البث المباشر

حارث بن سعيد بن حمدان المكنى بابي فراس الحمداني

الثلاثاء 19 فبراير 2019 - 09:06 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 417

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن السنة الصادقين الصادعة بالحق ونصرة اهل البيت هو الشاعر ابطل والثائر المخضرم الحارث بن سعيد بن حمدان المكنى بابي فراس الحمداني رحمه الله، لا اعتقد ان هناك من يوجد ولم يسمع بابي فراس هو اشهر من نار على علم، ابو فراس الحمداني من مواليد عام 320 هجرية وهو عاش يتيماً، قتل ابوه سعيد بن حمدان وكان عمره ثلاث سنوات ربته امه واحسنت تربيته، الام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعباً طيب الاعراق، احسنت تربيته فنشأ بطلاً فارساً شاعراً شجاعاً وعالماً، قاتل في صد الغزاة المناوئين للدولة الحمدانية وهاجم جيوش الرومان الطامعة في قلعة حلب، في هذه المواجهة اسر وسجن اسيراً سبع سنوات وكان بعدها لفترة اميراً على قلعة ماردين، من اين له هذه الثقافة؟ اساسها اتصاله بعلماء الامامية كثيراً وطبعاً يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، ابو فراس كان يتردد بكثرة على منطقة جبل عامل وهناك شعراء وعلماء، شعراء مثل الصنوبري، كشاجم، السروي وعلماء غيرهم، اثناء الدولة الحمدانية ايضاً كان يرتبط ببعض العلماء الكبار فاصبح ذا ثروة وذا عقلية وضاءة وكان بعد ذلك احد الالسنة الصادعة في نشر افكار اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم ولما طبعت العملة ايام الدولة الحمدانية طبعت الدنانير في جانب منها اسماء الخمسة اهل العباء سلام الله عليهم وكان هذا بسعي منه وباقتراح منه والابتكار لابو فراس البعض شوش وقال ان هذا زيدي وبعضهم قال انه اسماعيلي لكن عثر على قطعة شعرية له ظهر من خلالها انه امامي اثنى عشري وشعره هو:

شافعي احمد النبي ومولاي علي

والبنت والسبطان

وعلي وباقر العلم والصادق

ثم الامين ذو التبيان

وعلي ومحمد بن علي وعلي

والعسكري الداني

والامام المهدي في يوم لا ينفع

غفران الا ذوي الغفران

قضية واضحة تظهر لنا اعتناقه بالمذهب الاثني عشري، اكثر من هذا قصيدته الميمية التي هي رسالة بحد ذاتها دافع فيها عن اهل البيت وفضح العباسيين على ادعاءاتهم الزائفة لانهم كانوا يسخرون بعض الشعراء يمدحوهم ويفضلوهم على اهل البيت فاضطر ابو فراس رحمه الله ان ينظم القصيدة الميمية التي قلت انها ثورة وصفها الحاكم العباسي المعتصم قائلاً: اضر علينا من مئة الف سيف مشهورة لان نلاحظ ان الامام الصادق يقول افضل الجهاد كلمة حق امام سلطان جائر فاصبحت القصيدة الميمية من اروع ما يفتخر به عالم الشعر والادب بعد وعالم الثورات، قصيدة ثائرة اربعين بيتاً او اكثر ومطلعها:

الحق مهتضم والدين مخترم

وفي آل رسول الله منقسم

يا باعة الخمر كفو عن مفاخركم

الى ان يقول: 

يا للرجال اما للحق منتصر

من الطغاة وما للدين منتقم

ثم يقول في مقطع جميل:

لا يطغين بني العباس ملكهم

بنو علي مواليهم وان زعموا

اتفخرون عليهم لا ابالكم

حتى كأن رسول الله جدكموا

ثم يقايس بين آل العباس وبين اهل البيت في مناقشة ومقارنة جميلة يقول مثلاً:

ليس الرشيد كموسى في القياس

ولا مأمونكم كالرضا لو انصف الحكم

تتلى التلاوة في ابياتهم سحراً

وفي بيوتكم الاوتار والنغم

كانت مودة سلمان لهم رحماً

ولم تكن بين نوح وابنه رحم

ثم يقول:

منكم عليه ام منهم وكان لكم

شيخ المغنيين ابراهيم اذا ام لهم

الصاحب بن عباد له كلمة رائعة في وصف ابي فراس الحمداني يقول بدأ الشعر بملك وختم بملك، بدأ بشعر امرؤ القيس وختم بشعر ابي فراس رحمه الله، من القصائد عندي هدف من قصائد ابي فراس الرائعة قصيدته في الغزل، فيها حكمة ايضاً:

اراك عصي الدمع شيمتك الصبر

اما للهوى نهي عليك ولا امر

قصيدة رائعة ومذكورة في ديوانه والديوان مطبوع اربعة عشرة مرة ربما اكثر ولكن اذكر نكتة ابو فراس في هذه القصيدة الرائية يستشهد ببيتين رائعين عن موقف عمرو بن العاص يوم صفين حينما نجا من الموت بكشف العاص عورته، القضية طويلة لكن موجزها ان معاوية قذف بعمرو بن العاص بمواجهة الامام علي يوم صفين لما دخل عمرو بن العاص وجد نفسه في فخ، رأى انه وقع في قبضة الامام علي وما من مهرب لكن هو يعرف طبيعة نبل الامام واريحية الامام فلما تحاصر خلع ملابسه وتعرى وهرب فلما فعل ذلك الامام اعرض عنه وتركه حتى ان معاوية شاهد عمرو بن العاص بتلك الصورة خليع بدون ملابس سخر منه قال له انا ارسلتك للقتال ام ارسلتك لتستحم قال والله لم استطع النجاة بنفسي الا بهذا، هذا الموقف يسجله ابو فراس الحمداني في هذه القصيدة الرائية ويستشهد، كأن ايامها في الحبس قالوا له تنازل او تراجع والا تقتل فهو يقول وان قتلت اقتل بعزة احسن مما اقتل بذلة يستشهد بقضية عمرو بن العاص فيقول:

فان عشت فالانسان لابد ميتاً

وان طالت الايام وانفسح العمر

ولا خير في دفع الردى بمذلة

كما ردها يوماً بسوءته عمرو

التاريخ يقول ان معاوية سنتين كان كلما اختلى بنفسه يضحك فيسألوه لماذا تضحك يقول اضحك من موقف عمرو بن العاص ولهذا احد الادباء يقول: 

افي كل يوم فارس تندبونه

له عورة تحت العجاج بادية

يكف بها عنه علي سنانه

ويضحك منها في الخلاء معاوية

على أي حال الحديث طويل عن ابي فراس الحمداني توفي شاباً هذا الشاعر البطل دون ان يكمل العقد الرابع من عمره عام 357هـ بعد مرض عضال يخاطب ابنته الصغيرة بأبيات مؤلمة يقول: 

بنيتي لا تجزعي كل الانام الى ذهاب

نوحي علي بحسرة من خلف سترك والحجاب

قولي اذا كلمتني وعييت عن رد الجواب

زين الشباب ابو فراس لم يمتع بالشباب

اؤكد هنا ان هذا الشاعر لو لم يكن له الا قصيدته الميمية التي سبق ان تحدثت عنها لكفاه ذلك فخراً امام الله، واي زاد اعظم عند الله من الدفاع عن مظلومية اهل البيت ونشر فضائل اهل البيت. 
جعلنا الله في خدمة هذا الخط وفي خدمة اهل البيت والسلام على ابي فراس وعليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة