البث المباشر

مع الامام الرضا(ع) في ذكرى استشهاده

الأربعاء 6 فبراير 2019 - 11:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 89

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء وخاتم المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
الامام الرضا(ع) وهو الامام الثامن من ائمة اهل البيت الاثنى عشر والمدفون في مدينة خراسان او في خراسان هو من نعيش هذه الايام اجواء رحيله المؤسف ووفاته الذي كان اكبر خسارة للمسلمين فالامام(ع) الذي كان يسكن المدينة ولكن استدعاه المأمون العباسي الى ايران ليجعله ولياً للعهد ووصياً من بعده. هذه الامام العظيم كان يمتاز بصفة او ان الظروف التي لابست حياة الامام ابرزت جانباً.
كان هذا الجانب موجوداً عند اهل البيت كلهم لكن الظروف لم تكن لتستدعي او توجب ظهور تلك الصفة فيهم وهي ان الامام استطاع ان يقوم باعمال ويظهر علوماً بحيث احبه المخالف والموآلف لهذا سمي بالرضا، كما قيل اي رضي به المخالف والموافق لكرم اخلاقه ولعظمة ما ابداه من العلوم، ولما اظهره من المواقف الحكيمة فالامام(ع) الذي كان يتحلى بالصفات والاخلاق النبيلة وكان عطوفاً ورؤوفاً ورحيماً وكريماً بالنسبة لاصحابة وبالنسبة للآخرين حتى لولم يكونوا من اصحابه استطاع بحكمته واستطاع بتدبيره العظيم ان يفوت على الخليفة الجائر في زمانه فرصة الاستفادة منه وفرصة استغلاله. وهذا ما يفعله بعض الطغاة الذين يريدون ان يغطوا على جرائمهم. فقد استدعاه المأمون ليجعله ولياً للعهد حتى يستغل الامام ومن كونه في جهاز الحكم المأموني. يستفيد من هذا ويستغل لاطفاء الثورات التي قامت هنا وهناك في عرض الساحة الاسلامية وطولها ضد العباسيين الذين ارتكبوا جرائم كبرى وابرزها سرقة الثورة.
فان الثورة على الامويين كانت تحت شعار الى الرضا من آل محمد وكان العباسيون يدعون الناس لدحر الامويين من اجل اعادة الحكومة الى اهل البيت. لكنهم بعد النجاح سرقوها فلم ينس الناس هذا العمل الشنيع وهذا الموقف الوقيح منهم. ثم انهم اقدموا على قتل الامام جعفر الصادق ثم قتل الامام موسى بن جعفر. وهما الامامان المعصومان وهما الامامان اللذين انتشرت علومهم خصوصاً علوم الامام الصادق وسارت بها الركبان.
فلن ينسى الناس هذه الجرائم التي حثتهم على الثورة في فرص مختلفة وفي اماكن مختلفة على العباسيين. فاراد المأمون ان يغطي على جرائمه وجرائم آباءه ويحكم قوائم حكمه وحكومته بأستدعاء الامام وجعله ضمن جهاز دولته.
الا ان الامام بتدبيره الحكيم فوت عليهم وعلى المأمون هذا الامر هذا التدبير الحكيم جعل الناس يعرفون عظمة الامام وعمق علومه وسياسته وتدبيره وحكمته.
هذا الى جانب ان المأمون لما وجد ان نجم الامام يعلو ويرتفع يوماً بعد يوم وتكثر مودته ومحبته في القلوب حاول ان يحطم شخصية الامام فعقد مجالس ضخمة دعا اليها ارباب المذاهب المختلفة باللغات المختلفة ليطرحوا اسئلة عويصة على الامام الرضا(ع) ويفشلوا الامام امام الناس ويحطوا من شأنه اذا هو لم يستطع ان يجيبهم ولن يعرف لغاتهم وارتج عليه الكلام وعجز عن مواجهتهم.
لكن الامام(ع) بفضل ما آتاه الله من العلوم ومن المقدرة على فهم اللغات والاحاطة باالكتب السماوية والعلم الواسع، جادلهم وباحثهم وناظرهم بشكل اعجبهم وجعلهم يخضعون له وجعلهم يحترمونه اكثر من ذي قبل الناس تحترمه اكثر من ذي قبل مما اثار حفيظة المأمون فرأى ان خطته هذه في تحطيم شخصية الامام لم تنفع بل فشلت، فعمد الى قتل الامام(ع). الامام(ع) كان يتصف بصفات كثيرة فانه كان يكثر بالليل في فراشه من تلاوة القرآن الكريم.
