البث المباشر

الشيخ محمد حسن آقا بزرك الطهراني مؤرخ علماء الامامية

الإثنين 11 فبراير 2019 - 09:26 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 183

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين في خدماتهم لآل البيت العالم الفذ والمؤرخ الشهير والمربي الكبير ومدرس الاخلاق المرحوم الشيخ آقا بزرك الطهراني مولداً والنجفي مدفناً والنجفي ثقافة اسمه محمد محسن هذا العالم المعظم ابلى بلاءاً كبيراً في عطاءه العلمي الى المكتبة الاسلامية‌ وبخصوص تراث اهل البيت وهو هدفنا الاساسي في هذا البرنامج، لهذا العالم الفذ اكثر من خمسة عشر كتاب ودورة كاملة في التراجم والعلوم المتنوعة ولكن اشهرها موسوعته العلمية العظيمة المسماة بالذريعة الى تصانيف الشيعة، تعلمون جيداً ما اصاب تراث اهل البيت من الغارات والسطو والاحراق والاتلاف بغية افراغ الارض من اهل البيت وهذه مؤامرة واسعة وخطيرة ومترامية فأختلط الحابل بالنابل وحدثت هناك حالة‌ اضطراب وسرقت الكثير من البحوث والمعلومات ونسبت الى اعداء اهل البيت يعني هذه سرقة ادبية واخطر من السرقة المالية فبعد هذا الاضطراب والفوضى سارع المرحوم آقا بزرك الطهراني(رض)بجهد كلفه عناء الليل والنهار وكشف اللثام عن مجموعة من كتب الشيعة الامامية ومؤلفيها دونهم في كتاب او موسوعة عملاقة ‌وهو كتاب "الذريعة ‌الى تصانيف الشيعة" عدة مجلدات ويبدأ بترتيب حرف الابجد بأسماء الكتب والترجمة والى ما هنالك ويذكر شواهد ادبية باضمن ايضاً تجد هذا الكتاب هو بالاضافة الى عنوانه المركزي وهو مؤلفات الشيعة ومؤلفيها تجد هناك النكتة والشواهد والحديث وغير ذلك وله عدة مؤلفات اخرى كان ولم يزل لها دور كبير مثل كتابه "نقباء البشر" و"مثل الكواكب المنشرة" او "سعداء النفوس" او كتاب "هدية الرازي الى المجدد الشيرازي". 
اذكر رؤوس اقلام مثلاً كان حريصاً على ان لا يضيع اي وقت من اوقاته هدراً تعلمون ان النبي(ص) يقول ان الانسان لما يعبر على الصراط يسأل ومن جملة الاسئلة عن وقته وفيم ضيعه وعن عمره فيم صرفه. نحن نهنئ هؤلاء الابطال كيف استفادوا من الوقت، انا الحقير السيد حسن الكشميري خطيب وخادم اهل البيت كنت اقرأ عنده عدة سنوات كنت في مجلسه خطيباً، مجلسه كان اسبوعياً يوم الخميس صباحاً في مدينة النجف الاشرف طول ست او سبع سنوات كنت اقرأ عنده يوم الخميس وكنت الاحظ فيه عده حالات رفعه في خاطري حتى صار عزيزاً‌ الى بصري او اعزالي من بصري مثلاً منها انه كان متواضعاً الى درجه لا يميز بينه وبين ابسط طالب علم في النجف، اذا كان يمشي في الشارع ولايلتفت اليه احد يتصور بأنه من الطلبة المبتدئين اذا كان مترسلاً وعادياً في حركاته كما كنت الاحظ انه كان يشعر دائماً بالاستئناس حينما يجلس وسط كتبه دائماً تحيط به الكتب المبعثرة وهذا دليل على ‌المطالعة والالمام بقراءة الكتب يجلس وسط الكتب، شهد الله ما دخلت عليه مرة الا ووجدته غارقاً بالكتب والاوراق وتحيطه من حوله وهو منحني واصابعه ترتعش ولا يمل من الكتابة والقلم وقد اوصى رضوان الله عليه ان يحول بيته الذي هو مسكنه ولايملك سواه حولوه الى مكتبة عامة ‌كما اوقف كل كتبه للمطالعة واتذكر ايضاً من هذا المرحوم المجاهد والعالم الكبير خواطر لا تغيب عن بالي عالقة في ذهني الى الآن رغم مرور اكثر من ستة وثلاثين سنة‌ مثلاً منها انه كان لا يسمح لاحد بتقبيل يده حتى ابناءه حتى اسباطه وكان يردد حينما يصر البعض بهذا التعبير: "خوشم نمي آيد" يعني لا احب ذلك حتى ان البعض كان يبادره بأصرار في قبض يده ليقبلها فكان يفلت منه بفن عجيب وقد سألته ذات يوم قلت ونحن ندخل الى الحرم يا مولاي لماذا لا تسمحون لا حد تقبيل يدكم تأمل قليلاً ثم رد علي بهدوء وهو يحبس انفاسه قال لي هل سمعت بالسيد صادق الفحام قلت نعم، نعم سمعت انه كان عالماً‌ شهيراً وشاعراً مقتدراً وقدوة فقال لي اسمع انا تعلمت من هذا الرجل حالات كبيرة وهذا من بين اساتذتي كان عالماً محبوباً درست عنده فلاحظته لا يسمح لاحد بتقبيل يده وهو سيد وابن رسول الله فسألته نفس سؤالك قلت له لماذا لا تسمح بتقبيل يدك فأجابني بهذين البيتين: 

