الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام وعلى محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين والشهداء في سبيل اعلاء كلمة الله والاسلام هو صاحب رسول الله وقائد المسلمين يوم موتة والمقاتل بضراوة في بدر واحد وخيبر وهو عبد الله بن رواحة الخزرجي وهو احد الذين اعتمدهم رسول الله(ص) على المدينة يوم خروجه الى بدر، وهو بعد ذلك لحق بالرسول(ص) في بدر، وهو احد النقباء الذين بايعوا النبي من الانصار وكما انه احد السبعين الذين بايعوا النبي بما يعرف ببيعة العقبة وهو قام بمهام ثقيلة وحساسة وبالغة الصعوبة كلفه بها رسول الله(ص) منها انه ارسله لمواجهة جماعة من اليهود بقيادة اسير بن رازم اليهودي، في التاريخ نقرأ اكثر من عشرين مرة حاول اليهود قتل رسول الله، ما نقرأ حالة واحدة قام بها النصارى ولا غيرهم وفقط اشتهر اليهود بأنهم حاولوا مراراً قتل الرسول(ص) ولهذا هناك رواية ان النبي استشهد مسموماً والسم نتيجة مؤامرة لمرأة يهودية والطعام وصل الى النبي عبر اشخاص وصنعت للنبي كراعاً وغذته بسم بطئ المفعول وهذا كنا نسمعه في التاريخ الى ان جاء طاغية العراق صدام ودوائر مخابراته وتذيبه فقتل العديد من علماء الامامية في النجف الاشرف وخطباءهم بهذه الطريقة، كان يعتقل ثم يطلق سراحه اظهاراً للناس بأنه برئ لكنه يعطى قهوة او شاي وسرعان ما يتساقط شعر هذا العالم او الخطيب وبعد عشرة ايام او بعد شهر او شهرين ولا يوجد هناك طبيب له جرأة ان يكشف على هذا العالم وان يقول بأنك اصبت بهذا لان الطبيب ايضاً يذهب في الابادة وتشمله فمات الكثير من خطبائنا من علماء النجف من مجاهديهم من تجارهم وتمت تصفيتهم بهذه الطريقة، اذن النبي(ص) هناك رواية انه توفي نتيجة اكلة سامة ولكن اثرت فيه بعد مرور ايام طويلة فكانت ضمن هذه المؤامرات مؤامرة لجماعة من اليهود بقيادة اسير بن رازم اليهودي والنبي(ص) اخبره جبرئيل بهذه المؤامرة فارسل عبد الله بن رواحة لانه كان بطل ومخضرم وذهب عبد الله بن رواحة الى هذه المجموعة وقتل قائدها وهو المتآمر اليهودي اسير بن رازم وهذا كان صهيوني والا لا نزاع للمسلمين مع اليهود شأنهم شأن النصارى ولكن هذا كان متطرفاً ويريد القضاء على رسول الله لهذا النبي انهاه، عبد الله بن رواحة هو من الامراء والشخصيات العربية وامراء قومه ومن الشعراء الراجزين حتى ان النبي(ص) وصفه ذات يوم قائلاً:
«عبد الله بن رواحة تتباهى به الملائكة».
بعد هجرت النبي الى المدينة كان عبد الله بن رواحة من اكثر الانصار عملاً لنصرة النبي(ص) ودين الله وهذا قد يكون الوحيد في التاريخ نقرأ ان عبد الله بن رواحة هو الوحيد الذي تصدى لفتن عبد الله ابن ابي ومكائده حتى استطاع شل مؤامراته التي كان يحيكها ضد النبي وضد الاسلام كما ان عبد الله بن رواحة كان من الشعراء المجدين الذي استفاد الرسول من شاعريتهم ورغم انه لا يعد من شعراء النبي لكن هناك مواقف اظهرت حب النبي لشعره فقد روي ان النبي(ص) كان جالساً مع اصحابه واقبل عبد الله بن رواحه فسأله النبي كيف تقول الشعر اذا اردت ان تقول؟ فقال انظر في ذاك ثم اقول ثم انشد على البديهة:
يا هاشم الخير ان الله فضلكم
على البرية فضلاً ماله غير
اني تفرست فيك الخير اعرفه
فراسةً خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت او استنصرت بعضهم
في حل امرك ما ردوا ولا نصروا
فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت
موسى ونصراً كالذي نصروا
فسر رسول الله سروراً كبيراً قائلاً واياك يا عبد الله ثبتك الله ولعبد الله بن رواحة قطعة شعرية جميلة في الامام علي بن ابي طالب ذكر قسماً منها السيد الخوئي في معجم رجال الحديث في الجزء العاشر صفحة 186 والابيات في الانتصارات التي حققها امير المؤمنين يوم بدر ويقول فيها:
«ليهني علياً يوم بدر حضوره ومشهده بالحنو ضرباً... الخ». ويوم تأهب الروم في غزوة مؤتة للهجوم علي المسلمين في جيش جرار وحشده هرقل ملك الروم وكان عدد يبلغ مئة الف مقاتل فأنتدب النبي المسلمين وامر عليهم امراء ثلاثة بالتسلسل فالقيادة اولاً لجعفر بن ابي طالب ثم بعده عبد الله بن رواحة ثم زيد بن حارثة وقيل ان بعد جعفر القيادة لزيد بن حارثة ثم عبد الله بن رواحة فقال له النبي واما انت يا بن رواحة فثبتك الله نسأل الله ان يثبت اقدامنا على الحق وعلى حب النبي واهل بيته فتقول السير ان عبد الله بن رواحة لما اراد الخروج الى مؤتة اتاه المسلمون واصدقاءه لتوديعه فبكى فظنوا منه جزعاً وضعفاً فقالوا له ما يبكيك؟ قال اما والله ما بي حب الدنيا ولاصباب لكم ولكني سمعت رسول الله قرأ هذه الآية «وان منكم الا واردها كان على ربك حتماً مقضياً» فلقد علمت اني وارد على النار ولكن لا ادري كيف الصدور بعد الورود وعند خروجه الى مؤتة اخذ يقول:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة
وضربة ذات هول تقذف الزبدا
او طعنة بيدي حران مجهزة
بحرية تقطع الاحشاد والكبدا
حتى يقال اذا مروا علي جدثي
اشادك الله من غاز وقد رشدا
لما استعر القتال واستشهد جعفر بن ابي طالب وقطعت يداه وقاتل بعده زيد بن حارثة واستشهد استلم الراية عبد الله بن رواحة وهو يرتجز: اقسمت يا نفس لتنزلن مالي اراك تكرهين الجنة لطالما كنت مطمئنة هل انت الا نطفة في سنة و بينا هو يقاتل وامتلأ بدنه بالجراح وسمع في آخر لحظات قتاله يردد: «يا نفس ان لم تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليتي تقول الروايات انه اوتي بطعام فما ان تناول منه شيئاً حتى هجم عليه القوم هجمة غادره فرمى الطعام وواجههم وسقط شهيداً صابراً محتسباً». وكان استشهاده في جمادي الثانية من عام ثمانية للهجرة في مؤتة تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******