البث المباشر

الامام على(ع) وحق الناس

الأربعاء 6 فبراير 2019 - 09:53 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 65

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا الانبياء وخاتم المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
جاء في التاريخ ان طائفة من اصحاب امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) مشوا اليه حتى تفرق الناس عنه وفرّ كثير منهم الى معاوية طلباً لما في يديه من الدنيا واموالها وثرواتها، فقالوا يا امير المؤمنين ان عندك اموالاً كثيرة فاعطي هذه الاموال وفضل هؤلاء الاشراف العرب ومن قريش على الموالي والعجم ومن نخاف عليه من الناس فراره الى معاوية، نعم مشوا اليه لينصحوه ويقترحوا عليه ان يوزع هذه الاموال على من يطلبها ويحبها زيادة عن حقه ليس من اجل شئ الا ليبقوا الى جانب علي(ع) ويبقوا في صفوفه وان لا يفروا الى معاوية فقال لهم امير المؤمنين(ع) "أتأمروني ان اطلب النصر بالجور" اي هل تريدون ان انتصر بالجور وبالظلم وباعطاء الحق الى غير صاحبه والى صرف الاموال في غير مواردها ومصارفها لا والله ما افعل ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم ثم قال الامام(ع) "والله ولو كان ما لهم لي لواسيت بينهم اي لو كان هذا المال الذي هو الان تحت تصرفي وتحت ولايتي لو كان لي اي لو كان ملكاً شخصياً لعلي لواسى بينهم كيف وانما هو اموالهم اي اموال الناس جميعاً". 
يقول الراوي ثم اتم امير المؤمنين(ع) طويلاً ساكناً وبقي مطرقاً مدة من الزمان ثم قال من كان له مال ومؤاه فساد فان اعطاء المال في غير حقه تبذير واسراف وان كان اي اعطاء المال في غير حقه ذكراً لصاحبه في الدنيا فهو يضعه عندالله فهو يضيعه عندالله عزوجل ولم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير اهله الا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودهم فان بقي معه من يؤده ويظهر له الشكر فانما هو ملق يكذب يريد التقرب به اليه يريد التقرب اليه لينال مثل الذي كان يأتي من قبل فان زلت بصاحبه النعل فاحتاج الى معونته او مكافأته فشر خليل وألأم خدين ومن ضع المعروف فيما اتاه فليصل به القرابة وليحسن به الضيافة وليفك به العاني وليعن به الغارم وابن سبيل والفقراء والمجاهدين في سبيل الله وليصبر نفسه على النوائب والحقوق فان الفوز بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الآخرة. 
ان هذا الموقف العملي من الامام(ع) اعني امتناعة عن اعطاء المال لمن يريد المال ويحب الثروة لا انه يحب الهدف المقدس ويسعى الى تطبيقه ويسعى الى احياءه ان اعطاء المال لهؤلاء حتى يبقوا في صفك حتى يبقوا يناصرونك ولا يناصرون عدوك. 
ان موقف الامام من مثل هؤلاء هذا الموقف الخالد العظيم ثم قاله امير المؤمنين(ع) توضيحاً لهذا الموقف تعليلاً لعدم امتناعه لعدم اعطائه مثل هذا المال لمثل هؤلاء الاشخاص درس كبير للحكام وللرعايا، ان الامام(ع) في هذا الحوار وفي هذه القصة نبهنا الى ثلاثة امور انه لا فرق بين العجم والعرب ماداموا يعيشون تحت مظلة الاسلام وماداموا يؤمنون بالرسالة الاسلامية، كما لا فرق بين الشريف والوضيع ماداموا كلهم مؤمنون مسلمون ماداموا جميعاً مؤمنين ويعيشون في حظيرة الاسلام. 
واما الدرس الآخر فهو قوله(ع) "اتريد ان اطلب النصر بالجور" ان الانسان لا يستطيع ان يحقق هدفه اذا كان الهدف مقدساً واذا كان الهدف الهياً لا يستطيع ان يحققه كهدف مقدس بالوسيلة الغير مقدسة فان الهدف المقدس يطلب وسيلة مقدسة لان الله سبحانه وتعالى لا يطاع من حيث يعطى ان الله اراد لنا واراد بنا في هذا العالم ان نصل الى كمالنا المنشود في ظل تعاليمه الطاهرة الناصعة وهذا يقتضي ان تكون الوسائل نظيفة طاهرة نقية كما تكون الاهداف والا فان الانسان الذي يحاول ان يصل الى اهداف مقدسة بالوسائل غير المقدسة فانه سيخطأ الاهداف المقدسة وانه لن يحقق الكمال المنشود ولن يحصل له القرب الى الله تعالى القرب المعنوي. 
واما الدرس الثالث الذي اعطاه علي(ع) وهو درس عظيم في مجال تقسيم الاموال والثروة وفي خصوص اعطاء المال لاحد حتى يبقى الى صفك والى جنبك ليس للهدف بل حباً في المال والثروة، قال الامام في هذا المجال ان مثل هذا الرجل وان مثل هذا الانسان لن يكون معك دائماً انه يكون معك اذا اعطيته اما اذا احتجت اليه والى معونته من دون ان نكافأه بمال ومن دون ان تقدم له شيئاً فهو شر خليل وألأم خدين لانه لا يحبك لاهدافك بل يحبك لاموالك ان الانصار لدين الله هم الذين يعملون لدين الله وينصرون لدين الله ويلتفون حولك لله سبحانه وتعالى، اما الذي يلتف حولك وينصرك لاجل الثروة والمالل والعطايا وماشاكل ذلك فانه لن يكون معك ابداً ودائماً بل سيذهب الى من يعطيه اكثر الى من يعطيه افضل. 
بعد هذه الدروس الثلاث رسم الامام علي(ع) الطريق الصحيح للبذل لمن يكون المال مال الناس قال: "ومن صنع المعروف فيما اتاه اي ومن اراد ان يصرف هذه الاموال في حقها وفي الشكل الصحيح فليصل به القرابة وليحسن به الضيافة وليفك به العاني المثقل بالذنوب وليعن به الغرم وابن سبيل والفقراء والجاهدين في سبيل الله وليصبر على النوائب والحقوق اي يدفع الحقوق الواجبة عليه" اشارة الى قوله "في اموالهم حق معلوم للسائل والمحروم" ثم يقول الامام: "ان الفوز بهذه الخصال يوجب شرف الدنيا ودرك فضائل الاخرة اما غير هذا الطريق فليس فيه الا الفضيحة والشر وليس فيه الا العقاب الاليم". 
صلى الله عليك يا امير المؤمنين يا رائد العدل ويا امام الحق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة