البث المباشر

جهاد زيد الشهيد حفيد الإمام الحسين وعلمه

الأربعاء 6 فبراير 2019 - 11:45 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 82

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من مشاعل الجهاد الاسلامي والتضحية ومن اعلام اهل البيت هو الصحابي الجليل التابعي الجليل حفيد الامام ابي عبدالله الحسين(ع) هو زيد الشهيد رضوان الله تعالى عليه.
طبعاً زيد الشهيد من مواليد سنة 80 للهجرة ويقع مشهده، طبعاً لا قبرله وانما هذا المبنى هو المكان الذي صلب فيه وبعد ذلك احرق فيه جثمانه، هذا المشهد او المبنى قائم حتى اليوم وهو مزار ومبنى ضخم وله قبة عالية لما يطلع الانسان يسافر من الكوفة الى الحلة يمر بالطريق بمنطقة تسمى ناحية الكفل في الكفل ينعطف بمسافة قليلة عدة كيومترات، هناك قبر يعرف بقير زيد الشهيد. طبعاً هناك طائفة من المسلمين ينتسبون اليه وهؤلاء موجودون في اليمن، اكثرهم في اليمن وفي بعض البلاد الاسلامية يسمون بالزيدية.
الرجل هذا العالم الجليل المجاهد العظيم زيد الشهيد(رض) لما ولد الامام زين العابدين(ع) مثل ما يقال تفأل بولادته، يعني من باب ان يقرأ مستقبله او ايامه القادمة، يقال انه لما بشر بولادة زيد الامام زين العابدين فتح المصحف واذا بالآية: "ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوارة والانجيل والقرآن"تعجب الامام السجاد(ع) فتح المصحف مرة ثانية واذا الآية "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون" تعجب مرة اخرى وفتح المصحف مرة ثالثة واذا الآية "وفضل الله المجاهدين على القاعدين اجراً عظيماً". الامام تأمل وقال عزائي عن هذا المولود اني اعتقد انه من الشهداء في سبيل الله.
فعلاً الرجل هذا موقفه الجهادي ترك من البصمات وبنى من الروح المعنوية الجهادية لدى الآلاف من الشباب المسلم من الشباب المؤمن. طبعاً لايسع المجال من خلال هذه الدقائق التحدث عنه بشكل مسهب وقد كتب عن هذا المجاهد العظيم.
الكاتب المصري الشهير محمد ابو زهرة كتب عدة كتب عن بعض ائمة المذاهب الاسلامية، ومن ضمنهم الف كتاباً اسمه زيد بن علي. يذكر محمد ابو زهرة ان من تلاميذ الامام الصادق(ع) زيد بن علي، وان ابا حنيفة امام المذهب الاسلامي درس عند زيد الشهيد سنتين قبل ان يدرس عند الامام الصادق سنتين والتي قال بعدها كلمته: "لولا السنتان لهلك النعمان". من تلاميذ زيد الشهيد واصل بن عطاء هذا مؤسس علم الكلام وشيخ المعتزلة وكان يناظره زيد في بعض معتقداته او معتقدات المعتزلة. حتى ان سفيان الثوري هذا المعروف محدث اهل الكوفة الواعظ وخطيب الكوفة كان اذا ذكر زيداً بكى، وقال: "بفقد زيد فقدنا العلم" الملاحظ ان ما يذكره محمد ابو زهرة في كتابه هذا يقول بان ابا حنيفة وقف موقفاً ايجابياً من زيد الشهيد وتعاطف معه في ثوراته وكانت كلمته كلمة ابي حنيفة في زيد. بقول: "لقد ضاها زيد بخروجه خروج جده رسول الله يوم بدر"، هذا الكلام له دلالته. يعني يوم بدر يوم حاسم يوم سجل تقدم الاسلام وتقهقر الجاهلية فسئل ابوحنيفة اذا تعتقد بهذا المعنى لماذا تخلفت عن نصرته، اذا انت تدعمه معنوياً وتدعمه كلامياً فلما انت جهادياً لم تدعمه. قال: "منعتني عن نصرته ودائع الناس عندي ولقد عرضتها على ابن ليلى فلم يقبل فخفت ان اموت وتضيع الودائع على اهلها" هذا كان عذره.
على اي حال الزيد الشهيد اب لعدة ابناء وكلهم عرفوا بانهم من العلماء واحد ابناء زيد هو يحيى بن زيد، وهو ايضاً من شهداء الاسلام واحد الكتاب وهو احد الذين دونوا وجمعوا الصحيفة السجادية وخطها هو وولده محمد بن يحيى، وهذه الصحيفة السجادية المخطوطة بخط يحيى وابنه محمد موجودة في مكتبة الفاتيكان في خزانة المخطوطات. ويشير اليها جرجيس عواد في كتابه جولة في ربوع اروبا.
على اي حال هذا الرجل العظيم تأريخه الجهادي حافل بالتضحيات وبالصلابة. يعني كلما حاول بني امية رغم غطرستهم الوقوف او الحد من نشاطاته الجهادية او سفراته الثورية ما استطاعوا. كان يحاول آنذاك الخليفة الاموي اذلاله حتى انه احضره هشام بن عبدالملك يوم من الايام لينال منه امام الناس او يتكلم كلمات سخيفة ويحاربه نفسياً، فلما ادخل زيد على هشام وكان القصر يغص بعامة الناس فقال له بصوت عال "يا زيد بلغني عنك انك تتكلم عن الخلافة وكأنك تتمناها. انك لاتنالها لانك ابن امة" وعلى كل هذا، منطلقات هؤلاء منطلقات من هذا القبيل وسخيفة. انت لن تنال الخلافة لانك ابن امة فقال زيد في استحضار مدهش وملفت قال زيد: "يا هشام ان الامهات لابقعد بالرجال عن الغايات وحسبك اسماعيل النبي امه امة. هذه ام اسماعيل امه بينما ام اسحق كانت حرة واذا هذه ام اسماعيل الله بعث ولدها نبياً وجعله اباً للعرب وجعل من صلبه خاتم الانبياء النبي محمد(ص) في حين صلب اسحق منسخ وكانت نهايتهم سيئة" فشعر هشام بالاذلال والخيبة وطلع زيد من مجلس هشام تأثر وهو يقول: "ما كره قوم حر السيف الا ذلوا". هذه الروح الجهادية كانت تفيض على كلماته تنعكس على كلماته وتعليقاته وكان ينشد:

شرده الخوف وارزى به

كذلك من يطلب حر الجلاد

ان يحدث الله له دولة

يترك آثار العدا كالرماد

فعلاً خرج وقاد تلك الحركة الضخمة وبابعه اربعون الف وكان يخطب فيهم ويعطيهم اسرار نهضته. طبعاً عملاء القصر الاموي يبعثون الاخبار، فارسل هشام جيشه جراراً لقتاله وحصر رضوان الله عليه وعرض عليه الاستسلام فابى لان رأى هناك العدد الكافي يقفون معه.
صحيح تخاذل الكثير منهم لكن حوالي اكثر من مئتي وقفوا معه فلما نظر اليهم رفض الاستسلام وابى واصر على ان يردي قتلته، وهو في اصيل الحياة كان يردد هذه الابيات:

اذل الحياة وعز الممات

وكل اراه طعاماً وبيلا

فان كان لابد من واحد

فسيري الى الموت سيراً جميلاً

واستشهد رحمة الله عليه ولكن بني امية حاولوا تبريد قلوبهم باساليبهم القذرة. اخرجوا جثمانه وصلبوه اربع سنوات مصلوب، وكانت الفاختة تستره وتضرب عشها على بعض اجزاء بدنه تستره، ويأتون الشرطة ويرفعون العش في عملية لهتكه، وكانت تفوح منه رائحة العنبر حتى نسجت العنكبوت عليه خيوطاً الى ان امر القائد الاموي آنذاك بتعليمات من هشام بن عبدالملك فاحرق بدنه وذري رماده في الهواء.
هذه نهاية المجاهدين والمضحين في سبيل الاسلام وتلك اساليب الطغاة وكلا الجانبين عبروا، ولكن هؤلاء صفحاتهم لمعاء بيضاء صاحبة بالفضائل وصفحات بني اميه تعج بالرذائل وتعج بالفضائح.
نسأل الله ان يتغمد زيداً ومن سار على منهجه بوافر رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة