السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم ومرحباً في سادسة حلقات هذا البرنامج نفتتحها بأشارة الى قضية محورية تعد من امهات اسس قبول الله عزوجل للجهاد سواءً كان قتالاً لاعدائه او سيراً وسلوكاً للوصول الى قربه ورضاه عزوجل.
هذه القضية المحورية هي ان الله تبارك وتعالى انما يتقبل هذين الجهادين ويوصل اصحابهما الى قربه ورضاه اذا كانا في سبيله ومع رسوله وأوليائه وتحت رايتهم والا كان جهادياً شيطانياً موصلاً الى الندم والحسرة يوم تبلى السرائر فيومذاك يعض الذي لم يلتزم بهذا الشرط على يديه ويقول: ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً.
ومعنى ان يكون الجهاد في سبيل الله هو ان يكون خالصاً لوجه الله عزوجل وبهدف التقرب منه بطاعته وانقاذه عباده المستضعفين ملتزماً بقيم الجهاد التي يرضاها الله عزوجل.
وكل ذلك هو ما تجلى في مواقف ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) يوم كربلاء بأسمى صوره وهذا مما لا يحتاج الى مزيد بيان لمن راجع مجريات هذه الواقعة العظيمة ويكفي ان نشير الى ما روي من دعائه (عليه السلام) في بدء خروجه وفيها تصريح وبين يدي ربه الجليل انه لم يخرج رغبة في شيء من حطام الدنيا ولا سلطانها بل خرج لكي يرد معالم الدين ويأمن العباد ويستنقذهم من الضلالة وحيرة الجهالة، وكذلك يتجلى الامر نفسه في دعائه (عليه السلام) في اللحظات الاخيرة قبيل جولته الاخيرة في جهاد اعدائه حيث تسمى بآسم الله متوكلاً عليه ومستناً بسنة نبيه (صلى الله عليه وآله).
ايها الاخوة والاخوات اما بالنسبة لحفظ القيم الالهية في الجهاد فقد شهدنا كثيراً من اسمى صوره في الملاحم الحسينية يوم كربلاء بدءً من نصيحة اعدائه وانذارهم وعدم بدئهم بالقتال وكذلك رفقة بهم كما في موقفه من الحر الرياحي رضوان الله عليه وغير ذلك كثير.
ومع غياب هذه القيم لا يكون الجهاد حسينياً الهياً بل اموياً شيطانياً كما هو حال عساكر يزيد الذين انتهكوا حرمات آل الرسول صلى الله عليه وآله بأفظع الصور في يوم كربلاء وهم يزعمون انهم يتقربون الى الله بطاعة الخليفة يزيد وكما هو حال الذين ينتحرون في تفجير المساجد وقتل الابرياء من اتباع الحسين عليه السلام وهم يزعمون انهم يدافعون عن التوحيد الخالص الذي جاءهم به ابن تيمية او عبد الوهاب ونظائرهم من المدافعين عن يزيد واضرابه ونهجه في تفسير الاسلام وفق معايير الضلالة والجهالة.
ومن هنا يتضح عظمة ماقام به سيد الشهداء عليه السلام في وثبته التضحوية الفريدة، اذ بها حفظ قيم الشريعة المحمدية بل ارشد ولازال يرشد اليها كل من القى السمع وهو شهيد وكان له قلب حي من المسلمين وغيرهم، فالحسين عليه السلام يجذب الجميع - من المسلمين وغيرهم- الى الاسلام الدين الحق واليزيدون ينفرون المسلمين وغيرهم من الاسلام وهو الدين الحق لان جهادهم شيطاني لا يتخذ مع الرسول سبيلاً.
