملون على زرع الاحباط واليأس في قلوب العرب والمسلمين، عبر التشكيك بخيار المقاومة، وبجدية ومبدئية موقف ايران والمقاومة من القضية الفلسطينية.
من حق امريكا ان تحقد على ايران، ومن حق زعماء الكيان الاسرائيلي وعلى راسهم نتنياهو، ان يصابوا بالجنون، بسبب الدعم الايراني للقضية الفلسطينية، فايران كانت السبب في منع امريكا من دفن القضية الفلسطينية، وبفضلها تحولت الحجارة بيد الانسان الفلسطيني الى صاروخ، وهذا الصاروخ وصل الى تلك اليد الشجاعة، بشجاعة وتضحيات المئات من الشهداء الايرانيين، الذين منحوا كل هذه القوة للمقاومة، لتمنع الوحش الاسرائيلي من ابتلاع فلسطين ومحوها من الجغرافيا والتاريخ والذاكرة، ايران هي التي حالت دون تمدد السرطان الاسرائيلي في الجسد الاسلامي، بعد ان كان يحتل ارض عربية في ساعات، بات يتحصن وراء اسوار، بينما اغلب الصهاينة باتوا يشككون بمستقبل كيانهم، الذي بات اهون من بيت العنكبوت، فهذا البيت كاد ان ينسفه بضعة الاف من المقاتلين في يوم السابع من اكتوبر الماضي، لولا ان هرعت امريكا على بكرة ابيها، وحالت دون نسفه.
كما قلنا لسنا في وارد الرد على هذه الاصوات النشاز، التي تتهم ايران بانها "متواطئة" مع "اسرائيل"، والعاقل فيها "يشكك"! بموقفها من فلسطين، فالميدان اليوم، رد على على سخافة وحمق وتفاهة وحقد وعمالة هذه الاصوات، فالعرب والمسلمون، بدأوا يرون بأم أعينهم، من هي الجهة التي تطلق الصواريخ والمسيرات، لضرب العمق الاسرائيلي، ومن هي الجهة التي تخدم العدو الاسرائيلي، وتتصدى لها وتسقطها قبل ان تصل الى الكيان، ومن هي الجهة التي تحاصر "اسرائيل" وتستهدف كل سفينة تتجه اليها، ومن هي الجهة التي فتحت اراضيها للشاحنات التي تقل البضائع والمواد الغذائية الى الكيان الاسرائيلي لكسر الحصار المفروض عليه، ومن هي الجهة التي تقدم الاف الشهداء والجرحى من اجل نصرة اهالي غزة، ومن هي الجهة التي تحرض الثنائي الامريكي الاسرائيلي ضدهم، كل ذلك بات واضحا وضوح الشمس، وان القافلة المقاومة تسير والاصوات النشاز تنبح، فهذا النباح لم ولن يمحو عار الطائفية والعمالة، عن هذه الاصوات، ولا يتستر على فضيحة بعض الانظمة العربية، التي تعرت بالكامل امام شعوبها.
كلمة اخيرة نقولها لهذه الاصوات النشاز، ان ايران التي تمتلك الشجاعة والجرأة على ان تعلن رسميا انها تقف مع المقاومة في غزة وفي المنطقة وتمدهم بكل اسباب القوة لمواجهة الثنائي الامريكي الاسرائيلي، تملك القوة ايضا على الرد على العدوان الاسرائيلي الغادر على قنصليتها في دمشق، وان هذا الرد قادم، وعندها سيندم العدو الاسرائيلي على فعلته الجبانة، ولكن رغم كل ذلك، نحن على يقين انه الرد الايراني لن يسكت هذه الاصوات النشاز، فهي ستبقى تجتر ما كانت تقوله قبل 40 عاما، وما قالته اليوم، لانها ببساطة مصابة بسرطان الطائفية، وسرطان العمالة، وهما سرطانان من الدرجة الرابعة لا يمكن علاجه.
سعيد محمد - موقع العالم