فاذا مر بآية فيها ذكر جنة او نار بكى وسأل الله الجنة وتعوذ به من النار. كما انه اذا كان ينزل في بلد لاينزل الاقصده الناس يستفتونه في معالم دينهم فيجيبهم ويحدثهم الكثير عن ابيه عن آباءه عن علي(ع). وكان(ع) مواظباً على النوافل، مواظباً على الذكر، مواظباً على التسبيح والتكبير والتهليل ولايفوت فرصة من دون ان يسبح ويحمد ويكبر ويهلل ويسجد سجدة الشكر.
وقد ادى هذا الامر الى اعتراف افراد كثيرين باخلاقه فهذا الصولي وهو احد الشخصيات الاسلامية يروي عن ابي ذكوان يقول سمعت ابراهيم بن العباس وهو شخصية اسلامية معاصره للامام يقول ما رأيت الرضا(ع) سأل عن شيء قط الاعلمه ولارأيت اعلم منه بما كان في الزمان الى وقته وعصره.
وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيب فيه وكان كلامه كله وجوابه وتمثله انتزاعات من القرآن، وكان يختمه في كل ثلاث وكان يقول ان اردت اختمه في اقل من ثلاثة ايام لختمت، لكني ما مررت بآية قط الافكرت فيها وفي اي شيء انزلت وفي اي وقت ولهذا اختمه كل ثلاثة ايام.
وايضاً يقول ابراهيم بن العباس ما رأيت ابا الحسن الرضا(ع) جفا احداً بكلامه ابداً وما رأيت قطع على احد كلامه حتى يفرغ منه ومارد احداً عن حاجة يقدر عليها ولامد رجليه بين يدي جليس له قط ولا اتكأ بين يدي جليس له قط ولا رأيته شتم احداً من مواليه ومماليكه قط ولارأيته تفل قط ولارأيته يقهقه في ضحكه قط، بل كان جدل ضحكه التبسم. وكان متواضعاً الى درجة انه اذا نصبت له مائدة الطعام احضر كل خدمه والسائس ليأكلوا معه.
وكان(ع) قليل النوم بالليل كثير السهر يحيي اكثر لياليه من اولها الى الصبح. وكان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة ايام في الشهر. وكان كثير المعروف والصدقة في السر واكثر ذلك يكون في الليالي المظلمة. ثم يقول ابراهيم بن العباس وهو شخصية الاسلامية كبيرة معاصره للامام الرضا، فمن زعم انه رأى مثل علي بن موسى الرضا في فضله و اخلاقه فلا تصدقوه.
اذن الامام الرضا كان في اعلى مرتبة من الاخلاق ومن التواضع ومن النبل ومن الانسانية وجندا لو استطعنا ان نستعرض حياته في مثل هذه المناسبة بشكل مفصل ولو استطاع شبابنا الاعزاء الاكارم ان يستعرضوا حياة الامام ويطالعوا تلك الصفحات المشرقة من مسيرته، وقفوا على عالم زاخر بالخلق وبالآداب وبالصفات النبيلة. وانا اختم حديثي هذا بخبر وحديث جميل ورائع ينفعنا كثيراً في هذا اليوم وفي هذا العصر.
يقول رجل من اهل بلخ كما في التاريخ كنت مع الامام الرضا في سفره الى خراسان فدعى يوماً بمائدة فجمع عليها خدمه من الملونين وغير العرب. فقلت جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة هؤلاء ليسوا عرب هؤلاء ليسوا في مستواك اصنع لهم اجعل لهم مائدة خاصة.
انظر ماذا اجاب الامام الرضا(ع)، قال مه ان الرب تبارك وتعالى واحد والامة واحدة والاب واحد والجزاء بالاعمال وليس الجزاء بالالوان وليس الجزاء بالعنصر وماشاكل ذلك مادام الرب واحد والام واحدة وهي حواء والاب واحد وهو آدم فكلنا متساوين نعم التفاوت انما يكون بالجزاء والثواب الاخروي وهذا يتوقف على العمل فان كان عملك صالحاً انت صاحب المقام الرفيع والا فانت ليس لك مقام رفيع مادمت عاصياً.
ما اعظم هذا الدرس في عالمنا هذا المليء بالتمييز العنصري والتمييز الاممي وماشاكل ذلك نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من المستفيدن من تراث اهل البيت ومن المتبعين لاخلاقهم وسلوكهم وآثارهم. والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة