ولكن مع الأسف فإن توقعاتك خائبة، لأنّ المكان الأكثر جفافاً في العالم موجود في القطب الجنوبي، وتحديداً في وديان ماكموردو.
ووفقاً لما ذكره موقع “يونيفرس تودي” الفلكي، فإنّ أكثر الأماكن جفافاً على وجه الأرض موجود في القارة القطبية الجنوبية، وتحديداً في منطقة تسمى “وديان ماكموردو الجافة”.
وهذه الوديان المكونة من 15 وادياً، هي عبارة عن صحراء تعتبر الأكثر تطرفاً على كوكب الأرض، لأنها لم تشهد أي تساقط للأمطار منذ ما يقرب من مليوني عام.
ليس ذلك وحسب، بل إنّ المنطقة الجافة، على الرغم من وقوعها في القطب الجنوبي المتجمد حيث درجات الحرارة المتجمدة، فإنها جرداء وخالية تماماً من الجليد أو الثلج، ولكن يوجد بها بعض البحيرات المالحة، التي تزيد ملوحتها عن بحيرة عسل في جيبوتي والبحر الميت في الأردن، بينما تبلغ مساحتها نحو 4800 كيلومتر مربع.
وتتألف وديان ماكموردو من الوديان التالية: (وادي فيكتوريا، وادي رايت، وادي تايلور، وادي ألانتا، وادي بارويك، وادي بالهام، وادي ماكيلفي، وادي بريسكو، وادي وال، وادي فيرجينيا، وادي ستيوفر، وادي بيرس، وادي غاروود، وادي مارشال، وادي مايرز).
والمكان الأكثر جفافاً في شبكة الوديان هذه هو وادي فريس هيلز الواقع داخل وادي تايلور، إذ يُعتقد أنّ هذا الوادي تحديداً لم يشهد أي هطول للأمطار منذ 14 مليون سنة، وفقاً لما ذكرته موسوعى أي -زد العلمية.
ويعود سبب عدم هطول الأمطار في هذه المنطقة إلى رياح يطلق عليها اسم “Katabatic”، وهي وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية رياح جبلية ثقيلة للغاية تعرف أيضاً باسم “رياح الخريف”، تتدفق عادة أسفل التلال، تكون ناجمة عن الجاذبية التي تحول المنخفض عالي الكثافة من الهواء إلى هواء منخفض الكثافة، وبالتالي فإن هذه الرياح تقلل الرطوبة في الهواء وتطرد الثلوج والأمطار.
وغالباً ما تبلغ سرعة هذه الرياح حوالي 200 ميل (321 كيلومتراً) في الساعة لتقضي على أي فرصة لتطور الرطوبة في الغلاف الجوي.
ما علاقة الرطوبة بهطول الأمطار والثلوج؟
تتكون الغيوم من الماء أو الجليد الذي تبخر من سطح الأرض، أو من النباتات التي تطلق الماء والأكسجين كمنتج لعملية التمثيل الضوئي.
وعندما يتبخر -أي يرتفع من سطح الأرض إلى الغلاف الجوي- يكون الماء على شكل غاز يطلق عليه اسم “بخار الماء”.
ويتحول بخار الماء إلى غيوم عندما يبرد ويتكثف، أي يتحول مرة أخرى إلى ماء سائل أو جليد، ويتساقط على شكل أمطار أو ثلوج في حالة توافر البرودة الكافية.
ولكن بخار الماء هذا كي يتحول إلى غيوم يجب أن تتوافر في الطقس “الرطوبة”.
ويستخدم علماء الطقس مصطلح “الرطوبة النسبية”، الذي يعرّفه جو سوبل، عالم مناخ ونائب رئيس Accuweather، بأنه مقارنة بين مقدار الماء في الهواء ومقدار الماء الذي يستطيع الهواء حمله.
وبما أنّ الرطوبة منعدمة في وديان ماكموردو بسبب رياح Katabatic، فإنّ فرصة هطول الأمطار أو الثلوج هي صفر.
والمكان التالي الأكثر جفافاً في العالم الذي يقاس بمقدار هطول الأمطار هو صحراء أتاكاما في تشيلي وبيرو.
ولا توجد أنهار جليدية تغذي هذه المنطقة بالمياه؛ وبالتالي، فإن هذه الصحراء شبه خالية من الحياة.
وبعض محطات الأرصاد الجوية في هذه المنطقة لم ترصد هطول المطر لمدة وصلت نحو 500 عام.
وأمطرت لأول مرة في 25 مارس/آذار 2015، في قلب الصحراء، ثم أمطرت مرة أخرى في 9 أغسطس/آب من العام نفسه، وفي 7 يونيو/حزيران 2017 في قلب الصحراء أيضاً.
وكانت هذه هي المرات الأولى منذ 500 عام التي تهطل فيها الأمطار في قلب الصحراء.
وقد يظن البعض أن هطول الأمطار في صحراء أتاكاما قد يساعد في ازدهار البرية فيها، ولكن بدلاً من ذلك، دمر المطر الميكروبات التي تعيش في البيئة شديدة الجفاف.
أما أسباب جفاف هذه الصحراء على الرغم من وجودها في منطقة جغرافية تعتبر ماطرة عادة، هو بسبب الجبال المحيطة بها التي تمنع كل العواصف التي تأتي من المحيط الهادئ أو الجنوب الغربي من الأمازون.
وبالإضافة إلى ظاهرة مناخية تسمى “إعصار المحيط الهادئ” التي تهب شمالاً من القطب الجنوبي، وهي مكونة من الهواء الجاف والبارد، وعندما تصل إلى صحراء أتاكاما تشكل “تيار هومبولت” أو كما يطلق عليه أيضاً “تيار بيرو” الذي يمنع المنطقة من الحصول على الرطوبة، وبالتالي فقدان تساقط الأمطار.