البث المباشر

السيد محمد سعيد الحبوبي النجفي

الإثنين 18 فبراير 2019 - 10:02 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 395

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. 
ومن اركان الصادقين المخلصين القائد البطل والعالم النحرير هو الزعيم المتيتظ السيد محمد سعيد الحبوبي النجفي قدس الله سره، هذا الرقم الاغر هو من مواليد النجف الاشرف عام 1266 هجرية وهو من اسرة علمية شهيرة انجبت الكثير من العلماء والادباء والساسة والتجار وغيرهم، المرحوم السيد محمد سعيد الحبوبي نشأ مولعاً بطلب العلم والمعرفة اضافة الى ذوقه ووعيه السياسي والوطني فسافر الى الحجاز وبقي لفترة هناك وكانت له لقاءات ومناظرات واحتفى به الاشراف الذين كانوا يحكمون الحرمين انذاك ثم عاد الى النجف الاشرف ليواصل ارتقاءه العلمي فكان من التلاميذ اللامعين للشيخ محمد طه نجف والشيخ محمد الشربياني كما درس الفلسفة والعرفان عند العارف المشهور الشيخ حسين قلي الهمداني وكذلك لازم الشيخ رضا الهمداني صاحب مصباح الفقية واصبح السيد محمد سعيد الحبوبي محلقاً يشار اليه بالبنان لفقاهته وادبه وعلمه وقلمه وجهاده وكانت له محاضرات ادبيه ومناظرات نافعة وكان يحضر اليه من علماء المذاهب فيباهلهم ويناقشهم وفي مجال الادب والنظم فقد عرف بأنه من شعراء‌ العراق من الطبقة الاولى وله ديوان شعر رثا فيه ومدح واشتهر رحمه الله بروح الدعابة فكان ينظم بالغزل والرقة حتى اشكل عليه بعضهم بأن ذلك لا يتوافق مع موقعه الكبير كعالم ومرجع وامام للجماعة في الصحن الحيدري فكان يردد هذا العجز لبعض ابياته وهو عفة النفس وفسق الالسن، الظاهر كان بعد هذا ما نظم قصيدته الهزلية المشهورة.

رح كوكباً وامش غصناً وانتصب ربما

فأن عداك اسمها لم تعد كالسيما

اما جهاده الاجتماعي والنضالي مع الغزاة المستعمرين فهو ثري وحافل بالمواقف، السيد محمد سعيد الحبوبي هو في العراق اول مرجع لاحظ تأخر ابناء وطنه عن الركب الحضاري وتخلفهم عن مسيرة الحداثة والحضارة فكان اول من بادر وافتى بوجوب تأسيس مدارس لابناء المواطنين ودعا الى نشر التعليم بين الابناء والبنات في وقت كان يرى بعضهم خروج البنت من البيت للتعليم كفراً. هذا قبل مئه سنة يعني عام 1327 كما كان السيد محمد سعيد الحبوبي رحمة الله عليه اول مرجع في العراق يصدر فتوا بأدانه الغزو الايطالي لليبيا، دعا الناس الى التظاهرات وتضامن معه بعض العلماء وحدثت مظاهرات في مختلف مدن العراق اجتجاجاً على احتلال القوات الا يطالية مدينة طرابلس الغرب فهو فتح الباب، اما دوره الجهادي اللامع في العراق فهو لا ينسى وقد كتب عنه كل من كتب عن تاريخ العراق وان كان بعض الكتاب قد اغمطه حقه وتجاهل بعض ذلك نظراً لتأثره بالعصبية الطائفية او العنصرية. فلا ينكر احد بأن السيد محمد سعيد الحبوبي كان اول مرجع في العراق بادر الى تحفيز العلماء ليقفوا وقفة واحدة قبالة الاحتلال الانكليزي للعراق عام 1919 ميلادية وذلك حينما اصطدمت قوات الحلفاء مع الدولة العثمانية التي كانت تحكم العراق ايضاً وبالتالي هاجم الاساطيل البريطانية ‌سواحل ايران والعراق ونزلت القوات الانكليزية ميناء‌ الفاو وهنا اعلن العثمانيون الجهاد على البريطانيين ولكن استغاثة العثمانيين لم تلق صدى وخصوصاً في جنوب العراق ووسطه لان سكان العراق واكثرهم من الشيعة لاقوا الامرين من العثمانيين فقد قتل مئات الالاف من الشيعة في مذابح منظمة على ايدي العثمانيين والوهابيين في الكاظمية وفي سامراء وفي كربلاء والنجف وبشكل متعدد وكان العثمانيون رغم خلافاتهم مع الوهابيين الا انهم في الظلام كان يتعاونون سوية لتدمير الشيعة وقتلهم والتاريخ لا ينسى ما يعرف بحادثة غدير دم حيث داهم العثمانيون والوهابيون كربلاء المقدسة عام 1258 هجرية يوم الغدير وهدموا الحرم واحرقوا الضريح وكانت الضحايا اكثر من ستة عشر الف بينهم اكثر من الفي عالم وقطعت رؤوس الصغار والكبار ومن النساء والاطفال، عموماً اقول ان العثمانيين فشلوا في تحريك الشارع العام لمواجهة الاحتلال الانكليزي وبينما كانت قوات المحتلين الغزاة تتقدم صوب البصرة والشعيبة اعلن قائد القوات البريطانية انهم جاءوا لنصرة الشعب العراقي ولانقاذ الشيعة من القتل والدمار مما سبب هزيمة كبرى للعثمانيين ايضاً، هنا نعود لموقف السيد محمد سعيد الحبوبي وعلماء النجف الاشرف وكربلاء المقدسة وغيرهم فتحرك السيد محمد سعيد الحبوبي وعقد اجتماعاً حاسماً في مسجد الهندي وشارك قيه كبار علماء ‌النجف كالشيخ عبدالكريم الجزائري والشيخ جعفر ال راضي والسيد عبد الرزاق الحلو وانضم اليهم اكثر من مئة عالم واصدر السيد محمد سعيد الحبوبي فتوى بوجوب جهاد المحتلين الغزاة وان يتسامى الشيعة ويتناسوا ما لاقوا من العثمانيين حيث تقتضي مصلحة الاسلام والوطن ان يتوحد الجميع قبالة المحتلين وهنا شعر العثمانيون بدهشة‌ واعجاب كبير لموقف الزعامة الشيعية وكان المرحوم السيد الحبوبي يردد:

نحن بنو العرب ليوث الوغى

دين الهدى فينا قوي عزيز

لابد ان نزحف في جفل نبير

فيه جحفل الانكليز

وهذه فتوى السيد محمد سعيد الحبوبي شكلت خيبة امل للبريطانيين الذين خدعوا الشيعة في العراق بأنهم جاؤا لنصرتهم ومتى كان الكفار يشفقون على المسلمين شيعة او غير شيعة وتقدمت جحافل المواطنين يقدمهم علماء الشيعة ومحمد سعيد الحبوبي وعبدالرزاق الحلو وشيخ جعفر آل راضي والجزائري وغيرهم من العلماء يحملون السلاح على اكتافهم بما فيهم المرحوم السيد باقر الحيدري والسيد محسن الحكيم وهؤلاء من الشباب يحملون السلاح وكان السيد الحبوبي اعلا الله مقامه افضح خديعة الانكليز ومكائد البريطانيين يقول ويردد هذين البيتين:

جاءت لتحمينا على زعمها

كما هم اليوم كما الحالة سبحان الله الحاضر ابن الماضي واليوم ابن الامس يخدعون الشيعة انه جئنا لنصرتكم وهم الد اعداء الشيعة وغير الشيعة فكان يردد السيد محمد سعيد الحبوبي:

جاءت لتحمينا على زعمها

ولندن ليس بها حامية

يا غيرة الله لاعداءه

كوني عليهم ضربة قاضية

وهكذا قاد العلماء جيشاً جراراً قوامه ستة عشر الف مسلح من عشائر الجنوب والفرات الاوسط مروراً بالناصرية وقاد آل فرعون وآل سكر وآل شبل وقيادات هذه العشائر والسادة آل النفاخ والسادة آل طبيخ والسادة آل الاعذاري والسادة آل الياسري وهذه من كبار عشائر الفرات وكذلك قيادات عشائر الجنوب من الكوت والعمارة وهم قادة القبائل الثلاثة آل بومحمد وبني لام وآل ايزيرج كل هؤلاء تحت قيادة السيد محمد سعيد الحبوبي، تقول الروايات لما وصلوا العلماء الى المنتفج الى الناصرية وكان العثمانيين سعداء مدهوشين لموقف الشيعة لانهم ضحاياهم كيف الان هم الذين اصبحوا في الخط الاول فأرسل القائد العثماني لطفي قدوقان كيساً مملوءاً بالليرات الذهبية الى السيد محمد سعيد الحبوبي ولما وصل الرسول العثماني الى السيد محمد سعيد الحبوبي وكان العلماء حاضرين التفت الى الرسول قال له: ابلغ صاحبك لطفي قدوقان بأني حاضر أن ابيع عباءتي واتقوت منها ولم اخذ من هذه الاموال ولا ليرة واحدة وهذا موقفنا املته علينا وظيفتنا الشرعية وهذا واجبنا الديني لذلك انا ارفضها ورفضها رفضاً قاطعاً. فكبر موقف علماء الشيعة عند قيادات العثمانيين ولا نعرف هل قدروا ام لا بعد ذلك وبالتالي حصلت مواجهات واستشهد من استشهد واثرت الاحداث على السيد الحبوبي فمرض والح المرض عليه بالرحيل فأنتقل الى جوار ربه في الناصرية وذلك في 3 شعبان عام 1333 هجرية وحمل على الاكتاف الى النجف الاشرف ووري الثرى في الصحن الحيدري بجوار المؤمنين بعد حياة مليئة بالجهاد والاثار والمكرومات. تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة