ويسعى أتباع أهل البيت عامة وشيعة العراق خاصة للالتزام بهذه الزيارة والحضور عند حرم الإمام الحسين (ع)، فيقوم الكثير منهم بالسير مشياً لمسافات طويلة متجهين صوب المرقد الطاهر في كربلاء ومن شتى المدن والقرى، حتى أن مسيرة الأربعين أخذت تمثل أكبر تجمع لأتباع أهل البيت (ع) والتي لم يسبق لها مثيل في العالم، وبالتحديد في السنين التي تلت سقوط نظام حزب البعث بعد 2003 م.
روى الشيخ الطوسي في كتاب التهذيب والمصباح عن الإمام العسكري (ع) أنه (ع) اعتبر زيارة الأربعين إحدى علامات المؤمن، حيث قال (ع): علامات المؤمن خمس:
- صلاة الإحدى والخمسين
- زيارة الأربعين
- التختم في اليمين
- تعفير الجبين
- الجهر بـ«بسم الله الرحمن الرحيم».
كيفية زيارة الأربعين
لزيارة الأربعين طريقتان:
الأولى:
هي التي رواها الشيخ الطوسي في كتابيه التهذيب ومصباح المتهجد عن صفوان بن مهران والتي تبدأ بـ السَّلامُ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ وَحَبِيبِهِ السَّلامُ عَلَى خَلِيلِ اللَّهِ وَنَجِيبِهِ السَّلامُ عَلَى صَفِيِّ اللَّهِ وَابْنِ صَفِيِّهِ السَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهِيدِ... إلخ.
الثانية:
هي الزيارة المروية عن جابر بن عبد الله الأنصاري، والتي نقل لنا عطا (الظاهر نفس عطية العوفي الكوفي الذي رافق جابر بن عبد الله الأنصاري متجهاً صوب كربلاء في زيارته يوم الأربعين صورتها)، حيث قال: كُنت مع جابر بن عبد الله الانصاري يوم العشرين من صفر، فلمّا وصلنا الغاضريّة اغتسل في شريعتها، ولبس قميصاً كان معه طاهراً، ثمّ قال لي: أمعك شيء من الطّيب يا عطا؟ قلت: سعد، فجعل منه على رأسه وساير جسده ثمّ مشى حافياً حتّى وقف عند رأس الحسين (ع) وكبّر ثلاثاً ثمّ خرّ مغشيّاً عليه، فلمّا أفاق سمعته يقول: السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا آلَ اللَّهِ السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا صَفْوَةَ اللَّهِ السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا خِيَرَةَ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا سَادَةَ السَّادَاتِ السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا لُيُوثَ الْغَابَاتِ السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا سُفُنَ النَّجَاةِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ الْأَنْبِيَاءِ... إلخ.
"زيارة الأربعين" المروية عن جابر الأنصاري
مسيرة الأربعين
كان لوصايا أهل البيت وتأكيدهم، الدور الفاعل في استجابة الشيعة وتحريكهم - في شتّى بقاع الأرض وخاصة في العراق - نحو إحياء تلك المناسبة حيث تتجه الملايين منهم صوب المرقد الطاهر للإمام الحسين (ع) في كربلاء، وغالباً ما يختار الزائرون السير على الأقدام من شتّى المدن والقرى؛ ليشكّلوا أكبر تجمع ومظاهرة يجتمع فيها أتباع أهل البيت (ع)، فلا تجد لها مماثل في العالم، وقد تجاوز عدد الزائرين في سنة 1436 هـ العشرين مليون زائر، كما كان قد وصل العدد قبلها بسنة إلى خمسة عشر مليون زائر وفق بعض الاحصائيات.
وقد أشار السيد علي القاضي الطباطبائي إلى تمسك الشيعة بهذه الزيارة منذ عصر الأئمة المعصومين (ع)، ولم يمنعهم من القيام بها تعسّف الحكام الأمويين وظلم السلاطين العباسيين.