البث المباشر

سرعة آثار البكاء على الحسين(ع) في التطهير من الذنوب

الأربعاء 13 مارس 2019 - 14:34 بتوقيت طهران
سرعة آثار البكاء على الحسين(ع) في التطهير من الذنوب

حوار مع السيد محمد الشوكي حول سرّ التأكيدات الشرعية على المواساة والبكاء على الحسين(ع)

السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته، اهلاً بكم ومرحباً اعزاءنا في الحلقة الحادية عشرة من حلقات هذا البرنامج افتتحها بحادثة جميلة عاصرناها قبل بضع سنين ترتبط بأحد زملائنا العاملين في القسم الاداري في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الايرانية، هذا الرجل حفظه الله كان من النصارى، من الطائفة التي تعرف في ايران بأسم (الارمن او الأرامنة)، وقد اعتنق الاسلام وليس هذا بشيء غريب، ولكن الغريب انه اصر على اجراء مراسم اعلان اسلامه والتشهد بالشهادات التوحيدية المباركة‌ في ايام الحسين (عليه السلام) اي شهري محرم وصفر، وهذا ما جرى بالفعل، فقد اقيمت المراسم في مسجد بلال في مؤسسة الاذاعة اشتملت على مجلس تأبيني لسيد الشهداء (عليه السلام) ثم تشهد الرجل بالشهادات الاسلامية‌ والعقائد الحقة وكلمة قصيرة القاها والدموع تجري من قلبه وعينيه بين فيها سبب اصراره على اعلان اسلامه في الايام الحسينية هذا، فماذا كان السبب؟
قال الرجل: ان السبب يكمن في ان البكاء على الحسين كان عامل الجذب الذي شده الى دين الحسين منذ صغره عندما كان ابوه يصطحبه للتفرج على مواكب العزاء ومراسم العزاء التي كانت تقام قرب محل سكناه في طهران! فالبكاء على الحسين كان علة هدايته للاسلام ولذلك اصر على اعلان اسلامه في هذه الايام الحسينية.
يذكر اهل المعرفة والسلوك الى الله عزوجل ان التطهر من الذنوب شرط اساسي لتلقي الفيض الالهي والتأهل لطي منازل العروج الى الله تبارك وتعالى، ولذلك صنفوا منزل التوبة على رأس بدايات منازل السلوك كما فعل الانصاري وغيره في شرح منازل السائرين، وقد عرفتنا النصوص الشريفة بأن الله تبارك و تعالى قد جعل لنا كثيراً من الوسائل الشرعية لغفران الذنوب والتطهر من آثارها التكوينية واهم هذه الوسائل واشدها تأثيراً هو تمتين الارتباط بمحمد وآل محمد (عليهم السلام) ومودتهم والبكاء على مظلوميتهم، فها هو امامنا الصادق (عليه السلام) يقول في حديث شريف رواه عنه الشيخ الاجل عبد الله بن جعفر الحميري في اصله المسمى قرب الاسناد انه قال: «من ذكرنا - او ذكرنا عنده- فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله ذنوبه ولو كانت اكثر من زبد البحر».
ولا يخفى ان دموع الولاء هذه لا تفجرها قضية من قضايا آل محمد (عليهم السلام) مثلما يفجرها ذكر مصائب قتيل العبرة الحسين (عليه السلام) ولذلك خصت الاحاديث الشريفة البكاء على مصيبته بالسهم الاوفر من وصاياها للمجاهدين في الله، عن سر ذلك يحدثنا ضيف البرنامج مشكوراً:

