الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن اعاظم الصادقين المرحوم المظلوم المولا محمد بن تاج الدين الحسن الاصفهاني الملقب بالفاضل الهندي، العلماء من سادة وغير سادة هذا يلقب بالاصفهاني وذاك بالهندي وهذا يلقب بالقاب متعددة النجفي الكشميري الطوسي القمي وتراه شخصاً واحداً بمعنى انه خضع للمطاردة ويشرد من هذا البلد الى ذلك البلد لذلك معظم اساطين الطائفة يلقبون بهذه الالقاب كما غير رجالات المذاهب الاخرى، هذا الكنجي وهذا البخاري والكيلاني، فمن اعاظم الصادقين هذا الفاضل الهندي محمد بن تاج الدين وهذا الدين وهذا العالم المجاهد هو من مواليد بلاد الهند عام 1062 هجرية، والده من كبار العلماء فيها شب من صغره باستعداد ونبوغ غريب وملفت للنظر وخارق للعادة اقرب ما يكون للاعجاز فنقله ابوه من الهند الى حاضرة العلم انذاك وهي مدينة اصفهان باعتبار في اصفهان كانت حوزة علمية متينة وواسعة وكانت في مأمن من شرور وغارات الخصوم والنواصب، في الواقع هذا العالم الجليل لما وصل الى اصفهان كان اعجوبة من اعاجيب الزمن، نحن نقول سبحان من يهب المواهب الواهب هو الله، سبحانه وتعالى كما يهب الجمال، يهب القوة العضلية يهب ايضاً الذكاء ويهب هذا الادراك وهذه الاستعدادات والنبوغات الخلاقة، مترجميه يقولون هو بلغ درجة الاجتهاد في منتصف العقد الثاني من عمره يعني نستطيع ان نقول خمسة عشر او اربعة عشر سنة وفي تلك البرهة من حياته الّف كتابه المشهور الفقهي الاستدلالي المعروف بكشف اللثام في شرح قواعد الاحكام وهذا الكتاب رسالة مهمة كانت ورسالة واسعة وعميقة وبلغ هذا الكتاب مبلغاً بحيث ذكر صاحب المستدرك ان المرحوم صاحب الجواهر الشيخ محمد حسن صاحب كتاب جواهر الكلام كان لا يكتب مسالة فقهية الا ويراجع كتاب كشف اللثام، وتنسب الى الشيخ صاحب الجواهر كلمته في حق الفاضل الهندي بانه لولا الفاضل الهندي لما وصل فقه اهل البيت الى بلاد العجم، بلاد العجم يعني المقصود بها هي التي لا ينطلق اهلها بالضاد وما معناها ليس ايران فقط انما الهند وتركيا وغيرها، غير العرب يطلق عليهم بلاد العجم، هذا الفاضل الهندي كان يبتهج ويصرح دائماً من باب يشجع الغير لا من باب التباهي، بل من باب واما بنعمة ربك فحدث يعني ان تعلم الناس على شكر النعمة وتقدير النعمة وبنفس الوقت الغير يتشوقون كما ترى بعض المؤسسات تمنح جائزة وتعمل احتفالاً وتدعو وسائل الاعلام من باب ان الغير يتشجع فكان يبتهج يقول اذا كان العلامة الحلي قد بلغ مرحلة الاجتهاد وهو ابن سبعة عشر فانا في الثالثة عشر من عمري بلغت درجة الاجتهاد وشرعت في تدوين كتابي كشف اللثام وقلت هذه واحدة من عطاءاته ولدية مؤلفات اخرى في مختلف العلوم والمعارف وصار لهذا العلم الجليل بحكم هذه الوضعية في اصفهان شأن عظيم وكان ذاك اليوم بيته ملجأ للوافد والقاصد ويمكن ان نصف بيته مدرسة ومضيف ومقر لحل الامور وقضاء حوائج الناس كما عرف بالزهد والتقوى وبساطة مأكله وملبسه وتشدده في التعامل مع الاخماس والحقوق الشرعية وهذا خير وابرز دليل على تقواه وورعه، التقوى والورع والخوف من الله اين يعرف، يعرف في موارد المال، في كيفية التصرف في المال وخصوصاً مال الغير، هذا العالم الجليل كانت له خدمات عديدة في اصلاح الناس، في تربية الكثير من المجتهدين والافاضل، وفاة هذا العالم الجليل الفاضل الهندي كانت في 25 من شهر رمضان عام 1137 هجرية في اصفهان والمؤرخون يقولون كان يوم وفاته يوماً اسوداً على اهالي اصفهان وغيرها ووري الثرى في منطقة تعرف بتخت فولاذ وبنيت على قبره قبة وله مشهد يزار وهذا المشهد يقع على طريق القوافل الذاهبة الى شيراز من اصفهان، لكن قبره هدم، بعد وفاته باشهر بفترة قصيرة لان في تلك السنة وهذه السنة من الضرورة ان ننبه عليها من نكات تأريخية، في تلك السنة التي توفي فيها هذا العالم الجليل حصرت اصفهان من قبل النواصب الغزنو بقيادة السلطان محمود بن سبكتكين واستسلم اهالي اصفهان آخر الامر بعد ان نفذت اقواتهم باشاعة السلطان القتل والدمار وقبض على السلاطين الصفويين فسجنهم ثم قتلهم في سجونهم وسبى نساءهم ومثل باجسادهم وترك الاجساد مقطعة على الارض بلا غسل ولا كفن، في يوم واحد هذا السلطان محمود بن سبكتكين وكما تقول المصادر قتل تسعين عالماً من كبار علماء الامامية، علماء الشيعة ثم امر بهدم كل الحسينيات والتكايا والمدارس العلمية وسواها مع الارض ومن جملة هذه المشاهد التي دمرها هو قبر المرحوم الفاضل الهندي اعلا الله مقامه وهذا طبعاً تأسي بما فعله اعداء اهل البيت في البقيع عام 1344 هجرية يوم هدموا البقيع وهناك لفتة مؤلمة اخرى ان هذا الجاني الذي ارخص القتل والدمار ما مس علماء اليهود لان كانوا جالية يهود وجالية نصارى ومجوس في اصفهان ما مس هؤلاء وعلماءهم بذره من الاذى ولكن تعامل مع مسلمين مؤمنين من علماء افاضل بهذا اللون من التعامل لتصفية هذا الوجود الذي يمثل خط الاسلام الاصيل المتجسد بفكر اهل البيت وفكر مدرسة الامام جعفر بن محمد الصادق صلوات الله وسلامه عليهم.
أسأل الله لهذا العالم الجليل الفاضل الهندي اعلا الله مقامه المزيد من الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******