يد تقبل لا تدرى بما صنعت

ولو دروا ابدلوها القطع بالقبل

ليست لها غاية ترجو النجاة ‌بها

الا ولاء امير المؤمنين علي

كان جواب وكان تهذيب وطبعاً ان المرحوم آقا بزرك كان يمشي على الارض فتبصره العين بالبصر فلاحظه انسان ولكن بالبصيرة كان مدرسة تمشي على الارض، موسوعة ‌وقاموس وذخيرة من العلم تتحرك على الارض ولاغرابة ان يكون المرحوم آقا بزرك الطهراني بهذا الحجم وبهذه الكيفية لان اساتذته، (عن المرء لاتسأل وسل عن قرينه) اشفوا عليه هذه المعطيات من اساتذه المرحوم آقا رضا الهمداني ومن اساتذه المرحوم الميرزا الشيرازي ومن اساتذه العالم الاخلاقي الشهير في سيرته وسلوكه وهو السيد مرتضى الكشميري المقدس صاحب الكرامات الباهرة ‌وغيره من امثال هؤلاء الاساطين، هيهات ان يأتي الزمان بمثلهم ان الزمان بمثلهم عقيم وكنت اشاهده حينما يزور الامام امير المؤمنين(ع) في الحرم كان يزوره بكل اعضاءه فكان حينما يقف امام الضريح يرتجف بخشوع ويقف امام الضريح ولايبدو عليه الا الانهيار والفزع شعوراً بعظمة المقام وعظمة‌ من يرقد في هذا المقام المعظم، توفي المرحوم آقا بزرك الطهراني في بداية السبعينات ودفن بوصيته في منزله الذي كان يسكنه والذي اوقفه وحوله الى مكتبة‌ عامة‌ ولم يترك من حطام الدينا درهماً واحداً وعاش في النجف اكثر من نصف قرن وكان دائماً مديناً. واتذكر بالضبط عندما توفي(رض) جمع اثاث بيته فلم تساوي قيمته آنذاك سبعة ‌دنانير لكن ترك له اثراً في عالم الفكر وترك له خلوداً لا ينسى احمد شوقي يقول:

والذكر للانسان عمر ثاني

على اي حال عاش فحلداً على ‌صفحة ‌الوجدان وعلى صفحات التاريخ وبقي قبره ومكتبته وآثاره وموسوعاته شواهد حية تصرخ مدى الدهر والى نهاية العمر بجهاده وجهوده. أسأل الله له علو الدرجات والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة