السيد الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين 
من مفاخر الصادقين واعيان الصادقين هو البطل الشهيد عابس بن ابي شبيب، نقدر ان نقول انه من رجالات انصار الحسين عليه السلام، كلهم رجال ولكن هذا من قياداتهم المعنونة والمعروفة، تاريخه تاريخ اصيل لأن سبحان الله اصحاب الحسين عليه السلام مثل اصحاب النبي يوم بدر، اشكال شتى، اعمار شتى، لغت شتى، من بلدان شتى، اطباع شتى، نفس الصورة تماماً سبحان الله! 
عابس من رجالات الشيعة، هذا لما بلغه وصل الحسين عليه السلام كان له صديق اسمه شوذب فقال لصديقه انا ذاهب الى نصرة الحسين عليه السلام فقد جاءتني اخبار انه مهدد وذهب الى مكة، ويطلب الناصر فخرج هو وشوذب صديقه فأستشهدا سوياً هو وشوذب يوم عاشوراء في الوجبة الثانية بين يدي ابي عبد الله الحسين سلام الله عليه. 
تصفه كتب الرجال تقول انه كان رئيس قومه وكان عابداً متهجداً وخطيباً وكان احد الذين حملوا كتب مسلم بن عقيل الى هنا وهناك بالاضافة الى ان عابس بن ابي شبيب كان من حفاظ الحديث ويعرف الاخوة المستمعون والاخوات المستمعات ان حفظ الحديث كان امراً خدمياً للمذهب وللاسلام لأن سنة النبي وحديث النبي كان ممنوعاً تدوينه، ممنوع التحدث عنه وقد يسجن الفرد اذا وجدوا عنده ورقة كتب فيها قال رسول الله، هذا في زمن الخلفاء واشتدت في زمن معاوية اكثر فكان الذي يريد ان يقدم خدمة للاسلام وللمسلمين كان يحاول ان يحفظ الحديث ليستفيد منه في حل مشاكل الناس، يأتي الحجاج الى مكة ويرون ان القرآن يقول "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" (سورة الحج29) كم يتطوفوا؟ لأن هناك مقولة باطلة ظلمت المسلمين، ماهي؟ حسبنا كتاب الله، طيب كتاب الله يقول تطوفوا، كم مرة اطوف؟ سبعمئة مرة؟ سبعين مرة؟ سبعة آلاف مرة؟ هذا الذي يكشفه لي اما قول رسول الله او فعله، اذا قول رسول الله محرم ليكون الخليفة او الكيان يرضى عنه لذلك واجه المسلمون ضرباً صعباً كان الحافظ لأحاديث رسول الله، يجب ان يكون الحافظ ثقة ومعتمد، يقول النبي قال طوفوا سبعاً، اسعوا سبعاً.
عابس بن ابي شبيب كان حافظاً للحديث وكان يستمع للاحاديث ويحفظها وينقلها للناس لأن حديث رسول الله وسنة رسول الله هي المكمل للقرآن فجموع الشيعة، مجالسهم، منتدياتهم كانت غالباً ماتستمع لأحاديثه بأعتباره ثقة للمسلمين وللمؤمنين. 
عابس بن ابي شبيب كان يحب الحسين بشكل عجيب طبعاً ليس بعجيب العجيب ممن يبغض الحسين، العجيب ممن لايحب الحسين لمن هؤلاء معروف ماهي اصولهم لأن عابس بن ابي شبيب سمع عن النبي احاديث في الحسن والحسين فكيف لايحبه، عندما يضع النبي الحسين على صدره ويصيح حسين مني وانا من حسين احب الله من احب حسيناً، الذي يحب الله ويحب النبي فيحب الحسين ويحب امه فاطمة ويحب اباه علي، ماذا يقول للحسين؟ لنستمع قليلاً، هذا عابس رحمة الله عليه، سلام الله عليه يقول يوم عاشوراء يا ابا عبد الله واصحابه حوله كأنه يريد ان يعطي رسالة للبقية ويريد ان ينشر بينهم روح الحماس، ينمي بينهم روح الغيرة والاقدام لأن الذي عنده غيرة على دينه يغار على الحسين، صباح اليوم العاشر والوقت متأزم، الوقت يتحول من حرج الى احرج والوضع يملي قضايا ومستجدات، وقف عابس بن ابي شبيب امام الحسين صاح يا ابا عبد الله انت تعلم والله ما امسي ولااصبح وعلى ظهر الارض قريب او بعيد احب واعز علي منك يا ابا عبد الله، هنيئاً له، نقبل التراب الذي تحت اقدامه، ما اكبره عند الله، عابس بن ابي شبيب ملأ الله قلبه من حب الحسين الى هذه الدرجة ثم يقول للحسين يا ابا عبد الله ولو قدرت ان ادفع الضيم عنك ولو بقتلي وبشيء اعز من نفسي ودمي لفعلت ذلك ثم صاح السلام عليك يا ابا عبد الله اني على هديك، اني على هديك هذه لها اكثر من دلالة، اني على هديك وهدي ابيك علي، لماذا هدي ابيك علي؟ لأن احدى اهداف قتال بني امية قتالهم علياً بقتال الحسين، انظر ابن سعد، الشمر وهذه الاشكال كانوا يدفعون رجالهم ويحمسوهم ويقولون لهم هذا ابن الانزع البطيل، هذا ابن قتال العرب، يعني لنا طلب من ابوه، عندنا تصفية حساب مع ابيه علي، يوم العاشر الحسين قال لهم أليس هذا فرس النبي؟ أليست هذه عمامة النبي؟ ألست انا ابن بنت النبي؟ قالوا نعم نعم فقال لماذا اذن تقاتلوني؟ قالوا لنقاتلك بغضاً منا بأبيك ومافعل بأشياخنا يوم بدر وحنين اذن المستهدف الاول في هذا القتال هو شخص الامام علي واسم الامام علي لأن طمس الامام علي وطمس اسمه طمس لروح الاسلام ولجوهر الاسلام، انا كنت طفل صغير في حرم الامام امير المؤمنين يعني في الخمسينيات واسمع المرحوم الاميني صاحب الغدير كان يزور الامير عليه السلام ويصلي ركعتين للزيارة، اسمعه في القنوت يقول اللهم ان معاوية بن ابي سفيان آذى نبيك في وصيك، هؤلاء لما حاربوا علياً حربهم لروح الاسلام، حربهم لجوهر الاسلام لذلك عابس بن ابي شبيب يقول للحسين اني على هديك وهدي ابيك. 
قاتل عابس قتال الابطال، يقول ربيع بن تميم او متمم الظاهر، يقول لما رأيت عابس بن ابي شبيب تقدم عرفته، يقول عرفت عنه الكثير في المغازي والرحوب فيبدو انه متمرس فقلت لربعي يعني جماعتي، قلت ان هذا اسد الاسود فقالوا من هذا؟ قلت هذا عابس بن ابي شبيب يعني انتبهوا، لايخرج له احد منكم فتكاسلوا فأخذ ابن سعد ينادي الا رجل؟ الا رجل؟ ويحكم ارضخوه بالحجارة فأخذ القوم يرمونه بالحجارة فلقى عابس درعه وشد عليهم، الشاعر يصفه يقول: 

يلقى الرماح الشاحرات بنحره

ويقيم هامته مقام المغفر

ما ان يريد اذا الرماح شحرنه

درعاً سوى سربال طيب العنصر

يقول ربيع: رأيته يطرد الرجال ويشد عليهم حتى قتل رحمه الله فوثبوا عليه وقطعوا رأسه وتصارع الخمسة والستة على حمل رأسه وكل يتفاخر ويزعم انه قتله واني قطعت رأسه، انظر قدر هؤلاء وانظر الى قيمة هذا البطل الشهيد عابس بن ابي شبيب. 
اسأل الله ان يزيد من درجاته ورضوانه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******