*******

المذيع: السيد محمد الشوكي ما سر كل هذه التأكيدات في البكاء على الحسين (عليه السلام) ما هي اثار هذا البكاء؟
السيد محمد الشوكي اللهم صلى على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين عندما نطالع النصوص الشريفة عن اهل البيت (عليهم السلام) نجد تأكيداً كبيراً على قضية البكاء ‌على الحسين (عليه السلام) وهذا التأكيد على البكاء هو مفردة‌ من مفردات التخطيط الألهي لقضية الامام الحسين (عليه السلام)، الواقع انه قضية الامام الحسين (عليه السلام) لها بعدين، بعد ثوري وبعد تراجيدي مأساوي يعني هي ثورة مأساوية وهي ثورة مأساة ثورية ان صح التعبير وهذا الجزءان لا يمكن ان ينفصلان في ثورة الحسين (عليه السلام) وكل من اراد ان يفصل بين هذين الوجهين سوف يأد الثورة ويقتل ثورة الحسين (عليه السلام) لماذا؟ لانه لا يمكن ان تختزل الذكرى لمجرد طقوس بكائية او لمجرد رؤى وافكار فلابد من امتزاج هذين البعدين امتزاج الثورة بالمأساة، المبدأ بالعاطفة، الفكر بالوجدان لان ثورة‌ الحسين (عليه السلام) لن تكن ثورة آنية مقصورة على زمن معين حدثت وانتهت وانما اراد لها الله واراد لها النبي واراد لها الحسين (عليه السلام) ان تكون ثورة ممتدة في التاريخ ممتدة في الزمان طيب لابد من عوامل حفظ لهذه الثورة‌ لابد من عناصر بقاء لهذه الثورة، عناصر بقاء هذه الثورة اثنان اولاً ما تحمله هذه الثورة‌ من قيم في الحياة مجردة عن رداءها الزمني، القيم التي رفعها الحسين (عليه السلام) هي قيم الحياة، قيم العزة، قيم الكرامة، الحرية وماشابه ذلك من قيم وشعارات رفعها الحسين (عليه السلام) والبعد الثاني هو الجانب المأساوي، العنصر الثاني لابقاء ثورة الحسين (عليه السلام) هو الجانب المأساوي العاطفي، جانب البكاء، هذا الجانب يلعب دورة، البعد الفكري في ثورة الحسين (عليه السلام) يحفظ قضية الحسين لكن يحفظها جافة جامدة بينما البعد المأساوي يعطيها زخماً معنوياً ووجدانياً لهيب المشاعر هو الذي يدمج قضية الحسين بحيث يصعب نسيانها وانتصالها لهذا نجد التأكيد من قبل اهل البيت (عليهم السلام) على البكاء من اجل حفظ هذه الثورة حية‌ نضرة حاضرة في فكر الامة وفي وجدان الامة ‌لان حضورها في فكر الامة‌ لا يكفيه ان لم تكن حاضرة في وجدان الامة ثم ان البكاء هو عنصر قوة وهو سلاح كما يقول امير المؤمنين (عليه السلام) والبكاء منه ما هو سلبي وما هو بكاء ايجابي وبكاءنا على الحسين (عليه السلام) هو ليس بكاء ‌سلبياً، الشاعر يقول: 

ليس وعثاً نبكي الحسين دهوراً

ان عثى الليل او اطل الصباح

فرط اشتياق ووداداً تسمو به الارواح

اننا لا نندب الحسين كشخص لذ فينا النواح

انما نندب الحق فيه امسى مستباح

وفيه تنكا الجراح ... الخ

اذن اهل البيت (عليهم السلام) يلمحون كل هذه المعاني من خلال تأكيدهم على قضية البكاء على الحسين (عليه السلام) وطبعاً من دون اغفال للجانب الاخروي في هذه المسألة.
المذيع: السيد محمد الشوكي هذه الاثار التي تفضلتم بها تشمل الافراد وتشمل الجماعات يعني لها آثار فردية ولها آثار اجتماعية ايضاً؟
السيد محمد الشوكي ما من شك، ‌اساساً الثورة بكل تفاصيلها لها انعكاسات فردية وانعكاسات اجتماعية، لها انعكاسات على ذات الانسان كفرد وتربية الانسان نفسه كجهاد وترفع عن الانا وكل خير صنعه الحسين (عليه السلام) والثورة لها بعد اجتماعي يرتبط بالامة وقيم الامة وخير الامة وحركة الامة‌ في الحياة، ثورة اجتماعية كما هي ثورة على الذات، الذات الانانية وبكل ما تختزله من عناصر ضعف وعناصر تدعو الانسان للخلود الى الارض وتعيقه ان ينطلق في الفضاء الارحب.
المذيع: سماحة السيد محمد الشوكي شكراً جزيلاً.

*******

نتابع هذه الحلقة من برنامج اسوة الجهادين بنقل رواية تعرفنا بالاثر الفوري السريع للبكاء على الحسين (عليه السلام) في تطهير القلب وغفران الذنوب، فقد رواه الشيخ الكشي في كتاب الرجال مسنداً عن زيد الشحام قال: كنا عند ابي عبد الله (الصادق) ونحن جماعة من الكوفيين فدخل جعفر بن عفان على ابي عبد الله (الصادق) (عليه السلام) فقربه وادناه ثم قال: يا جعفر، قال (جعفر): لبيك جعلني الله فداك، قال: بلغني انك تقول الشعر في الحسين وتجيد، فقال: نعم جعلني الله فداك قال (عليه السلام): قل.
فأنشده فبكى صلى الله عليه ومن حوله حتى صارت الدموع على وجهه ولحيته ثم قال: يا جعفر والله لقد شهدت ملائكة الله المقربون هاهنا يسمعون قولك في الحسين (عليه السلام) ولقد بكوا كما بكينا واكثر، ولقد أوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعتك الجنة بأسرها وغفر الله لك... يا جعفر ألا ازيدك... ما من احد قال في الحسين شعراً فبكى وابكى به الا اوجب الله له الجنة ‌وغفرله.
لاحظوا قول الامام الصادق (عليه السلام): لقد اوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعتك فهي تفسر لنا سرفورية آثار مواساة الحسين (عليه السلام) والتأسي به والبكاء عليه في تطهير المواسي وايصاله لمراتب القرب الالهي وما يأمله من جهاده.
رزقنا الله واياكم صدق البكاء على الحسين (عليه السلام) وصدق المواساة له. اللهم آمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة