البث المباشر

حول اعتماد الاسلام على المنطق (منطق الاسلام)

الإثنين 4 فبراير 2019 - 10:12 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 19

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا الانبياء و المرسلين المصطفى ابي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين.
روى الشيخ الصدوق "رحمة الله" في كتابه "الامالي" عن الامام موسى بن جعفر(ع) عن ابائه عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع)قال: كان ليهودي على رسول الله دنانير فتقاضاها اي كان له دين على رسول الله فتقاضاها وطلبها فقال النبي(ص) لذلك اليهودي: يا يهودي ماعندي ما اعطيك الان وطلب منه المهلة فقال ذلك اليهودي: اني لا افارقك يا محمد حتى تقضيني اي تعطي ديني، فقال رسول الله(ص): اذن اجلس معك و امثك هنا فجلس رسول الله معه في ذلك المكان حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الاخرة والغداء وكان اصحاب رسول الله(ص) يتهددون ذلك اليهودي ويتوعدونه فنظر رسول الله(ص) الى اصحابه وقال: ما الذي تصنعون به ولماذا نتهددونه؟ قالوا: يا رسول الله يهودي يحسبك! فقال النبي في الرد عليهم، قال النبي: لم يبعثني ربي عزوجل بأن اظلم معاهداً ولا غيره يعني هذا اليهودي معاهد لنا معه عهد كغيره من اليهود والنصارى وهو يعيش تحت رايتنا وفي دولتنا وانا مأمور من قبل الله ان احفظ العهد معهم ولا اظلمهم لكونهم معاهدين ولكونهم من المواطنين من الدرجة الثانية. "كما يعبر عنه في هذا اليوم" ليسوا من المواطنين من الدرجة الثانية، على كل حال لابد ان ارعى العهد الذي عاهدته معهم، فلما علا النهار قال ذلك اليهودي: "اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمداً عبده ورسوله وشطر مالي في سبيل الله"، اي مالي ان اعطيه في سبيل الله اما والله ما فعلت بكم الذي فعلت الا ان انظر الى نعتك وصفتك في التوراة، فاني قرأت في التوراة نعتك محمد بن عبد الله مولده بمكة ومهاجره بطيبة وليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا مترين بالفحش ولا قول الخنا وانا اشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله وهذا مالي فاحكم فيه بما انزل الله وكان ذلك اليهودي كثير المال، ثم قال الامام علي بن ابي طالب(ع): كان فراش رسول الله(ص) عباءة وكانت مرفقته التي كان ينام عليها فلما اصبح قال: قد منعني الفراش الليلة الصلاة فأمر(ع) ان يجعل المرفق بطاق واحد. هذا الحديث الذي جاء في "امالي" الشيخ الصدوق نستلهم منه درساً عظيماً من اخلاق رسول الله(ص) انظر ايها السامع وايتها السامعة لهذا الحديث كيف النبي باخلاقه هدى يهودياً ونحن نعلم ما كان عليه اليهود من البغض لرسول الله ومن العداء له في ذلك الوقت فهم تامروا عليه في بني قريظة في بني قينقاع في بني النظير في خيبر في خندق تامروا عليه مرة بعد اخرى وكانوا يبغضونه وكانوا يعادونه ولكن اخلاق رسول الله كان لها تأثير عجيب، حتى ان يهودياً نجده يسلم حينما يواجه هذه الاخلاق الكريمة وحينما يعامله رسول الله هذه المعاملة الرائعة، نجده يسلم ويؤمن برسول الله ويجعل امواله تحت تصرف رسول الله. نعم اخي ان الاسلام تقدم في صدر التاريخ الاسلامي بالاخلاق الحسنة وبالذات بفضل اخلاق رسول الله(ص) الذي كان له تأثير السحر في النفوس، اخلاق رسول الله كانت تخضع كل جبار وكل عنيد الا ما شذ وندر ولهذا وصفه الله بذلك الوصف العظيم ومدحه وقال: "وانك لعلى خلق عظيم" ونحن في هذا اليوم احوج ما نكون الى هذه الاخلاق المثالية والى هذا السلوك العظيم الانساني الكريم حتى نؤثر فيمن يعارضنا ويخالفنا ويعاكسنا من الامم الاخرى ومن الاصناف الاخرى، طبعاً النبي كان شديداً مع المعاندين مع الذين لا يلقون السلاح ويعلنون عليه الحرب وهذا شئ طبيعي لانه على كل حال للصبر حدود وللاخلاق حدود وللسلوك الانساني حدود، فاذا تجاوز الطرف الاخر الحد او كما يقولون الخط الاحمر حينئذ لايمكن ان يعامل بالاخلاق، لايمكن ان يعامل بالانسانية. ولهذا النبي كان يحارب من حاربه ويشهر السلاح في وجه من يشهر السلاح في وجه رسول الله لانه الاخلاق مع هؤلاء والتواضع مثل هؤلاء الناس سيجرئهم ويجعلهم يستكبرون اكثر ويقضون على الاسلام. النبي عندما كان لا ينفع الاخلاق ولا تنفع الاداب ولا المعاملة الانسانية والاخلاقية مع الطرف الاخر بل كان الطرف الاخر يتمادى فيه غيه وطغيانه حينئذ النبي كان يحتكم ال السلاح ويستعمل ويستخدم القوة ومنطق القوة على كل حال. الاسلام قائم على منطقين في البداية سلاح المنطق يعني الاسلام يعتمد بالدرجة الاولى وفي اكثر مواقفه على سلاح المنطق ولاشك ان منطق الاسلام منطق نافذ في النفوس لانه يوافق الفطرة، يوفق العقول، يوافق الجبلة الانسانية والخلقة البشرية لهذا يكون الاسلام ناجح عادة في هذا المجال مقداراً كبيراً، نكاد نقول تقريباً تسعين بالمئة لان منطق الاسلام منطق معقول ومنطق منسجم مع الفطرة ومع الخلقه ومع الجبلة ولكن حينما لا ينفع سلاح المنطق ومنطق القوة مع من يستخدم هذا السلاح اي سلاح الحديد والقتل والابادة وما شاكل ذلك. هذا الدرس الاول الذي نستفيده من هذه القصة وهي كيف ان رسول اله كان يعامل معارضيه ومخالفيه بالاخلاق الحسنة وكيف هذه الاخلاق كانت تؤثر غالباً في اشد مخالفية مخالفة الا ماشذ وندر واما الدرس الثاني الذي نستفيده من هذه القصة هو احترام رسول الله للعهد "اوفوا بالعقود" "واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا"، القرآن الكريم كان يؤكد في آياته بالعقود والعهود، حتى العهد لو اعطي الى الكافر حتى لو العهد اعطى الى غير مسلم لابد ان يحفظ العهد والامانة شيئان لابد ان يحفظا ولذلك جاء في الحديث الشريف عن الامام موسى بن جعفر(ع): "ادوا الامانة الى كل بر وفاجر"وهكذا العهد، العهد يجب ان يؤدى ويجب ان يراعى ويجب ان يحفظ مهما كان الطرف الاخر الا ان ينقض الطرف الاخر العهد هو، حينئذ الانسان يكون حر ويكون في خيار ان ينقض العهد من جانبه في هذه القصة نرى رسول الله(ص) يقول: "اني لابد ان احفظ مسألة الدين والعهد" ثم ان كون الشخص معاهداً يعني يعيش تحت رأية الاسلام ويكون من اهل الذمة هذا لا يجوز ان نظلمه ونفرق بينه وبين الاخرين في الاحترام وفي الحقوق وفي الاجراء وفي الحكم وفي السلطة عليه، نعم الا اذا هو اخل بالذمة و اخل بالقوانين الاسلامية. هكذا يعلمنا الصادق الاول وهو رسول الله(ص) هذه الدروس العظيمة فلنكن ايها الاخوة مع الصادقين ولننجح انشاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة