البث المباشر

إحياء واقعة الطف

الأربعاء 6 فبراير 2019 - 11:50 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 86

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء وخاتم المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
نعيش ايها الاخوة والاخوات اجواء مصاب الحسين(ع) ووقعت كربلا، وقد يتسائل البعض ويسأل لماذا كل هذا الحزن والاسى لمصيبة الحسين(ع)؟ ولماذا اختص يومه بمثل هذا الاهتمام من قبل المسلمين ومن قبل شيعة اهل البيت خاصة؟ ولماذا كل ما مرت هذه الذكرى اوجعت قلوب اهل الاسلام من امة محمد(ص) وادمعت عيونهم واقرحت جفونهم بينما لا تحظى ذكريات الائمة الآخرين(ع) بمثل هذا الاهتمام الكبير وتعتصر قلوب المسلمين حزناً وغماً واسى كما تفعل هذه الذكرى بالذات وكما تكون الحال بالنسبة الى هذه الفاجعة المؤلمة؟ ان هذا السؤال قد طرح على الامام جعفر الصادق(ع) واجاب عنه الامام بجواب، ويجدر بنا ان نقف عنده ونأخذ بغيتنا منه.
دخل شخص على الامام جعفر الصادق(ع) اسمه عبد الله بن الفضل، يقول عبد الله بن الفضل: قلت للامام جعفر الصادق(ع) يابن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وجزع وبكاء دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله(ص) واليوم الذي ماتت فيه فاطمة(ع)، واليوم الذي قتل فيه امير المؤمنين(ع)، واليوم الذي قتل فيه الحسن(ع) بالسم؟ فقال الامام الصادق(ع): ان يوم قتل الحسين(ع) اعظم مصيبة من جميع سائر الايام وذلك ان اصحاب الكساء الذين كانوا اكرم الخلق على الله كانوا خمسة فلما مضى عنهم النبي(ص)، بقي امير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين(ع) فكان فيهم للناس عزاء وسلوة فلما مضت فاطمة(ع)، كان في امير المؤمنين والحسن والحسين للناس عزاء وسلوة فلما مضى منهم امير المؤمنين علي(ع)، كان للناس في الحسن والحسين(ع) عزاء وسلوة فلما قتل الحسين(ع) لم يكن بقي من اصحاب الكساء احد للناس فيه بعدهم عزاء وسلوة فكان ذهاب الحسين كبقاء اهل الكساء جميعاً، ولذلك صار يوم الحسين اعظم الايام مصيبة.
يقول عبد الله بن فضل الهاشمي الراوي لهذه الكلمات فقلت للامام الصادق: يابن رسول الله فلم لم يكن للناس في علي بن الحسين السجاد عزاء وسلوة مثل ما كان لهم في ابائه(ع)؟ 
فقال الامام الصادق(ع): بلى ان علي بن الحسين كان سيد العابدين وكان اماماً وحجة على الخلق بعد ابائه الماضين، ولكنه لم يلق رسول الله(ص) ولم يسمع منه وكان علمه وراثة عن ابيه عن جده عن النبي(ص)، وكان اميرالمؤنين وفاطمة والحسن والحسين(ع) قد شاهدهم الناس مع رسول الله(ص) في احوال تتوالى، فكانوا متى نظر احد من هؤلاء تذكروا حاله من رسول الله، وقول رسول الله له وفيه فلما مضوا فقد الناس مشاهدة الاكرمين على الله عزوجل ولم يكن في احد منهم فقد جميعهم الا في فقد الحسين(ع) لانه مضى في اخرهم فصار يومه اعظم الايام مصيبة.
ان السؤال ايها الاخوة والاخوات كما طرحته، هو لماذا اصبح يوم عاشوراء اي يوم مقتل الحسين اعظم مصيبة من يوم وفاة رسول الله ووفاة علي(ع) ووفاة فاطمة(ع) ووفاة الحسن(ع) وكلهم مصائبهم مفجعة مقرحة لكن مصيبة الحسين كما نلاحظ اشد ايلاماً لقلوب المسلمين؟
الامام الصادق اجاب على هذا السؤال حينما طرحه عليه احد المؤمنين في عصره فاجاب الامام بهذا الجواب الامام بهذا الجواب الذي مر على اسماعكم، الامام قال ان رسول الله(ص) وعلياً وفاطمة والحسن والحسين كانوا يمثلون مجموعة خاصة وهي التي تسمى باصحاب الكساء، هذه المجموعة كانت منسجمة متناغمة في الحركات، متشابهه في العادات ومتماثلة في الاخلاق ومتماثلة في السلوك هذا، عندما فقد رسول الله(ص) كان المسلمن يجدون عزاءهم في من تبقى من اصحاب الكساء اي في علي وفاطمة والحسن والحسين(ع)، أليست هذه فاطمة التي تقول عنها ام المؤمنين عائشة كانت فاطمة مشيتها كمشية رسول الله، اي انها كانت في حركاتها وسكناتها واخلاقها مثل رسول الله فكان كل ما اشتاق الناس الى رؤية رسول الله الذي غاب عنهم حينما رجل كان يرون سلوتهم وعزاءهم في فاطمة ولما فقدت السيدة فاطمة بما لها من علم وعصمة وعظمة وعفاف كان عزاء الناس في علي والحسن والحسين فانهم كانوا يمثلون النسخة الاخرى عن رسول الله وفاطمة في اخلاقهم وسلوكهم وحركاتهم وسكناتهم فكان هؤلاء عزاء للناس وسلوة، ولما فقد امير المؤمنين(ع) كان عزاء الناس في الحسن والحسين بما كانا يحملان من صفات نبوية وعلوية وفاطمية وبما كانا يتصفان به من صفات اجتمعت او تفرقت في رسول الله وعلي وفاطمة فلما مضى الحسن كان اخر عزاء الناس وسلوة الناس في الحسين(ع) فهو كان يمثل عصارة اصحاب الكساء، كان يمثل في شجاعته علياً وفي حلمه الحسن وفي زهده وتقواه فاطمة، وفي عظمة روحه كان يمثل رسول الله(ص) ولهذا عندما فقد الحسين(ع) كانت مصيبة المسلمين بفقدانه اعظم من مصائب كل من سبقه ومن لحقه، حتى ان المسلمين لم يجدوا عزاءهم في علي بن الحسين(ع) ابن سيد الشهداء لان الحسين كان صحب رسول الله وورد في حقه من رسول الله احاديث خاصة، وعامله رسول الله معاملة خاصة وهو بالتالي كان يمثل كل عناصر وكل الصفات والخصائص التي تجسدت وتوفرت في رسول الله وفاطمة وعلي والحسن فكان عزاء الناس ومصيبة المسلمين في الحقيقة في الحسين مصيبة الجامعة ولهذا اصبح يوم عاشوراء اشد ايلاماً واشد وخزاً في النفوس والارواح وتأثيراً في القلوب من مصائب الذين سبقوا الحسين من المكرمين والمطهرين من اصحاب الكساء، لان الحسين يمثل كل صفات من سبقه وكل خصوصياتهم وكان المسلمون يجدون عزاءهم في مصيبة رسول الله وعلي وفاطمة والحسن وفي الحسين(ع) ولهذا اصبحت مصيبته اشد مصيبة.
من هنا يتعين علينا ان نكرم يوم الحسين، وان نعظم يوم الحسين تعظيماً وتكريماً يناسب وشخصيته واهدافه المقدسة وان نلتفت الى ما جرى عليه من المحن والمصائب. فان هناك مصائب وردت على الحسين لم يسبق لها مثيل في تاريخ المطهرين من قبله ولم تحدث فيمن لحقه من الائمة(ع).
عظم الله اجوركم واجورنا بمصاب الحسين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة