السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته.
أهلاً بكم في الحلقة الرابعة عشرة من حلقات هذا البرنامج نخصصها للحديث عن اثر مواساة الحسين (عليه السلام) في تنوير قلوب المجاهدين في الله عزوجل برؤية ومعرفة محمد وآله كافة عليهم صلوات الله جميعاً بما تتضمنه هذه الرؤية المعرفية من معرفة اخلاقهم وما يرضيهم من صالحات الاعمال وحبها بحبهم وفي ذلك معرفة الله عزوجل والفوز بمحبته بأتباعهم والحصول على رضاه بأرضائهم وقد قال بابهم الواسعة الحسين بن علي (عليهما السلام) في خضم نهضته الكبرى: رضا الله رضانا اهل البيت.
وقد علمنا كتاب الله المجيد ان من كان يريد الله فليتبع محمداً (صلى الله عليه وآله) لكي يحبه الله، واتباع محمد هو في اتباع اهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وما اتبع محمداً وآل محمد حقاً من لم يسلك درب الحسين (عليه السلام). فهذا ما بشرونا به في كثير من كلامهم عليهم السلام وكل كلامهم نور...
من الاحاديث النبوية المشهورة والمروية من طرق الفريقين قوله )صلى الله عليه وآله وسلم(: «احب الله من احب حسيناً»، وقوله (صلى الله عليه وآله): «اللهم اني احبه (يعني حسيناً)، فاحبه واحب من يحبه».
وهذا الحديث الشريف صريح في ان حب الحسين (عليه السلام) يثمر الفوز بالمحبة الالهية وهذه امنية المجاهدين في سبيل الله عزوجل، اذ لا يخفى ان الحب اسمى مرتبة من الرضا عندما ينسب الى الله عزوجل، بمعنى ان الله جل جلاله اذا احب عبداً رضي عنه قطعاً وانقى دوافع المجاهدين في سبيل الله من جهادهم هو الفوز برضاه، فاذا فازوا بمحبته (عزوجل) فازوا ضمناً برضاه تبارك وتعالى.
وعندما نعرف ان حب سيد الشهداء صلوات الله عليه هو السبيل للفوز بحب الله لمحب الحسين، ندرك ان حب الحسين يفتح امام المؤمن آفاق التحلي بصفات الذين يحبهم الله عزوجل، وبذلك نعرف سر كون حب الحسين وسيلة للفوز بالحب الالهي، بمعنى ان من احب حسيناً احب (تبعاً) صفاته واخلاقه ومن احب خلقاً سعى للتحلي به، وبذلك تنفتح امام الانسان آفاق التحلي بالصفات والاخلاق التي يحبها عزوجل.
وهذه الحقيقة تصدق مع محبة جميع الانبياء وأولياء الله (عليهم السلام) اما سر تخصيص سيد الشهداء (سلام الله عليه) في هذا المجال، فيرجع الى امرين الاول: شدة مظلوميته (عليه السلام) فهي اشد تأثيراً في شد عواطف الانسان اليه (عليه السلام) الامر الذي يجعل الارتباط القلبي في اعلى مراتبه.
اما الأمر الثاني فيرتبط بشدة ظهور الروح التضحوية في سبيل الله وبدافع الحب له عزوجل، في الملحمة الحسينية، وانتقال اشعاعات هذه الروح الى المحب للحسين (عليه السلام) يمثل اقوى عوامل التحلي بصفات واخلاق احباب الله جل جلاله.
*******
اذن للتأسي بشهيد احباء الله الحسين (عليه السلام) اثر مهم في تشكيل وبناء شخصية المجاهد الاسلامي القادر على الاستجابة (بعون الله) طبعاً لسعة اهداف الثورة المهدوية الكبرى ومتطلبات نصرة خاتم الاوصياء (صلوات الله عليه) هذه الحقيقة يلقي عليها المزيد من الاضواء سماحة السيد محمد الشوكي في هذا الحوار الهاتفي، نستمع معاً:
المذيع: سماحة السيد في الحلقة السابقة اشرتم وانتم تتحدثون الى علاقة ثورة الحسين (عليه السلام) بثورة سليله المهدي (عليه السلام) الى ان حتى الاشارات الواردة في الكتب السابقة اضافة مضامين الاحاديث الشريفة تؤكد على ثمة ترابط وثيق بين ثلاث شخصيات اساسيه في التاريخ الاسلامي، شخصية الرسول الكريم (صل الله عليه وآله) وشخصية الحسين (عليه السلام) وشخصية الامام المهدي (عليه السلام)، بطبيعة الحال هذا لا يرتبط بأفضلية الائمة (عليهم السلام) او مثلاً هناك كلام فيما يرتبط بدورهم (عليهم السلام) ومكانتهم وهم نور واحد ولكن لابد هناك مغزى معين في هذا الترابط والتأكيد على هذه الشخصيات بالذات ما هو وجه هذا الترابط؟
السيد محمد الشوكي: اللهم صل على محمد وآل محمد، الواقع اننا نطالع النصوص الشريفة، القرآن المجيد وفي رواياتنا عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن اهل البيت (عليهم السلام) وحتى النصوص الواردة في كتب السابقين كالتوراة والانجيل والزبور وغيرها نجد هناك تأيداً وتبشيراً لهذه الشخصيات الثلاثة التي اشرتم اليها، القضية كما تفضلتم ليست قضية افضلية البعض على الآخر ولكنها مرتبطة بالدور الذي يقوم به هؤلاء، سيد المرسلين وسيد الشهداء وسيد المهديين، المشروع الالهي ما هو، هو قائم على اساس ركيزة العدل «لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط» اذن الله عزوجل ارسل الانبياء والمرسلين من اجل ان يقوم الناس بالقسط وطبعاً لامن اجل ان يقوم الانبياء بالقسط قالوا من اجل ان يقوم الناس بالقسط بمعنى آخر وظيفة الامام ووظيفة الولي والوصي تهيئة الامة لتقوم بالقسط وهذه دلالة على الآية الكريمة، طيب هذا العدل سيحتاج الى دستور واذا انت ليس بأمكانك ان تقيم العدل ما لم يكن عندك دستور عادل ولهذا الدستور هو شريعة النبي الاكرم (صل الله عليه وآله)، هذا الدستور وهذه الشريعة تحتاج الى عنصر بقاء يحفظها من ان تحرف لان الشرائع التي جاءت بها الانبياء تعرضت الى حملة تحريف وتزوير وتدليس ولهذا لا تجد الآن كتاباً من كتب السابقين الا وهو محرف كما نص القرآن على ذلك اذن هذا المشروع الالهي الذي سيكون دستوراً للعدل الالهي لابد له من عنصر بقاء يحفظه، عنصر البقاء هو الامام الحسين (عليه السلام)، لهذا قال حسين مني وانا من حسين وكما قال احد علماء الدين محمدي الحدوث حسيني البقاء، ان كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فيا سيوف خذيني، الحسين يمثل عنصر البقاء، هذه الشريعة التي ستكون باقية وهذا الدستور الخالد غير المحرف لابد له من مطبق، المطبق لهذا الدستور هو الامام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بالتالي الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو يختزل جهود الانبياء جميعاً ويحقق حلم الانبياء جميعاً ورسالة الانبياء جميعاً وهذه الرسالة هي خلق مجتمع خلق امة واعية مؤمنة متدينة تقوم بالقسط وبالتالي يبلغ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، اذن القضية ليست خارجة عن هذا الاطار، الله - عزوجل- له تخطيط للناس وتخطيط للبشرية لم يترك البشرية هكذا سدى ولكنه له تخطيط، جعل هناك منفذون وجعل هناك ادوار معينة، ولهذا الامام المهدي له هذه المكانة، الامام المهدي يذكر عن الصادق (عليه السلام) انه كان يعظمه او يضع يده على رأسه عندما يقوم، احترام الامام للامام المهدي (عليه السلام) وهم آباءه وهو ابنهم بأعتبار انه نتيجه الخط ونتيجة هذا المشروع الالهي الكبير وهذه ليست قضية فعلة وعلينا ان نعرف من هو المهدي وان نتعامل مع الامام المهدي من هذه الزاوية، ليس رجلاً عادياً وليس عادياً في الاوصياء فضلاً عن الناس.
المذيع: سماحة السيد ختاماً هل يمكن القول بأن سعة اهداف الامام المهدي (عليه السلام) تحتاج الى روح بسعة روح الامام الحسين (عليه السلام) التضحوية لكي تتحقق؟
السيد محمد الشوكي: ما من شك لان قضية الامام المهدي لا تتحقق برمشة عين والامام (عليه السلام) يقول حتى نمسح العلق والعرق فاذن لابد من دماء لابد من تضحيات، المضحين من يخلقهم، تخلقهم روح الحسين (عليه السلام) ولذلك كان شعار يالثارات الحسين بأعتبار يقضي على الظلم (عليه السلام)، الظلم الذي قتل الحسين وقتل بسببه الحسين ولذلك اين الطالب بذحول الانبياء واولاد الانبياء، أين الطالب بدم المقتول بكربلاء فهو ليس الطالب بدم الحسين هو الطالب بدم وثارات خط التوحيد وخط العدل ولكن خصصه بدم المقتول بكربلاء (عليه السلام).
*******
ايها الأخوة والأخوات، نختم هذه الحلقة من برنامج «اسوة الجهادين» بوقفة قصيرة عند كلمة للامام الصادق (عليه السلام) جاءت ضمن جواب له عن استفتاء بصدد استنابة الآخرين في زيارة الحسين، فبعد ان بين استحباب ذلك وقال: «وخروجه بنفسه اعظم اجراً وخيراً له عند ربه، يراه ساهراً الليل له تعب النهار، ينظر اليه نظرة توجب له الفردوس الاعلى مع محمد واهل بيته، فلتتنافسوا في ذلك وكونوا مع اهله».
لاحظوا - اعزاءنا - كيف يدعو الامام الصادق (عليه السلام) المؤمنين وبكل تأكيد الى هذا النمط العالي من التأسي بسيد الشهداء (عليه السلام) الى درجة ان يكون احدهم ساهراً ليله تعباً نهاره في الطريق الحسين.
لاحظوا كيف يدعوهم وبكل تأكيد الى التنافس في ذلك، لأن طريق الحشر مع محمد وآله في الفردوس الاعلى والفوز بمعونتهم في الدنيا والآخرة وفي ذلك تصريح بأن هذا هو طريق الفوز بأسمى مقامات القرب الالهي رزقنا الله واياكم ذلك اعزاءنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******