لنتعرف معاً على بعض ملامح تأثير نهضة سيد الشهداء ارواحنا لروحه الملحمية الفداء في هذا الحوار مع ضيف البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني:
*******
المذيع: سماحة الشيخ الكوراني في الحلقة السابقة اشرتم الى قضية تأثر احد البريطانيين، حادثة ذكرتموها في قضية سيد الشهداء (عليه السلام) منذ شهادته او ربما قبل شهادته فيما يرتبط بوهب النصراني وغير المسلمين تأثروا كثيراً واصبحت قضية سيد الشهداء من اهم اسباب توجه غير المسلمين للاسلام، ما هي ابعاد هذه القضية وما هي اسرارها؟
الشيخ علي الكوراني: من ناحية ان الله عزوجل جعل النبي (صلى الله عليه وآله) رحمة للعالمين والامام الحسين جزء من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو باب الرحمة، اذن باب للرحمة، باب للنجاة، للنجاة لاتباعه، عندنا حالة في الانسان حتى لو كان من اديان اخرى يمكن نسميها حالة طي المراحل مثلاً هذا الانسان الذي هو غير مسلم يكون في البحر او يكون في ضائقة يكون مظلوماً عندنا نص يقول الله تبارك وتعالى انا لا ارد دعوة المظلوم حتى لو يكون كافراً، في حالات من الانقطاع والضراعة حتى للكافر لها قيمة عند الله، حالة الامام الحسين هي باب لهؤلاء غير المسلمين لما يعيشون قضيه هذا الانسان، ويحبونه، ويعشقونه، ويرون قيمه، معناه انه آمن بالله، وآمن بجده، وآمن به، هذه فيها ايمان مطوي بالموضوع، مثلاً جماعة من الوثنيين في الهند هؤلاء ينذرون نذوراً لعاشوراء، قالوا في منطقة كان اختلاف بين الشيعة وبينهم وما رادوا ان يقبلوا نذورهم تلك السنة،هؤلاء صارت لديهم مشكلة قالوا اذا لم تقبلوا نذورنا نحن معناه يمكن ان نموت يمكن يصيبنا شيء جلسوا على الشارع وقالوا انتم مروا علينا موكب الحسين يمر على اجسامنا اذا ما تقبلوا نذورنا، يعني عندهم اعتقاد.
المذيع: يعني بقوا على دينهم السابق؟
الشيخ علي الكوراني: الدين السابق لكن لو دار الامر لهم حالة نفسية غير مبلورة مثلاً اعتقادهم بالامام الحسين (عليه السلام) اعتقاد عميق ويقين هذا ولي من اولياء الله وكلامه صحيح وفعله صح.
المذيع: يعني صار من ائمتهم وان لم يسلموا؟
الشيخ علي الكوراني: في الواقع هؤلاء يأتمون، عندك بعض الناس انا اعرف مسيحي ما كان يأتيه اولاد، في ليلة السابع اخذه احد الى مجلس ابي الفضل العباس (عليه السلام) وتأثر وتوسل ونذر، جاءه ولد وسماه عباس ذهب الى كربلاء وزار ابي الفضل العباس مع زوجته، هذا الشخص عنده يقين ان ابا الفضل العباس ولي من اولياء الله لو دار الامر بينه وبين البابا هو يختار ابو الفضل العباس على البابا وليس عنده اشكال.
المذيع: هذه ملاحظة مهمة جداً؟
الشيخ علي الكوراني: هناك حركة داخلية في النفس في الروح في الذين يعتقدون بأهل البيت (عليهم السلام) طووا مراحل يحتاج لها مثل الامام المهدي الذي يبلورها لهم ويصوغها لهم، في الواقع منطق داخلي يوجد هؤلاء اذن يؤمنون بالله وبرسوله ويؤمنون بالامام الحسين (عليه السلام) نوع من الايمان لم يبلور صياغياً او حياتياً لذلك له قيمة عند الله سبحانه وتعالى.
المذيع: هذا الجانب الاخير سماحة الشيخ يمكن ان نعرض على ضوءه سؤالاً يقول هل أن هذه القضية يكون فيها شيء من التمهيد للامام المهدي(ع)؟
الشيخ علي الكوراني: نعم نعم هذه الظاهرة تزداد واما عند نزول عيسي (عليه السلام) يصير انفجار لهذه الحالة عالمياً.
المذيع: اي حالة؟
الشيخ علي الكوراني: حالة الامام المهدي.
المذيع: لا فيما يرتبط بقضية الامام الحسين (عليه السلام) اثارها في هذه الجانب توجه غير المسلمين للامام المهدي؟
الشيخ علي الكوراني: طبعاً هذه كلها تتفاعل وتؤدي الى ذلك، اقصد ان في زمن نزول النبي عيسى (عليه السلام) هذه الحالة من العقيدة بالامام الحسين واهل البيت عند النصارى يحدث فيها حالة التغير النوعي.
*******
نختم هذا اللقاء بكلمة قيمة لآية الله العظمى الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وردت في كتابه القيم (الآيات البينات في قمع البدع والضلالات) لها ارتباط دقيق بموضوع هذه الحلقة، قال (رضوان الله عليه): «من اعطى التدبر حقه وامعن النظر في اسباب انتشار مذهب التشيع وارتفاع رواقه لم يجد سبباً وسراً جوهرياً سوى شهادة ابي عبد الله الحسين صلوات الله عليه بذلك الشكل الغريب والوقع الهائل ولولا شهادته سلام الله عليه لكانت الشريعة اموية ولعادت الملة الحنيفية يزيدية...».
فسلام الله على الحسين في الاولين والآخرين، والسلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته.
*******