البث المباشر

كعب بن زهير ابن أبي سلمى

الأحد 17 فبراير 2019 - 10:48 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 358

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
وممن يفخر بهم قاموس الصادقين هو شاعر النبي(ص) وشاعر الحسين(ع) هو كعب بن زهير ابن ابي سلمى وفي هذه الفترة القصيرة من الزمن امر مروراً بأجمال على بداية حياة هذا الرجل ونهايته وكيف ان بدايته تختلف مع نهايته مئة وثمانين درجة وسبحان الله محول الاحوال ومقلب القلوب نسأل الله سبحانه وتعالى ان يحول حالنا الى احسن الحال ويملأ قلوبنا بمحبة النبي واهل بيته كعب بن زهير بن ابي سلمى من فحول شعراء الجاهلية وهو احد الشعراء الذين تعلق قصائدهم حول الكعبة وتسمى بالمعلقات السبع هناك صنف لايتجاوز عددهم السبعة‌ من الشعراء هؤلاء سادة الادب وفحول الادب واحد من هؤلاء السبعة هو كعب بن زهير بن ابي سلمى فكان يهجو رسول الله الى ان صار فتح مكة ولما فتح النبي مكة ونال عدد من المغنيين والشعراء الذين هجروا النبي وشتموه نالوا جزاءهم والتعنوا هرب كعب واخوه بجير الى الصحراء وهو عنده اغنام لكن هذا بجير اخوه ترك كعباً وترك الغنم وقال له اني ذاهب الى مكة لمشاهدة‌ محمد بن عبد الله النبي فمنعه كعب ولكن لم يجدي ذلك واتى بجير الى مكة وما ان شاهد النبي الا وتأثر برسول الله فوصلت هذه المعلومات الى كعب سقطت الدنيا على رأسه وصار يهجو اخيه ففي هذا الاطار مثلاً: 

الا ابلغا بجيراً عني رسالة

فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا

سقاك بها المأمون كأساً روية

فأنهلك المأمون منها علكا

ففارقت اسباب الهدى واتبعته

على اي شيء ريب غيرك دلكا

لما عرف النبي ان هذا كعب يهجو حتى اخيه لانه تأثر بالاسلام وهذا يكشف مدى عناد كعب واصراره على رأيه اهدر النبي دمه فضاقت به الارض ورفض ايواءه كل من لجأ اليه وبالتالي بجير كتب رسالة الى كعب يقترح عليه المجيء الى رسول الله وفكر كعب ولكن لصقاءه ورفاق السوء حذروه وقالوا له اذا ذهبت الى النبي فأنه سينتقم منك اشد الانتقام لانه هدر دمك وهو كان يقول ان القدر آتي لا محالة ولا مفر من الموت، دخل كعب خلسة الى مكة وحل ضيفاً عند الامام امير المؤمنين(ع) وقال يا علي اني اتشفع بك عند النبي فجاء الامام به عند النبي فقال الامام امير المؤمنين(ع) يا رسول الله لو ان كعب بن زهير جاءك تائباً نازعاً فهل تقبل توبته ان جئتك به فقال النبي نعم فصاح كعب انا كعب يا رسول الله، النبي رحب به وفرح كعب بخلاف ما كانوا يحذروه فارتجل قصيدة اربعة وسبعين بيتاً والجموع حاشدة تصغي:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

متيم اثرها لم يفدى مكبول

وكانت من عادة ادباء العرب ان يبدؤا قصائدهم بهذا النمط وبعدها يقول: 

تسعى الوشاة جنابيها

وقولهم لانت ابن امي سلمى لمقتول

فقلت خلووا سبيلي لا اباً لكم

فكلما قدر الرحمن مفعول

كل بن انثى وان طالت سلامته

يوماً على آلة حدباء محمول

انبأت ان رسول الله اوعدني

والعفو عند رسول الله مقبول

ان الرسول لنور يستضاء به

مهند من سيوف الله مسلول

اعز ابلج يستسقى الغمام به

كأن طلعته في الليل قنديل

واستمر اكثر من سبعين بيتاً‌ فلما اكمله سر بها رسول الله(ص) وخلع النبي بردته البسها كعباً فقال كعب ما كنت لآثر بثوب رسول الله احداً، هذا البرد صار قضية‌ وحالة تاريخية هذا البرد ساوم معاوية ‌بن ابي سفيان ورثة كعب عليه فأشتراه بمئتي الف درهم وكان معاوية يلبسه في الجمعات والاعياد لاستهلاك الرأي العام وخداع الناس بأنه خليفة رسول الله ويلبس ثوب النبي وبعد الامويين عثر العباسيون على هذا البرد الذي خلعه رسول الله كعباً وكانوا ايضاً يلبسونه لنفس الغاية خصوصاً ‌ان المنصور الدوانيقي بالذات حصل على عصا رسول الله التي كانت عند الامام الصادق فكان يتوكأ عليها ويلبس ثوب كعب وبرد النبي حتى ان السيد الحميري يخاطب العباسيين قائلاً:

ردوا تراث محمد ردوا

ليست العصاة لكم ولا البرد

هل فيكم ام كفاطمة

ام هل لكم كمحمد جد

كعب بدأت حياته بتلك الصورة ‌وتقلبت في نقلة مفاجأة وملفتة ‌واذا اصبح كعب في النهاية شاعر رسول الله هنيئاً له صار شاعر رسول الله واكثر من هذا صار ينظم في الحسين(ع)، دخل يوماً من الايام على رسول الله فوجد النبي وقد اجلس الحسين(ع) على صدره وواضعاً يده اليمني على جبين الحسين فكان يمسح جبين الحسين وكعب ينظر ودموعه تتحادر وهو يقول: 

مسح النبي جبينه فلهو بريق في الخدود

وبوجهه ديباجة كرم النبوة ‌والجدود

بأعتبار ان النبي كان من الحالات التي تتبخر فيها همومه وآلامه اما ينظر الى وجه ابنته فاطمة او يضع الحسين(ع) على صدره ولذلك الادباء في هذا الاطار يقولون:

صدر تربى فوق صدر المصطفى

ترضه الخيل على الدنيا العفا

تلك الثنايا مرشف الرسول

وملثم الطاهرة البتول

على غرار هذا هناك شاعر آخر مدح النبي بقصيدة مئتي بيت وهو النابغة الجعدي وهذه القصيدة تلفت ولم يبق منها الا مقاطع في المسجد النبوي وقف امام النبي وامتدح رسول الله وهذا استر النبي بقصيدة التي من جملتها يقول: 

ملكنا فلم نهتك حجاباً لحرة

ولم نستلب الا الحديد المسمرا

ولو اننا شأنا سوى ذاك لاغتدت

كرائمهم فينا تباع وتشترى

هنا النبي دعا له بطول العمر فعاش مئة وثمانين سنة ولم يسقط له ضرس ابداً‌ واما كعب فعاش مع النبي حتى توفي ودفن في البقيع أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة‌ الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة