وقبل 40 عاماً في مثل هذا اليوم في الساعة السابعة من صباح يوم الخميس 11 تشرين الثاني 1982، كانت مدينة صور في جنوب لبنان تئن تحت نير الاحتلال الإسرائيلي، وجنوده الذين انتشروا في كل مكان يفتشون عن المقاومين، ويعتقلون ويحققون ويجندون العملاء.
وكانت صور حزينة، يائسة توقفت فيها أجراس الكنائس وأصوات المآذن، حتى أمواج بحرها خفّت لدرجة أنها ماتت، فقال الناس يومها: "مات بحر صور، وذبل زهرها، ويبس ليمونها، وتعطلت فيها كل أنواع الحياة".
في ذلك اليوم هزّ المدينة انفجار ضخم، وتصاعد دخان أسود هائل، غطت سحبه سماء المدينة والمنطقة، وتسارع الأهالي لمعرفة الحدث، وتناقلت الألسن ان أحد المقاومين من أبناء جبل عامل المخلصين الشرفاء المؤمنين، قام بعملية إستشهادية استهدفت مقر الحاكم العسكري في المدينة وفجر نفسه بالمبنى وسقط المبنى كاملاً على من فيه، ولم يكشف النقاب في حينها عن الجهة التي نفذت أو اسم الاستشهادي، إلا بعد تحرير منطقة صور، وذلك في 19 أيار 1985، حيث أعلنت المقاومة الإسلامية مسؤوليتها عن العملية، وكشفت أن منفذها هو الشاب أحمد قصير من دير قانون النهر، ويبلغ من العمر 18 عاماً.
الناطق العسكري الإسرائيلي اعترف بمقتل 74 ضابطاً وجندياً بمن فيهم الحاكم العسكري، وأُعتبر 27 منهم في عداد المفقودين، وفي محصلة أوردتها الصحف الإسرائيلية بعد بضعة أيام أن هناك 141 قتيلاً وعشرة جنود في عداد المفقودين.
كانت هذه العملية الجريئة فاتحة عهد العمليات الاستشهادية حيث انطلقت بعدها قافلة كبيرة من المجاهدين الإستشهاديين، الذين أذاقوا جنود العدو الصهيوني كأس المرارة، وتحوّل تاريخ تنفيذ العملية البطولية في 11 تشرين الثاني 1982 إلى مناسبة سنوية تحتفل بها المقاومة الاسلامية تحت شعار يوم الشهيد.