الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن مصاديق الصادقين ورجالاتهم عاشق اهل البيت ومحبهم ابو المستهل هو الكميت بن زياد الاسدي هو من اشعر ومن ابلغ واخطب اهل زمانه، الكميت بن زياد هو من مواليد الكوفة في السنة‌ التي استشهد فيها ابو عبد الله الحسين(ع) وهو عالم بلغات العرب خبير بأيامها وهو من شعراء القرن الاول للهجرة ‌والثاني وقد سأل معاذ بن الهراء يبدو انه من الخبراء سأل من اشعر الناس فقال في الجاهلية ‌ام في الاسلام قالوا في الاثنين فقال اشعر الناس في الجاهلية امرؤ القيس وفي الاسلام الفرزدق والراعي والاخطل فقيل له مانراك ذكرت الكميت فقال ذاك اشعر الاولين والآخرين وقال ابو عكرم الضبي لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان ولا للبيان لسان وقد افتخر بالكميت قومه وهم بنو اسد وكانوا يقولون فينا فضيلة لا توجد في العالم وهي ليس منزل منا الا وفيه بركة من الكميت رحمة الله عليه هذا الرقم المبارك قال عنه مترجموه انه كان من صغر سنه مؤهلاً وذكياً لبقاً وعرف الكميت انه جمع عشرة خصال فهو خطيب بني اسد وفقيه من فقهاء ‌الشيعة وحافظ للقرآن وحسن الخط ومناظر باسل كان يدافع عن عقائد اهل البيت بأقتدار وجدارة وكان ايضاً هدافاً في رميه يعني مدرباً في السلاح وكان فارساً مهماً وكان جواداً سخياً اغلب شعره البالغ خمسة آلاف ومئتين وتسعين بيتاً اغلبه عاطفي وتصويري وحماسي مطبوع بطابع الثورة والمناظرة والمناقشة وكان لا يتوانى في مهاجمة الطواغيت من الامويين وغيرهم اذكر له حيث يقول: 

فقل لبني امية‌حيث كانوا

وان خفت المهند والقطيعا

اجاع الله من اشبعتموه

واشبع من بجوركم اجيعا

لدى الرحمن يشفع بالمثاني

وكان لنا ابو حسن شفيعا

الكميت بن زياد الاسدي اشتهر من بين شعره قصيدته البائية وهذه قصيدة تاريخية وهي من اروع ما يفخر به عالم الادب وقد انشدها وصرح بها عن دفائنه واهدافه وعمق تعلقه بآل البيت ويكشف فيها عن المضايقات التي تعرض لها في سبيل محبتهم، قصيدته البائية‌ باركها رسول الله (ص) لان الكميت رأى النبي في منامه فقال له النبي انشدني قصيدتك البائية فأنشد: 

طربت وما شوقاً الى البيض اطرب

ولا لعباً مني وذو الشيب يلعب

ولن يلهني دار ولا رسم منزل

ولم يتطربني بنان مخضب

ولا سانحات البارحات عشية

اذا مر سليم القرن ام مر اعضب

ولا انا ممن يزجر الطير همه

اصاح غراب ام ترنم ثعلب

ولكن الى اهل المودة والنهى

وخير بني حواء والخير يطلب

الى النفر البيض الذين احبهم

الى الله فيما نالني اتقرب

هذه قرأها ويستمر في قراءتها حتى خاطبه النبي قائلاً بركت وبرك شعرك وبرك بك قومك وقصيدته هذه مناشدته اعداءه وخصوم اهل البيت يقول: 

بأي كتاب ام بأي سنة

ترى حبهم عاراً عليَّ وتحسب

فطائفة ‌قد كفرتني بحبهم

وطائفة قالوا مسيء ومذنب

وقالوا ترابي هواه ورأيه

بذلك ادعى عندهم والقب

يشيرون بالايدي عليَّ وقولهم

الا خاب هذا والمشيرون اخيب

الحديث عن الكميت طويل ولكن بأجمال الخص بعض زوايا ملفه النير، للكميت ديوان شعر كبير رغم ان تراثه تعرض للابادة عدة‌ مرات واذكر له هذه اللفتة‌ وهي انه دخل ايام التشريق بمنى على الامام الصادق(ع) فقال سيدي جعلت فداك قلت فيكم شعراً فقال الامام يا كميت انشد فأنشد والامام يبكي ثم رفع الامام يديه بالدعاء وهو يقول اللهم اغفر للكميت واعطاه الامام مبلغاً وخلعه كسوة فقال الكميت والله يا سيدي ما احببتكم للدنيا ولو اردت الدنيا لأتيت من هي بيديه ثم اعاد المال وقبل الخلعة وقال ان ثوباً لمس ابدانكم اتبرك به، يذكر ابن الجوزي يقول انه حضر احتفالاً اقامه الامام الباقر(ع) بيوم الغدير وانشد الكميت فيه قصيدته العينية ‌والتي منها: 

ويوم الدوح دوح غدير خم

ابان له الولايا مذ اطيعا

ولكن الرجال تدافعوها

فلم ار مثله خطراً منيعاً

ابن الجوزي يقول كنت متأثراً بهذه الابيات وكأني ذات ليلة رأيت الامام علياً فقال لي اقرأ شعر الكميت والقصيدة‌ العينية فقرأتها فلما وصلت الى هذا البيت يوم الدوح كأن الامام قال لي اضف هذا البيت الى هذه الابيات: 

فلم ار مثل ذاك اليوم يوماً

ولم ار مثله حقاً اضيعا

وبتضييع هذا الحق ضاعت حقوق الامة الاسلامية وضاعت حقوق الانسانية كلها، الكميت رضوان الله عليه تعرض للحبس والتعذيب مراراً لتصلبه في حب آل البيت واستشهد الكميت عام 126 هـ ولم يدرك الدولة العباسية ويروي ولده المستهل يقول كان ابي يحتضر وهو يردد اللهم آل محمد اللهم آل محمد وفارق الدنيا شهيداً أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة‌ الله وبركاته.

*******